كـركر جـمل

> عبده حسين أحمد:

> هذا تقليد جديد أرجو أن يدوم.. التقليد الجديد الذي بدأته مؤسسة «الأيام» للصحافة والطباعة والتوزيع والإعلان.. في استقبال وتوديع المحافظين في عدن.. وذلك بإقامة حفلة غداء تكريماً لهم.. تقليد رائع تستحق عليه مؤسسة «الأيام» الشكر والتقدير.. فقد قام الناشران هشام وتمام باشراحيل بدعوة أكثر من ثمانين شخصاً يوم الجمعة الماضي إلى حفلة غداء على شرف الأخ أحمد محمد الكحلاني محافظ عدن والأخ د. يحيى الشعيبي.

< أنا شخصياً مع هذا التقليد الجميل.. وفرحان به.. بالرغم من أنني لم أحضر هذا الحفل الكريم.. لأنني مصاب بمرض (السكري).. وممنوع من أكل (الرز) الذي يضاعف السكر في جسمي.. ولكنني أتصور كيف اكتظت دار «الأيام» بالمدعوين الذين حضروا الحفل ولبوا الدعوة الطيبة التي وجهت إليهم بهذه المناسبة.. وأتخيل كيف كان المدعوون يتبادلون أطراف الحديث والتهاني.. ويقبلون بعضهم بعضاً.. فالعدنيون مشهورون بالقلوب الطيبة.. واحتفاؤهم بالضيف.. يفتحون قلوبهم للترحيب به.. ويسعدهم جداً أن يلتفوا صفوفاً حول المائدة مع ضيفهم الكريم.. وهم فرحون مبتهجون ومتفائلون بالسعادة والبركة والخير الذي سوف يعم محافظتهم بقدوم المحافظ الجديد.

< إن أهالي عدن بطبيعتهم متفائلون.. وبطبيعتهم واقعيون.. وبطبيعتهم صبورون.. وقد تحملوا الكثير من العذاب والحرمان والظلم.. والدنيا كلها تعرف مقدار ما وقع عليهم من الظلم.. وقد سامحوا كل الذين ظلموهم وحرموهم من حقوقهم.. وقد رأوا وهم على قيد الحياة في الذين ظلموهم واضطهدوهم وحرموهم من الحرية أكثر كثيراً مما كانوا يستطيعون بضعفهم أن يفعلوه فيهم.. وكان الله سبحانه وتعالى أقوى مليون مرة على الذين ظلموهم.. وأشفق عليهم في كل ما أصابهم.. لأن إيمانهم بالله كان قوياً ولم يتزعزع أبداً.

< إن عدن كانت مسرحاً كبيراً وواسعاً للصراع والقتل والاقتتال أكثر من أية مدينة أخرى.. وهي المحافظة الوحيدة التي قاومت وضحت وتوجعت وتألمت كثيراً.. ولا استطاع أحد أن يقدر تضحيتها.. ولا استطاع أن يقدر موقفها.. ولا استطاع أن يقدر صبرها وصمتها في أعنف معاركها وأدق لحظات حياتها.. ولا استطاع أن يعرف المرارة التي شعرت بها والظلم الذي وقع عليها.. وهي المدينة التي أطعمت الجوعان.. وكست العريان.. وعلمت الجاهل.. وشفت المريض.. وأسعدت الضبحان.. ووظفت العاطل.. وطوقت الأعناق بأكاليل الزهور والورود الذين رموها بالطوب والحجارة.. وصوبوا إلى صدرها بنادقهم ورشاشاتهم.. وزحفوا فوقها بدباباتهم وأطلقوا عليها نيران مدافعهم.

< ومن المؤسف جداً أننا لم نعرف حتى الآن.. هل كنا على صواب أم خطأ؟.. وهل السبب أننا كنا نجهل الحقيقة.. ولا نفهم شيئاً عن واقعنا والذي يدور حولنا في العالم؟.. وهل كان جهلنا (فردياً) وسط مجتمع يعرف كله الحقيقة؟.. وهل كان المجتمع يعرف فعلاً الحقيقة المؤلمة ؟.. لا أعتقد ذلك.. فالحقيقة كانت ضائعة.. أو أننا أضعناها بأنفسنا.. واندفعنا بقوة إلى ما لا نهاية له.. وكأن عقولنا طارت منا.. وعيوننا قد انطفأ النور فيها.. فلم نعد نرى أوضح ولا نفكر بشيء أجمل.

< وبالرغم من ذلك فإنني سعيد جداً هذه الأيام.. وأشعر ببارقة من الأمل والتفاؤل يملأ جوانحي.. وأعتقد أننا مقبلون على عهد جديد.. وأن القدر الذي سلبنا كل شيء في الماضي.. سوف يرفع عنا الظلم.. ويعوضنا عن الحرمان الطويل والمرير.. فقد علمتنا التجارب أن بعد الضيق يجيء الفرج.

< إن الله مع المظلومين !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى