الوحدة الوطنية سياج للوحدة اليمنية

> محمد أحمد سلمان:

>
محمد أحمد سلمان
محمد أحمد سلمان
إن الظروف الصعب التي أخذ فيها كل منا في المحافظات الجنوبية بنصيب من المسؤولية في محن الماضي (وكل منا يتحمل جزءاً من المسؤولية في دفنه) قد مكنتنا من الاقتناع بمقدرة أبناء المحافظات الجنوبية الوطنية والسياسية السامية وتفانيهم في خدمة قضية الوحدة، من أجل ذلك لم تدهشنا دعوة جمعية ردفان الخيرية المباركة للتصالح والتسامح والوحدة الوطنية، وتلك الكلمات العصرية التي بعث بها الحاضرون لكل من يهمه الأمر، هذا من جانب.. ومن جانب آخر أكدت لنا هذه الدعوة - التي يحميها الدستور اليمني ويضعها فوق كل اعتبار- ببرهان جديد على أن هناك رجالاً شرفاء وأحراراً ليسوا تابعين في أعمالهم الجليلة لسلطة غير سلطة ضمائرهم، وهم لا يلينون في دفاعهم عن حقوق الأمة ، تاركين التعصب المهلك والاستغلال الدنيء. ويتضح البعد الوطني والوحدوي والحضاري لدعوة جمعية أبناء ردفان التي تمت في رابع أيام عيد الأضحى المبارك ، الذي صادف بقدرة قادر يوم 13 يناير، اليوم الأسود بالنسبة لأبناء الجنوب كلهم، إذا لاحظنا أن المبدأ السائد في هذا الزمن الرديء هو السلب والنهب وتغييب الحقوق وإكراه (الرعايا) على اعتناق الذل والتمزق، فجمعية ردفان الخيرية رفضت الأخذ بهذا المبدأ الذي كان سائداً أيام الحكم الإمامي الكهنوتي والاستعمار البريطاني، وقررت أن من حق أبناء المحافظات الجنوبية أن يتسامحوا ويتصالحوا علناً بعد أن تصالحت الأنفس في السراء والضراء.

ونلتمس من الحكومة أن تأمر بترك الناس وحريتهم بالتسامح والتصالح الذي قد تم أصلاً، وإذا كانت هناك خطورة على الوحدة من تسامح أبناء المحافظات الجنوبية ألجأت الحكومة إلى معاقبة كل من يدعو إلى ذلك، فإني أكون سعيداً لو كانت تبرر ذلك أمام الرأي العام حتى نكون على بصيرة من أمرنا ونساعد الحكومة بما في وسعنا على الكف عن ذلك؟! ومع ذلك، فإني أذكر أبناء المحافظات الجنوبية بتلك النماذج المضيئة من تاريخهم وتلك الصور من الوحدة الوطنية التي يستحيل حصدها.. إن ثوار 14 أكتوبر لم يكونوا يمثلون طائفة معينة ولا قبائل دون أخرى، ولا كان اختيار أحدهم أو غيره يتم على أساس من الانتماء المناطقي. ووقوف أبناء اليمن من الشمال والجنوب صفاً واحداً ضد الحكم الإمامي، كان بسبب تراث الوحدة العريق الذي كنا نتمناه أن يكتمل يوم 22 مايو 1990، ولكن مع الأسف أفسدت حرب 94م ذلك التراث. وتلك هي الحقيقة التي نعيشها اليوم.

أما بخصوص المقال الذي كتبه الأخ علي ناصر محمد لـ«الأيام» (14 يناير 2006) فقد خاطب به ضمائر الناس، أن ينسوا ما كان نكرة في ماضيهم، ذلك الماضي الذي انقسم فيه أبناء الجنوب على أنفسهم ولم يبق للوطن بعد ذلك أية قوى تدافع عنه سوى (زمرة) قليلة وقد اختفت إثر حرب 1994م. وأستبيح لنفسي القول إن هذا المبدأ قد عرفته عن الأخ علي ناصر محمد عندما كنت في الحزب الاشتراكي الذي يتزعمه ورفيقاً له وصديقاً.. وبعد 13 يناير 1986 أصبحنا أمة عزلاً لا إمكانيات ولا وحدة وطنية أمام قوى أخرى مدججة بالقبلية والأسلحة ويتضامن معها الأقوياء في عالم الماديات.. والماضي وحروبه الطائشة والانقسامات الكبيرة التي حدثت فيه جعلتنا اليوم نقبع في المنفى أو في المنزل قانعين بإلقاء خطبة أو تصريح في الصحف بين حين وآخر ثم نسكت على ما نحن فيه، والفاسدون يتصرفون بأمورنا كما يشاؤون وعلى تلك الجهات التي حاولت مؤخراً نبش الماضي أن تزن أعمالها، فإننا لسنا هنا في الذل وإنما نحن منهزمون فقط. والمنهزم ليس ذليلاً.

وأوجه عبر صحيفة «الأيام» الغراء تحية حارة للأخ علي ناصر محمد وأقول له إن ما قلته في مقالك آنف الذكر إنما هو نوع من الكفاح الصادق ويعكس مزاياك التي عرفناها فيك وبالآخرين من شهداء الجنوب أمثال قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف ومحمد صالح مطيع ومحمد علي هيثم وآخرين. وهاهي شعوب أمامنا حين سلبت حريتها لم تخرج من برامجها وسيلة التدرج بمطالبها حتى تستخلص كل حقوقها.

وفي اعتقادي أن الوحدة الصحيحة وتغييب الجزء الأكبر من الوطن الواحد لا يجتمعان أبداً، وهذا ما يدعوني إلى القول بأن سلب المحافظات الجنوبية يرجع إلى أسباب غير وحدوية، ولا يعكس النضال اليمني المشترك الزاخر بشتى ألوان المودة والتعاون والوفاء بين أبناء الوطن الواحد. هكذا كانت اليمن بشمالها الفقير وجنوبها الغني، وهكذا كان شعب اليمن الذي لا يعرف التعصب ولا يفرق بين مواطن من الشمال ومواطن من الجنوب. آه.. ما أجمل الوحدة على طريقة أهل زمان. تذكرت كل هذا وغيره الكثير وسألت نفسي: لماذا حدث ما حدث؟!

سفير وعضو مجلس نواب سابق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى