كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
عرفت الفقيد العزيز من عشر سنوات أو أكثر.. وكنت أتمنى لو عرفته من قبل.. من عشرين عاما.. من ثلاثين عاما.. إن شخصا مثله يستحق أن يعرفه أي إنسان عمره كله.. وكنت أحتاج وقتا كافيا لكي أتذكر أكثر عن حياة فقيدنا العزيز (العميد عبدالرحمن سعيد مقبل).. أقلب الأوراق والصفحات عن الأيام الجميلة التي كانت تجمعنا مع بعض كثيرا.. لكي أضعه في موقعه من نفسي.. وفي مكانه من قلبي.. لولا الضيق والحزن الشديد والألم الموجع الذي أصبح يعتصر حياتنا.. فما أشقانا- نحن أصدقاء عبدالرحمن- بعده.

< كنت أشعر بكثير من الارتياح عندما نلتقي في بعض المنتديات في عدن وصنعاء.. وكان هو وحده مصدر هذا الارتياح.. كنت أستمع إليه وهو يتحدث عن ذكرياته حول الكفاح الوطني في اليمن.. ونضال الشعب اليمني من أجل الحرية والاستقلال والوحدة.. كان يتحدث كثيراً.. ويضحك أكثر.. وكان لقاؤه متعة عظيمة.. وكان عندما يتحدث تشعر بمدى الحزن في صوته وعمق المأساة.. فقد كانت رؤيته إلى الحياة واضحة جدا.. وكان يدرك من الأحداث والوقائع ما لا يدركه أكثر الناس.. وكان على حق في ذلك كله.

< وكانت رحلة الفقيد العزيز عبدالرحمن سعيد مع المرض قصيرة.. وقد بدأت - كما أتذكر- من عشر سنوات تقريبا.. كنا ذات يوم (مقيلين) في منتدى «الأيام» في عدن.. كنا جميعا نتبادل أطراف الحديث.. ونضحك كالعادة .. وفجأة أخرج صديقنا المرحوم محمد أحمد باشراحيل جهازاً صغيراً لفحص السكر في الدم.. فحص نفسه أولاً.. ثم بعض الحاضرين الذين طلبوا إليه فحصهم.. وظل عبدالرحمن يتفرج علينا ويضحك.. التفت إليه وقلت له: جاء دورك يا عبدالرحمن.. فقال: أنا لا أشكو من شيء.. وربما أكون أنا الوحيد من بينكم ليس فيه سكر.. فقلت له: ربنا يعطيك الصحة.. ولكن لا بأس في أن تفحص مثلنا.. فرفض وبعد إلحاح شديد قبل.. وهو واثق من أن دمه خال من السكر.. وبعد الفحص ..كانت النتيجة مزعجة جدا.. فقد كانت نسبة السكر في الدم أكثر من أربعمائة درجة.. ومن هنا بدأت رحلة عذاب المرض بالسكري مع عبدالرحمن سعيد.

< وفي المرة الثانية.. أذكر أن أحد الأصدقاء كان يشكو من مرض في عيونه.. ومن حسن الحظ كان الدكتور زهير شهاب - اختصاصي أمراض وجراحة العيون والأستاذ المحاضر في إحدى الجامعات في أمريكا- في زيارة للأهل في عدن.. وأبدى استعداده لمعاينة وفحص مرضى العيون مجانا.. وتحمس عبدالرحمن وأصرّ على صديقنا المريض أن يصحبه للكشف والفحص عند الدكتور زهير شهاب.. وبعد الفحص تبين أن هذا الصديق لم يكن يشكو شيئا خطيراً في عيونه..ثم طلب الدكتور زهير أن يكشف على عبدالرحمن.. فأجابه عبدالرحمن: ولكني لا أشكو شيئا.. فقال زهير: دعني أفحص عيونك.. وأذعن عبدالرحمن لطلب الدكتور زهير .. وبعد الفحص.. كانت النتيجة مزعجة جدا جدا.. فقد كان مصابا بانفصال في الشبكية ومهدداً بالعمى .. وبدأت رحلة عذابه - مع مرض العيون - إلى الهند.

< إن حالتي النفسية كانت سيئة جدا.. بعد أن مات واحد من أعز الأصدقاء.. مات عبدالرحمن .. ولم يكن موته هيناً علينا.. كلنا كنا نبكيه.. وكلنا كنا نتألم .. ونترحم عليه.. فرحمة الله عليك يا عبدالرحمن رحمة الأبرار!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى