الأستاذ والتربوي القدير عزت مصطفى منصور في حديث بمنتدى «الأيام»..افتخر أن أبنائي ممن درستهم في مدرسة الوهط أصبحوا رجالا بارزين في اليمن

> «الأيام» متابعات:

>
مدرسة الوهط الابتدائية الاعدادية في الخمسينيات
مدرسة الوهط الابتدائية الاعدادية في الخمسينيات
في منتدى «الأيام» وتحديدا عصر يوم السبت 11 فبراير 2006 كان الأستاذ والتربوي القدير ابن مصر عزت مصطفى منصور، ضيفاً عزيزاً حل بترحاب كبير من الزميلين الناشرين هشام وتمام باشراحيل ورواد المنتدى الذين سعدوا بلقائه وسماع جانب من حياته خلال إقامته في لحج الخضيرة وعلى وجه التحديد «الوهط» التي احتضنته واحتضن ابناءها الذين تتلمذوا على يديه. فإلى ما دار في ذلك اليوم الجميل.

< د. هشام محسن السقاف، رئيس منتدى الوهط الثقافي افتتح الحديث بالقول:«يسعدني نيابة عن الناشرين الأستاذين هشام وتمام باشراحيل أن تستضيف «الأيام» داراً وصحيفة وكتاباً وقراءً ابن النيل ابن مصر العروبة الأستاذ والتربوي والمعلم عزت مصطفى منصور، الذي بنى جسوراً من القيم بين أبناء مصر العروبة وبين أبناء اليمن في فترة مبكرة عندما غرس هذه القيم التربوية والتعليمية والأخلاقية والسلوكية في جيل متعطش للعلم ولهذه القيم جميعها في منطقة الوهط، التي أرسلت إليه فلبى الدعوة وأتى إلى هنا لا كالمشتهي بلداً ولكن كمن يتشهى وجه من عشق.

هذا هو الأستاذ الذي عرفه الجيل الأول من أبناء الوهط، ولكننا عرفناه بسمعته التي تركها يعبوباً خالداً في نفوس أهل هذه القرية الوادعة فظلت ذكراه تعيش بيننا على مر كل هذه السنوات الطويلة فعلاً. و«الأيام» الدار والصحيفة والكتاب والقراء وعلى رأس هؤلاء جميعاً العزيزان الأستاذ هشام محمد علي باشراحيل وأخوه الأستاذ تمام محمد علي باشراحيل واكبوا هذا الحدث واستطاعوا أن ينقلوا المعاني التي قد لا يفهمها البعض لأستاذ ترك بصمة في مجال التعليم والتربية في منتصف الخمسينات في منطقة استجابت لهذه الغرسة التي غرسها هذا الأستاذ الجليل فنمت وأصبح أولئك الذين نطلق عليهم تلامذة الأستاذ عزت كوادر مرموقة في مجالات وطنية مختلفة، فهنيئاً لهذا العزت هذه العزة وهذه المحبة التي جزء كبير منها، بل أكاد أجزم أنه الجزء الأكبر قد صنعته صحيفة «الأيام» التي أوصلت هذا الحدث إلى أماكن شتى في اليمن وخارجها، لذلك تحتضن هذه الدار في هذه الليلة الأستاذ عزت مصطفى منصور ليقول كلمته ليسجل بلسان صدق تلك المرحلة التي لم يشاهدها الكثير منا وسينقلنا إليها بصدق أحاسيسه وبصدق ما قام به من عمل نبيل وكيف تبادل الحب مع أهل الوهط ومن خارج الوهط، إنها قصة تستحق أن تسجل على مدى الأجيال لكي نعرف القيمة الأدبية الكبيرة لمثل هؤلاء الرواد، فأهلاً وسهلاً بك ضيفاً في هذه الدار التي قلت عنها قبل سنوات أنها أشبه بدار أبي سفيان من دخلها كان آمناً».

< الأستاذ عزت مصطفى منصور: «يعجز لساني عن الشكر والعرفان لما قدمته صحيفة «الأيام» وعلى رأسها الأستاذ هشام باشراحيل والأستاذ تمام باشراحيل، وكم كانت سعادتي وأنا في مصر وتحديداً في الأسكندرية كوني اسكندرانيا عندما أخبرني تلميذ من تلاميذي بأن جريدة «الأيام» كتبت ثلاثة مقالات عني وكان هو في زيارة للإسكندرية التي تزوج منها، فقلت له: اعمل معروف وابعث لي نسخة من هذه الجريدة، وأنا طبعاً أعلم أن هذه الجريدة من زمان لها صوتها وكيانها في المنطقة وليس من الآن وكم كانت سعادتي عندما وعدني بأنه سيرسل لي هذه الصحيفة التي نشرت فيها المقالات، وفي حديث عابر مع ابننا عيدروس وهو الآن كبير قلت له: أنا كل ما ينزل الاسكندرية اتتبع أخبار الوهط وأسماء أبنائي وأنا أذكرهم حتى هذه اللحظة بأسمائهم كاملة ولم أنس أي طالب من طلابي، فنتبادل أطراف الحديث وينبئني بكل أخبار الوهط وأكون في قمة السعادة عندما أسمع أي شيء عن البقعة التي مكثت فيها أربع سنوات، وبحديث عابر قلت له: والله يا عيدروس أنا نفسي أشوف الوهط وليس في ذهني أن هذا الحلم سيتحقق إطلاقاً وفوجئت بعد هذا الموضوع بحوالي أسبوعين باتصال هاتفي من قبل شخص اسمه خالد حسن علي من مدينة عدن فأدركت أنه ابن حسن علي أحد المدرسين والشخصيات التي اعتمدت عليها اعتمادا كليا تلك الأثناء في مدرسة الوهط، وعندما تحدثت مع المتصل انهمرت الدموع من عيني، لم أتصور أن الوفاء يصل إلى هذه الدرجة، فوعدته أنني سألبي الدعوة إذا وصلتني.

عزت مصطفى منصور
عزت مصطفى منصور
وصلتني «الأيام» وفيها المقالة التي كتبها د. هشام السقاف وكم كانت سعادتي، اطلعت أهلي وأهل منطقتي عليها الناس مش مصدقة في مصر كيف هؤلاء الناس افتكروك بعد خمسين سنة حاجة مش معقولة، فقلت لهم: هذه صحيفة «الأيام» أمامكم موجودة وهذا الدليل على أن هؤلاء الناس فعلاً بتتمنى لقائي وأنا أتمنى لقاءهم وكم كانت فرحتي فعلاً فقد تحقق الحلم وكانت أحسن لحظة في حياتي عندما قابلني الغرس الذي أنا بذرته في الخمسينيات في مطار عدن، لا أستطيع وصف شعوري عندما رأيتهم فقد كنت كأب وجد أولاده فعلاً. حقيقة في الخمسينيات يمكن البصمة التي ذكرها د. هشام هي بصمة ابن من أبناء مصر، أنا أتيت الى هنا في سنة 1954م بعد قيام ثورة عبدالناصر في 1952م وفي ذلك الوقت ولازلت إلى هذه اللحظة أذكر أنني كنت متوقدا حماسا بطريقة غير معقولة لأنني كنت لأول مرة آتي دولة عربية وسني عشرون إلى واحد وعشرين سنة وفي ظل ما كانت تنادي به مصر وزعيمها جمال عبدالناصر من مبادئ القومية العربية يعني فترة كان فيها الشعب المصري كله معبأ تعبئة كاملة نحو وحدة العرب وقوتهم ومجدهم وأنا أتيت إلى هذه المنطقة بهذا الشعور.

وبكل أسف وجدت التعليم هنا في ذلك الوقت ليس بالصورة التي كنت أتوقعها ويمكن كان الأستاذ المرحوم عمر سالم طرموم يصف وضع المدرسة في ذلك الوقت بمقالة تضمنتها مجلة أصدرتها المدرسة في سنة 1956م وأهديت نسخة منها إلى الأستاذ الكبير هشام باشراحيل، الله أعلم ما كانت الظروف بين الحوطة عاصمة لحج وبين الوهط آنذاك إنما لم يكن هناك تجاوب بصراحة، وكانت المدرسة هذه تكاد تكون مهملة وأنا ذهلت عندما شاهدت المدرسة بهذا الوضع.

ركزت في الأول على الناحية العلمية فقط، فأول سنة لم أنفذ فيها أي أنشطة إنما ركزت على الناحية العلمية التي كانت ضعيفة جداً في المدرسة، فركزت عليها وكان معي طاقم من أهل الوهط (مدرسون وطنيون) أشكرهم فرداً فرداً حتى هذه اللحظة وكانوا خير عون لي في تلك الفترة. في العام التالي 1955-1956م بدأت أركز على بناء الشخصية العربية الصحيحة أو ما كنا نرجوه من إنشاء جيل قوي عربي يؤمن بوطنه وعروبته، طيب ما هو السبيل؟ الحقيقة ليست الشخصية هي الفصل والحصة والمدرس والطباشير لا، الناحية العلمية هي جزء من مقومات بناء الشخصية وعلى هذا الأساس أنا فكرت أن أجعل من هذه المدرسة في هذه البقعة وهذه الفترة مدرسة نموذجية تضارع أحسن مدرسة نموذجية في مصر، وبهذا الحماس وأهل الوهط هم موجودون وآباؤهم وأجدادهم موجودون أصبحت بيني وبينهم ثقة وكأني واحد منهم، بمعنى أنهم أحبوني وأحببتهم بصدق، وأذكر أنني جمعت أولياء الأمور في المدرسة وكانت هنالك كلية عدن بجانب (نمبر 6) زمان وكما قلت لم تكن هناك أية معونة من قبل سلطات لحج ولا توجد أية مقومات تعليم في المدرسة سوى الطباشير فقط، فاجتمعت بأهل الوهط وأنا أكرر أن أهل الوهط يدفعون بحبهم الإنسان إلى أن يعمل بأقصى ما يمكنه من جهد، فعرضت على أهالي الوهط في هذا الاجتماع أن كلية عدن موجودة بجانبنا وأن ابننا في منطقة الوهط هو من نفس أبناء هذا الجيل وكان طبعا هناك فرق شاسع في المظهر بين أولادنا في الوهط وأولاد كلية عدن فقلت لهم: إن أول شيء يجب أن يكون الزي موحدا في مدرستنا وكان التلاميذ من الصف الأول الابتدائي وحتى الثاني الإعدادي عندما وصلت إليها وعملت في فترة وجودي على استكمال المراحل حتى الرابع الإعدادي على المنهج المصري، يعني ابن الوهط وصلته إلى الاعدادية فقام الأهالي استجابة لفكرتي وفي خلال ثمانية وأربعين ساعة بالضبط قام الأهالي حتى أبسط البسطاء منهم تبرعوا في ذلك اليوم وأيضا أنا تبرعت قبلهم وتم توحيد الزي لتلاميذ مدرسة الوهط، وكان عبارة قميص أبيض وبنطلون كاكي وشرابات وأحذية، بل وأذكر أنني ألزمتهم بقص شعرهم بحيث يصبح التلاميذ بمظهر وزي موحد، وهذه كانت أول خطوة لخلق نوعية تلاميذ تضارع تلاميذ كلية عدن لأنني كنت أضع في ذهني ان ابن الوهط أحسن من ابن كلية عدن، ومن ثم بدأت أفكر في نواحي النشاط الأساسية التي تنمي قدرات الطفل ومواهبه فليست الحصة كما قلت هي المكان لبناء الشخصية لا، الأنشطة المدرسية هي مقومات بناء الشخصية المتكاملة في مختلف جوانبها فأنشأت جميع الجمعيات العلمية في المدرسة: جمعية العلوم وجمعية جغرافية وجمعية أدبية وجمعية الفنون وأذكر في الوقت ده الذي كان العام 1956م وبدء العدوان الثلاثي على مصر وهنا كان الاستعمار الإنجليزي وأبناء الوهط يقيمون تمثيلية معركة بورسعيد وكانت تمثيلية بمنتهى القوة وعلى مسرح شيده الأولاد بأيديهم وبزي الحرب وأجواء المعركة واصواتها الحقيقية وأهل الوهط برجالها ونسائها كانوا يحضرون لمشاهدة البروفات يوميا حتى أقمنا أمسيات في الوهط تمثل ما حدث في بورسعيد والشعب المصري الأصيل الذي قاوم العدوان البريطاني والفرنسي والإسرائيلي الذي حدث في ذلك الوقت فكانت أمسيات تمـثيلية قـوية، ومثلنا تمثيلية أخرى عن ثورة الجزائر وتمثيلية دينية عن سيدنا إبراهيم.

وحقيقة التمثيليات تلك والأنشطة وفريق شباب الكشافة في ذلك الوقت كانوا في منتهى القوة وتضارع أحسن أنشطة مدرسية في أي دولة عربية في ذلك الوقت، ولم تكن الناحية المظهرية هي الأساس ولكن كان اهتمامي بتلميذ الكشافة عندي الذي جعلت شعاره منذ صغره الله والوطن ثم مبادئه كانت مبادئ الكشافة الحقيقية وتعلم التحمل وأنا أذكر أن أول رحلة كشفية قمنا بها كانت سيرا على الأقدام من الوهط إلى الحوطة وإنشاء معسكر ومن ثم العودة على الأقدام وبكامل أمتعتهم وأدواتهم ومؤنهم وطبعاً أنا لا أقصد مجرد الرحلة إنما أن نربي أولادنا على التحمل والجلد والطاعة والحب وهذه كانت أول رحلة، وقمنا برحلات بعد كده تعتبر غريبة جداً فقد وصلنا إلى مناطق طور الباحة والمفاليس والعارة وأذكر آخر رحلة قمنا بها الى منطقة المفاليس على حدود اليمن -آنذاك - واستغرقت الرحلة ستة أيام، وفي هذا الوقت جميع الفرق الرياضية أيضا أنشئت في المدرسة وكان التلميذ يعيش في المدرسة يومياً حوالي 14 ساعة وليس أقل من ذلك حيث كان يدرس في الصباح ثم يذهب للغذاء ويعود مجدداً إلى المدرسة وأنشأنا ناديا في المدرسة كان أول ناد ينشأ في الوهط وفيه قسم التلاميذ إلى أسرتين أسرة جعفرية نسبة إلى الوهط وأسرة عبدلية نسبة الى لحج وفي هذه الأسر تم تدريب التلاميذ على معنى الانتخاب والديمقراطية من رئيس الأسرة ووكيل الأسرة وأي مراكز قيادية في الأسرة كانت بالانتخاب وهم ما يزالون تلاميذ، فكان ذلك تدريبا للمستقبل على القواعد والقوانين والنظام واللوائح من خلال نماذجها التي طبقتها في النادي، وكانت جميع الفرق الرياضية في النادي متواجدة ويمارس أنشطتها الرياضية أبناؤنا.

والى جانب كل ذلك هناك مسألة مهمة فقد كنا نعمل حفلات سمر في المدرسة يومين في الأسبوع وتجتمع الكشافة وفي هذه الحفلات نبث في التلاميذ الروح القومية الوطنية ونسمح لابننا أن يتكلم ويعبر عما في نفسه ويجول في خاطره وأنا بالتالي أتحدث إليهم، يعني أيه قومية عربية، يعني أيه عربي، يعني بلدك يعني أيه مستعمر؟ كل ده نلقنه للتلميذ في السن ده إللي بقول عليه دلوقتي، برضه كنا نقوم برحلات خارج الوهط وكانت الإمكانيات محدودة جداً وكنت أنا قد أحضرت لهم مكرفونا صغيرا من مصر وكان في راديو زمان وكان حينها الراديو كبير الحجم وعملنا إذاعة محلية في المناطق التي نحن نصل إليها وكان الأهالي في تلك المناطق يجتمعون حولنا في الليل ونقوم فعلاً بحملة توعية لهم بمفاهيم القومية العربية وضرورة أن نبقى كعرب متحدين وكل ما نادت به ثورة مصر كان يذاع على كل المناطق من قبل أبنائنا الصغار هؤلاء بمعنى أن الوعي القومي العربي ليس فقط ننميه في نفوس أولادنا، بل كنا نحاول نشره في أي منطقة نذهب إليها. وأنشأنا في ذلك الوقت برضه مجلة مدرسية وكان حينها يوجد حزب رابطة الجنوب العربي وكان محمد الجفري رئيس هذا الحزب، والحقيقة عملنا مجلتنا أعطيت اليوم نسخة مصورة منها إلى الأستاذ هشام باشراحيل النسخة هذه أذكر أن طباعتها حينذاك كانت في دار اسمها دار الجنوب العربي للطباعة هنا في عدن وتبرعوا هم بالطباعة مجانا والمجلة هذه كتب فيها التلامذة وكتبت أنا فيها وكل ما قلته الآن مسجل في هذه المجلة، وهذه الأمور التي أنا بثثتها في أولادي مسجلة في المجلة والتي أهدف منها إلى خلق مواطن صالح عربي قومي يؤمن بعروبته، يؤمن ببلده وروح الفداء وروح التضحية. من المجالات التي دربت عليها أولادي وكان ذلك الهدف الأساسي والحمد لله كانت العلاقة بيني وبين أولادي بعد الظهر ليست علاقة مدرس وتلاميذ لا أبداً بل كنت واحدامنهم وطبعاً كل ما أنت قربت من سيكولوجية التلاميذ ودرستها جيداً ودخلت إلى أعماقه تستطيع أن تشده وتوجهه إلى ما تريد وخاصة في فترة المرافقة، وطبعاً أولادنا في هذه السن في فترة بعد الظهر كان يتعلمون أشياء كبيرة جداً دون أن يشعروا، فأنا بذرت البذرة وسبتهم هم يكبرون ويتعلمون.

فرقة الوهط الكشفية أثناء زيارتها لإحدى المناطق خارج الوهط
فرقة الوهط الكشفية أثناء زيارتها لإحدى المناطق خارج الوهط
غادرنا نحن عدن والوهط في العام 1958م والإنجليز منعوا دخول أي مصري إلى عدن بعد خروجنا، الإنجليز بدأ ايضا التعليم في مدرسة الوهط يشكل لهم إزعاجا وكانوا يقومون بتصويرنا بالطائرة الهوليكبتر في جميع الرحلات التي نقوم بها ومنعت أنا من دخول عدن في ذلك الوقت ويمكن اعتبر الانجليز أنني جئت اعمل لهم مشاكل هنا من خلال إيقاظ الناس بتعليمهم مما سيؤدي إلى قلق في هذه المنطقة، فمنعت البعثة المصرية تماماً بعد 58م، أولادي طبعاً ذهبوا إلى القاهرة وأكملوا تعليمهم وكنت على اتصال دائم معهم في أماكن دراستهم المختلفة في مصر ومنهم من ذهب إلى الكويت وكنت أراسلهم وأتابعهم لغاية ما عرفت أن اللبنة التي أنا بدأت بها البناء ازدهرت والأولاد هؤلاء بدأوا يصبحون رجالا لليمن وفخرت كل الفخر لما علمت أن من هذا الجيل أبناء أثبتوا جدارتهم على مستوى اليمن وأذكر على سبيل المثال ابننا أحمد سالم عبيد ونقيب المهندسين حاليا في عدن عبدالرحمن البصري ود. محمد جعفر زين وكان أول رئيس لجامعة عدن هنا وهذا ابني وتلميذي وأنا مدرسه وعلوي جعفر الدكتور حاليا برضه مهندس موجود وأذكر برضه جميع لجان الوحدة التي تمت في اليمن كان كل لجنة من هذه اللجان فيها أحد تلاميذي من أبناء الوهط، وجئت أنا الآن إلى عدن وجلست مع كل واحد منهم وطلبت منهم أن يشرحوا لي ماذا عمل كل واحد بعد أن عاد إلى بلده وعرفت منهم التفاصيل كاملة وحمدت ربنا وشكرته لأنني شعرت فعلاً أنني خلقت رجالا منهم من تعرض لمواقف من أقسى ما يمكن ومنهم من قابل ظروفا لا يتحملها بشر ولكنهم جلدوا وصبروا ولم تكن المنفعة الشخصية في مخيلة أي منهم وكل ما في عقولهم أن يكونوا مواطنين صالحين ولم أسمع أي كلمة تشوب أو تسيء إلى أي فرد من أبنائي.. رجال بمعنى الكلمة.

أنا سعيد جدا بلقاء أبنائي وكما قلت في بداية كلمتي أن أعرف أبنائي إلى أين وصلوا، بل كنت أتابع شؤون أبنائهم حتى وسألتهم عن شؤون أبنائهم وأحمد الله أن ردهم أنهم ربوا أبناءهم كما أنا ربيتهم وفعلا الغالبية من أبنائي أولادهم ناجحون جدا واستكملوا دراستهم الجامعية وشقوا طريقهم ونظاف في أخلاقهم وتعاملهم ومخلصون وشخصيات يفخر بها الإنسان. طبعاً سعادتي لا توصف بلقاء أبنائي ووجودي بينكم ووجودي بين أهل الوهط فأنا يوم وصلت إليها ذهلت، فالوهط من صغيرها إلى كبيرها ونسائها خرجوا لاستقبالي ولم أكن متصورا ذلك إطلاقا، البارحة كنت في الوهط وذهلت عندما وجدت صورتي معلقة في أحد البيوت منذ أربعين سنة، أنا الناس هؤلاء لا يمكن أن أنسى حبهم لي وحبي لهم وهذا هو الأساس وطبعاً حكاية خمسين سنة حاجة مذهلة، لكن الحب يوجد كل شيء فقد لمست الوفاء بكل ما في الكلمة من معنى والأصالة في أهل اليمن عموماً وأهل الوهط خاصة وليس هذا بغريب فقد شعرت في ذاك الوقت في الخمسينيات أنني بين أهلي فعلاً مهما كانت من قسوة الحياة، لكن كان الحب ينسيني أي حاجة وهذا يمكن الأساس الذي دفعني أن أبذل أقصى جهدي من أجل هذه التربية التي ربيت عليها أبنائي في ذلك الوقت. أكرر شكري العميق لجريدة «الأيام» والأستاذ هشام باشراحيل والأستاذ تمام باشراحيل والأستاذ د. هشام السقاف الذي بذل جهداً كبيراً جداً ولا أعرف كيف أشكركم وأتمنى أن أوفي واحد في المائة من الحب والتقدير الذي لقيته من كل فرد في هذه البقعة من وطننا العربي».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى