أوقفوا هذا التطبيق المرتجل للوائح قانون الأجور

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
تعتبر الأجور أحد المكونات الأساسية للدخل القومي، وكثير من الدول تأخذ في الاعتبار ارتفاع الأسعار (التضخم) عند رسمها لسياسة الأجور بل وتربطها به، فإذا ما زاد التضخم خلال فترة زمنية تحدث بعدها زيادة في الأجور والمرتبات بنفس زيادة نسبة ارتفاع الأسعار على الأقل، وذلك للحفاظ على الدخل الحقيقي لموظفيها ومواطنيها. وفي بلادنا وخلال السنوات الخمس الماضية كانت الأسعار ترتفع بحوالي (15%) سنوياً في حين زادت الأجور - وليس المعاشات - خلال نفس الفترة بمعدل سنوي لا يزيد عن (7%) الأمر الذي يعني أن المستوى المعيشي للموظفين كان ينخفض بحوالي (8%) كل عام. ومن هنا ونتيجة لما يرتكب من أخطاء وارتجال في تنفيذ لوائح قانون الأجور، وما تلمسته من المشاركين في اللقاء الذي تم في منتدى خورمكسر العامر بعدن يوم الجمعة الماضي حول هيكل الأجور والذي تركزت الأطروحات والمناقشات فيه حول معاناة وهموم الناس الراهنة من جراء التطبيقات المرتجلة للوائح قانون الأجور وتبعاتها والمتمثلة بدرجة أساسية في ارتفاع الأسعار والانخفاض المستمر في القيمة الحقيقية للأجور والمعاشات وانعكاسه سلباً على تدني المستوى المعيشي وزيادة نسبة الفقراء في المجتمع يوماً بعد يوم، الأمر الذي ينذر بمخاطر لا تُحمد عقباها وتهدد بأزمة اقتصادية واجتماعية خانقة إذا ما استمرت السلطة في سياسة الأجور المرتجلة مغلقة آذانها، ماضية في غيَّها وأخطائها، غير معيرة أي اهتمام لما تطرحه النقابات والصحافة والمعنيون في هذا الصدد. ونظراً لخطورة الحالة وتفادياً لتفاقمها فإننا نطالب السلطة بالآتي :

1- التوقف فوراً عن عملية النقل إلى الهيكل العام للأجور والاكتفاء (مؤقتاً) بدفع زيادة في المرتبات بنسبة معينة وفي حدود السقف للزيادة في الموازنة الحكومية، وذلك لمواجهة زيادة الأسعار الناتجة عن زيادة أسعار المشتقات النفطية وفرض ضريبة المبيعات، هذا من جهة ومن جهة ثانية على الوزارات المعنية استكمال الاستمارات وقاعدة البيانات، إذ علينا ألا نضع العربة قبل الحصان كما هو الواقع المعمول به حالياً، فعلى سبيل المثال أصدرت وزارة التربية والتعليم تعميماً يوم الأحد الماضي نصت إحدى فقراته على «تجاوزت التظلمات عشرة آلاف (10,000) حالة في الوزارة ويتم حالياً مراجعة الوثائق والبيانات والتأكد من صحتها وتعديلها ومن ثم معالجتها وفق القواعد» فهل يعقل هذا الرقم في وزارة واحدة فقط؟ ومتى سيتم حل هذه التظلمات؟ وهل نتصور أن تستمر وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية في تطبيق النقل إلى الهيكل العام على مستوى الجمهورية قبل أن تستكمل البيانات؟ ومتى ستستكمل؟ وعليه نرجو من المعنيين التواضع وعدم المكابرة. ولكي تسير عجلة العربة وتتقدم علينا يا مسئولين وضع الحصان قبل العربة لا العكس، ودفع الزيادة بنسبة من المرتب دون تأخير، وأن تجمع في الوقت نفسه البيانات وتدقق وتستكمل وتأخذ وقتها الكافي دون ارتجال.

2- التوقف عن استخدام مصطلح استراتيجية الأجور كمرجع لتنفيذ القانون، إذ نظراً للتناقضات والثغرات العديدة التي تضمنتها والانتقادات التي واجهتها فقد أسقط مجلس النواب تلك الاستراتيجية التي كانت جزءاً مكملاً لقانون الأجور، وبالتالي عدم الإشارة إليها عند إصدار القرارات الوزارية المتعلقة بالأجور والهيكل.

3- توقيف الاجتماعات المرتجلة للجان والوحدات الفنية وفرق الأجور في الوزارات والوحدات الإدارية المعنية وربطها بفترات زمنية خانقة تساعد على زيادة الأخطاء وبالتالي كثرة المظلومين والمتظلمين والعودة إلى معالجة الخطأ بأخطاء أكبر.

4- وقف العمل بدفع مرتبات أو معاشات أقل من الحد الأدنى للأجور (20,000) ريال والذي لا يسمن ولا يغني من جوع في ظل الأسعار المستمرة في الارتفاع، وضرورة وضع معايير علمية وموضوعية للحد الأدنى للأجور وألا يقتصر العمل على معيار خط الفقر المحتسب من بحث ميزانية الأسرة الذي يجرى عادة كل ست سنوات في اليمن، ومع ذلك نص عليه في القانون. ومن الضروري ربط أي نسبة زيادة في الأسعار بزيادة في الأجور والمعاشات. ومن العدل والإنصاف أن يعاد النظر في المعاشات السابقة وربطها بمعدل التضخم بأثر رجعي ولو نسبياً، فالظلم الأكبر واقع على المتقاعدين بوجه عام ويتفاقم ويزداد أكثر بقدر قدم المتقاعد، فمدير المدرسة الذي تقاعد قبل خمس عشرة سنة يستلم حالياً حوالي (17%) فقط من معاشه الحقيقي الذي بدأ به، والمتقاعد قبل عشر سنوات أصبح يستلم حوالي (25%) منه، والمتقاعد قبل خمس سنوات يستلم حوالي (50%) من معاشه الحقيقي. فكيف سيعيش هؤلاء بالفتات من المعاش المستلم ومعظمهم أعزاء في مجتمعاتهم. والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: «ارحموا عزيز قوم ذلّ».

5- وقف دفع المرتبات الوهمية وعدم دفع أكثر من مرتب واحد للشخص الذي يحتل أكثر من وظيفة وتكون البداية من هنا لتنفيذ قانون الوظائف والأجور.

وختاماً: فإننا في الوقت الذي نلاحظ ازدياد معاناة الناس وارتفاع نسبة الفقر نلاحظ على النقيض المسئولين يُشيّدون القصور الرائعة ويقتنون السيارات الفخمة ويبعثون أبناءهم إلى أرقى الجامعات في الخارج ثم يتبوأون أعلى المناصب. إن بقاء الممارسات هذه على حالها والاستمرار في سياسة الأجور المرتجلة ستزيد من نسبة الفقر في البلاد وستحول أعدادا كبيرة من المتقاعدين إلى متسولين والآخرين إلى منحرفين، الأمر الذي قد يؤدي -لا قدّر الله- إلى الفساد الاجتماعي والدعارة ويقضي على القيم والأخلاق، وإذا انعدم الطعام والأمان اللذان هما أساس الحياة فلا معنى للحياة والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: {الذي أطعَمَهم منْ جُوع وآمنهم منْ خوف}. رسالتي واضحة وصريحة .. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى