أيــام الأيــام..المتقاعدون الجامعيون

> د. عبده يحيى الدباني:

>
د. عبده يحيى الدباني
د. عبده يحيى الدباني
لا أدري من أين أبدأ هذا الموضوع الشائك، فهو يضغط على نفسي، كما تضغط يدي على قلمي وكأنه هو الذي يكتبني وليس العكس,نرى ونقدر ونجزم أن قرار تقاعد الأساتذة العلماء من جامعة عدن وغيرها، لا يخدم الوطن ولا العلم ولا البحث الأكاديمي، بل يضر بكل هذا ضرراً بعيداً وعميقاً، لقد جاء هذا القرار (النكبة) من جهات مالية وإدارية في الدولة كرد فعل على المطالبة بالحقوق المشروعة، وكأننا أمام شركة أهلية صغيرة تعامل العاملين برد الفعل، متعسفة إياهم لكي لا يرفعوا أصواتهم ويطالبوا بحقوقهم المكفولة.

فالحق أن يترك للجامعات معالجة أمورها حسب قوانينها ومصلحتها وسياساتها فقد قيل (إن القانون الخاص يقيد القانون العام) وأهل مكة أعلم بشعابها.

كيف نقاعد العلماء وهم في أوج نشاطهم وطاقاتهم وعطائهم، هل أصابنا الخبل وعدم المسئولية إلى هذا الحد والتفكير فقط بالمال مجرداً على أن هؤلاء هم رأس مال الوطن والشعب والدولة؟ هل وجدنا من الجامعات العربية أو الأجنبية من يجرؤ على مثل هذا الإجراء الخطير؟ (تقاعد جماعي للعلماء) أو قل (مقابر جماعية أكاديمية متطورة) فيا سبحان الله لا أظن أن أياً من الجامعات في كل الدنيا من يقبل مثل هذا الفعل.. لا بل إنها ترفض تقاعد الأستاذ العالم حتى إذا طلب ذلك إلا عندما يصر ويلح ويعلل كل ذلك وبعد سنوات طويلة، مع أن جامعاتنا في اليمن من أقل جامعات العالم في الكفاءات من الأساتذة والعلماء وغيرهم، فهل سنصير أول الجامعات وأشهرها في تقعيد علمائنا والاستغناء عنهم أو قل طردهم خارج أسوار الجامعات وساحات الدرس الأكاديمي، هل سندخل التاريخ من هذا الباب المشين، عجباً:

فياموت زر إن الحياة ذميمة ** ويانفس جدّي إن دهرك هازل

لقد قال الزبيري ذات يوم (إن القات هو الحاكم الأول في اليمن) فقد صرنا إلى زمن نستطيع إن نقول فيه (إن الفساد هو الحاكم الأول في اليمن) وليس قرار التقاعد بائس الذكر إلا واحداً من القرارات التي يصدرها الفساد ويمهرها وقد يصر على تنفيذها مع أن القرارات الإيجابية لا تنفذ، هذا هو منطق الفساد وحكمه!

والكارثة أنه إذا استمر تطبيق هذا القانون المتعسف فإننا سنودع في كل عام كوكبة من علماء الجامعات وشيوخها الأجلاء وسيستمر النزيف وتتسع دائرة المقابر الجماعية الجامعية، فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

لقد صار كل أستاذ أو مدرس يتهيأ ليوم الرحيل واللحاق بالرعيل الأول، فهذا يبقى له سنة وهذا سنتان، وذلك ستة أشهر وهكذا.

لقد حزم الكثيرون أمتعتهم وربطوا على جراحاتهم استعداداً لهذا اليوم الأسود الذي سيأتي من دون طلب منهم أو رغبة ولا عجز أو ذنب اقترفوه، أليس هذا الأمر يشبه الموت حقاً؟!

حتى أن البعض لم يستلم شهادة الدكتوراه بعد ولكنه قد دافع عن أطروحته والبعض ما يزال حديث التخرج، والبعض ها هو يستلم شهادة الدكتوراه وقرار الإحالة للمعاش في آن واحد، فيا لهذه المفارقات الحزينة التي تحدث في يمن الإيمان والحكمة.

وأخيراً فإننا نناشد أعضاء مجلس الجامعات ورئيسهم بمن فيهم رؤساء الجامعات أن يقفوا وقفة جادة وطنية مسئولة أمام هذه القضية قبل أن يكون لها تداعيات مختلفة، ونقول لهم: ارفضوا الظلم يا أعضاء مجلس الجامعات فإنه ظلمات، فهل بلغت اللهم فاشهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى