اتعاونوا على ذاك الشيء!

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
قال مراسل أجنبي بلباقة جمة لا تخلو من الحصافة والحنكة: «أنتم اليمنيون تخزنون القات في مجالس بهيجة وتتحدثون بحرية ومعرفة وبطلاقة فذة.. وهذا مزاج أستطيع أن أتفهمه وأفهمه.. وها أنا ذا أذوق القات لأول مرة في حياتي وأخزن معكم وألجع كماكم.. لكن بعض شؤون بلادكم السياسية تستعصي على الفهم والإدراك.. مثلاً كل الناس العاديين الذين قابلتهم إما ساخطون على الأوضاع متذمرون يلعنون أبو السياسة وصناع السياسة وأبو هذا الزمن الأغبر الأزعر الذي دخلوه.. وإما غاضبون آخر غضب على كل شيء ومن كل شيء ومش عارفين كيف يصلحوا أي شيء.. أما الناس غير العاديين الذين قابلتهم فإنهم متفائلون مبسوطون آخر انبساط ومتسلطحون آخر سلطحة وآخر بلطحة وملطحة وقليل شلطحة.. وهم يمسحون أشنابهم من النعمة ويرددون الحمد لله كنا فين وأصبحنا فين الدنيا دردبيس وبكره إن شاء الله بايكون الحال أحسن وبانقرط أكثر.. فمن كان يحلم بما حققناه من فساد برغم كل الخطوات الأخرى الرامية إلى الإصلاح وكبح الجماح وربط الحمار بجنب الجدار حق البرلمان في المكان المخصص لربط الحمير.. برغم كل شيء وبرغم ذاك الشيء الذي يفعله هواة كل شيء ومن كل شيء أوَّله ومن كل طلب آخره.. برغم كل العيوب والسلبيات وعلى رأسها الفساد المحترم أو السافل والخ الخ.. لكن إن شاء الله أكيد بكره بايكون أحسن».

واسمحوا لي أيها الرفاق الأعزاء أن أكون متفائلاً بعض الشيء وانحاز قليلاً إلى جبهة الناس الذين يمسحون أشنابهم من النعمة التي هبطت عليهم حلال وإلا حرام وإلى من يقول بأن اليوم أفضل من أمس حتى ولو كانوا عارفين وفاهمين أنه أول أمس كان قليل أفضل أو حتى كثير أفضل في بعض الأشياء زيما حضراتكم عارفين.. وإن شاء الله بكرة يكون أحسن وتتعدل المسيرة بدل ما تتقدم الفلوس على القيم.. تتقدم القيم أولاً ولو حتى قليل على البيس ولو أنه ذا الحال صعب لكن قولوا معايا: يارب ياخويا يارب.

هذه الحالة بالنسبة لذاك الشيء الذي هو الفساد كما لا يخفى على جنابكم تذكرني بحكاية واحد خسيس من أصحاب زمان كان معه دكان معطارة يعني سبار وبهارات وذاك الشيء.. المهم أنه هذا المدكن الخسيس كان شديد البخل مع أنه كان يكسب كثير من البيع والشراء ومن ذاك الشيء وكل شيء يزيد من دخله ودعم الحكومة له.. كان كل يوم يصرف شلن واحد ويحوله إلى سنوت وبيستينات وفلسات وقرشات وهللات وبللات.. ويخصص صرف هذا الشلن اليتيم إلى صدقات ليومه كله مع أنه خير الله باسط لكن أيش تقولوا: الخسيس قده خسيس.. وكان في واحد شحات فنان اسمه رزق عبدالله هوجله مسلط على هذا المدكن وكل يوم يظهر له بشكل.. يوم أعمى (البصير الله يرحم والديكم..) ويوم أعرج (الرنجلة الله يسهل لكم ولعيالكم) ويوم كسيح: (الأسير الكسير البصير الله يفتح عليكم) وهكذا.. ورغم المجهود العظيم الذي يبذله هوجله المسكين عند المدكن الخسيس إياه إلا أنه اتحدى أي واحد يقول أنه قدر يخرج منه أكثر من «بيستين» في أي مرة مش لأنه البيستين تجي مثنى في اللغة العربية معناته أنه المدكن كريم ولكن لأنه البيستين تجي قطعة معدنية واحدة ما يقدرش يقسمها نصين وقد انعدمت الآن في السوق ويقال أن هذا المدكن نفسه هو الذي كان السبب عندما اشتغل في جمعها من السوق وصهرها وتحويلها إلى قوالب معدنية وقد أصبح طبقاً لرواية الأخ الشحات سابقاً عبدالله هوجله مليونيراً يلعب بالفلوس لعب بسبب ذاك الشيء.. وسألنا الأخ عبدالله: وانته أيش استويت بعدما بطلت الشحاتة؟ قال : أنا أشتغل مع الحكومة.. قلنا له: أيش من شغل؟ قال: مساعد مليونير.. قلنا له: كيف يعني؟ قدرت تشتغل في ذاك الشيء زيما صاحبك المدكن؟ قال بعد أن استشاط غضباً: الله لا قال ولا قدر.. إلا ذاك الشيء.. أنا ألقط خبابير وبس لكن حد الله بيني وبين ذاك الشيء.. ياسلام عليك ياعبدالله لا والله شاطر .. شاطر من صدق.

قفز الأخ عبدالله بغضب مفاجئ تداهمه نوباته عند ذكر أي صلة بين السياسة والاقتصاد وذاك الشيء فصرخ قائلاً: اخرج أعميتني واصميتني لك عما.. فطيبت خاطره وقلت له: أنت ليش تزعل نفسك لازم كلنا نتعاون في سبيل الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والمالي الشامل.. هدأ قليلاً.. ثم بعد قليل سأل: كيف يعني أيش نصلح؟ قلت له: لازم كلنا نتعاون من أجل القيام بذاك الشيء حتى ولو كنا مش داريين أيش هوه!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى