«الأيام» في زيارة خاصة لرجل المرور الأول في حضرموت .. استنطاق الذاكرة المرورية للعم سالم بامسعود

> «الأيام» سند بايعشوت:

>
سالم بامسعود مع زملائه في سلطة المرور في مطلع الثمانينات
سالم بامسعود مع زملائه في سلطة المرور في مطلع الثمانينات
في مقهى شعبان خلف السينما الأهلية بالمكلا يحتسي كل صباح فنجان شاي ثم يغادر المقهى إلى منزله الكائن بمنطقة باجمعان بالمكلا في التاسعة صباحاً.. نظام لا تخطئه العين.. ولعل الرجل اكتسب هذا النظام وفقاً للتعليمات العسكرية الصارمة.. فقد كان العم سالم بامسعود يعمل قبل أربعين عاماً في سلطة مرور حضرموت هو واثنا عشر رهطاً من قرنائه، ولعله أول رجل مرور في حضرموت، حين كانت فسيفساء المكلا خالية تماماً من الزحمة والازدحام، ومع هذا طبق العم سالم النظام والقانون بحذافيره أو على حد تعبيره لا يعرف صاحب ولا رفيق حين يلبس البذلة المرورية الميري.

بادبش في جول مسحة.. وعلي ناصر في فوه

أما الآن فحين يكون في طريقه من بيته إلى مقهى شعبان قاطعاً مسافة كيلو متر سيراً .. ليس عن بخل ولكن هذا هو رأيه كل صباح (يتحتحت) حين يرى شوارع المكلا (معصودة) بالسيارات.. ومعنى (يتحتحت) باللهجة الشعبية الحضرمية (يحرق أعصابه)، فالرجل طوال حياته المرورية العسكرية كان قد تعود على النظام والقانون، ولكن (محّد يعبّر زامه بزام غيره). إشارة صفراء

هو سالم عبيد سالم مسعود وشهرته سالم بامسعود من مواليد 1920م.. أحيل إلى التقاعد برتبة ملازم أول والرقم العسكري 8080 رقم البطاقة (09198) .

< ما هي أبرز أخطاء السائق (حق أول) مع أنه نظامي؟

- في واحد غلط خرج من سدة المكلا والسراج أحمر (لاصي) ذهبت وراءه إلى الريان بسيارة الجيش .. هذا كان في الستينات، وبعدين جبته وورّيته السراج قلت له: الأحمر قف، الأصفر تستعد، والأخضر تمشي.. قال نعم.. قلت له: بس توّك روّح.

< إذن عم سالم كانت هناك إشارات مرورية في ذلك الوقت؟

- كانت هناك إشارات مرورية يدوية على الكهرباء عملها (الروبي)، الله يرحمه، كان مصنوعة بصندوق حق رصاص وعيون (سراجات) حق موتر.. ونحن باليد نمشي الأحمر والأخضر والأصفر.

< هل كنت تعمل منذ عهد الدولة القعيطية؟

التحقت بالعسكرة شهر يونيو 1956م (شرطة السلطنة القعيطية وبعدين تأسس المرور في مارس 1965 وعملوا اجتماعا أيام بدر الكسادي وأسسوا مرور (مشاة) بدون مكتب.. في عام 1982 جاء عبدالله الخياط وفتح المرور للرسوم حق السيارات. وكانت الرسوم في المالية.. وبعد ذلك تحول المرور إلى حي باجعمان بالمكلا.

< متى كان المرور .. سلطة؟

- نحن نرسل ورقة إلى المديرية بأمر المرور، يُرسل بعدها المخالف إلى المحكمة.. ولكن السائقين طيبون بمعنى الكلمة والمرور طيب معهم.. كانوا ذلك الوقت كلهم يخضعون للنظام «محّد يقول لا ما بغيت».

< ما هي مراحل استخراج رخصة السياقة (الليسن)؟

- أول تخرج (برمت) وتستمر ثلاثة أشهر وبعدها يلقون لك مسامير وعقبات ولا يعطى (الليسن) إلا بعد فحص.

< والآن إذا قيل لك أخرج إلى الشارع ونظم حركة المرور؟

- المرور مهمته تنظيم الحركة إذا كان بلباسه.. أما إذا كان واحد «شارب حبوب».. هذا شي ثاني!

< ولكن عم سالم هل قمت بإيقاف سيارة أحد السلاطين أو أحد المسؤولين؟

- غير مرة قمت بإيقاف سالم محمد جبران، كان سكرتير الحزب في حضرموت، ومع هذا المسؤولون والسائقون يحترمون النظام.

< وماذا عن فئات السياقة؟

- كان الناس معظمهم (الفئة الخامسة) لاندروفر.. الأولى سيكل نار(دراجة نارية) الثانية تاكسي.. الرابعة الباصات الكبيرة.

< ما مقدار الغرامة المالية للسائق المخالف؟

- كانت الغرامة (خمسة شلن) للمعترف بغلطته وغير المعترف نوديه للمحكمة، وكان الشيخ سعيد محفوظ برعية قاضي المحكمة يبت في مثل هذه القضايا.

< وماذا عن الدوام؟

- يجب أن تكون في الشارع من السادسة صباحاً إلى الثانية ظهراً، ونأخذ راحة ساعة ونصف ونخرج العصر إلى الساعة التاسعة والمرور شغال وعاده بعد كم يوم قالوا الرئيس بايجي.. سالمين.. علي ناصر.

< وكيف يكون تنظيم موكب الرئيس؟

- هناك سائق اسمه با دبش.. أوقفت هذا السائق في جول مسحة عند مدخل مدينة المكلا لأن موكب الرئيس علي ناصر محمد سيمر بعد ساعة.. جاء الموكب وراح إلى فوة .. والسائق با دبش مكانه واقف بعد مرور موكب علي ناصر بساعات.. قلت له: ليش عادك واقف خلاص الموكب قد عبر. قال: أنت مرور قلت لي وقف.. وقفت.. يعني هذا يمثل حالة من حالات النظام عند السائق (حق أول).

< من هم زملاؤك في المرور؟

- محمد أحمد باموسى، مبارك سعيد بازبيدي، وآخرون.

< هل جرى تكريمك؟

- في كل سنة يكرمنا المرور (على طول).

< وماذا عن لباس المرور سابقاً؟

كان لباس المرور قصيراً (بنديس) في الأرجل وآخر في الخصر في و«تبطي واقف».. والبنديس أشبه بالحزام تظل ثمان ساعات واقفاً ممنوع الجلوس وعدم الاستناد بالجدار والصفّيرة (الصافرة) ضروري منها «لا ما معك صفيرة ما أنت عسكري».

< والراتب.. عم سالم؟

- أول كان أيام القعيطي (يقصد السلطنة القعيطية) مئة وثلاثين شلنا مشاهرة، وخمسين شلنا راشن الإجمالي مئة وثمانون شلناً، لكن الرز عند باجابر من حسبة الجونية بثلاثين شلن.. يعني باختصار بأربعين شلن راشن من عند عبود باعيسى.. معك مئتا شلن تروح بك إلى السعودية عن طريق الباخرة حق باخشب «قعة رخيصة».

< في أي عام أحلت للتقاعد؟

في شهر يونيو عام 1988م

وأخيراً .. إشارة خضراء
- كان السائق يحترم المرور.. والعكس.. لأن النظام يسري على الجميع .

- يمنع سابقاً العنفطة (أي تشغيل ابواق السيارات) بالقرب من المستشفيات.

- العم سالم بامسعود قضى معظم عمره في خدمة الوطن.. وهن العظم منه واشتعل الرأس شيباً.. والأمل في زيادة راتبه التقاعدي.

- وأخيراً: ألا ليت بامسعود يعود يوماً .. لأخبره بما فعل المرور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى