العراق على ابواب جحيم الحرب الاهلية الجميع فيها ضد الجميع

> بغداد «الأيام» لين نويهض:

>
12 جثة من عائلة شيعية واحدة قتلهم مهاجم دخل الى بيتهم فجأة في بعقوبة أمس
12 جثة من عائلة شيعية واحدة قتلهم مهاجم دخل الى بيتهم فجأة في بعقوبة أمس
اعلن مسؤول عسكري اميركي أمس الأول الجمعة ان جنودا من قوات التدخل السريع الاميركية انتشروا بالقرب من اماكن حساسة في منطقة بغداد لدعم قوات الامن العراقية التي تتصدى لاعمال العنف الطائفية.

وقال الكولونيل جيفري سنو خلال مؤتمر صحافي بالهاتف من العراق، ان فرض حالة الطوارئ والدعوات الى الهدوء التي اطلقها مسؤولون حكوميون ودينيون عراقيون ساهمت على ما يبدو في تهدئة اعمال العنف بين الطوائف التي اندلعت بعد الاعتداء على مقام شيعي في سامراء بشمال بغداد.

واضاف الكولونيل سنو وهو قائد كتيبة في منطقة تمتد من غرب بغداد الى ابو غريب"انا لا احاول ان اخفف من الوضع". واقر مع ذلك بان العنف قد يتحول الى حرب اهلية.

واوضح "ما يشجع بالنسبة لي في هذه الحالة الخاصة هو ان مقتدى الصدر دعا الى الهدوء" في اشارة الى الزعيم الشيعي الذي كان على رأس انتفاضة ضد القوات الاميركية في العام 2004. وقال سنو ايضا "لو اختار العكس فإن الامر كان سيكون مقلقا". واضاف "ان الناس بمعظمهم يحترمون وقف اطلاق النار".

واوضح ان جنودا من الكتيبتين العراقيتين التابعتين لكتيبته انتشرتا في اماكن يمكن ان تقع فيها احداث وذلك من اجل حماية مساجد واحياء سنية.

واشار الى ان قوات اميركية انتشرت بالقرب منها للتدخل سريعا في حال وقعت اي مشكلة ولكن حتى الآن لم يطلب منا التدخل.

والأيام القليلة القادمة يمكن أن تقرر ما اذا كان بإمكان العراق رأب الصدع والابتعاد مجددا عن السقوط في هاوية حرب اهلية شاملة أو ما اذا كان التصاعد الحاد في العنف الطائفي سيمزق في النهاية العملية السياسية الهشة فمنذ تفجير مزار مقدس لدى الشيعة يوم الاربعاء فإن التهديد بنشوب حرب أهلية بات أقرب الى الواقع.

والتفجير أثار موجة من الهجمات الانتقامية على مساجد السنة ما كان له أن يحدث في وقت أكثر حساسية بالنسية للعراق والدبلوماسيين الأمريكيين الذين يحاولون معا المضي قدما نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية يمكنها ارساء الاستقرار والسماح لواشنطن بسحب قواتها البالغ عددها نحو 130 الف جندي.

وتواجه المحادثات الرامية لتشكيل حكومة جديدة بعد أكثر من شهرين على انتخاب اول برلمان عراقي يقضي فترة ولاية كاملة مصاعب بالفعل حيث يتنافس الشيعة والأكراد على السلطة مع الأقلية السنة التي انضمت مؤخرا الى العملية السياسية التي تدعمها الولايات المتحدة.

والانقسامات عميقة للغاية لدرجة أن الولايات المتحدة وبريطانيا حذرتا الأسبوع الماضي من أنهما بذلتا كثيرا من الدماء والأموال في العراق لرؤية مجلس وزراء تهيمن عليه ميليشيات حزبية.

وقال توبي دودج الخبير في شؤون العراق بجامعة كوين ماري في لندن "هذا لا يتشكل لأن يكون مجرد حرب أهلية.. انه اسوأ من ذلك. انها حرب الجميع فيها ضد الجميع." وأضاف "ما لدينا هو حالة من الفراغ الأمني سمح بصعود قوى مختلفة تقاتل بعضها بعضا من أجل السيطرة... انها أكثر تمزقا من الحرب الأهلية." ويمكن ان تتفاقم الخصومات المسلحة بين الميليشيات الشيعية الممثلة في منظمة بدر الموالية لايران والتابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وجيش المهدي الموالي لرجل الدين الشاب مقتدى الصدر المناهض للولايات المتحدة.

وحتى الآن يقف الصدر وعبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق معا من الناحية الرسمية عقب الهجوم الذي دمر القبة الذهبية لمزار شيعي في مدينة سامراء والذي يحتمل أن يكون نفذ على يد مسلحين من السنة.

غير أن منظمة بدر وجيش المهدي اشتبكا في مدن بالجنوب ذي الأغلبية الشيعية في الماضي كما أن وجهات نظرهما المتباينة حول مستقبل العراق تهدد باستمرار بالانفجار والتحول الى صراع مفتوح.

وفي الوقت نفسه فإن الميليشيات الشيعية وقوات الأمن العراقية المختلطة بين الشيعة والسنة تواجه تهديدات من عدد من الجماعات السنية المسلحة والتي تشمل قوميين وبعثيين موالين للرئيس المخلوع صدام حسين ومتشددين اسلاميين بعضهم من الأجانب.

واشتبك أفراد من جيش المهدي أمس الاول الجمعة مع مسلحين مشتبه بهم من السنة في معارك بشوارع العاصمة بغداد.

ويقول محللون ان بعضا من أسوأ أعمال العنف الطائفي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 والتي قتل خلالها نحو 200 شخص لن تسهم سوى في زيادة الصدع بين الشيعة والسنة والأكراد ويدفع البلاد نحو حرب أهلية شاملة.

وقال جوست هيلترمان المحلل بالمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "في ظل الصعوبات التي واجهتها المفاوضات بالفعل بسبب الخلافات الطائفية .. فإن العملية بأكملها يمكن أن تنهار. الاستقطاب آخذ في التزايد لا في التراجع." وأضاف "خطر الحرب الأهلية جاد بشكل مخيف. كانت هناك محاولات من جانب المتمردين لاثارة حرب أهلية على مدى نحو عامين الآن .. لكنهم لم ينجحوا بسبب القيود من جانب المؤسسات. تلك القيود بدأت تتآكل." وقال ان رجال الدين الشيعة كانوا من بين تلك القيود.

واذا كان يمكن أن يتفق العراقيون على شيء فهو أن المرجع الشيعي آية الله العظمى علي السيستاني أقوى رجال الدين الشيعة نفوذا في العراق قد لعب دورا حاسما في تجنب الانزلاق الى حرب أهلية.

وأصدر السيستاني مرارا فتاوى تحرم العمليات الانتقامية عندما قتل عشرات الشيعة في تفجيرات ضخمة لسيارات ملغومة. ووازن السيستاني دعوة الى تنظيم احتجاجات عقب تفجير المزار الشيعي في سامراء بالمطالبة بضبط النفس وحظر الهجمات على المساجد السنية.

وهذه المرة لم يعر كثيرون اهتماما لذلك الحظر. فقد جابت ميليشيات شيعية الشوارع وشاركت فيما يبدو في العنف. وربما يعكس ذلك صراعا على النفوذ بين الفصائل الشيعية.

واشارت هيئة علماء المسلمين كبرى الجماعات الدينية السنية في العراق الى فشل السيستاني في السيطرة على الحشود التابعة له في انتقاد غير مسبوق له يوم الخميس.

أضف الى ذلك حكومة مؤقتة تمزقها الانقسامات الطائفية وقوات أمن جديدة دربتها الولايات المتحدة ولا تزال ضعيفة تمكن مجرمون من اختراقها كما شوهها ولاء للميليشيات ويبدو أن العراق ينزلق الى هاوية الفوضى.

ولا تزال المؤسسات قائمة لكن سيطرتها على الاوضاع ضعيفة.

وقال حازم النعيمي استاذ العلوم السياسية بجامعة المستنصرية "القضية تتوقف على الأيام القليلة القادمة. فإما أن تنفتح أبواب الجحيم عن حرب أهلية أو يتولى الشيعة مزيدا من السلطة بحجة أن الزعماء السنة غير قادرين على كبح الأنشطة الإرهابية المتزايدة." واضاف "الجيش الأمريكي هو الذي يحول دون نشوب الحرب في بعض المناطق. وفي مدن مثل الموصل سيتم طرد الشرطة خلال أيام اذا غادرها الجيش الأمريكي. سيكون هناك تطهير عرقي." والرهانات كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الحريصة على انجاح العملية السياسية حتى يمكنها سحب قواتها. لكن ذلك يعتمد أيضا على ما اذا كانت القوات العراقية جاهزة لتولي السيطرة.

ويشكو العرب السنة منذ شهور من أن وزارة الداخلية التي يقودها الشيعة تدير أو على الأقل تغض الطرف عن فرق اعدام تعمل داخل صفوفها وتستهدف السنة. وتنفي الوزارة التغاضي عن وجود تلك الفرق.

ويقول السنة أيضا ان السجون مكتظة برجالهم بينما تقول الحكومة التي يقودها الشيعة ان هؤلاء المعتقلين ينتمون إلى المسلحين الذين يغلب عليهم السنة والذين أشاعوا الدمار في العراق منذ الحرب التي أطاحت بالرئيس صدام حسين.

وعمليات القتل الانتقامي المتبادل شائعة بالفعل كما يبدو ان المسؤولين يمثلون جماعاتهم الطائفية أو العرقية وليس الامة بأسرها.

وانسحبت الكتلة العربية السنية الرئيسية يوم الخميس من المحادثات الرامية الى تشكيل حكومة جديدة بعدما أنحت باللائمة على الائتلاف العراقي الموحد الحاكم في الفشل في حماية السنة.

عراقي والدماء على ملابسه يبكي أفراد عائلته الذين قتلوا في بعقوبة أمس
عراقي والدماء على ملابسه يبكي أفراد عائلته الذين قتلوا في بعقوبة أمس
لكن عباس البياتي المسؤول بالائتلاف العراقي الموحد وعضو البرلمان الجديد اعرب عن تفاؤله وتوقع أن تجبر أعمال العنف جميع الأطراف في النهاية على تجاوز انقساماتهم الطائفية والمضي قدما في تشكيل الحكومة للحيلولة دون زيادة تدهور الاوضاع.والطوائف العراقية منقسمة حتى فيما بينها.

فقد شارك بعض السنة في اجتماع طارئ استضافه الرئيس جلال طالباني يوم الخميس فيما هدد آخرون بمقاطعة العملية السياسية برمتها كما فعلوا خلال الانتخابات المؤقتة العام الماضي.

ولم تتمكن الكتلة الشيعية من الاتفاق على مرشحها لمنصب رئيس الوزراء وانتهى بها الامر الى ترشيح رئيس الوزراء المؤقت المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري بعد تصويت فاز خلاله بفارق صوت واحد. وبرز رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي يقود ميليشيا استعرضت عضلاتها في الشوارع خلال أعمال العنف الأخيرة كصانع للشخصيات السياسية داخل الائتلاف العراقي الموحد.

كما يضع الأكراد نصب أعينهم مدينة كركوك الغنية بالنفط التي يريدونها عاصمة لمنطقة كردية تتمتع بحكم ذاتي وهو ما يعارضه بشدة العرب والتركمان في المدينة.

وقال فالح عبد الجبار الخبير في شؤون الجماعات السياسية الشيعية بالعراق "قراءتي للأحداث تشير إلى أن المتمردين منقسمون أيضا. فقسم منهم يتفاوض وآخر لايتفاوض. هذا الهجوم يستهدف وقف العملية السياسية بإثارة صراع طائفي." وأضاف "انها فترة بالغة الحساسية.. فترة محفوفة بالمخاطر.

من السهل إدارتها ولكن ذلك سيكون صعبا." وتعد المخاطر من أن يؤدي انهيار السلطة الى نشوب حرب شاملة أكبر في بغداد والبلدات المجاورة لها التي يسكنها خليط من السنة والشيعة والأكراد.

وشهدت تلك المناطق بالفعل عمليات طرد لسنة وشيعة من ضواح أو بلدات بأكملها في عملية تستدعي الى الذاكرة عمليات التطهير العراقي في يوغوسلافيا السابقة خلال حرب البلقان.

ففي حي الدورة الذي يسكنه سنة وشيعة أعادت أعمال القتل المتبادلة بين السنة والشيعة خلال العام الماضي رسم الحدود لدرجة أن السكان يتم حاليا توقيفهم ويعرفون بناء على انتماءهم الطائفي وهو الشيء الذي كان غريبا على العراقيين قبل عامين فقط.

وفي حال اندلاع حرب شاملة فإن مدن بغداد وبعقوبة وكركوك والموصل التي يسكنها مزيج كبير من السنة والشيعة والأكراد يمكن أن تمنى بأسوأ العواقب.

ويمكن أن ينتهي الأمر ببغداد بعدد سكانها الهائل بوضع يشبه بيروت التي كانت مركز الحرب الأهلية اللبنانية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي أو سراييفو أو شيئا أسوأ منهما.

وقال دودج "اذا نظرت الى بغداد.. سيكون من الصعب تطهيرها(من أحد مكونات تركيبتها السكانية). اما اذا حاولت تقسيمها.. فإن ذلك سيجعل سراييفو بالنسبة لها كحفل شاي." والكثير معلق الآن على كيفية عمل القوات المسلحة في العراق.

وقال مارتن نافياس الباحث في مركز دراسات الدفاع بكلية كينجز في لندن "هل سيحافظ الجيش على شكله أم سينفجر داخليا." وأضاف "يمكن أن يتفكك تماما وفي حال حدوث ذلك.. فسنواجه مشكلة عصيبة للغاية. الأيام القليلة القادمة حاسمة." ويعد دور القوات الأجنبية في العراق التي تقودها الولايات المتحدة والبالغ عددها 160 ألفا حاسما ايضا. وقام الجيش الأمريكي بأعمال الدورية في شوارع بغداد أمس الأول الجمعة ليحافظ على السلم في ظل حظر التجول غير أنه يحاول في الوقت نفسه عدم الظهور بشكل كبير لتجنب اثارة مزيد من العنف.

ووجود القوات الأمريكية سلاح ذو حدين حيث إنه يسهم من ناحية في كبح جماح اندلاع صراع أوسع نطاقا غير انه من ناحية أخرى يسهم في تفاقم العنف المناهض للولايات المتحدة.

ويمكن أن تشجع الحرب الأهلية الأكراد على الانفصال بمناطقهم الشمالية التي تحظى بالفعل حاليا بحكم ذاتي واسع كما أنها معزولة نسبيا عن العنف الذي أصاب أنحاء العراق منذ عام 2003. كما أن انهيار السلطة المركزية يمكن أن يغري الأكراد بالسيطرة على مدينة كركوك المتنازع عليها بحقولها النفطية الهائلة رغم أن مثل تلك الخطوة يمكن أن تجعل الأكراد الذين يعيشون في بغداد وغيرها من المدن عرضة لانتقام العرب.

ويمكن لاي محاولة من جانب الأكراد للانفصال ان تشجع ايضا الشيعة على الانفصال بالجنوب الغني بالنفط وهو ما يترك السنة بمساحات شاسعة من الأرض القاحلة وسط العراق بينما يتقاتل الجميع حول بغداد.

ولا يقتنع المحللون باحتمال تقسيم العراق الى ثلاثة أقسام غير أن أغلبهم يتفقون على أن اندلاع مزيد من العنف في بغداد من شأنه أن يمهد لحرب أهلية مريرة. رويترز...شارك في التغطية لوك بيكر في لندن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى