(قرى في مواجهة السيول) .. السيول اجتاحت جلعة والحيبلة وحورة الساحل .. وعرقة تنتظر والسلطة غائبة

> «الأيام» احمد بوصالح:

> كثير من القرى في الوطن مهددة بأخطار كثيرة ومتعددة، ومنها قرى صغيرة وبعيدة عن قلب وعين السلطة ولكنها ليست ببعيدة عن خطر السيول الجارفة.. «الأيام» استطلعت عدداً من قرى مديرية رضوم بمحافظة شبوة التي يحدق بها خطر اجتياح السيول.. فإليكم الحصيلة.

مخاطر ومخاوف ولا مبالاة
قرية جلعة الساحلية تعد أكثر المناطق المهددة باجتياح السيول وذلك لعدة أسباب، منها كبر مساحة الوادي المتجه مباشرة إلى القرية وعدم وجود الدفاعات بمختلف أنواعها الكافية لحماية القرية وسكانها، والأهالي مصابون بالخوف من ذلك، ومبعث مخاوفهم هو تجربتهم بل تجاربهم الماضية مع السيول والوادي المفتوح. ففي عام 1992م دفر الوادي بالسيل الجارف وجاءت سليمة فالأضرار انحصرت في انهيار الجسر المعلق المحاذي للقرية من الشرق.

وبعد سنوات وبالتحديد في أواخر شهر مايو 96م دخلت مياه السيول الى قرية جلعة ولكنها لم تحدث أي أضرار حيث كانت المياه بكميات قليلة، بعد ذلك استشعر الأهالي الخطر ورفعوا رسالة (مذكرة) الى المسؤولين في المحافظة تعبر عن مخاوفهم، وناشدوهم فيها بوضع الحلول السريعة لتجنيبهم مخاطر السيول، وكانت المذكرة بتاريخ 23/6/96م ولكن أياً من المسؤولين لم يعر مذكرتهم اهتماماً.

وظلت الأمور كما هي مخاوف ورعب تجتاح قلوب المواطنين ووعود ولا مبالاة على الضفة الأخرى.

و.. حلت الكارثة
منتصف ليلة 7/10/2000م وجد سكان القرية البالغ تعدادهم أكثر من 2000 نسمة أنفسهم وجهاً لوجه مع مياه السيول المتدفقة من الوادي التي لم تجد أي مانع من دخول القرية من الجهتين الشرقية والغربية، فاجتاحت منازل المواطنين الطينية والأكواخ الشعبية ونتج عن ذلك أضرار بالغة في الممتلكات حددها تقرير أعدته لجنة مكلفة بالحصر: إصابة 19 منزلاً بأضرار كلية وجزئية، منها منزلان تضررا بنسبة 100% انهيار كامل، و3 منازل بنسبة 75% انهيار أجزاء منها، وأربعة عشر منزلاً بنسبة 60% شروخ وتشققات وعدم صلاحية للسكن و150 رأس غنم، بالإضافة إلى ماكينتين بحريتين وممتلكات أخرى. «الأيام» نشرت استطلاعاً متكاملاً عن الكارثة في يوم الأربعاء بتاريخ 1/10/2000م.

وعود بالمعالجة لم تنفذ
وبعد أن وقع المحذور ووقع فأس السيول في رأس أهالي قرية جلعة، وأصابهم بألم فضيع تمثل في جرف منازلهم وممتلكاتهم قررت السلطة المحلية وكالعادة تشكيل لجنة لحصر الأضرار ورفعت اللجنة تقريرها الموضحة نتائجه في السطور السابقة، وكل ما عملته السلطة إصدار توجيهات بصرف مبلغ 400.000 ريال (ما شاء الله) نصفها على مكتب الزراعة والري والنصف الآخر على مكتب الصحة والسكان وغير ذلك لا شيء يذكر، أما بالنسبة للموضوع الأهم فقد التزم المحافظ الرصاص حينها بإرسال (شيول) بشرط تحمل المواطنين نفقات الوقود، الخلاصة لا (شيول) اشتغل ولا يحزنون، وظل الخطر ماثلاً أمام أعين أهل القرية .

هجرة ونزوح
لأن الخطر لا يزال قائما ولأن أحداً لا يضمن ما تخبئه له قادم الأيام طالما بقي الوادي مفتوحاً كفم الأسد المستعد للانقضاض على فريسته، قررت عدد من الأسر يفوق عددها العشرين أسرة الهجرة من القرية التي ولدوا ونشأوا وترعرعوا بين جنباتها وترك مصالحهم فيها والبحث لهم ولأطفالهم عن مناطق آمنة، وانتقلت إلى المناطق القريبة كعين بامعبد والجويري والقمري وبئر علي، وبقية السكان قرروا البقاء لعل وعسى الدولة تنظر إليهم وتقوم بتنفيذ مشروع جدي، أكرر مشروع دفاعات للقرية وسكانها.

الحيبلة والأودية الثلاثة
الحيبلة قرية صغيرة تقع على البحر العربي وهي المنطقة التي تعد مصب ثلاثة من أكبر الأودية في الوطن وهي وادي هدى ووادي حبان ووادي عماقين، وقد تعرضت لدخول مياه السيول أكثر من مرة، وكانت الأضرار في كل مرة محدودة على الممتلكات الزراعية ومعدات الاصطياد، فقط (ربك ستر)، وتكرر دخول السيول إلى القرية التي كانت تحتضن أكثر من 60 أسرة معظمهم من الصيادين، مما اضطرهم إلى البحث عن منطقة آمنة بعيداً عن السيول ومخاطرها، ولكن ظلت الآمال بحمايتهم من قبل السلطة قائمة بتنفيذ مشروع دفاعات أسوة بمناطق أخرى في البلاد، ولكن طال انتظارهم دون جدوى.

سيل آل بابريش.. والرحيل
نالت قرية الحيبلة نصيبها من السيل الجارف الشهير بسيل آل بابريش (نسبة إلى اجتياحه قرية الصفاة التي تسكنها أسرة آل بابريش وجرفها كاملاً وصرع أكثر من 7 مواطنين) وذلك عام 1996م -كما أسلفت .. دخلت السيول القرية وأجرفت ما وقع في متناولها من مساكن وممتلكات بل ووصول بعض الجثث إلى القرية، حينها فقط قرر السكان الرحيل إلى منطقة عين بامعبد وتأسيس حي سكني يسمى الجول لحمر، وقرر عدد من السكان البقاء، إلا أن القرية ما تزال مأهولة بالسكان بسبب وجود الصيادين العاملين فيها طيلة أيام السنة، لذلك فإنها بحاجة ماسة لبناء دفاعات تحميها من مخاطر السيول.

جرف الأراضي الزراعية
قرية حورة الساحل هي الأخرى تقع على بعد 300م فقط من شاطئ بحر العرب، جنوب غرب عاصمة المديرية رضوم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 2000 نسمة يعملون في الزراعة وصيد الأسماك، وتشتهر حورة الساحل بزراعة محصول (الحبحب) والجلجل (السمسم) والحبوب، بالإضافة إلى الإنتاج الوفير من الأسماك، فالقرية حتى الآن محروسة بلطف المولى عز وجل من خطر السيول رغم وجود واد كبير يبلغ عرضه أكثر من 1 كم يتوسطها .. وحورة الساحل تنقسم إلى قسمين واقعين على ضفتي الوادي الأول (المنزل) غرب الوادي و(لكعب) شرق الوادي، والحقيقة لم أسمع عن خسائر أو أضرار حدثت في أي من الأوقات خصوصاً البشرية أو المنازل، اللهم حدوث أضرار في جرف الأراضي الزراعية، ولكن الخطر على كل حال قائم ولا أحد يعلم ولا أحد يضمن الوادي الكبير وسيوله الجارفة.

عرقة والوادي المفتوح
وآخر قرى مديرية رضوم بمحافظة شبوة المعرضة لتهديد خطير من السيول هي قرية عرقة التي تعد آخر منطقة تابعة لمحافظة شبوة من جهة الغرب وتحاذي محافظة أبين، وبفعل السيول المتكررة في الوادي الكبير المسمى باسمها (وادي عرقة) انحرف مجرى الماء في السنوات الأخيرة بشكل كبير باتجاه الغرب، وهو الاتجاه الذي يستهدف المنطقة الكبيرة والمأهولة بالسكان الذين يقدر عددهم بأكثر من 5000 نسمة.

وقد سبق للقرية أن تعرضت لتهديد السيول في عام 1996م عندما وصلت مياه الوادي إلى مشارف القرية ولم تفصلها عنها سوى أمتار قليلة ولولا عناية المولى وتسبب كثبان رملية صغيرة في تحويل المياه إلى الشرق لحدثت كارثة، و«الأيام» في ذلك الوقت نشرت مناشدة باسم المواطنين تجاوب معها المسؤولون مشكورين.

تجاوب ولكن..!
وزارة الزراعة والري اعتمدت مشروع إنشاء دفاعات لحماية قرية عرقة عبر مشروع التنمية الريفية بالمحافظات الشرقية، وفعلاً تم تنفيذ المشروع ولكنه لم يكن في مستوى طموح المواطنين وغير كفيل بحماية القرية، لأن مجموع الشباك الحديدية(الجابيون) التي وضعت في الوادي لم تُغطِّ20% من مساحة الوادي وفتحته الموجهة صوب القرية، بدليل دخول المياه متجاوزة الدفاعات الموضوعة.

قرية عرقة بالفعل في خطر حقيقي، لأن منازل المواطنين في الطرف الشرقي للقرية لا تبعد عن ضفة الوادي الغربية سوى 200 متر فقط.

دفاعات ترابية لا تفي بالغرض
في خواتيم العام الماضي 2005م وبمتابعة حثيثة من قبل الأخوين عبدالله صالح عفيف، عضو المجلس المحلي بالمحافظة (ممثل المديرية) وهادي سعيد الخرماء، أمين عام المجلس المحلي بالمديرية تم تنفيذ مشروع دفاعات ترابية لحماية قرية عرقة، وتم إنشاء 4 أسوام طويلة ولكنها تكاد تختفي بفعل الرياح القوية التي تهب على المناطق الساحلية.

ومن هذه التجربة علمت أن وزارة الزراعة والري اعتمدت مشروعاً لحماية منطقة جلعة بمبلغ أربعة ملايين ريال ولكنه عبارة عن بناء دفاعات ترابية لن تغني في الدفاع عن القرية.

أما بالنسبة لمنطقتي الحيبلة وحورة الساحل فلم تذكر أي محاولات أو جهود لحمايتهما من خطر السيول.

إلى معالي الوزير
«الأيام» بجهدها المتواضع هذا الذي لا تهدف من خلفه جني مصلحة خاصة غير مصلحة المواطنين وحماية حياتهم وممتلكاتهم، تضع هذه المادة على طاولة الأخ وزير الزراعة والري د. جلال فقيرة، وهي أمانة ننقلها إليه من المواطنين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى