سياح .. أهل عدن رغم فقرهم أغنياء بكرمهم وابتسامتهم التي لا تفارقهم

> «الأيام» فردوس العلمي :

>
اثناء زيارة السياح لمسجد العيدروس بكريتر
اثناء زيارة السياح لمسجد العيدروس بكريتر
رست على رصيف السواح في ميناء عدن فجر امس الاول الباخرة البانامية (اماديا) وعلى متنها 444 سائحا وسائحة من مختلف الجنسيات بالإضافة الى 282 من طاقم الباخرة، وبعد انتهاء رجال الجوازات من عملهم فوق الباخرة (اجراءات الدخول)، توافد السواح الى الرصيف وكان في استقبالهم فتاة في مقتبل العمر ترتدي الزي اليمني المكون من العباءة والمقرمة السوداء والبرقع .. كاميرا «الأيام» رصدت الموقف والدهشة في عيون السياح عندما وقفوا يلتقطون الصور مع الشابة الجميلة التي ترتدي الزي اليمني ولم تكن تلك سوى (نوغة) ذات الـ 23 ربيعاً وهي إحدى موظفات الباخرة (اماديا).. توجهت اليها وسألتها لماذا ترتدين هذا الزي؟ فقالت: «اسمي نوغة اعمل في الباخرة وقد سبقت السياح في النزول الى الرصيف وارتديت هذا الزي، واتبعنا هذا الاسلوب لمعرفتنا بأن النساء اليمنيات يرفضن اخذ الصور لهن وأحببنا أن نجعل السياح يشعرون بأنني يمنية ويلتقطون الصور معي للتذكار، وسنخبرهم بهذا الموقف بعد أن ينتهوا من رحلتهم».

< (فولدجن) متقاعد عمل في مهنة الطلاء.. و(كارينا) هي الأخرى متقاعدة حالياً وكانت تعمل مدرسة، قالا: «أول مرة نزور اليمن وخاصة عدن، وقد سمعنا عنها الكثير من الحكايات. وصلنا الى ميناء عدن بعد مرورنا بكل من الصين واليابان والهند وفيتنام وماليزيا وسنغافورة وفرانكفورت، وبعدها سنتوجه الى الحديدة ومنها الى ميناء السويس في مصر.. نحن سعداء بزيارة اليمن، هذه البلاد الجميلة التي تمتلك الكثير من المواقع الأثرية الجميلة» وتستغرب كارينا من الضجيج الشديد في المنطقة بالرغم من أنه يوم اجازة للمسلمين. وأضافت: «عدن مدينة سمعنا عنها الكثير وآخر الحكايات تلك التي نقلها سياح الباخرة كولومبس حيث قالوا إن عدن مليئة بالمواقع التاريخية الجميلة ولكنها تفتقر الى النظافة والاهتمام، وحالياً نحن شاهدنا مدخل الكابتن هنس (صيرة) ولكن ليس بنفس الصورة التي نقلها لنا سياح الباخرة كولومبوس، فهناك ملامح نظافة بادية على الموقع، ولكن مازلنا نصر على أنها بحاجة الى مزيد من النظافة والاهتمام، كونها موقعا أثريا له تاريخ طويل يمثل كفاح شعب».

< أما كريستينا زولدمان (62 عاماً) متقاعدة، عملت بائعة في اكبر تجمع تجاري في ألمانيا، لديها 3 اولاد.. فقالت: «أُحلت للتقاعد منذ وقت مبكر، ففي ألمانيا يسمح القانون للمرأة التي لديها اكثر من طفلين أن تتقاعد مبكراً». ثم تحدثت عن عدن قائلة: «إنها مدينة جميلة، وناسها طيبون والزائر لها يشعر بأنه منهم من طيبتهم وتقبلهم للآخرين بابتسامة جميلة تشعرك بأنك في بلدك، ولكن حرّها لا يطاق». وأضافت: «أثناء الرحلة بالباخرة شاهدنا افلاما وثائقية تحكي عن عادات وتقاليد المنطقة، كما قرأنا الكثير من الكتب عن اليمن وخاصة عدن .. ونحن نحترم عادات وتقاليد كل منطقة، والانسان لا يصدق ما يسمع إلا بعد ان يراه ويتأكد منه، فما في المخيلة شئ ومعايشة الواقع شيء مختلف.. سمعنا عن اليمن بشكل عام بأنها ليست منطقة آمنة ولكن ما رأيناه عكس ما سمعناه، فلم نر في كافة الشوارع والأزقة التي مررنا بها والمواقع التاريخية في عدن أى شخص يحمل سلاحاً رغم الصور والأفلام التي شاهدنها عن اليمن خاصة في بعض المناطق اليمنية رأينا حتى الاطفال يحملون الكلاشنكوف» اخبرتها بأن مدينة عدن يمنع الدخول اليها بالسلاح أو حمله داخل المدينة.

وتساءلت كريستينا عن اختفاء الكلاب والقطط وقالت: «لم اشاهد تلك الحيوانات في المدينة بعكس ألمانيا فهي منتشرة فيها بشكل كبير، ولا بد من وجود الكلاب والقطط بالمنازل فأنا قطتي وكلبي لا بد أن يشاهدا معي ما أشاهده عندما اخرج في نزهة». وتخطط كريستينا لزيارة اليمن مرة أخرى والمكوث فيها ليس لساعات فقط بل21 يوماً وخاصة في المناطق الجنوبية (حضرموت، شبوة، حبان، وعدن) .

السياح يتجولون على ساحل صيرة بعدن
السياح يتجولون على ساحل صيرة بعدن
وأضافت : «لم استطع أن اصبر حتى اعود إلى المانيا حيث تواصلت مع اولادي في ألمانيا وشرحت لهم ما هي اليمن وكيف هي عدن، وقد قال لي أولادي لا بد من زيارة عدن قريباً».

< ابير هارت هوس، متقاعد، كان رجل اقتصاد في احد بنوك ألمانيا يقول: «قبل عشرين عاما ارسلنا الى عدن مساعدات تنموية من منطقتي، وهذا نظام يتجدد كل عشرين عاما حيث يتم إرسال مساعدات اقتصادية تنموية حسب الاتفاقية المبرمة بين اليمن (عدن) وألمانيا وهي مساعدات تعنى بالجانب الزراعي» .

وعن الصهاريج يقول «قرأت من خلال اللوحة التعريفية بأن الانجليز أعادوا بناء هذه الصهاريج، ولا اتصور كيفية البناء أو كيفية نقل هذه الاحجار الكبيرة في ظل انعدام الرافعات» ويتساءل ابير هل هناك صهاريج جديدة بنيت؟!

تركت المرشد السياحي يوضح له بينما توجهت لالتقاط المزيد من الصور التي تؤكد أن عدن مدينة آمنة بناسها وتؤكد اختلاط السياح بالمواطنين.

< ياسمين تبلغ من العمر 26 عاماً تعمل في بوتيك للعطور بالباخرة، وكانت ضمن طاقم الباخرة (كولومبس) التي زارت عدن قبل فترة .. قالت: «أحب ممارسة العمل في الارشاد السياحي في وقت فراغي .. ولقد وجدت الناس في عدن طيبين» وعبرت عن إعحابها بمسجد العيدروس ووصفته بالموقع الأثري الاكثر نظافة .

وأضافت: «كانت المنطقة المحيطة بالمسجد تفتقر الى النظافة، ولكن في هذه الزيارة تغير الوضع وشاهدنا نظافة في الموقع عكس الرحلة السابقة».

وعن الفرق بين الزيارتين قالت: «لا استطيع أن أكوّن مقارنة، فالمقارنة تحتاج الى عام حتى نستطيع ان نحدد الفرق وليس أسبوعا او شهرا، لكن عندي شعور بأن هناك اهتماما وجهودا كبيرة بذلت للاهتمام بالنظافة، خاصة في المنطقة المحيطة بالمسجد.. ورغم التغيرات التي شهدناها فهناك اشياء لم تتغير بل ازدات وهي طيبة الناس هنا في عدن».

< باربرا، تعمل مصورة في الباخرة مهمتها التقاط الصور أينما كانت، وسواء أكانت جميلة أو مؤذية، قالت: «أعمل منذ سبع سنوات وهو مجال تخصصي حيث درست مختبرات تصوير، وجميع الصور أقوم أنا بتحميضها، وأكثر ما شدنا هو مسجد العيدروس حيث التقطت له العديد من الصور من مختلف الزوايا وكذا صور للسوق والخضار والباعة» .

وأضافت باربرا: «عمري 29 عاما وليس لي اولاد ولست متزوجة فمن يرغب بالتقدم لي سأقبل به».

< اللدوكا من المجر عمرها 25 عاما ورولند 26 عاما من التشيك يعملان موزعين للقهوة والمرطبات في بار الباخرة، جعلا من رصيف السواح (بوفيه) جميلة وصغيرة حين جلبا معهما المقاعد والطاولات.

تقول اللدوكا : «نقوم بتقديم المرطبات والأطباق الخفيفة للسياح عقب انتهاء الرحلة ليشعروا بالراحة».

< جادريما، صيدلانية متقاعدة في الـ 82 من العمر قالت: «اخذت انطباعات جميلة عن عدن فهي حقاً مدينة جميلة، ولم نعانِ سوى من شدة الحر ولكننا مرتاحون كثيرا لزيارة عدن .. وأكثر ما أثار إعجابنا مواقع الصهاريج ومسجد العيدروس». وأضافت: «عندما أعود الى بلدي سوف اشرح كل ما شهدته للاصدقاء والجيران وأهلي في ألمانيا .. فخلال سنوات عمري الطويله لم ألتق بناس بطيبة أهل عدن، فهم ناس لطفاء، ورغم الفقر فإنهم اغنياء بكرمهم وبابتسامتهم التي لا تفارقهم».

السياح داخل سوق القات بكريتر
السياح داخل سوق القات بكريتر
وتقول مبتسمة : «لا اريد أن يغضب مني الآخرون عندما يقرؤون ما قلته عبر صحيفتكم، فأنا ايضاً ارتحت كثيراً في كل المناطق التي زرتها اثناء رحلتي هذه».

انتهت الرحلة وغادر السياح بعد أن التقطوا الكثير من الصور منها الجميلة الطيبة عن عدن ومنها الصور المؤذية كما شاهدتها منها صور الشحاذين على ابواب مسجد العيدروس او في السوق وهم يلحقون بالسياح وتلك التي شاهدتها في مدخل صيرة، ورغم هذا فهناك جنود يعملون بصمت منهم رجال الهجرة والجوازات الذين يتحملون عناء الصعود الى السفينة وعمل إجراءات دقيقة لاكثر من 700 سائح، وكذا أمن الموانئ الذين يعتبرون العين الساهرة عليهم، ولا ننسى الشرطة السياحية فقد كان العقيد محمود احمد صالح والعقيد فيصل سرور والمقدم عبدربه علي والمقدم أحمد حسين والجندي فتاح المخلافي، هم الذين رافقوا الفوج السياحي، وكانت مهمتهم صعبة لضعف التنسيق بتحديد برنامج الزيارة فكان من ضمن مهمتهم ليس توفير الأمن وحسب بل إبعاد الشحاذين والمجانين والمتطفلين، محاولين اظهار المنطقة بشكل جميل أمام هؤلاء السياح .

برنامج هذا الرحلة لم يكتف بزيارة السياح الى مدخل صيرة ومسجد العيدروس والصهاريج ومزار السياح الاجانب (منزل رامبو)، بل تعداه الى زيارات لمدينة التواهي وشواطئها الجميلة.

لن تتوقف الرحلات السياحة عن زيارة عدن، فمن المتوقع أن تأتي باخرة الكسندر الثلاثاء القادم .. نتمنى أن لا نرى السياح يلتقطون صورة مؤذية وأن تقوم الجهات المختصة بالتنسيق الجيد لبرنامج الزيارة وكذا إخلاء الطرقات وأبواب المساجد من الشحاذين والمجانين وأن تهتم بنظافة مدخل صيرة .. ذلك المدخل الذي يحمل سجلا نضاليا وهو محط انظار الآخرين .

تحية شكر وتقدير لمترجم الرحلة ومرشدها السياحي العقيد مراد بيومي الذي تولى الترجمة لنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى