أيــام الأيــام..لأجل هذا رفض الصحفيون قانون الصحافة

> محمد فارع الشيباني:

>
محمد فارع الشيباني
محمد فارع الشيباني
هناك مقولة مشهورة للسيد توماس جيفرسون الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية والأب الروحي لدستورها تقول: «كلما قل تدخل الحكومة في شؤون الناس كانت حكومة جيدة». وعلى هذا الأساس وانطلاقاً من هذا المبدأ وتطبيقاً له كتب السيد جيفرسون الدستور الأمريكي وبدقة بحيث ترك للحكومة مجالا ضيقا للتدخل في شؤون الناس وأعطى صلاحيات كثيرة للناس أن يضعوا القوانين التي يتعايشون فيها، كما أن هناك قاعدة في الفقه الإسلامي تقول: «إن الأصل في الأشياء هي الإباحة وإنما يوضع النص للتقييد». وهذا يوصلنا إلى شيء واحد وهو أن الناس الذين يعملون في مهنة هم من يضع قواعد مهنتهم، لأنهم أدرى من غيرهم بطبيعة عملهم، ولكن الحكومات الاستبدادية تنطلق من مفهوم أن جماهير الشعب الذين تسيطر عليهم بالحديد والنار هم مجموعة من القصر لا يعرفون أين تكمن مصلحتهم وتجعل من نفسها وصية عليهم، وبذلك تصدر ما تدعي أنها قوانين لصالح الشعب ولكنها في الأساس قوانين ضد الشعب وحماية للسلطة وضمان استمرارها في أيديهم، ولأجل هذا في البلدان الديمقراطية لا توجد قوانين تخص فئة مهنية، وبذلك لا يوجد فيها قانون للصحافة وإنما يوجد في تلك البلدان قوانين تخص المواطنين بمختلف فئاتهم وأياً كان عملهم، وتتعامل معهم كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. يحصل ذلك لأن الحكومة والحاكمين انتخبوا من الشعب والشعب قادر على إسقاطهم. أما في البلدان غير الديمقراطية، فإن الحكام قد وصلوا إلى الحكم بالقوة العسكرية ولذا فإنهم لا يخافون من الشعب - ما علينا يظهر أن هذا مقدر على الشعوب في هذه البلدان - ولنعد إلى اليمن والصحافة والصحفيين فإنه من منطلق أننا قصر وحكامنا أوصياء علينا يسعون الآن إلى إخراج قانون جديد للصحافة لفرضه على الصحافة والصحفيين، وهو قانون غريب وعجيب وسأحاول أن أستعرض بعض ما جاء فيه من غرائب وعجائب، والمضحك في العملية أن حكامنا يقولون إنه من أجل مصلحة الصحافة والصحفيين وحفاظاً على حقوقهم وعلى حرية التعبير.. تصور!! فإذن نحن الصحفيين أغبياء لا نعرف مصلحتنا .. وأغرب هذه الأشياء هو تعريف القانون من هو الصحفي، فيقول: «مهنة البحث عن الحقائق والمعلومات والأخبار وجمعها وكتابتها وترجمة المقالات والأعمدة والتحقيقات والتحليلات وإعداد البرامج والتعليقات» لاحظوا أن على الصحفي البحث عن الحقيقة، وبالنسبة للسلطة الحقيقة هنا في ما لا يتعارض مع مصالحها، وأفظع ما في هذا التعريف أن السلطة لا تعتبر الصحافة عملاً إبداعياً خلاقاً وأن الصحفي ليس سوى كاتب تقارير مثل أي رجل أمن يعمل معها .. ودعونا نرى كيف ستعرّف من هو الفنان التشكيلي وحسب علمي سيقولون إنه من يستعمل الفرشاة والألوان للرسم على قطعة قماش وبذلك سيكون الفنان المبدع(ليوناردو دافينشي) مبدع لوحة (الموناليزا) ليس سوى شخص استعمل الألوان والفرشاة ورسم صورة امرأة على قطعة من قماش. أما بالنسبة لمشروع القانون ذاته - وأعترف بأني لست قانونياً ولا أعمل في مجال القانون - فما يخص الصحفيين فيه فإن من بين 35 مادة 15 مادة تخص الحريات تشترط أن لا تتعارض مع الدستور والقوانين المعمول بها، وهذا يعنى أنه إذا خالف أي صحفي واحدة من هذه المواد الـ 15 فإنه سوف يعاقب ليس بموجب قانون الصحافة ولكن بقوانين أخرى، وكما نعرف أنه في قانون العقوبات هناك 13 مادة تجيز فرض عقوبة الإعدام على الصحفي، وأعتقد أن هذا وحده يكفى ليرفض الصحفيون مشروع قانون الصحافة.

وأقول أخيراً أرجو من الأستاذ عبدالله البار أن لا يسيء إلى تاريخ بيت آل البار فهم سادة كرام وخرج من بينهم العلماء والفقهاء والقادة الذين أصبحوا مفخرة للحضارم، وأرجو الشيء نفسه من الأستاذ النبيل عبدالعزيز عبدالغني(حكيم اليمن) رئيس مجلس الشورى، الذي عاش حياة هي أشبه بحياة الناسك الزاهد منها إلى حياة السياسي المحترف والذي كان عندما تأتيه المسؤولية يتصرف بنزاهة وشرف وعندما تذهب يعود بهدوء إلى منزله كما يعود الناسك إلى كهفه ليتأمل ويتعبد .. أرجو منهما أن لا يحملا تاريخهما الشخصي قانوناً سوف يذكر إذا ما أصدر أنه سن مجزرة للصحفيين وكمم الأفواه وكسر الأقلام الحرة الشريفة والنزيهة، ولا يكونا كالذين ساعدوا هولاكو في إحراق مكتبات بغداد ورموا كتبها في نهر دجلة .. رحمنا الله جميعاً آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى