الدانمارك - النرويج في«أكلة الموتى!»..للكاتب الروائي الأمريكي مايكل كرايشون

> أديب قاسم:

>
أديب قاسم
أديب قاسم
ليس من الغريب أن تنحدر دول الشمال الاسكندنافي (الدانمارك والنرويج) هذا المنحدر الزلق والخطير واللا حضاري، في التحامل على الإسلام ونبيه العظيم (صلى عليك الله يا علم الهدى)! هذا التحامل البغيض الذي لا يليق بـ «إنسان» الحضارة إن كان للشمال الاسكندنافي شيء من حضارة البشر بما أسهمت به «الأمم» الراقية التي اختصها الله (تعالى) برسالاته السماوية.. حتى علت راياتها ومناراتها العلمية «رحمة» للعالمين.

هذه هي أمة الإسلام من قبل ومن بعد يجمعها لفظ «العروبة» حتى ملأت عين الشمس.. ويقابلها برابرة شمال أوروبا المعروفون بالفايكنج أهل الشمال الاسكندنافي، كما صورتهم رواية «أكلة الموتى» للكاتب الأمريكي Michail crichon مايكل كرايشون المبنية على وقائع تاريخية حقيقية لا تقبل الشك. هذه هي أمة الإسلام في القرن العاشر الميلادي (الرابع الهجري) الزمن الذي جرت فيه أحداث الرواية كما سجلها كرايشون عن مخطوط لـ «أحمد بن فضلان» الرحالة العربي مبعوث الخليفة العباسي المقتدر إلى بلاد الصقالبة (الروس) لمساعدتهم في مواجهة دولة الخزر اليهودية.. يقول ابن فضلان: «إن ملك الصقالبة المش ابن بلطوار طلب بعثة لكي تفقّهه في الدين وتعرفه شرائع الإسلام وتبني له مسجداً وتقيم له حصنا ضد ملوك الخزر الذين يعتدون على قومه ويفرضون عليهم الضرائب، وكان ملك الخزر يخطب من يشاء من بنات ملك الصقالبة ويتزوجها غصباً، والخزري يهودي وابنة الصقلبي مسلمة!».

غير أن ابن فضلان ما إن وصل إلى نهر الفولجا حتى اختطفته جماعة من الفايكنج (كلمة تعني: القراصنة) وأخذوه إلى الشمال الاسكندنافي، وكان له بينهم مغامرات هي التي تناولها كريشون في عمله الروائي الذي حقق أعلى المبيعات في الغرب ثم تحولت إلى عمل سينمائي لا تزال القنوات الفضائية تعرضه لنا تحت عنوان «المحارب الثالث عشرThe 13Th warior». عرضت الرواية لحياة الشعب الاسكندنافي في القرن العاشر الميلادي (القرون الوسطى).. تلك الحياة المتوحشة البربرية لأكلة الموتى وهم الفايكنج (الدانمارك والنرويج.. وحتى السويد). يقول كريشون مؤلف الرواية: «يعد مخطوط ابن فضلان أقدم تسجيل معروف كتبه شاهد عيان عن حياة الشعب الاسكندنافي، وهو بذلك وثيقة فريدة من نوعها، تصف بدقة متناهية أحداثاً وقعت منذ ما يزيد عن ألف عام». وكانت رسالة ابن فضلان قد حظيت بترجمات ظهرت في اللغات اللاتينية والألمانية والفرنسية والدانماركية والسويدية والانجليزية.. وتأتي إلى جانبها رسالة (ابن الفقيه) الذي زار بلاد الشمال.

حضارة الإسلام في الزمن الروائي

في مقدمته لروايته يكتب الروائي الامريكي مايكل كرايشون:

«كانت بغداد مدينة للسلام، في القرن العاشر الميلادي، أكثر مدن الدنيا حضارة. وكانت بغداد مركز الاستقطاب والإثارة الفكري والسياسي .. كما كانت هناك الثروات المكدسة لإمبراطورية مترامية الأطراف».

ويضيف: «كان عرب بغداد مسلمين شديدي الإيمان، وكانوا على صلة بشعوب تنظر وتتصرف وتفكر بطرق تختلف عن طرقهم. وكان العرب في الواقع أقل شعوب ذلك الزمان إقليمية، وهذا ما جعلهم مراقبين متفوقين للثقافات الأحنبية». وهذا هو المفهوم العام لحوار الحضارات.

هذا هو الإسلام العظيم ، وإمامه نبي الإنسانية العظيم قال عن نفسه: «إنما بعثت رحمة للعالمين»... وذهبت رسالته إلى مخلوقات بلاد الشمال.. إلى الفايكنج .. إلى الشعوب الاسكندنافية!.. حملها أحمد بن فضلان من بغداد يوم الخميس 11 صفر 3009هـ (21 يونيو 921م) وعبر نهر جيحون إلى بخارى ، إلى نهر الفولجا .. وحتى وصل إلى بلاد الشمال الوثنيين، إلى برابرة الفايكنج ، إلى قراصنة البحار، إلى وحوش الضباب، إلى « أكلة الموتى» .. وكثير من مثل هذه الأوصاف التي تجمد الدم في العروق عن غزوات الفايكنج.

ولست لأنقل هذه الصور تحاملا على أهل الشمال الاسكندنافي رغم طعنهم في أشرف الخلق أجمعين مبعوث السماء برسالة الوحي والنور والحق والعدل والخير والرحمة للعالمين.. مضمون هذا الدين العالمي. فأكرم به من نبي!.. وإني لأربأ بنفسي أن أكون كأدعياء حوار الحضارات!.. غير أني أترك للعلماء وللمؤرخين ولرجال الدين المسيحي مهمة الكشف عن هذا العري وهذا السفه.. وهذا .. (لك عزيزي القارئ آن تسميه ما شئت). والشيء الذي يطرحه هؤلاء الخاصة من أهل الغرب : هل للفايكنج حضارة؟

يعيش الفايكنج حتى اليوم في غمرة من التاريخ.. هذه نظرة الغرب نحوهم.. يعيشون «مهمشين» في الذاكرة الأوروبية حتى عصرنا!.. وهذا ما يتوجه إليه بالسؤال مؤلف رواية «أكلة الموتي»:

لماذا يشعر العلماء الأوروبيون عالو الثقافة الاذكياء بأنهم أحرار في إسقاط الفايكنج من حسابهم وبما لا يتجاوز الإيماءة العابرة؟"ويمضي المؤلف إلى وصف هؤلاء المثقفين الأوروبيين للفايكنج بأنهم برابرة شمال أوروبا!

وينتهي إلى القول: «من وجهة النظر هذه يكون الاسنكدنافيون فعلاً وبكل وضوح أبعد الناس عن منبع الحضارة ومنطقياً آخر من يكتسبها، وبناءً على ذلك ربما كانوا يعتبرون آخر البرابرة، أو شوكة مزعجة في حاضرة تلك المناطق الأوروبية الأخرى، التي تحاول أن تستوعب حضارة الشرق وحكمته».

وتحت هذا الضوء، إما أن نمضي إلى النص الروائي الذي ألفه مايكل كريشون بالنيابة عن «أحمد ابن فضلان» أي اعتمد فيه المؤلف على وثائق عربية تدل على أن سفارة من بغداد «الحضارة» تمثلت في «أحمد ابن فضلان» قد اتجهت إلى بلاد الضباب تحمل رسالة الإسلام العظيم إلى وحوش بشرية كانت لا تزال تعيش مرحلة التوحش (في القرن العاشر الميلادي) وقت أن كان الإسلام يملأ عين الشمس!.. فنتوقف عند الصورة التي رسمت لأهل الشمال كجيفة لا تغتسل ولا تتطهر إثر كل نجاسة، وتمارس الجنس كما تمارسه الكلاب!.. بينما كان «أحمد ابن فضلان» يصلي ويبث القيم العظيمة في تلك العقول المتحجرة، حتى إذا رأوه يستنكف معاشرة النساء بالحرام أغروه على طريقتهم وقالوا له في شتيمة للعرب:«أنتم العرب كعجائز النساء يخيفكم منظر الحياة»!..وقد عاد إلى بغداد مثلما ذهب.

وإما أن ننقطع إلى هذه الصورة التي سجلها رجال الدين المسيحي وقد نظروا إلى رجال الشمال الوثنيين نظرة رعب.. وقد جاءت في مقدمة الكتاب نقلا عن كاتب إيرلـندي من كتاب القرن الثاني عشر الميلادي:

«رغم أنه كان هناك مائة رأس معمّم بحديد الفولاذ فوق كل عنق، ومائة لسان لاسع، حاضر البديهية، بارد، لا يصدأ،صفيق وقح في كل رأس، ومائة صوت ثرثار عال لا يتوقف في كل لسان، فلم تكن تستطيع أن تعيد أو تروي أو تعدّد أو تخبر: بما عاناه الإيرلنديون جميعاً رجالاً ونساء، عامة ورجال دين، شيباً وشباناً، نبلاء وأشقياء، من الأذى ومن الإيذاء والاضطهاد، وفي كل بيت، من قبل هؤلاء الناس الأشداء، الهائجين الغاضبين، والوثنيين تماماً».

فنقول لأحفاد الفايكنج هؤلاء في عصرنا وقد قذفوا بسفاهتهم - بعد أن أزرى بهم الدهر- أشرف الخلق أجمين، وسيد الأنبياء الأولين والآخرين، وأول المسلمين «محمد صلى الله عليه وسلم» حبيب رب العالمين:

«ما أشبه الليلة بالبارحة»!

ونهيب بحكومات المسلمين (كثيرهم بعد قليلهم): «إن تنصروا الله ينصركم» وكأني بالنبي صلى الله عليه وسلم يستصرخكم فيه رب هذا الدين الحنيف: {قل من أنصاري إلى الله}.

وإنما قد عزّ على (الإسلام) ما أنتم فيه من وهن إذ اجتمعت عليكم الأمم كالأكلة على القصعة (أي المائدة).. فصرتم كالموتى يتكالب عليكم الغرب حتى تجاسر عليكم أضعفهم! (خامل الذكر) ليستعملكم في نشر صيته لما علم أنكم «ظاهرة صوتية» و«حضارة قول» وأمة «قال وقيل» فليس من هو خير منكم لإثارة الحديث عن وجودهم وأهميتهم للعالم!

ومن ذهب الشعر هذه (المضحكات - المبكيات) للمتنبي:

من يهُن يسهل الهوانُ عليه

ما لجرحٍ بميّت إيلام

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى