رجال في ذاكرة التاريخ

> نجيب محمد يابلي:

>
حسين محمد البار
حسين محمد البار
حسين محمد البار: شاعر كبير من ابداعاته «حنانيك يا من سكنت الحنايا» و«عذبتنا يا خفيف الروح عذبتنا»..الولادة والنشأة..تنحدر أسرة البار العطرة الذكر من نسل المهاجر أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين السبط بن الإمام علي بن ابي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله (المعجم اللطيف: العلامة محمد بن احمد الشاطري - اصدار عالم المعرفة، جدة، طبعة ثانية، ص 55).

انجبت اسرة البار كوكبة لامعة من العلماء والأدباء والدعاة منهم: العالم الصوفي الكبير الحبيب عمر بن عبدالرحمن البار وفقيد الفن شيخ البار المتوفى في اندونيسيا وحامد بن علوي البار والدكتور عبدالله حسين البار، رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين والمحامي الأديب عمر حسين البار والدكتور محمد علي البار والدكتور احمد علي البار والمترجم له في هذه الحلقة الشاعر الكبير حسين محمد البار.

السيد حسين محمد البار من مواليد قرية القرين بوادي دوعن في سلطنة حضرموت القعيطية عام 1919م وتلقى دروسه كما تلقاها اقرانه الحضارمة في الأربطة (المعاهد الدينية)، الا أنه نشأ شغوفاً بالاطلاع على مختلف فنون وعلوم المعرفة. (مجلة «الفنون» - وزارة الثقافة بعدن - فبراير، 1982م - البار، شاعر الوادي والحب والجمال).

البار سندباد طائر
شد السيد حسين محمد البار الرحال إلى أسمرا والتحق بمدارس ابناء الجالية اليمنية، ومن ابرزها آل بامشموس، حيث درس مادتي اللغة العربية وعلوم الدين، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة عدن وعمل لبعض الوقت مدرساً في مدرسة الفلاح وغادر عدن بعد ذلك إلى حضرموت عام 1939م.

عمل السيد حسين البار مدرساً في دوعن وتولى ادارة مدرسة حكومية بالرباط بدوعن ثم عمل بسلك المحاماة وعند تأسيس المدرسة العسكرية لمحمية عدن الشرقية التحق بها مدرساً في مايو، 1944م (راجع سند بايشعوت: الأستاذ حسين بن محمد البار المحامي، الرائد الذي لا يكذب أهله - «الأيام» 6 أكتوبر 2003م).

السيد البار وعلاقات وثيقة بمناضلين وطنيين
ارتبط السيد حسين بن محمد البار بعلاقات وثيقة برموز الحركة الوطنية العظام، منها علاقته بالمناضل الوطني الكبير الأستاذ علي بن عقيل بن يحيى اثناء عملهما في المدرسة العسكرية لمحمية عدن الشرقية، وعندما تقرر احالة بن يحيى الى المحاكمة العسكرية لامتناعه عن تحية العلم البريطاني، تولى السيد حسين البار تهريبه مع قافلة بدوية إلى حضرموت الداخل.

ارتبط السيد حسين البار بعلاقات حميمية بمناضلين وطنيين آخرين امثال الأستاذ شيخان عبدالله الحبشي والأستاذ احمد عمر بافقيه والسيد موسى الكاظم بن يحيى، الذين برزت بصماتهم على مستوى الوحدة الحضرمية ووحدة الجنوب العربي قبل الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م.

السيد حسين البار من الرعيل الصحفي الأول
ارتبط السيد حسين بن محمد البار بعملية الحراك السياسي التي برزت في اربعينيات القرن الماضي، والتي عرفت بحركة الهيئة المركزية التي افرزت «الوفد الدوعني»، وكان السيد البار من اعضائه الى جانب عبدالله بن طاهر الحداد، رئيس الهيئة المركزية والعلامة والأديب والسياسي حامد ابوبكر المحضار وحامد بن علوي البار. (راجع بايعشوت، مرجع سابق).

عندما تعرضت «الهيئة» للهجوم انبرى السيد حسين البار مدافعاً عنها في صحيفة «الأمل» لصاحبها محفوظ بن عبده، في العدد (15) الصادر في 15/6/1947م.

انتقل السيد حسين البار إلى المكلا وتقلد منصب رئيس تحرير صحيفة «الأخبار» النصف شهرية الحكومية عام 1953م منذ صدور عددها الأول في 1 مارس 1953م حتى 31 ديسمبر 1954م وخلفه في رئاسة التحرير الشيخ عبدالله سعيد بن وبر باعنقود والشيخ عبدالله احمد الناخبي (بايعشوت، مرجع سابق).

السيد البار وتاسيس «الرائد»
أصدر السيد حسين محمد البار صحيفته «الرائد» ونزل عددها الأول إلى الأسواق في 17 أكتوبر 1960م واحتل إصدارها المرتبة الثانية بعد صحيفة «الطليعة» لشيخ الصحافة الأستاذ احمد عوض باوزير ولامست «الرائد» ملفات ساخنة في الساحة الحضرمية منها ملف وزير السلطنة المستقدم «جيهان خان» الذي علقت عليه «الرائد» بموضوع «مشكلة كرسي الوزارة» كما تناولت «الرائد» ملف البترول الحضرمي وتناولته بالتفصيل وملف «النادي الثقافي» بالمكلا وكان السيد البار من ابرز رموزه.

تألقت «الرائد» من خلال هيئة تحريرها وكان سكرتير تحريرها الأستاذ علي عبدالرحمن بافقيه، وكان الراحل الكبير محمد عبدالقادر بافقيه من ابرز كتابها، وقد أفرد البار حيزاً عبر صفحات «الرائد» لتغطية أخبار رابطة أبناء الجنوب، الذي ربطته علاقات وثيقة برحالاتها الكبار وفي مقدمتهم صاحب الفضيلة السيد محمد علي الجفري (رئيس الرابطة) والأستاذ شيخان عبدالله الحبشي والأستاذ احمد عمر بافقيه (مدير الدعاية والنشر).

السيد البار من مؤسسي النادي الثقافي بالمكلا:
أعلن عن تاسيس النادي الثقافي بالمكلا في 8 فبراير 1957م، على يد الطليعة الحضرمية الخيرة: محمد عبدالقادر بافقيه، عبدالله محمد باحويرث، سعيد يسلم الرباكي، سعيد عبدالخير النوبان، جمعان بن سعد، سالم عبدالله بامطرف، ابوبكر باسعد، صالح عبدالله اليماني، محمد سالم باعباد، عمر بن سهيلان، عمر بلكديش، سالم عبدالله الحبشي، محمد سعيد مديحج، عمر حسنون، عمر سليمان بن جسار، حسين صالح المفلحي، احمد هادي بهيان وعمر محمد باهارون.

مارس النادي الثقافي مهامه كحركة تنويرية تحريضية فامتزجت الثقافة بالسياسة والتربية بالوطنية، حيث نظم النادي محاضرات لامست التغييرات التي حدثت في المنطقة منها القضية الفلسطينية وثورة 23 يوليو 1952م ووحدة حضرموت والجنوب العربي (ورمزه آنذاك رابطة ابناء الجنوب العربي).

كما نظم النادي حضوراً لمحو الأمية في مقر النادي بالقرب من ادارة جمارك المكلا في حي البلاد إلى جانب عروض مسرحية منها «الام جحا» وقد بلغ أعضاء النادي (228) عضواً. (بايعشوت، مرجع سابق).

بعدما تبين للسلطات القعيطية ان النادي انحرف عن النهج الذي قام من أجله صدر الأمر السلطاني عن السطان عوض بن صالح القعيطي في 22 أبريل 1958، بشأن اغلاق النادي الثقافي بالمكلا ومصادرة ممتلكاته.

السيد البار في اول مجلس محلي منتخب بالمكلا
الباحث في تاريخ المجتمعات المحلية او المجالس البلدية، وهي نقطة الانطلاق الى الديمقراطية الحقة، سيجد أن حضرموت إلى جانب عدن، صاحبتا تجربة عريقة في الحكم المحلي وان الراحل الكبير الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف رائد التجربة الحضرمية في الحكم المحلي.

وقفت العاصمة المكلا على أطراف اصابعها في 27 يوليو، 1962م ليمارس السكان حقوقهم المشروعة في انتخاب اول مجلس بلدي (الذي مارسته عدن عام 1955م) وقد عاشت المدينة صخب السيارات يومي 25 و 26 يوليو 1962م وهي تجوب حاملة صور المرشحين للانتخابات وارتفعت الشعارات واللافتات أمام الناخبين ليحكموا ضمائرهم.

خاض السيد حسين محمد البار معمعان المعركة الانتخابية مع (16) مرشحاً ليستقر الفرز على (8) أشخاص ليكونوا اعضاء المجلس البلدي (المحلي حالياً). اشرف الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف على لجنة الفرز وعضوية الشيخ علي سالم باعشن والشيخ عبدالله سالم بامطرف.

فاز بعضوية أول مجلس بلدي منتخب كل من: عبدالله عبدالرحمن باهرمز (2240 صوتاً) وحسين محمد البار (2164 صوتاً) وابوبكر سالم بن الشيخ ابوبكر (2119 صوتاً) وابوبكر عمر باناعمة (1639 صوتاً) ومحمد صلاح الذيباني (1781 صوتاً) وعوض صالح غزى (1444 صوتاً) ومحمد علي با حشوان (1405 أصوات) وجدير بالذكر ان الانتخابات استندت على قانون خاص بها صاغته اياد حضرمية صرفة.

السيد حسين البار أحد روافد التراث الثقافي
يعتبر السيد حسين محمد البار أحد روافد التراث الثقافي الحضرمي اليمني العربي لأنه كتب في مقدمة ديوانه (من أغاني الوادي) الذي صدر عام 1954م، «هذه اغان قليلة مختلفة الايقاع والنظم أرسلها إلى قراء العربية... يكفيني ان تكون هذه احاسيس شاعر تعشق العربية وهام بها واتخذ من الحب والجمال معبداً يأوي اليه، وانطلق قلبه يبحث هنا وهناك عن زهرة يشم أريجها، فلم يجد إلا الشعور بالألم والأسى». («الفنون» مرجع سابق).

قدم الأديب والمؤرخ والتربوي الشيخ سعيد عوض باوزير لديوان «من اغاني الوادي» ورد فيه «هو (أي حسين البار) لا يعرف تكلفاً ولا تعسفاً ولا مواربة في الحياة فلا تجد في شعره شيئا من هذا القبيل، وانما هي الشاعرية تفيض فتتدفق وتتدفق وتجري على سجيتها كالنمير الصافي والسلسال العذب، لتعكس كل ما تنطوي عليه نفس الشاعر حتى لا تكاد تحتفظ لها بسر تحرص عليه».

تداعت شاعرية الشاعر لكل مثير، ايا كان مصدر إثارته فها هو حسين البار ينعى وفاة الفنان الكبير شيخ البار في اندونيسيا بقصيدة نشرتها جريدة «الأمل» الحضرمية في عددها الصادر يوم 29 فبراير 1948م. عندما شكلت اللجنة التنفيذية للندوة الموسيقية الحضرمية في يناير 1960م، برئاسة احمد جمعة خان كان حسين البار ومحمد جمعة خان مستشارين للندوة وبقدر ما كان حسين البار مبدعاً كبيراً في الشعر فإنه كان كذلك بارعاً كبيراً في العزف على آلة الكمان.

حسين البار ومنعطفات هامة
ارتبط الشاعر الكبير حسين البار بعلاقات متميزة مع أهل الفن وقد شهد بيته في حي السلام أول لقاء جمع بين الفنان ابوبكر سالم بلفقيه والشاعر الكبير حسين ابوبكر المحضار، وقد ذاع صيت المبدع الكبير حسين البار في عدد من الاغاني التي ملأ صيتها الأطباق منها:

1- حنانيك يامن سكنت الحنايا

وحملت قلبي جميع الرزايا

وأشعلت فيّ جحيم الهوى

وغادرته جذوة في الخلايا

2- عذبتنا يا خفيف الروح

بانوب وين الجنا

3- قال بن هاشم انا قلبي سلي

صاحبي حبه ولا باينتسي

......

ليه يا صحاحب علي قلبك قسي

وانت في خاطري ما باتنتسي

لي سنة عد الليالي زام زام

هيجن قلبي خضيرات الوشام

4- خلنا نسعد بحبي

وانت كن للجميع

يا زهرة في الربيع

حسين البار ينتقل الى جوار ربه
انتقل الشاعر الكبير حسين محمد البار بمدينة المكلا عام 1965م (وبرواية «الفنون» عام 1964م) مخلفاً وراءه تراثاً حافلاً، مطبوعاً ومخطوطاً منها ديوان «اصداء» وهو شعر فصيح وديوان «الأغاني» وهو شعر عامي، كما خلف رصيداً كبيراً في تجربة العمل الصحفي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى