أقول العميد.. وإسقاطها على واقع اليوم

> «الأيام» عمر محمد بن حليس:

>
عميد «الأيام» رحمه الله وطيب ثراه
عميد «الأيام» رحمه الله وطيب ثراه
قبل الكتابة أعترف بأني كنت متردداً، وكنت أقول إنني ربما لا آتي بالشيء الجديد أكثر مما جاء على لسان عميد «الأيام» رحمه الله وطيب ثراه,لكنني أخيراً قررت وآثرت أن أدلي بدلوي في هذا البحر الواسع، طالما وُجدت على متن سفينته، طالما والحقيقة ظاهرة وستظل ساطعة أمام مختلف الأجيال مهما حاول (البعض) طمسها أو إخفاء معالمهما الواضحة والبينة.

فما قاله (العميد) رحمه الله قد مضى عليه أكثر من أربعة عقود من الزمن إلا أنه وبحق كان أكثر نضجاً وواقعية وبمنتهى المنطق والمسؤولية، وهو الأمر الذي بدد ما كان بداخلي من تردد لأنه ببساطة يمكن إسقاطه على واقع اليوم المعاش.

يقول عميد «الأيام» عليه رحمة ربنا «.. نقول لا نذرف الدمع على أخطاء الماضي، ولكن المطلوب منا جميعاً اليوم هو أن ننظر نظرة واقعية إلى حاضرنا لنواجه بشجاعة مشاكله ومتاعبه ونعمل على تذليلها والتغلب عليها حتى لا تعوقنا عن السير قدماً في بناء طريق المستقبل المشرق لنا وللأجيال من بعدنا». («الأيام» عدد (28) 15 فبراير 67م).

ومن هذا المنطلق أفتتح قولي بحديث الرسول صلوات ربي وسلامه عليه: «كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحياة يقولون أيضاً: من لا يخطئ لا يعمل شيئا.

اذن فالخطأ وارد في حياة البشر ما داموا على هذه الأرض يؤثرون ويتأثرون في مسيرة حياة مجتمعاتها، إلا أن أكبر الاخطاء يكمن في الاستمرارية في ذلك الخطأ أو عدم الاعتراف بارتكابه، والاعتراف - في تقديري - سمة الإقدام والشجاعة وصفة الرجولة والصدق مع خالقنا سبحانه وتعالى ثم مع الذات قبل الغير.

وهو - الاعتراف - الطريقة المثلى لعدم ذرف الدموع على الماضي.

ولأن تاريخ شعبنا اليمني شمالاً وجنوباً ثم موحداً مليء بالتجارب التي معها ومن خلالها ارتكبت العديد من الاخطاء، وثمارها حصد لأرواح من هذا الشعب أو من رموز تاريخه وتاريخ نضاله.

ولا يفوتني هنا أن أقول وبكل صدق وصرحة ووضوح، إن إصرار البعض على السير في طريق الخطأ بشكل آخر سيؤدي حتماً إلى نفس النتيجة وربما نتائج أكثر ضرراً وخطراً من سابقاتها!!

ولأنني لست بصدد الحديث عن تفنيد حجم الاخطاء ومقدار الاضرار والخسائر التي تبعتها، لا لشيء بل لان الكثيرين عاشوا مراحلها بشكل مباشر أو غير باشر، ولذلك وحده أمتنع عن اقحام ذاتي فيها.لكنني ومن حقي كمواطن عاش جزءًا بسيطاً بمقدار عمره وتجربته من تلك الاخطاء أن أضع السؤال وأنا على يقين من أنه قد يصنف كلامي وربما يضعني في (خانة...) من قبل (البعض).

والسؤال هو متى يتم الاعتراف بتلك الاخطاء، لنترك ذرف الدموع على اخطاء الماضي؟

لذلك علينا وقبل كل شيء ولمداواة جراح الماضي الاليم، أن نؤمن بأن مزيدا من تذكره والبكاء على اخطائه لن يبقينا إلا عند نقطة أو نقاط معينة، بعيدين عن ديمومة الحياة وحركتها وصيرورتها، ومهما يكن الأمر فعلينا أن نسلم أن في الحياة العامة أمورا كثيرة تفرض نفسها.. قد نتفق أو نختلف عليها.. وهذا أمر طبيعي جداً إذا ما انطلقنا من رؤية كل واحد منا لتلك الامور وموقفه منها.. وفق المعايير الثقافية العامة والخاصة والقناعات الفكرية والسياسية والانتماءت الاجتماعية والاقتصادية.. الخ، لكن تبقى نقطة الاتفاق المؤكدة هي أن يدرك الجميع أن المسؤولية الواجبة تجاه وطننا اليمني تتطلب من الجميع إدراك أهمية الظروف التي نعيشها، فنحن لسنا بمعزل عما يجري من حولنا وفي العالم يمثل الحراك السياسي وممارسة الديمقراطية الحقيقية حجر المدماك الرئيسة فيه .. الديمقراطية التي تعطي لكل ذي حق حقه دون وجه مصادرة أو الغاء أو تهميش.

وفي هذا الإطار علينا أن ننشغل جميعاً في بحث الوسائل اللازمة لحماية المسيرة الديمقراطية وممارستها بشكل صحيح، حتى نستطيع ضمان الاستمرار في خطواتنا لتحقيق الهدف الوطني المطلوب.. وهو التحول الديمقراطي الشامل بأكثر الطرق أمناً وسلامة للوطن والمواطن.

انه ومن أجل كل ذلك ولتأكيد وتأمين السير فيه واستمراريته علينا اتباع منهج العقلانية وبمنتهى الثقة والوضوح والصدق، بعيداً عن الالتفاق والمصادرة والإلغاء للآخر أو لتهميشه، أو التعامل معه بعقلية (المنتصر والمهزوم) التي افرزها واقع ما بعد حرب صيف 94م.

وفي هذا الصدد يقول (العميد) عليه رحمة الله:

«إن أول شيء يتطلب منا هذا الواقع أن نعمله هو إزالة الوهم بأن فريقاً ما هو أطول باعاً من سواه وأنه يملك من المقدرة والسيطرة بحيث يستطيع بمفرده أن يستأثر بالحكم والسلطان.. هذا الوهم يجب أن يزول حالاً، بل إن ازالته من الضرورة بحيث تعتبر أساساً المدخل الوحيد نحو النظرة الواقعية لحاضرنا». («الأيام» عدد 28، 15 فبراير 67م) .

نعم .. إن الوهم الواقع فيه (بعض) الناس بفعل القوة وتأثير النفوذ هو الذي سيجلب لنا مزيدا من الاضرار ويضعنا على حافة أخطار محدقة وعواصف عاتية، نسأل الله أن يجنبنا إياها.

إنه ومن الضرورة التأكيد على أن الأمانة والمسؤولية التاريخية تفرضان علينا (الجميع) عدم إنكار جراح الماضي والبكاء على أطلال أخطائه، وأن نعمل (الجميع) على إزالة أوهام علقت في أذهان (البعض) بفعل ظروف معينة جعلت من ذلك الوهم أمرا واقعا!!

عزيزي القارئ، إن ما اقتطفته سلفاً من كلام (عميد الأيام) طيب الله ثراه جدير بنا (الجميع) أن نقف أمامه بتروٍّ وبمنتهى المسؤولية بعيداً عن التصنيف أو المغالطة أو شد الحبال والسباحة عكس التيار.

فوطننا اليمني بوحدة 22 مايو في أمس حاجة اليوم إلى كل الجهود (بلا استثناء) للخروج به من كل ازماته وارهاصاته، إذا ما أردنا له التقدم والرفاه والنماء.

لذلك ومن أجل عدم الوقوع في كل ذلك على كل أولئك الذين يرون أنهم اطول باعاً ممن سواهم في كل امور حياة الناس، أن يكفوا عن هذا الوهم الذي علق في تفكيرهم وسيطر على عقولهم وسلوكياتهم ويحاولون فرضه وتعميمه بالقول.. عليهم أن يؤمنوا بأن التغيير سيصبح حقيقة واقعة ستقتلع رياحه جميع الادعاءات وتطيح بها في الهواء.

ما لم فإن خير ما ينطبق عليهم هو قول الحق تبارك وتعالى:{... قل هل نُنبّئّكم بالأخسرين اعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسَبون أنهم يُحسنون صنعاً} صدق الله العظيم

وربنا الهادي والموفق إلى سواء السبيل، وهو سبحانه من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى