عام على اغتيال رفيق الحريري ولبنان لم ينعم بعد بالاستقرار

> بيروت «الأيام» سليم ياسين :

>
الراحل رفيق الحريري
الراحل رفيق الحريري
بعد مرور عام على اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري لم يتوصل لبنان الذي تخلص من وصاية سوريا الى ان ينعم بالاستقرار رغم الدعم الدولي الواسع له,ويقول حسين اغا الاختصاصي في علم السياسة والاستاذ المساعد في كوليج سانت انطونيز في اوكسفورد "يمر لبنان بفترة توترات ضخمة (...) البلد فريسة صراعات مذهبية لا سابق لها منذ الحرب الاهلية".

وتبدو هذه التوترات الداخلية التي تجري وسط اطار اقليمي مضطرب اقوى من ارادة المجموعة الدولية على مساعدة لبنان والتي يدل عليها عدد كبير من قرارات تصب في مصلحته صدرت عن الامم المتحدة.

وكانت المساعدة الدولية للبنان قد بدأت قبل اغتيال الحريري. ففي آب/اغسطس عام 2004 تبنى مجلس الامن الدولي القرار 1559 وذلك قبل ستة اشهر على اغتيال من يعتبر اللبنانيون انه اطلق واحتضن عمليات اعادة الاعمار بعد سنوات الحرب اللبنانية (1975-1990).

وقد اصدر مجلس الامن الدولي هذا القرار عشية تعديل دستوري فرضته سوريا على لبنان ليسمح بتمديد ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود الموالي لدمشق ثلاث سنوات اضافية. وينص القرار الذي حذر من التمديد على ضرورة ان تسحب سوريا قواتها الموجودة منذ نحو 30 عاما في لبنان، كما ينص على نزع سلاح حزب الله الشيعي والفصائل الفلسطينية.

ونجحت سوريا، التي كانت تسيطر على مجلس النواب، في فرض ارادتها رغم تحذير الامم المتحدة. ووجد رفيق الحريري، الذي كان يرفض بشدة تمديد ولاية لحود حليف دمشق المفضل، نفسه مرغما على الموافقة على التعديل الدستوري.

ورغم موافقته على التمديد رفض رفيق الحريري، احد ابرز مهندسي اتفاق الطائف للوفاق الوطني (1989) الذي وضع حدا للحرب اللبنانية، لاحقا التعايش مع الرئيس لحود.

واصبح الحريري هدفا لحملات شعواء شنها عليه حلفاء دمشق في لبنان,وتم اغتياله بعملية تفجير ضخمة في وسط بيروت في 14 شباط/فبراير عام 2005 في الوقت الذي كان يعمل فيه، بدعم من نواب اللقاء الديموقراطي برئاسة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والمعارضة المسيحية، على ترؤس المعارضة المناهضة لسوريا.

اثار اغتيال الحريري صدمة عند اللبنانيين تجسدت في موجة توحد عارمة بين مختلف الفرقاء.

وعلى مدى اشهر تظاهر اللبنانيون في الشوارع يؤسسون "لانتفاضة الاستقلال" ويعلنون سخطهم ورفضهم الاستمرار بقبول سلطة اقامتها دمشق التي اجبرت لاحقا على سحب قواتها في نيسان/ابريل.

ولم يمنع سحب سوريا قواتها وفق القرار 1559 تحت ضغط الشارع اللبناني والضغوط الدولية من استمرار عمليات التفجير والاغتيالات مستهدفة السياسيين والصحافيين المناوئين لدمشق,رغم ذلك نجح لبنان في اجراء انتخابات تشريعية حملت للمرة الاولى الى مجلس النواب اكثرية "سيادية" او "استقلالية" اي مناهضة لهيمنة سوريا.

لكن سير الانتخابات وخصوصا اعتمادها على قانون اعد في عهد الوصاية السورية (يعتبره المسيحيون مجحفا بتمثيلهم) ادت الى انقسام في صفوف "السياديين". وعقد الزعيم المسيحي المناهض لسوريا ميشال عون، الذي عاد الى لبنان بعد 15 عاما في المنفى، تحالفات هجينة مع قوى موالية لسوريا.

وفي اطار مسعى الاكثرية النيابية لاحترام التركيبة الطائفية عمد "السياديون" الى اشراك الحزبين الشيعيين اللذين يحتكران تمثيل الطائفة اي حزب الله وامل الموالين لسوريا في الحكومة التي شكلها فؤاد اسنيورة الذي كان اليد اليمنى لرفيق الحريري.

وللمرة الاولى منذ انشائه شارك حزب الله في الحكومة ويسعى بكل السبل الى ارجاء البحث في قضية نزع سلاحه التي يجمع الاطراف على ان حلها يكون عبر حوار داخلي تحكمه المصالح الوطنية.

وقد قاطع الوزراء الشيعة (خمسة وزراء) الحكومة لمدة ثمانية اسابيع وعادوا الى صفوفها مطلع شباط/فبراير بدون ان يتم التوصل الى حل للقضايا الحاسمة خصوصا متابعة تطبيق القرار 1559 وملف العلاقات اللبنانية-السورية.

وفيما يتعلق بالتحقيق الدولي في اغتيال الحريري اصدر رئيس اللجنة الدولية السابق الالماني ديتليف ميليس تقريرين اجرائيين اشار فيهما الى ادلة على تورط الاجهزة الامنية السورية واللبنانية في اغتيال الحريري. وادى ذلك الى تعزيز موقف الغالبية النيابية التي يطالب بعض قادتها حاليا بالاطاحة بالنظام السوري وبوقف التدخلات في لبنان قبل اي تطبيع للعلاقات بين البلدين.

وبالنتيجة لم تؤد الحلول المتسرعة الى حل المشاكل التي ما زالت اقوى مما كانت عليه في السابق خصوصا فيما يتعلق بالانقسام حول مستقبل لبنان (موال للغرب او موال لسوريا وايران) وبالاختلاف بين الطوائف.(أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى