هدوء في العراق ولكن النار لا تزال تحت الرماد

> بغداد «الأيام» مريم قرعوني:

> بعد اسبوعين من الترنح على شفا حرب أهلية بدأ العراق يشهد نوعا من الهدوء,لكن رغم التصريحات الرسمية المطمئنة عن ان الأزمة انتهت وأنه يجري الاعداد لتشكيل حكومة وحدة وطنية إلا أن الزعماء العراقيين يبدون أكثر قلقا بكثير في أحاديثهم الخاصة من احتمال انهيار الدولة. و قال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد امس الثلاثاء إن هناك دائما خطر انزلاق العراق الى حرب اهلية لكنه اتهم اجهزة الاعلام بالمبالغة في تصوير خطورة الوضع حاليا.

وقال رامسفيلد في لقاء مع الصحفيين بالبنتاجون "لا اعتقد أنهم في حرب اهلية اليوم...هناك دائما امكانية لنشوب حرب اهلية. هذا البلد كان يمسك به نظام قمعي القى بمئات الآلاف من البشر في مقابر جماعية".

"لم يكن يمسك به دستور ولا قصاصة من الورق ولا احترام مواطنيه من الطوائف الدينية المختلفة. ولكن كان متماسكا من خلال القوة والشراسة."

وقال مسؤول كبير بالحكومة العراقية من الذين يتحدثون علنا عن الفرص الجيدة لتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة تضم الشيعة والسنة والأكراد "الأمور تبدو متوترة للغاية."

وقال عن العنف بين السنة والشيعة الذي قتل فيه المئات بعد تفجير مزار شيعي مقدس في سامراء يوم 22 فبراير الماضي "تخطينا التهديد المباشر باندلاع حرب أهلية شاملة الأسبوع الماضي لكن ذلك لا يعني أن الامر انتهى."

وأضاف "الأوضاع على الأرض لا تبدو جيدة. الناس خائفون والكثير من الدم اريق. انتهى الأمر فقط الى أن يحدث الهجوم الكبير التالي. والافتقار للثقة يتزايد."

ويحاول الزعماء العراقيون تحت ضغط من الدبلوماسيين الأمريكيين تشكيل حكومة ائتلافية بدعم من جميع الاحزاب المشاركة في البرلمان الجديد الذي سيعقد أولى جلساته يوم الأحد المقبل منذ الانتخابات التي جرت يوم 15 ديسمبر .

لكن السنة والأكراد وغيرهم يجاهدون لحمل الحكام الشيعة على التخلي عن رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري فان مدى انعدام الثقة تبدى في هجوم صريح على بعض الحلفاء الإيرانيين الشيعة من جانب الزعيم السني طارق الهاشمي وهو من ابرز المرشحين لتولي رئاسة البرلمان.

فقد اتهم الهاشمي طهران أمس الاول الإثنين بإثارة حرب أهلية بهدف السيطرة على جنوب العراق الشيعي الغني بالنفط واستغلال ميليشيات من شيعة العراق للقيام بذلك وقال انها تهدف كذلك إلى احباط الطموحات الامريكية.

وقال الهاشمي لرويترز إن اللاعب الرئيسي في العراق هو إيران التي تريد إثارة الفوضى للأمريكيين في العراق.

وتابع انهم إذا تحكموا في حرب أهلية ووجهوها إلى الجنوب سيسقط جنوب العراق تحت الهيمنة الإيرانية.

وشكا زعيم سني آخر طلب عدم نشر اسمه من أن واشنطن تتعامل في العراق كذلك وعينها على إيران.

وقال "إيران والولايات المتحدة يسويان خلافاتهما على أرض العراق. الأمريكيون لا يريدون ترك العراق وإيران لا تريد ان تنتقل المعركة إلى أراضيها."

وأضاف "هذا يعقد الجهود لحل مشكلاتنا."

وخطر ان تستدرج القوى الإقليمية لحرب في العراق بين السنة والشيعة وبين العرب والفرس يقلق العراقيين الذين يسعون لوضع نهاية للتوترات التي ظهرت في الفترة الأخيرة.

والسرعة التي انتشر بها العنف في الأسبوعين الماضيين تركت احساسا عميقا بالقلق بين الزعماء وبين المواطنين العاديين إذ رد الشيعة الذين قاوموا لفترة طويلة استفزازات مقاتلين سنة مثل افراد تنظيم القاعدة بشن هجمات انتقامية على السنة.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي على مدى بضعة أيام واتفاق الزعماء من الطوائف المختلفة على الدعوة لضبط النفس إلا ان الناس تدرك تماما أن المئات ماتوا.

فالأسر تترك منازلها الآن إذ تشعر انها مهددة فيها والأحياء المختلفة شكلت دوريات ويدور الحديث الآن عن انقسام بغداد نفسها طائفيا.

وبالنسبة لبعض الساسة الذين يتفاوضون على تشكيل الحكومة لم يعد الأمر يتعلق بما إذا كانت هذه الحكومة الائتلافية ستتمكن من البقاء لمدة أربع سنوات حتى حلول موعد الانتخابات المقبلة قدر ما يتعلق بما إذا كانت الدولة نفسها ستصمد هذه الفترة.

وقال سياسي سنى آخر "نحن اولا نحتاج لمعرفة ما إذا كانت الدولة ستتماسك لاربعة أعوام مقبلة قبل ان نقلق على ما إذا كانت الحكومة ستستمر لهذه الفترة."

وأضاف "قد لا تكون هناك دولة بحلول هذا الوقت. قد تكون هناك دويلات صغيرة... انا اتحدث عن انقسام فعلي."

وقال سياسي شيعي بارز على صلة بالحكومة الانتقالية إن الحديث عن حرب أهلية وشيكة في غير موضعه وأضاف "الأمر يعتمد على ماذا تقصد بحرب أهلية... لكن بقدر ما أرى فإننا بالفعل في حرب أهلية غير معلنة."

وفشلت الأقلية السنية بفارق ضئيل العام الماضي في وقف اقرار الدستور الذي يوفر قدرا كبيرا من الحكم الذاتي الاقليمي داخل دولة فيدرالية. لكن آلية عمل هذه الفيدرالية لم تحدد بعد وهي مهمة رئيسية تواجه البرلمان الجديد ونقاش قد يصل إلى حد تحديد مدى قدرة العراق على البقاء.

ويتمتع الأكراد بحكم ذاتي واسع النطاق في شمال البلاد منذ انفصالهم عن حكم صدام حسين السني في عام 1991 . والآن يطالب الكثيرون من الأغلبية الشيعية بالوضع نفسه في جنوب العراق.

ويعارض السنة في الشمال والغرب والذين يسيطرون على القليل من موارد العراق النفطية هذا النظام الفيدرالي.

ويري احد المسؤولين البارزين إن الأمل ضعيف ويقول "ادعو الله أن يحفظ العراق."

رويترز...شارك في التغطية الاستير ماكدونالد وسليمان الخالدي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى