رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- العقيد محمد سعيد يافعي:الولادة والنشأة..العقيد محمد سعيد احمد (شنظور) اليافعي من مواليد عام 1922م في قرية ظبة، احدى قرى «القارة» بسلطنة يافع السفلى ( أو يافع الساحل) في اسرة تتمتع بمكانة اجتماعية طيبة، فجده احمد شنظور اليافعي كان مصلحاً اجتماعياً، ذا أياد بيضاء في رأب الصدع بين القبائل، وكان ابن عمه القمندار حسين نصر احمد شنظور، قائداً لجيش السلطنة الواحدية.

توفي والده وكان في الثامنة من عمره فعاش في كنف زوج والدته شيخ بن محمد، ونشأ العقيد محمد مع اخوته حسين وفنون وحمامة وتلقى تحصيله الاولي في كتاتيب القرية، حيث حفظ القرآن الكريم وتلقى مبادئ القراءة والكتابة واتسم منذ سنوات طفولته بالاتزان والسلوك الحميد واحترام الناس.

الرحيل الى عدن اولى صفحات الملحمة الكفاحية
في رحلة شاقة وطويلة قطعها سيراً على قدميه، شمر الشاب محمد سعيد يافعي عن ساعديه ليرحل الى عدن وابتسم له الحظ في مارس 1941م، عندما التحق بسلك الجندية في جيش محمية عدن وانخرط مباشرة في دورة تدريبية لمدة 6 أشهر وبدأ خدمته في وحدة الدفاع الجوي، وبعد أربع سنوات انتقل الى وحدة اخرى وتدرج في الترقيات التي كانت ثمرة قدرته على استيعاب الدروس ولتميزه بالانضباط والهدوء.

محمد سعيد يافعي في مدينة الضباب
شهد العام 1948م منعطفين في سيرة محمد سعيد يافعي، اولهما ترقيته الى رتبة مساعد أول وثانيهما ترشيحه ضمن مجموعة من زملائه العسكريين من جيش محمية عدن (A.P.L) للمشاركة في عروض عسكرية اقيمت في مدينة الضباب ، لندن، العاصمة البريطانية في ذكرى حلول السلام بعد الدمار والنزيف البشري الذي سببته الحرب العالمية الثانية (1939-1945).

ولدت تلك الرحلة انطباعاً عميقاً لدى الشاب محمد سعيد يافعي الذي خرج لأول مرة من بلاده ومجتمعه الى بلدان ومجتمعات تعرف عليها خلال رحلته الى بريطانيا عندما عرج على ألمانيا وفرنسا ومصر.

إلى بريطانيا مع ناصر بريك عولقي
حصد محمد سعيد يافعي رتبتين عسكريتين تقديرا لجهوده المتفانية في اداء الواجب والدورات التدريبية التي شارك فيها، ففي العام 1951م رقي الى رتبة ملازم ثان وترقى في العام 1956م رقي إلى رتبة ملازم أول، وخلال تلك الفترة التي تحسنت خلالها ظروفه كثيراً تواصل مع أهله في قرية ظبة بيافع وبادلهم الحب والوفاء اعترافاً منه بفضلهم عليه.

غادر النقيب ناصر بريك عولقي والملازم اول محمد سيعد يافعي الى بريطانيا في اغسطس 1957م، والتحقا بدورة تأهيلية خاصة بالقياديين لمدة عام وبعد العودة الى عدن حصل محمد سعيد يافعي على رتبة نقيب في مطلع 1958م.

محمد سعيد يافعي قائداً للكتيبة الرابعة
تغيرت تسمية جيش محمية عدن (A.P.L.) ليصبح )الجيش الاتحادي النظامي THE FEDERAL REGULAR ARAMY (F.R.A) بعد قيام اتحاد الجنوب العربي(FSA) في 11 فبراير، 1959م. التحق عدد من الضباط العسكريين في دورة خاصة لتأهيلهم لشغل مراكز قيادية وتم ترقية محمد سعيد يافعي واحمد محمد عرب وصلاح عولقي ومحمد احمد مدقع الى رتبة مقدم عام 1962م، وعين المقدم محمد سعيد يافعي قائداً للكتيبة الرابعة التي تموقعت في اكثر من منطقة منها بيحان وعتق ومكيراس والضالع.

الى بريطانيا مرة اخرى في دورة عسكرية عليا
في اوخر العام 1962م غادر المقدم محمد سعيد يافعي مع ضباط آخرين الى بريطانيا للانخراط في دورة عسكرية عليا لمدة عام واحد، ولأن «من جد وجد ومن زرع حصد» فقد اجتاز المقدم محمد سعيد يافعي وزميله النقيب ثابث محمد قحطان امتحانات الدورة الخاصة وتخلف آخرون وعادوا الى الوطن بخفي حنين.

ظل المقدم محمد سعيد يافعي محافظاً على التفاني في اداء الواجب والتحلي بالسلوك القويم في تعامله مع زملائه وأبنائه من جنود وضباط وكان ثمرة ذلك استحقاقاً رفيعاً، عندما رقي الى رتبة عقيد عام 1965م وعين قائداً عسكرياً للمنطقة الغربية، امارة الضالع، ثم قائداً لحامية بيحان، ثم تلقى اوامر عسكرية بتحمل قيادة المنطقة الوسطى، لودر، وعاد إلى عدن في منتصف عام 1967م وعين قائداً لمركز التدريب التابع للجيش.

الاستقالة أرحم من الفتنة والاقتتال
عز على العقيد محمد سعيد يافعي ان يرى زملاء السلاح داخل الجيش وقد ارهقتهم الصراعات وباتوا في كف عفريت، فقدم استقالته من الخدمة في الجيش في اكتوبر 1967م ورابط في بيته وحضر الى بيته قياديون معروفون منهم قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف ومحمد صالح مطيع وعلي سالم البيض وفضل محسن وسالم صالح وغيرهم وطالبوه بالعدول عن استقالته، وبعد قبولها صدقت توقعاته وهو يرى القوات المسلحة تنخر من داخلها وخارجها، وهو الذي أعلن انحيازه الى صف الثورة وانضم الى تنظيم الضباط الاحرار داخل الجيش الذي دعم الثورة وكان من ضمن الضباط الذين تصدوا لقرار فصل عدد من زملائهم الضباط وأعد مسودة المذكرة المقدمة الى المندوب السامي في 18 يونيو 1967م التي قدمها العقيد محمد سعيد نفسه ودفع ضريبة ذلك، كما شارك شخصياً في احداث 20 يونيو 1967م.

لقد حرص العقيد محمد سعيد يافعي في كل المنعطفات على لم الشمل وإصلاح ذات البين وشرف نفسه بعضوية اللجنة العسكرية التي كلفت بتقريب وجهات نظر الفرقاء المتناحرين من فصائل العمل الوطني والسعي الى نزع الفتيل، كما تشرف برئاسة اللجنة المكلفة برأب الصدع بين اعضاء التنظيم الواحد عقب احداث مارس ومايو 1968م وحمل روحه على كفه وهو في طريق العودة من الضالع ويافع.

محمد سعيد يافعي خلال الفترة 67-1975م
بعد حصول البلاد على استقلالها في 30 نوفمبر 1967م عين محمد سعيد يافعي سكرتيراً للمحافظة الثانية (لحج) ثم محافظاً لها بقرار جمهوري اصدره السيد الرئيس قحطان محمد الشعبي في 26 يونيو 1968م ثم عين محافظاً للمحافظة الخامسة (حضرموت) بقرار جمهوري اصدره السيد فيصل عبداللطيف، نائب رئيس الجمهورية في 31 مايو 1969م وفي سلسلة تعيينات شملها قرار جمهوري واحد، عين محمد سعيد يافعي محافظاً للمحافظة الخامسة (حضرموت) وأصدر القرار السيد رئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع علي في 9 يوليو 1969م.

بعد عشرة أشهر عين العقيد محمد سعيد يافعي مستشاراً لوزير الداخلية لشؤون المحافظات، وعين بعد ذلك مديراً عاماً للنقل البري ومارس مهام منصبه حتى عام 1973م ورابط في منزله بعد ذلك مدة عامين معتزلاً الوظيفة العامة، وعافت نفسه البقاء في الوطن فمنحه صالح مصلح قاسم، وزير الداخلية ترخيصاً بالهجرة من الوطن عام 1975م.

خاب سعيه في الكويت وأصاب في قطر
كانت الكويت محطة الهجرة الاولى، الا انه غادرها بعد عام واحد عائداً الى عدن وأعاد الكرة بعد شهرين، مولياً شطر قطر ولمدة عشر سنوات كافح خلالها كفاحاً مريراً، رغم تقدم عمره ورغم قسوة العمل في سياقة إحدى سيارات الشركة التي رابط فيها وتجشم مصاعب الحياة أملاً في تسديد ديونه وكان له ما اراد بتوفيق من المولى عز وجل.

محمد سعيد يافعي يلبي نداء الوطن
صدر قرار جمهوري عام 1985م بعودة رجالات الوطن ومنحهم حقوقهم ودرجاتهم اسوة بمن هم في السلطة، واستجاب محمد لنداء الوطن وعاد ليستقر فيه ومع مرتب شهري قدره 200 دينار يمني، وظل متنقلاً بين عدن ويافع حتى قيام دولة الوحدة.

محمد سعيد يافعي يلقى ربه بعد عامين من قيام دولة الوحدة
تحولت مشاوير التنقل من عدن الى يافع قبل الوحدة، الى مشاوير مضنية بين عدن وصنعاء وبدأ العد التنازلي لصحة محمد سعيد يافعي، وبقي محصوراً بين مطرقة السكر وضعف البصر والروتين والمماطلات وهو يتابع حقوقه وتحمل تكاليف جراحة عينيه الباهضة.

تعرض محمد سعيد يافعي لنوبة قلبية في 24 اكتوبر 1992م نقل على اثرها الى مستشفى الجمهورية التعليمي بخورمكسر (عدن) وبناء على توجيهات سالم صالح محمد، عضو مجلس الرئاسة آنذاك، نقل الى مستشفى مصافي عدن وزاره عدد كبير من الاصدقاء والاوفياء، تقدمهم علي سالم البيض، نائب رئيس مجلس الرئاسة ووجه بعلاجه في الخارج، إلا أن محمد سعيد يافعي آثر تلبية نداء ربه في الخامسة من صباح الاثنين الموافق 2 نوفمبر 1992م.

محمد سعيد يافعي وشهادات اعتراف
1- وسام التفوق القتالي من بريطانيا عام 1957م.

2- ميداليتان اثناء الخدمة العسكرية.

3- ميدالية حرب التحرير 1984م.

4- وسام الاخلاص 20 مايو 1990م.

محمد سعيد يافعي وحصاد العمر
خلف محمد سعيد يافعي سجلاً كفاحياً وقيمياً عالياً وأرملة وخمسة ابناء هم :1- ناصر، 2- احمد، 3- صلاح، 4- جمال، 5- فايز وابنتين ، إحداهما من الزوجة الثانية.

2- علي قاسم محمد: الولادة والنشأة
علي قاسم محمد احمد المحلوي من مواليد الشيخ عثمان (عدن) عام 1945م وتلقى دروسه الاولى في حفظ القرآن الكريم في كتاتيبها، وانتقل بعد ذلك الى التعليم النظامي، عندما التحق بالمدرسة الابتدائية فالمتوسطة والثانوية خلال الفترة الممتدة من عام 1943م وحتى عام 1954م.

جيش محمية عدن اول المشوار
التحق علي قاسم محمد بسلك الوظيفة في 1 مارس 1955م عندما طرق باب العمل في جيش محمية عدن (APL) وكان معروفاً بـ «الليوي» الماخوذ من الكلمة الانجليزية (LEVIS) الا أنه لم يستأنس للعمل في الجيش وأنهى خدماته في 29 فبراير 1956م.

علي قاسم ورقم قياسي في سلك التعليم
طرق علي قاسم باباً آخر من ابواب العمل، وكان باب التعليم الذي صادف هواه، حيث التحق بمدرسة النهضة العربية في الشيخ عثمان عام 1957م وعمل فيها مدرساً لمدة عام واحد فقط، فاستأنست نفسه دخول سلك التعليم الحكومي من باب مركز تدريب المعلمين TEACHERS TRAINING CENTRE فانخرط في دورة تدريبية (نظرية وتطبيقية) مدتها عامين 1959م-1960 وعُيّن بعد ذلك في العام 1961م مدرساً في المدرسة الابتدائية الحكومية للبنين (الشرقية) في الشيخ عثمان وكانت اقرب المواد الى قلبه التربية الرياضية لأنه ارتبط برياضة كرة القدم وكان من نجوم فريق نادي الشبيبة المتحدة الواي، وانتقل بعد خمس سنوات الى المدرسة المتوسطة (الاعدادية لاحقاً) في الشيخ عثمان حتى عام 1968م.

علي قاسم بين حل وترحال
انتقل علي قاسم محمد من محطة إلى اخرى بلغت في اجمالها 8 محطات بدأها عام 1969 وأنهاها عام 1982م، وكانت البداية مديراً بدائرة الاسكان بالادارة المحلية 1969م انتقل بعدها الى وزارة الخارجية 1970م ومنها الى المؤسسة الاقتصادية 1971م ومنها الى شركة التأمين وإعادة التأمين الوطنية مديراً للادارة والذاتية (1971م-1974م) وتبوأ بعد ذلك منصب مدير عام مصنع الطماطم بالفيوش بلحج (1975-1976م) ثم مديراً عاماً للمؤسسة العامة للملح (1977-1982م) وانتدب بعد ذلك الى دولة الكويت من الاتحاد العام لعمال الجمهورية بعدن الى اتحاد عمال البترول الكويتي (مارس - سبتمبر 1982م) وعين بعد ذلك مديراً ادارياً ومالياً للشاليهات السياحية بجزيرة العمال، وسرعان ماقطع تواصله مع الوظيفة التي أحس بأنها لا تتناسب ووضعه الوظيفي فرابط في بيته حتى تقاعده.

علي قاسم ناشطاً وطنياً ورياضياً واجتماعياً
تأثر علي قاسم محمد بالتيارات السياسية والعقائدية التي تصاعدت وتيرتها في ستينات القرن الماضي وانتسب لحركة القوميين العرب والجبهة القومية، ومن الذين زاملوه في العمل السياسي والحزبي محمود عراسي، أحمد قعطبي، محمد عوض عولقي، مأمون صبري وغيرهم.

على الصعيد الرياضي، انتسب علي قاسم محمد الى احد أعرق اندية كرة القدم في عدن وهو نادي الشبيبة المتحدة (YCC) - الواي - وقد ورد اسمه كأحد نجوم ذلك النادي في ذكريات صالح محمد مزماز (راجع حلقة رجال في ذاكرة التاريخ المنشورة في «الأيام» بتاريخ 26 فبراير 2006م ..ومن الذين زاملوه في لعبة كرة القدم في ذلك النادي العريق الواي: صالح ثابت عريجة وسيف شبوطي وعلي قاسم الحاج (عرفنا علي قاسم محمد بهذا الاسم) واحمد عبده حيدر (الحيدري) ورشاد رزق الله ومبروك خميس مبروك وعمر عوذلي ومهدي سعيد عاطف ومحمد صالح عراسي وآخرون، وكان علي قاسم محمد أو علي قاسم الحاج، ممن حظوا بالاطراء في احدى قصائد ادريس حنبلة، فقد اثنى عليه كثيراً عندما كان حارساً للمرمى.

كان علي قاسم الحاج من الشخصيات الاجتماعية الكريمة والمشهود لها بالتعاون وحب الناس والمرح والكرم الحاتمي، ويشهد على ذلك الكرم المائدتان الصباحيتان العامرتان، القادمتان من منزلي علي قاسم الحاج وخالد عوض عباد الى المدرسة الشرقية للبنين بالشيخ عثمان (مدرسة ردفان حالياً) وكان المتحلقون حولهما كثيرين منهم عبدالفتاح اسماعيل وعبدالله احمد عبيد وأحمد محمد حيدر (السفير) ومحمد عبدالوارث ومأمون صبري ومحمد اسماعيل صوفي وغيرهم.

علي قاسم محمد في مجال التكريم
- وسام الاستقلال من الدرجة الثالثة.

- شهادة تقديرية في مجال التأمين والادارة من شركة الشرق للتأمين بمصر.

- شهادة تقديرية من الشركة المصنعة لصلصة الطماطم بإيطاليا (بعد دورة تدريبية هناك).

- شهادة تقديرية في مجال التأمينات الاجتماعية

- كرمه نادي الوحدة الرياضي ونادي شمسان الرياضي ضمن قدماء لاعبي كرة القدم.

اعتزل علي قاسم محمد محيطه الاجتماعي وحصر حياته بين البيت والمسجد، وهو متزوج وله أربعة اولاد وبنتان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى