محافظة البيضاء وحديث ذو شجون

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
قطعت مشروع موضوع عن استقبال محافظ عدن الجديد الاخ أحمد الكحلاني وعرض الملفات المتعلقة بقضايا المحافظة للتفرغ لهذا الموضوع المستجد، الذي لعبت فيه الصدفة دوراً كبيراً، حيث كانت الصدفة عندما اطلعت على ديوان من وحي الثورة، للشاعر البيضاني المغفور له سالم أحمد السبع، الذي قدم له د. عبدالعزيز المقالح وشدتني عدة قصائد في الديوان، وأعجبت بسلاسة شعره، ونقاوة سريرته وأصالة مواقفه الوطنية والقومية والإسلامية.

كما كانت الصدفة عندما التقيت مجموعة من أهالي البيضاء وخيل لي أنهم مستنسخون من سالم السبع وحسبي أنهم استجابوا لدعواه في إحدى قصائده ومطلعها:

من صدى ثورتي ووحي شعوري

أبذل النصح للشباب الغيور

وجاء فيها:

عبروا يارجال البيضاء

لا تصمتوا كصمت القبور

البيضاء هي التاريخ والجغرافيا وقد أنصفها المؤرخون، فهذا القاضي عبدالله بن عبدالوهاب الشماحي يفيد:«دولة بني طاهر المدحجية الكهلانية (858هـ -923هـ) وبنو طاهر أصلهم من قبائل ناحية جبن، بلاد رداع المدحجية الكهلانية وقد عرفوا ببني معوضة، نسبة إلى جدهم الشيخ معوضة بن تاج الدين». ويضيف القاضي الشماحي:«شهدت اليمن في أيام بني طاهر نهضة علمية تتمثل في الحدث الكبير والمؤرخ الديبع العامري ومعاصريه في الشمال كالإمام شرف الدين، كما بلغت العلوم الرياضية والفلكية والبحرية شأواً بزت به اليمن معاصريها من الدول البحرية مثل البرتغال وتركيا ويمثل هذا التفوق العلمان الجغرافيان البحريان أحمد بن ماجد العدني وسليمان المهري». (راجع : اليمن الإنسان والحضارة: القاضي عبدالله بن عبدالوهاب الشماحي - ص 128).

إذا كانت يافع سرو حمير فإن البيضاء قد كانت عاصمة لمخلاف سرو مدحج، التي ينتمي إليها الشاعر الإسلامي المعروف تاريخياً، الأشتر النخعي، وهي الأرض التي أنجبت آل الرصاص وآل حميقان وآل عزان وآل دبان وآل مظفر وآل عوض وآل الرماح وآل العاقل وآل الشيبة (جرجرة) وآل عشيش وآل عماية وآل القربي وآل الحريبي وآل كلز وغيرهم.

تنقسم محافظة البيضاء إلى (13) مديرية وهي: 1- البيضاء (العاصمة) 2- رداع، 3- السوادية، 4- آل عوض، 5- الصومعة، 6- جبن، 7- الطفة، 8- الزاهر، 9- ذو ناعم، 10- نَعْمان، 11- حَرَضة، 12- ناطع، 13- مسور، وإذا سلمنا بصحة ودقة نتائج الإحصاء السكاني فإن تعداد النفوس في محافظة البيضاء بلغ (571) ألفاً و(778) نسمة وبلغ تعداد الأسر (70) ألفاً و(661) أسرة وبلغ تعداد المساكن (67) ألفاً و(413) مسكناً.

إذا كان المشكل المزمن في هذه البلاد يتمثل في غياب ثقة المركز بالسكان المحليين وهي ظاهرة بارزة في التاريخ اليمني الحديث، إلا أن هذه الظاهرة زادت سوءاً في محافظة البيضاء كما عرفت من الأعزاء البيضانيين بأن هناك أرقاماً قياسية في المحافظة لم تدخل موسوعة (جينس)، فخذ على سبيل المثال: أن فترتي ولاية مدير مكتب التربية ومدير الكهرباء جاوزتا العشرين عاماً، أما مدير أراضي وعقارات الدولة في المحافظة فله نصف نصيب المديرين السابقين، ومن هنا فقد غاب عن الكثيرين أن الأرقام القياسية في البيضاء تجاوزت رقم وزير المالية الدائم علوي السلامي (الذي أزاحه وأراحه التعديل الوزاري مؤخراً) والمدير الدائم لمكتب الخدمة المدنية بعدن حسن صلاح. تراكم الأوضاع بهذه الشاكلة برز معه بمتوالية حسابية تراكم في الإحباط عند السكان لأن هناك كفاءات لم تأخذ حقها في الإحلال.

إن الأرض في البيضاء وغيرها من محافظات الجمهورية أمانة في أعناقنا، وجب تسليمها للأجيال القادمة ومطلوب منا تكريس هذا المفهوم وإنهاء عقلية المتاجرة والسمسرة والإثراء غير المشروع من وراء الأرض، لأن أي مفهوم مغاير لذلك سيؤكد أننا مجتمع تسوده شريعة الغاب.

لو افترضنا وسلمنا بوجود (67.413) مسكناً في البيضاء يضم أطفالاً أو شباباً بمعدل وسطي لثلاثة أطفال في كل مسكن، فعلينا عندئذ أن نضع في حسابنا أن تعداد المساكن سيرتفع مستقبلاً إلى (202.239) مسكناً وأن نضع في حسابنا أيضاً أن التوسع السكاني سيرافقه توسع خدماتي (مدارس ومستشفيات وطرقات وكهرباء ومياه وصرف صحي ومتنفسات وغيرها) إذا كنا حق مؤمنين برسالة الدولة تجاه المجتمع وبالتخطيط الحضري وبحقوق الإنسان، لأن الأرض ملكية عامة، أي ملك الشعب، إلا إذا كان لسان حالنا «طز في الشعب!».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى