رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
الكاتب الصحفي نجيب محمد يابلي يقدم ورقة منتديات عدن بذكرى اليوبيل الذهبي لاذاعة عدن في اغسطس 2004م ويشاهد من اليمين : نجيب محمد يابلي،د. حميد قباطي، رئيس نادي وحدة عدن الرياضي، الاعلامي المعروف شكيب عوض، جميل محمد احمد، مدير اذاعة عدن، فرحان علي حسن رئيس فرع اتحاد الفنانين اليمنيين بعدن
الكاتب الصحفي نجيب محمد يابلي يقدم ورقة منتديات عدن بذكرى اليوبيل الذهبي لاذاعة عدن في اغسطس 2004م ويشاهد من اليمين : نجيب محمد يابلي،د. حميد قباطي، رئيس نادي وحدة عدن الرياضي، الاعلامي المعروف شكيب عوض، جميل محمد احمد، مدير اذاعة عدن، فرحان علي حسن رئيس فرع اتحاد الفنانين اليمنيين بعدن
شكيب عوض: رحل بصمت بعد انتشار متألق عبر كل وسائل الاتصال .. الولادة والنشأة :شكيب عوض سعد من مواليد كريتر (عدن) عام 1945م وتلقى مراحل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في عدن وكنت أحد الزملاء الذين شاركوا شكيباً مرحلة دراسته الثانوية، وكنا ضمن الدفعة التي تخرجت في المدرسة الثانوية الحكومية (ثانوية الفقيد غانم حالياً) بخورمكسر عام 1963م.

الفن قدر شكيب عوض
لا يختلف اثنان من زملاء شكيب عوض في المرحلة الثانوية حول مسملة من المسلمات وهي ان شكيب عوض كان اكثرنا إلماماً ومتابعة بكل اخبار الفن وكنا مشدودين لتناولاته التي اتسمت بطلاقة الحديث وحلاوة التعليق وعذوبة الابتسامة التي كانت تطل من ورائها اسنان ناصعة البياض، ولم يظهر شكيب في اي صباح يوم مدرسي إلاّ بزي مدرسي أنيق ولم يكن ذلك الاهتمام وليد الصدفة، أو قل ان شئت اهتماماً آنياً.

بداية المشوار مع الاستاذ علوي السقاف
نظمت «جمعية الاعلاميين» بمحافظة عدن امسية احتفائية في مقر اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين فرع عدن بخورمكسر، عصر الاربعاء الموافق 2 يوليو 2003م تحدث خلالها فقيدنا شكيب عن تجربته الاعلامية الزاخرة بالعطاء، وقال بعد ان أحسن تقديمه الزميل مصطفى غيلان، رئيس الجمعية إن البداية كانت في العام 1957م عندما انتقل شكيب الى المدرسة المتوسطة بكريتر (ثانوية لطفي امان حالياً) وكان من حسن طالع التلاميذ الواعدين أو البراعم ان قيض الله لهم الاستاذ علوي جعفرالسقاف، رحمه الله، وكان من ضمن اعضاء هيئة التدريس.

كان الاستاذ علوي السقاف يرعى المواهب ويصاحبها في العزف على العود، ومن شدة ولعه بالبراعم انتقل الى «اذاعة عدن» ليعد برامج الاطفال، حتى أنه اعد المقدمة الموسيقية للبرنامج التي لا تزال مسكونة في ذاكرتنا ووجداننا وجاء في المقدمة «يا الله يا أطفال.. ركن الاطفال.. للصغار.. للكبار» ولحّن علوي السقاف بعض أغاني البرنامج، وكان شكيب من ضمن اعضاء الفرقة.

تعاقب على قيادة الفرقة مجموعة من الفنانين وتصاعد اهتمام شكيب بأغاني الاطفال التي كانت تقدم عبر البرنامج، وشارك ضمن الكورس في عدد من الاغاني منها اغنية «يا ساحر عقول الناس» لمحمد سعد عبدالله كما رافق نبيهة عزيم وعدداً من الفنانين.

شكيب عوض في هيئة الفنون والتمثيل
يواصل فقيدنا العزيز شكيب حديث ذكرياته العذب ويفيد بأن العام 1964م شهد تأسيس هيئة الفنون والتمثيل برئاسة الصحفي محمد رشيد، وكان من اعضائها محمود الحمزي ومحمود اربد وعبدالحميد فارع وعبدالقادر خضر والفنان جعفر عبدالوهاب والفنان بدر عوض والموسيقي نديم عوض.

شارك شكيب عوض في النشاط المسرحي للهيئة وقدم مع أفرادها بعض الاعمال من تأليف عصام غانم وآخرين، كما قدمت خلال الفترة 1965/1966م أربعة اعمال مسرحية واحتجب شكيب بعد ذلك بسبب تصاعد الاعمال العسكرية في تلك الفترة.

كما نشط شكيب عوض مع فرقة الفنون والتمثيل منها «الاستاذ زعفراني» للراحل الكبير احمد شريف الرفاعي، وقدم شكيب خلال الفترة التي تلت الاستقلال حتى العام 1974م اعمالاً سياسية، وكان أبرز وآخر عملين هما «انا واهلي والشجرة» الذي قامت بتقديمه الباقة التي ارتبطت بالمبدع المسرحي علي احمد يافعي و«مجلس العدل»، وكان من ابرز المشاركين فيه مبدع كبير آخر وهو محمود اربد، رحمه الله.

شكيب عوض في التمثيل الاذاعي
يقول فقيدنا شكيب: «وكانت لي مشاركات في عدد من المسلسلات والتمثيليات منها مسلسلات رمضانية، أما اول مسلسل متكامل فقد كان مسلسل «الأرض» لمحمد مدي، تأليفا وإخراجا، ووضع المقدمة الموسيقية له الفنان سالم احمد بامدهف..».

التدريس اول المشوار مع الوظيفة
كنت قد اشرت سلفاً الى أنني تزاملت مع شكيب عوض في ثانوية خورمكسر وأكملنا دراستنا فيها وتم تعيينا في سلك التدريس اعتباراً من اكتوبر 1963م. باشر شكيب عمله مدرساً في كريتر وانتقل بعد ذلك الى ابتدائية المعلا، لكنه كان مشدوداً الى الصحافة، التي كانت الخط الموازي للتعليم حتى يناير 1974م.

الصحافة معشوقة شكيب
في معرض حديثه عن تجربته الصحفية قال فقيدنا شكيب إن مساهماته الصحفية بدأت في الصفحات المخصصة لبريد القراء وفي «الفن والفنانون» مع محمد رشيد في صحيفة «الاخبار» لصاحبها علي محمد لقمان، احد اساطين الصحافة والادب والشعر ويقول: «ولكنها كلها كانت مساهمات وليست رسمية فقد كنت انتشر في زوايا الصحف كمساهم ولم اكن محترفا».

وجد شكيب ضالته في الصحافة بعد الاستقلال وكانت هناك صحيفتان («14 اكتوبر» و«الشرارة») كانت الاولى رسمية والثانية شبه رسمية، لكنها الاكثر انتشاراً وكان من أبرز كتابها الاستاذ صالح الدحان.

كان مبنى الصحيفة في كريتر الذي تشغله الآن مصلحة الضرائب (فرع مديرية صيرة) يستوعب مكاتب وإدارات تحرير «14 أكتوبر» و«الشرارة» و«الحكمة» وتم دمج الثانية مع الاولى عام 1971م.

«الهبر والهبارون» وراء شهرة شكيب
يقول فقيدنا في حديث ذكرياته إن الصدفة لعبت دوراً في انتقاله الى ميدان العمل الصحفي، ووجد ضالته في «14 أكتوبر» و«الشرارة» فبدأ مساهماً وكتب موضوع «الهبر والهبارون» في الشرارة وكان الموضوع ساخراً وحقق انتشاراً في مختلف الاوساط.

كان الفقيدان العزيزان شكيب عوض ومحمد عبدالله فارع مساهمين في صحيفة «14 أكتوبر»، كان الاول في سلك التربية والتعليم والثاني في الهيئة العامة للكهرباء ويقول شكيب: «وكانت هناك صعوبة في عملية نقلي الى الجريدة من التربية. أتذكر أن الاخ سالم باجميل (رئيس التحرير آنذاك) قد بذل جهداً، حيث لم يكن النقل متاحاً إلا بقرار فوقي، وبفضل علي ناصر محمد، الذي كان حينها وزيراً للتربية انتقلت الى الصحيفة في الأول من يناير 1974م، وفي مايو انتقل الاستاذ محمد عبدالله فارع. كان سعيد عولقي يشرف على التحقيقات ومحمد عبدالله مخشف رئيساً لقسم الأخبار وعبدالعزيز مقبل رئيساً للقسم العربي والدولي وشكيب عوض رئيساً للقسم الثقافي في صحيفة «14 أكتوبر» (راجع الرصد الذي اعده محمد حمود أحمد ونشرته «14 أكتوبر» في 7 يوليو 2003م).

استمر تواصل شكيب عوض مع العطاء الصحفي ولا سيما صحيفة «14 أكتوبر»، التي اصبح مديراً لتحريرها عام 1989م ونائباً لرئيس تحريرها عام 1993م، وتفرغ بعد ذلك لصفحة «فنون» حتى تقاعده في يناير 2003م، إلا أن الحاجة دعت الى التعاقد معه حتى أواخر عام 2005م عندما أُنهي التعاقد معه بصورة تعسفية انعكست سلباً على معنوياته وكانت بداية العد التنازلي لحالته الصحية.

تجربة شكيب عوض مع التلفزيون
من ضمن إفادات فقيدنا شكيب عن تجربته مع التلفزيون قال إن علوي السقاف كان يقدم برنامج «السينما والجمهور» واستضاف ذات مرة فقيدنا شكيب باعتباره من الشخصيات المهتمة بشؤون السينما المطلوبة للحوار، واستأنس له كثيراً واعتمده ضيفاً اساسياً في البرنامج، الذي أصبح اسمه «الشاشة الكبيرة» من اعداد احمد سعيد الحاج وإخراج محسن يسلم، وظلت الحاجة ماسة لعطاء شكيب، الذي اسندت له مهمة اعداد وتقديم البرنامج اعتباراً من عام 1975م حتى العام 1992م.

في العام 1997م، طرق شكيب عوض باباً تلفازياً آخر بتقديمه برنامج «نجم على الهواء» استضاف من خلاله شخصيات من كافة المحافظات منهم: محمد سعد عبدالله ومحمد حمود الحارثي وأحمد سيف ثابت وآخرون، ومن برامجه التلفازية سهرة على الهواء.

أما عبر الاذاعة فقد قدم شكيب عوض برنامج «فنون». وإذا جمعت كل اعماله وأفرغت من الاشرطة السمعية والبصرية بالإضافة الى كتاباته في الصحف والمجلات سيجد الباحث أو القارئ نفسه أمام حركة توثيق ورصد للثقافة والفن في تاريخنا الحديث.

أياد بيضاء أخرى لشكيب عوض
كان شكيب عوض من مؤسسي منظمة الصحفيين في عدن عام 1986م التي تحولت الى فرع عام 1991م، كما كان رقيباً للسينما في عام 1973م حتى العام 93/1994م، وكان خلال عامي 81/1982م ضمن المراقبين للمسلسلات لاجازتها قبل عرضها في تلفزيون عدن. بنى شكيب عوض جسوراً مع عدد من منتديات عدن وتمكن من خلال تلك الجسور من التنسيق لاقامة عدد من الفعاليات بينها وبين تلفزيون عدن (القناة الثانية) واذاعة عدن (البرنامج الثاني) للاحتفاء بمناسبات هامة كذكرى تأسيس تلفزيون عدن أو إذاعة عدن وبثت الاحتفال بميلاد البارزين وليس ذكرى وفاتهم، لأن ذكرى الوفاة تقليد فرعوني ونفذت المنتديات في عدن عدداً من الافكار الجميلة منها خروج موكب في ثانوية لطفي بكريتر الى مقبرة القطيع لوضع إكليل من الورد على قبر الراحل الكبير لطفي جعفر أمان في ذكرى ميلاده وتم تغطية الحدث عبر كل وسائل الاعلام.

كيف يرى شكيب عوض الإعلام في ظل العولمة؟
قال فقيدنا الغالي شكيب في فيض حديثه عن ذكرياته في احتفائية «جمعية الاعلاميين بعدن» عند تصريحه على قضية الاعلام في ظل العولمة: «اين نحن منها وليس هناك اهتمام بإعداد الصحفي بما فيه الكفاية، ومواصلة تأهيلة باستمرار، أنا نفسي أخذت (4) دورات الى كل من ألمانيا والقاهرة ودورتين في عدن، كما قمت مع زملاء آخرين في عام 1975م بزيارة قصيرة الى بيروت».

«الآن الاعلامي معزول عن التطورات ولا يجري مواصلة تأهيله، فكيف سيواجه جبروت الصحافة العالمية وهيمنة وسطوة الاعلام الغربي في ظل غياب هذا النوع من التأهيل وغياب التنافس، فكيف سنواجه العولمة اذا لم نتطور ولم تتطور وسائلنا؟!»

شكيب عوض و«الرحيل النبيل»:
بعد صراع دامٍ مع المرض خلال الفصل الأخير من عام 2005م والفصل الاول من عام 2006م استسلم شكيب عوض لقضاء ربه، وفاضت روحه الطاهرة الى ربها في العاشرة والنصف من مساء الاثنين الموافق 27 مارس 2006م، وقال لي د. مبارك الخليفة، صاحب «الرحيل النبيل» بعد يومين من رحيل شكيب: «كان شكيب عوض متفرداً في كل شيء».

فقيدنا الغالي شكيب عوض متزوج من التربوية الجليلة الست أمون باسودان، اطال الله عمرها ومتعها بالصحة، وأثمرت تلك الزيجة ولدين توأمين هما: محمد وأحمد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى