خارطة لمخاطر الغطاء الصخري لليمن

> «الأيام» فردوس العلمي :

>
مبان قديمة في مديرية الحوطة وآثار الدمار فيها بعد هطول الامطار الأخيرة
مبان قديمة في مديرية الحوطة وآثار الدمار فيها بعد هطول الامطار الأخيرة
علم الجيولوجيا البيئية هو أحد العلوم الجيولوجية ، ويقوم بتوظيف المعلومات الجيولوجية في دارسة المشاكل البيئية الناتجة عن الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والفيضانات والانزلاقات الأرضية، إلى جانب دارسة المشاكل الناتجة عن عمليات استخراج الموارد والثروات الطبيعية المختلفة وكذا المشاكل البيئية الناتجة من الاختيار العشوائي لمواقع تصريف المخلفات بأنواعها.

ولأهمية هذا الموضوع للإنسان الذي أصبح عاملاً مؤثراً في الأرض يتأثر بما حوله من عمليات جيولوجية ويؤثر في البيئة المحيطة به، وهو يحاول جاهداً أن يقلل خطر الأحداث الجيولوجية والكوارث الطبيعية، اتجهت إلى دائرة المسوحات الجيولوجية في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية فرع عدن لتسليط الضوء على هذا العلم، خاصة بعد الكارثة التي وقعت في قرية الظفير، حيث التقيت بالمهندسين حسين المشدلى، مدير إدارة المسوحات الجيولوجية بعدن وعمر خميس عبدالله، رئيس قسم الجيو بيئية بعدن .

< تحدث أولاً م. حسين المشدلي، قائلاً: «أنشئت إدارة الجيولوجيا البيئية في عام 1997م وهي إحدى الإدارات التابعة لدائرة المسوحات الجيولوجية لهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، ومهامها تنفيذ الخرائط الجيو بيئية من خلال دراسات جيو بيئية للكوارث الطبيعية وآثارها على البيئة، إضافة إلى استخراج الثروات الطبيعية ودراسات لمواقع تصريف المخلفات سواء الصلبة أو السائلة وكذا تقديم الاستشارات الجيولوجية للتقييم البيئي للمشاريع الاستثمارية» .

وسألناه: لكل علم مجالات فما هي مجالات علم الجيولوجيا البيئية؟ فأجاب المشدلي: «علم الجيولوجيا له أربعة مجالات أولاً تنفيذ الخرائط الجيو بيئية، ويعطي هذا المجال معلومات تفصيلية للمناطق المراد دارستها و يتم اختيارها حسب أهميتها واستغلالها كمناطق توسع عمراني، مناطق سياحية، مدن صناعية، مناطق استثمار معدنية والكثير من المناطق وتشمل (خرائط الجيو هندسية، والتربة، ومصادر المياه، والخامات المعدنية، إضافة إلى خارطة أهم مصادر التلوث) وبعد إسقاط كافة هذه الخرائط تعطي أوليات العمل لمناطق البناء والتوسع العمراني والزراعي والمشاريع الاستثمارية وأماكن تواجد المياه ومواقع توزيع الخامات والثروات الطبيعية وتحديد صلاحية المواقع، وهناك مجال آخر وهو العمليات الاستخراجية للثروات الطبيعية ويهتم بوضع دراسات جيوبيئية للمواقع المراد استغلالها وتقييمها بيئياً ووضع الحلول المناسبة لها لضمان حماية البيئة من التلوث، وحماية الموارد الطبيعية من خطر الإهدار العشوائي لها، منها مثلاً الأعمال الاستخراجية لخامات مصانع الأسمنت والمحاجر والكسارات، إضافة إلى مجال دراسة الكوارث الطبيعية والآثار الناتجة منها من خلال دراستها والتعرف عليها وما يصاحبها من مخاطر وآثار وتدمير وتلوث للبيئية بشكل عام، وعمل الحلول المناسبة للتخفيف من مخاطرها، وكذا مجال دراسة مواقع تصريف المخلفات، ويهتم بدراسة واختيار المواقع المناسبة لتصريف المخلفات بأنواعها الصلبة والسائلة والإشعاعية، وذلك من اجل تلافي المخاطر البيئية من جراء التصريف العشوائي للمخلفات» .

وأضاف: «نحن حالياً بصدد إنتاج خارطة مخاطر الغطاء الصخري للجمهورية اليمنية، وهناك فريق سيأتي من صنعاء في نهاية مارس لبدء العمل في ابريل بمحافظة عدن، وسيقوم الفريق بعمل الدراسات الجيوبيئية والتي تحصل لأول مرة بالتنسيق مع فرع الهيئة بعدن للقيام بعمل دراسات تفصيلية لجميع المناطق، منها أخذ العينات ورسمها على الخرائط ثم تحليلها وعملها على الخرائط بهدف توضيح أماكن التلوث خاصة في محافظة عدن، ومنها مواقع غسل السيارات ومقالب القمامة والمجاري.»

ويضيف م. المشدلي: عند تقييم الأثر البيئي لأي مشروع من المفترض التوجه إلى فرع هيئة المساحة الجيولوجية، فهناك قسم خاص يقوم بتقييم الأثر البيئي لأي مشروع، خاصة المشاريع المُقامة في الجبال أو على أراض جبلية تم مسحها، وللأسف في الآونة الأخيرة لوحظ التوجه إلى أفراد وجهات لتقييم الأثر البيئي وهي لا تمثل الجهات المسؤولة، رغم أنه تم تحديد الجهات المسؤولة في وقت سابق في مؤتمر الإدارة المتكاملة الذي عقد في فندق عدن وتم التشديد فيها على أن كل جهة تعمل حسب تخصصها.

ويعود تنفيذ هذا المشروع لجهود الأخوين د. إسماعيل ناصر الجند، رئيس مجلس إدارة هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية وم. عبدالله صالح فرج، مدير فرع الهيئة بعدن بتوجيهاتهم الكريمة وتعاونهم من خلال تذليل الصعوبات، ونتوجه لهما من على منبر صحيفة «الأيام» بالشكر والتقدير».

< ولمعرفة المزيد عن مشروع خارطة مخاطر الغطاء الصخري لليمن، يتحدث م. عمر خميس عبدالله، رئيس قسم الجيو بيئية في هيئة المساحة الجيولوجية بعدن قائلاً:«يأتي هذا المشروع بتوجيهات من الأخ رئيس الجمهورية بعد الكارثة التي حصلت في قرية الظفي، ثم توجيه مجلس الوزراء وأقر المجلس إسناد المشروع لهيئة المساحة رغم وجود عدد من الجهات والمرافق الأخرى تتنافس من أجل تنفيذ المشروع وتقدر ميزانية المشروع بمائة وعشرة ملايين ريال يمني منها عشرون مليون ريال مساهمة من وزارة النفط والمعادن وتسعون مليوناً رصدت من مجلس الوزراء بتوجيهات من فخامة الرئيس .. وقد أسند تنفيذ المشروع إلى أربع فرق حقلية وتم توزيع المناطق: فريق مركز صنعاء يهتم بمحافظات صنعاء، عمران، المحويت، صعدة، حجة، مأرب، والجوف، ويهتم مركز الرصد الزلزالي ذمار بمحافظات ذمار، إب، البيضاء، تعز، الحديدة، وريمة ويهتم فريق مركز عدن بمحافظات: عدن، لحج، الضالع وأبين، بينما يهتم فرع حضرموت بحضرموت، المهرة، وشبوة.

وقد أبدى فرع عدن تحفظاً لعدم إسناد محافظة شبوة لفرعنا كون هذه المحافظة من ضمن اختصاص فرعنا، ووعدنا من قبل رئاسة المشروع بإعادة النظر في هذا الموضوع» .

وعن أهم مبررات المشروع يقول: «الانهيار الصخري الذي حدث في قرية الضفير ووجود العديد من التجمعات السكنية الواقعة في مناطق الانهيارات الأرضية الحاصلة والمحتملة، إضافة الى العديد من الطرق الرئيسية والفرعية لمثل هذه المخاطر إلى جانب الوضع الجيولوجي والجيو مرفولوجي للبيئة ووجود العديد من المناطق الأثرية والتاريخية في أماكن معرضة للانهيارات والانزلاقات الأرضية والتوسع في العمران والبنى التحتية دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الجيولوجية وعدم وجود خارطة لمخاطر الانهيارات الأرضية للجمهورية اليمنية .. كل هذه كانت أهم المبررات التي أدت إلى إنتاج خارطة الغطاء الصخري.

ويهدف المشروع إلى إعطاء رؤية مستقبلية لأصحاب القرار والمستفيدين عن درجات الخطورة المختلفة للمناطق المدروسة من خلال إنشاء خارطة الانهيارات الموضحة، منطقة درجات الخطورة وأنواعها، إضافة إلى ملحق تفصيلي لبعض المناطق الأكثر خطورة، إلى جانب إنشاء ترميز وطني لدرجة المخاطر وإيجاد التوصيات لإجراء المعالجات المناسبة بحسب درجة الخطورة للمناطق التي ستشملها الدراسة، وكذا العمل على نشر الوعي بأهمية اختيار المواقع السليمة والآمنة عند إقامة المنشآت المختلفة واستغلال الموارد الطبيعية بشكل سليم وآمن والحفاظ على المناطق الأثرية والتاريخية والموروث الثقافي» .

طفح مياه المجاري «البيارات» بالقرب من المنازل السكنية في حوطة لحج
طفح مياه المجاري «البيارات» بالقرب من المنازل السكنية في حوطة لحج
وعن الآلية التي سينفذ بها المشروع، يقول م. عمر خميس: «يتم أولاً تحديد المناطق الأكثر خطورة في الجمهورية كمرحلة أولى وجمع المعلومات الجيولوجية السابقة بغرض تهيئة خلفية واضحة للوضع الجيولوجي وتفسير الصور الجوية والمرئيات الفضائية للمواقع المختارة وفصل الوحدات الصخرية والترابية بشكل أولي لتحديد المواقع المراد زيارتها بحسب أهميتها، ومراجعة التوصيات التي خرجت بها الدراسات السابقة ومدى الاستفادة منها من قبل الجهات المعنية، وبعد الانتهاء من كل هذه نعمل في الجانب الآخر على تفريغ البيانات والمعالجات بالبرمجيات التخصصية وتفسيرها لتقييم درجة الخطورة وإنتاج خارطة مخاطر الانهيارات الأرضية لمنطقة الدراسة، إلى جانب إعداد التقارير التخصصية المتعلقة بذلك ووضع المعلومات الفنية المناسبة، وبعد الانتهاء من كافة الإجراءات المكتبية يبدأ النزول الميداني للعمل الحقلي من خلال خروج الفرق الحقلية إلى الميدان بتوجيه ذوي الاختصاص لحصر ودراسة تفاصيل مخاطر الانهيارات في المناطق الأكثر خطورة والمبلغ عنها من جهات الاختصاص، حيث نعمل على أخذ جميع القياسات الهندسية (زاوية الميل، اتجاهات وأطوال وسمك الشقوق المتواجدة في المنطقة وتفسيرها بالأساليب العلمية) إلى جانب أخذ عينات صخرية وترابية لإجراء الاختبارات المختبرية لغرض تصنيفها هندسيا، إضافة إلى إعداد الخرائط التفصيلية النهائية من القياسات الموقعية بمقاييس مناسبة ستوضح مواقع المخاطر الخاصة وشدتها في الجمهورية اليمنية مع إرفاق الخرائط النهائية بكتيبات توضيحية وإرشادية خاصة بها».

وفي ختام هذا الموضوع نرصد لك بعض التعريفات ومنها:

- علم البيئة : هو علم يهتم بدراسة التفاعل بين الكائن الحي والوسط الذي يعيش فيه.. والتلوث يعني إدخال مواد ملوثة بالأنشطة الإنسانية إلى البيئة فينتج عن ذلك عدد من التغييرات في الهواء الجوي والماء والأرض والبيئة الصوتية، إضافة إلى وجود تلوث يحدث نتيجة للأنشطة التي يمارسها الإنسان لغرض التنمية والتعمير والاستثمار، وتلوث يحدث نتيجة كوارث طبيعية ، والبيئة تمثل الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل على مقومات حياته ويمارس فيه علاقته مع الآخرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى