رائد الصحة المدرسية بمحافظة حضرموت الوالد سالم فرج باحمالة:كنت أتمنى الحصول على تكريم يليق بـ 37 عاما من العمل ولقب (باجمالة) أطلقه علي السلطان عوض القعيطي

> «الأيام» عادل أحمد القحوم:

> الوالد سالم فرج باحمالة لم يكن أحد الرجال الذين لعبوا دوراً في التاريخ السياسي، ولكنه رجل استطاع بعمله وجهده أن يدخل الكثير من بيوت الزمن الماضي الجميل، عمل وظل يعمل بجهد كبير وبإمكانيات بسيطة طوال أيام ذلك الزمن، مقدماً خدماته العلاجية للطلاب خلال عمله في مجال الصحة المدرسية ولم تقتصر تلك الخدمات على الطلاب فقط بل استطاع بخبرته وتفانيه في عمله أن يصل إلى قصر السلطان القعيطي.

في الأسطر التالية سيقدم لنا الوالد سالم وصفاً لبعض مراحل حياته العملية.

البداية عند انكرير
«اسمي سالم فرج بن سعيد حميدون باحمالة من مواليد الشهر العاشر من العام 1924م مدينة تريم وكنت وحيداً لأمي وأبي الذي كان يعمل أعمالاً خاصة، توفي أبي وأنا كنت صغيراً ودرست للصف الرابع وعندها تجولت هنا وهناك في المكلا، رخية، شبوة، بريرة وغيرها من المناطق باحثاً عن لقمة العيش لي ولأمي..اشتغلت في (البوليس) في مدينة الشحر في مخفر سدة العيدروس وكان ذلك في العام 1946م وما تلاه، استمريت في البحث عن عمل إلى أن وفقني الله بالعمل في مستشفى (باشراحيل) المكلا حالياً كعامل تنظيف في عام 1948م، وذلك في مكتب نائب مدير المستشفى ويدعى (انكرير) وهو هندي وعندما ظهر لهم إخلاصي وحبي للعمل اشتغلت ممرضاً بالمستشفى ومن أجل تحسين حالي درست التمريض وساعد في ذلك إن إدارة المستشفى فتحت في تلك الفترة مدرسة للتمريض فكنت أدرس وأشتغل وأقوم بمراجعة دروسي بالليل في البيت وكانت والدتي رحمها الله تقدم لي الدعم المعنوي الذي أحتاجه ولو أنها كانت تستغرب دراستي للغة الإنجليزية التي بدت ألفاظها غريبة عليها وتدرجت من ملازم أول إلى ملازم ثان، إلى مشرف طبي إلى (كادر 5-6) عملت بالتمريض في المستشفى حتى عام 1964م عندها تحول عملي إلى المدارس.

الدراجة الهوائية وسيلة التنقل بين المناطق
كانت أول المدارس التي عملت بها المدرسة الشرقية التي توجد بجانب جمرك المكلا كذلك مدرسة البلاد، مدرسة دار الناخبي، مدرسة آل شيخان، بالإضافة إلى مدارس أخرى كالجماهير وغيرها وعندما توقف عمل المرحوم سالم سعد باشراوي وعلي محمد بن هامل في مدارس حي العمال وأكتوبر أخذت أنا أماكنهم فعملت في مدارس: الوسطى (اسمها اليوم سمية) الغراء، بلقيس وغيرها، أما في الديس فكانت مدارس: النضال، الزهراء، ردفان، الاستقلال أماكن عملي، بالإضافة إلى ثانوية البنين وثانوية البنات، غير أن مدرسة النقع لأبناء البدو الرحل التي تغير اسمها إلى الوسطى ثم دار المعلمين أبرز محطاتي وكنت أنتقل بين كل هذه المدارس في مرحلة من المراحل بواسطة دراجتي الهوائية التي أمتلكها.. ولا أكتفي بالعمل في هذه المدارس بل كنت أذهب لتقديم الإسعاف والعلاج لأشخاص من خارج مدينة المكلا، فأذهب بدراجتي الهوائية إلى بويش والحرشيات وروكب دون أخذ أجرة العلاج من أحد ولا حتى أجرة المواصلات وكنت أعالج حالات الجراحة البسيطة والحروق ومنها العميقة ومرض السكر وحالات الولادة وضرب الحقن المختلفة وغيرها من الحالات التي تتطلب في بعض الأحيان السرعة في وصف وتطبيق العلاج المناسب. ومن الحالات التي أتذكرها أنني كنت أقوم بإعطاء امرأة حقناً وصفها لها أحد الأطباء المعروفين في فترة ما قبل الاستقلال وبعده مباشرة ولكني وجدت أن هذا الدواء قد أضر بالمريضة وعمل لها تحسس، فأشرت لها بإعلام الطبيب بذلك ولكنه أصر على نفس الدواء.. وعندها أمرتها بوقف استعمال هذا الدواء ووصفت لها آخر مناسباً لحالتها ولله الحمد جاءت النتيجة من الدواء جيدة وازداد وثوق كثير من الناس بي وهذا ناتج عن خبرة في ممارسة التمريض. وحين كنت أذهب إلى المدارس صباحاً فإنني عصراً أذهب للإشراف وتقديم العلاج لمرضى الجذام في منطقتهم المعزولة والمعروفة للجميع بالرغم من أن البعض كان يخاف من مجالستهم، ولكنني كنت أحب ذلك العمل لأنه إنساني قبل أي شي آخر.

عملي عند السلطان القعيطي
ومن الذكريات الجميلة التي أتذكرها مرافقتي للسلطان عوض بن صالح القعيطي عندما ذهبت بصحبته إلى عدن كمرافق طبي في إحدى سنوات الستينات، يومها قال السلطان عوض: المفروض أن يسموك سالم باجمالة وليس باحمالة.

التكريم بخلاطة كهربائية
وبعد 37 عاماً من العمل المتواصل في مجال التمريض والإسعاف والصحة المدرسية تركت العمل وتقاعدت، وكان ذلك في 15 يوليو 1985م وكرمت بشهادة تقديرية من مكتب الخدمات الصحية وخلاطة كهربائية وكنت أتمنى الحصول على تكريم أكبر، تقديراً لما بذلته من جهد وإخلاص وخاصة من جانب التربية والتعليم.

وإنصافاً أقول إن مدرسة الزهراء بحي أكتوبر قد كرمتني بهذه المناسبة بشهادة تقديرية، كما كرمتني في السابق مدرسة النقع لأبناء البدو الرحل في العام 1969. أما في مجال عملي الصحي فإنني تحصلت على بعض الشهادات المهنية منها شهادة دبلوم في الصيدلة عام 1956م من لجنة التدريب التابعة للخدمات الصحية لمحمية عدن. كذلك شهادة في الطب الوقائي والصيدلة والطبيعيات والإسعاف الأولي وذلك عام 1954م».

وبعد.. تلك هي فواصل من شريط ذكريات الوالد سالم باحمالة، آمل منها أنني قد عرفتكم برجل عمل بصمت في الظل ومحاولاً أن أذكر من نسي.. فهل تذكرتم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى