أيــام الأيــام..كلمات طيبات عن شكيب عوض ودوره في الحياة الثقافية

> أديب قاسم:

>
أديب قاسم
أديب قاسم
نحتاج إلى وقت طويل لنعرف الدور الذي أداه «شكيب عوض» في حياتنا الثقافية.. وكيف أراد لنا أن نحيا وقد ألح على الخطاب الفني بكل عناصره المتشابكة: من الأغنية حتى المسرح.. بل السينما الفن الذي استوعب جميع الفنون.

نحتاج إلى كل «معنى» حاول أن يعمقه في حياة عطشى إلى الفرح بما ذهب إليه الفلاسفة من دلالة بل دلالات على مفهوم كلمة «فن» بتعدد أشكال ومضامين مخزونها الثقافي (المادي والروحي) ولينتهوا إلى إفراغ المعنى الذي تعاضدت عليه كل قيم الفن كرسالة تهدف إلى هذا الامتلاء في المفهوم الثقافي لمقولة: إن أقصى درجات اللذة في الفن هو الفرح!

وعند التوقف على هذا التخريج للمعنى المتصف بالحيوية ونبل الغاية.. وبعد أن نمعن النظر (عودة إلى كل ما نطق به.. وكل حرف سطره.. وكل عرض بذله لإسعادنا: أغنية، مسرحية، نصاً حوارياً مسموعاً، عرضاً سينمائياً أو تليفزيونياً، دعوة إلى الإحياء الثقافي لكل مرتكزات العمل الفني).. وحيث كان الضعف والعجز والفراغ - ولا زال- يملأ أجندات الوجدان الثقافي، يتمثل في هبوط مستوى الأغنية، ضعف الفرق الموسيقية، رحيل المسرح عن ساحة العروض الثقافية، زوال دور السينما وعجزنا عن التحول إلى صناعة سينمائية تعكس الوجه المعاصر لليمن.. عند هذا سوف ندرك تماما الخسارة برحيل هذا العنصر المثقف الذي أوقف حياته على تعزيز النقص في ظروف التطور التي ما كان لها أن تتوقف عند هذا الحد.. بل الارتداد إلى ما قبل قيام النهضة العربية الحديثة.

شكيب عوض (طيب الله ثراه وأحسن مثواه) كان داعية إلى حاجات القلب بعد الإيمان، إلى زهرة نستطيع أن نضعها في أغنية وننميها بعواطفنا التي ما فرغ منها القلب، إلى لوحة نستطيع أن نبني بها قيمة إنسانية وفي الوقت ذاته ترفّه عن الحياة، إلى فكرة لا تخل بموازين الكلمة وما تترسمه من أهداف، إلى فوز في «مهرجان» يضعنا على قصب السبق مع صنّاع الحياة.. وكان يبحث عن المبادئ الأساسية المترتبة على الفن بما يقودنا إلى ميادين الشرف في كل شيء يبعث على الفرح، وتسمو به الراية الخفاقة لليمن.

وهل الفرح مادة قليلة إن كنا نطمح إلى الفوز به في الجنة ؟ أن تضحك باكياً، وأن تسرّي عن محزون، وأن تغرس زهرة يعبق عطرها، وأن تبعث وقعاً يطيب به القلب.. أو صورة تجسد فكرة ما تعلمنا كيف ينبغي أن نعيش، في مسرّات، في وفاق مع أنفسنا وما يحيط بنا، ومع العالم.. ولا يكون هذا إلا مع الحب!.. يرى الفلاسفة في هذا المنطق أن الإنسان الذي يعش في جزيرة ويحدق في شجرة ورد، لن يرى جمال ذلك الزهر ويحبّه، إن لم يشعر أن شخصاً آخر يشاركه ذلك الحب!

وكانت دعوة «شكيب عوض» إلى أنساق من مغاني الشعب: المحفل، المسرح، المعرض، المعهد الموسيقى، مراكز الفنون والثقافة.. وبعث نتاجاتها لتزهر بها الحياة، دعوة إلى كل عمل رصين تسمو به النفوس، وتطيب به الأرواح.. وتستريح إليه الأذهان.. دعوة إلى توظيف (الموارد والقدرات والمواهب).. دعوة إلى الفن الذي يلطف من خشونة العيش بابتداعه الصورة الجميلة، والكلمة الجميلة، والنغم الجميل، وكل ما من شأنه أن تنظم به إيقاعات الحياة.. كان يمسك بكل تلك الخيوط.

فلنقدّر ما كان يهبنا من قيم جميلة بدعوته (الجمالية) لكل من يجمّلون لنا صور الحياة فلا تتجرد من ضحكة أو (ابتسامة) كالتي عاش شكيب عوض يحملها في وجهه لتفرش له الطريق إلى الجنة.

وندعو وزارة الثقافة بالتضافر مع وزارة الإعلام- وكذلك اتحاد الفنانين اليمنيين بالاشتراك مع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين- إلى احترام ذكراه بإصدار مغلّف يحتوي على أعماله المنشورة في الصحف.. وتكريس البرامج التي أشرف على إعدادها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.. وتكريم اسمه في سجل المبدعين الذين عمّدوا هذا الوطن بالكلمة الشريفة.. والجميلة.. وقد قيل عن الأحبة الراحلين أننا عندما لا نجد ثمار أعمالهم، نفتقدهم!

ونتوجه بالدعاء إلى العلي القدير أن يتغمده برحمته ومغفرته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى