من ينصف القضاة وأعوانهم؟!

> القاضي سمير عبدالله شوطح:

>
القاضي سمير عبدالله شوطح
القاضي سمير عبدالله شوطح
تعددت المواضيع التي تناولنا فيها القصور والاختلالات التي تعترى أعمال بعض القضاة وكذا تلك التي تمس القضاء عامة، والحقيقة أن تحديد هذه المآلب والمهامز في أداء القضاء لولاياتهم هو البداية الصائبة لإيجاد المعالجات والإصلاحات الناجحة.

مع أن هناك وقائع ومواقع معلومة يعاني منها القضاة ويئنون تحت وطأتها أو أكثرهم على الأقل.. وتعد بمجموعها عوامل منتجة للإحباط، وأحياناً ظلم بيّن وظاهر يلحق بهم والأكثر أنه يمتد ليضم أعوانهم من الإداريين والكتبة. والقضاة هم المنتجون المباشرون للعدالة - المفترضة - وكذا أعوانهم الذين لا يستقيم عمل القضاة ولا يكتمل من حيث الشكل والمضمون دونهم.. ومع ذلك نجد أن منهم من تطحنهم ظروف قهر وظلم عشوائية الترفيع والترقي.. ناهيك عن حجم مميزات كثيرة مفترضة.

وإذا أخدنا مثالاً على ذلك قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (162) لسنة2000م بشأن تعديل جدول الوظائف والمرتبات والعلاوات والبدلات لأعضاء السلطة القضائية.. وكذا قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (265) لسنة2000م بشأن منح بدل محاكم لموظفي الهيئات القضائية .. مع أن المفترض أن يأتي ذلك التعديل الخاص بمرتبات وبدلات وعلاوات القضاة بذات قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م.

والمعلوم أن المواد: (67) و (68) و(69) و(70) و(71) و(72) من قانون السلطة القضائية المذكور والنافذ فيما يخص علاوات وبدلات القضاة والمواد (121) و(128) و(129) و(130) من القانون ذاته فيما يخص بدلات وعلاوات أعوان القضاة من موظفي المحاكم.

والمؤلم أن هذا الجدول الذي خص القضاة قامت الدنيا ولم تقعد حين نفاذه، والذي لم يكن له أن يرى النور على الإطلاق لولا جراءة العدل وحنكة الإداري وبصيرة السياسي التي اتصف بها الفاضل إسماعيل الوزير، وزير العدل حينها، ودعم وانتصار الإرادة السياسية العليا ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية - حفظه الله.

إن كف احتياجات القاضي أمر اعترف بأهميته منذ القدم، وتجذر هذا التوجه الصائب حين أشرقت على الدنيا الرسالة السماوية الخاتمة، حين رسختها قواعد شريعتنا الإسلامية السمحاء وسن لها رسول الهدى والسراج المنير محمد الأمين - صلوات الله وسلامه عليه- ومن بعده الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم.. وليس من المستغرب أن يتلخص هذا الأصل في رسالة على بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى عامله في مصر، والتي فوضه فيها باختيار القاضي، بعد أن بين له صفاته الواجبة وأن يعطي القاضي من المنزلة لديه ما لا يطمع غيره خاصة الوالي حتى يأمن القاضي اغتيال الرجال له عنده. وفي التاريخ الحديث أخذت بهذا الأصل الدساتير والتشريعات والأعراف المستقرة.

ومع كل ذلك ومع ما اعتبر خطوة هامة ومتقدمة كما ورد في هذا الجدول، نجد أنه لم يكن ليرتقي لمستوى الطموحات ومبتغيات هذا الأصل، خاصة وأنه تم تعليق كامل البدلات والعلاوات المكتسبة والمحددة مباشرة بنص قانون السلطة القضائية.. يضاف إلى ذلك أن أكثر بلاد العالم ومنها دول عربية قريبة وبعيدة تجاوزته بأضعاف مضاعفة.. وما يحز في النفس أكثر أنه منذ نفاذ هذا الجدول قبل ست سنوات لم تجر أية ترقيات مفترضة وبما يخالف الأصل المستقر بقانون السلطة القضائية. والمعلوم أنه منذ صدور ونفاذ قانون السلطة القضائية مطلع العام 1991م لم ينل القضاة أية ترقيات إلا لمرتين فقط؟!!

ولقد جرت أكثر من حركة قضائية شاملة وجزئية، إلا أن هذه الحركات جاءت قاصرة على تنقلات للقضاة ولم تشمل ترقياتهم خلافا للقانون نفسه وتحديداً المادة (83) من قانون السلطة القضائية التي جعلت الحركة ذات شقين: 1) تنقلات، 2) ترقيات.

هذا الحيف لم يسلم منه أعوان القضاة من الكتبة والإداريين الذين صنفتهم المادة (121) من قانون السلطة القضائية ضمن اصحاب هذا الحق.. لقد تخطى الواقع بكثير كامل الامتيازات التي افترضها المشرع واستوعبتها الإرادة السياسية.. وتحركت مرتبات موظفي الدولة أكثر من مرة.. دون القضاة.. فهل من ينصفهم كما يطلب محاسبتهم فهم أولى بالعدل؟

للتأمل
عدد القضاة العاملين بالمحاكم الابتدائية والاستئنافية ستمائة ونيف، إجمالي عدد القضاة ألف ونيف، إجمالي عدد موظفي ديوان عام وزارة العدل والمحاكم خمسة آلاف ونيف.. والعدد إجمالاً يكاد يكون أقل من موظفي بعض الوزارات أو القطاعات في إطار محافظة واحدة!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى