مخاوف من صوملة تشاد في حال انهيار نظام ادريس ديبي .. ديبي يهاجم بشدة الرئيس السوداني عمر البشير

> نجامينا/باريس «الأيام» وكالات:

>
الرئيس التشادي ادريس ديبي
الرئيس التشادي ادريس ديبي
شن الرئيس التشادي ادريس ديبي الذي اعلن امس الاول الجمعة قطع العلاقات الدبلوماسية بين بلاده والسودان هجوما حادا أمس السبت على الرئيس السوداني عمر البشير الذي اتهمه بارتكاب "ابادة" في دارفور ووصفه بـ"الخائن".

وقال ديبي خلال تجمع شعبي في نجامينا "اطلب من جميع القوى الكبرى ومن الاتحاد الافريقي والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والدول المحبة للسلام والعدالة التدخل عسكريا لانقاذ سكان دارفور الذين يتعرضون لابشع ابادة على يد الرئيس السوداني عمر البشير".

وقال لانصاره "اثبتم لتوكم للرأي العام العالمي وللذين خانوا قضية الوطن انكم غير مستعدين لترك بلادكم يحتلها مرتزقة ارسلهم بشير الخائن".

وطلب الرئيس ديبي الوقوف دقيقة صمت عن ارواح "الشهداء الذين سقطوا في المعركة والمدنيين (الذين كانوا) ضحايا هجوم نظام الخرطوم الوحشي".

وقال ان "التشاديين سيدافعون عن ارضهم حتى آخر تشادي وآخر تشادية"، وصاح "الى اللقاء يا خونة، الى اللقاء يا مرتزقة"، قبل ان يصف نظيره السوداني بـ"الخائن" و" الحمار" بالعربية.

وحمل مناصرو ادريس ديبي المتجمعون حول القصر الرئاسي لافتات كتب عليها "البشير يزعزع استقرار تشاد" و"البشير الدموي" و"ايها المجتمع الدولي، نريد حلا للبشير".

وكان ديبي اعلن الجمعة قطع العلاقات الدبلوماسية مع السودان الذي يتهمه بدعم متمردي الجبهة الموحدة للتغيير الذين شنوا الخميس هجوما دمويا على نجامينا صدته القوات الحكومية.

ورفضت السودان هذه الاتهامات.

كما هدد ديبي بطرد نحو 200 ألف لاجئ سوداني يقيمون في شرق تشاد في حال لم يتم ايجاد حل لانهاء النزاع القائم في اقليم دارفور السوداني. و أكدت السودان قرار تشاد بقطع العلاقات الدبلوماسية أمس السبت حيث وصف متحدث رئاسي في الخرطوم الخطوة بأنها تمثل أزمة.

وقال جمال إبراهيم المتحدث باسم الخارجية السودانية لوكالة الانباء الالمانية "إن حكومة تشاد استدعت القائمة بأعمال السفارة السودانية في الجنينة وأبلغتها رسميا أن تشاد قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع السودان ".

وأضاف أن الدبلوماسية السودانية في الجنينة وهي بلدة تقع شرق تشاد على الحدود مع السودان منحت مهلة خمسة أيام لتغادر البلاد.

يخشى المراقبون من "صوملة" تشاد وانهيار عدد من دول المنطقة اذا تمت اطاحة نظام الرئيس التشادي ادريس ديبي المتداعي بسبب الانقسامات وهجمات المتمردين.

واعتبر باحث فرنسي في الجيوستراتيجيا طلب عدم كشف اسمه ان الهدف "اصبح تجنب عملية انتقال دامية وعنيفة" للسلطة قد تنتج من انهيار النظام "اذا لم يتم ايجاد مخرج سلمي للازمة، والخطر هو + صوملة + تشاد".

وتوقع العديد من المراقبين في مقابلات مع وكالة فرانس برس انه في حال استولت الجبهة الموحدة للتغيير المكونة من مجموعات عدة غير متجانسة من قبائل تتعارض مصالحها على نجامينا، فمن المحتمل جدا ان ينفجر هذا التكتل لاحقا.

وفي حال وقع ذلك فإن قبيلة الزغاوا التي ينتمي اليها الرئيس والمنقسمة حاليا بين مناصر ومناهض لادريس ديبي من اجل السيطرة على السلطة التي طالما استحوذت عليها، قد تتحد مجددا ضد قبيلة تاما التي يتحدر منها زعيم الجبهة الموحدة للتغيير الكابتن نور عبد الكريم.

ويعتبر عبد الكريم قريبا جدا من السلطات السودانية الى حد انه متهم بالقتال الى جانب ميليشيات الجنجويد الموالية للخرطوم في مواجهة متمردي دارفور، المنطقة المحاذية لتشاد غرب السودان والتي تشهد حربا اهلية منذ بداية 2003 . واعتبر باحث فرنسي انه اذا تولى عبد الكريم السلطة فقد يؤدي ذلك الى "تحول كبير في معادلة دارفور على حساب الزغاوا" السودانيين العديدين في صفوف حركة التمرد والذين هم ضحايا انتهاكات الجنجويد.

وقد يؤول خطر انهيار النظام التشادي الى وضع يشبه الصومال حيث انعدمت السلطة المركزية لتفسح المجال امام عدد كبير من المجموعات المسلحة المتناحرة باستمرار بدون ان تتوصل اي منها الى التفوق نهائيا على الاخرى.

وتنجم عن ذلك تخوفات من "انهيار عدد من انظمة المنطقة، الواحد تلو الآخر وانعكاسها بشكل خاص على افريقيا الوسطى" التي تشهد اصلا اضطرابات سياسية وعسكرية عند حدودها مع تشاد والتي يتلقى رئيسها فرانسوا بوزيزي دعما كبيرا من نظيره التشادي.

وتساءل الباحث الفرنسي "عن استقرار الكاميرون في حال تعرض جاراه الشرقيان (تشاد وافريقيا الوسطى) الى زعزعة استقرارهما".

واعتبر العديد من المراقبين ان نهاية ديبي تبدو مجرد مسالة وقت وقال الباحث "السؤال ليس +هل سيرحل ديبي؟+ بل متى وكيف؟" وصحيح ان الجيش التشادي قاوم جيدا ولم ينهر فجاة في الساعات الاولى من المعارك التي جرت الخميس في نجامينا كما كان يخشى بعض المحللين، في مؤشر الى ان النظام ما زال يستفيد من قاعدة نسبية، ولكن الى متى؟ والحل الوحيد "السلمي" الذي يمكن توقعه يقتضي تنظيم عملية انتقالية بعد انسحاب ادريس ديبي طوعا من السلطة التي تسلمها اثر انقلاب على حسين حبري عام 1990 قبل ان يتم انتخابه عام 1996 واعادة انتخابه عام 2001 . لكن هذا السيناريو يبدو غير محتمل اليوم لان الرئيس التشادي يبدو في المقابل مصمما، رغم المعارك الاخيرة، على المضي في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من مايو.

وعدل ديبي الدستور ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة مما ادى الى زيادة توتر الاجواء السياسية. والرئيس التشادي هو عسكري قبل كل شيء يعترف له الجميع بشجاعته. وكما اوضح مصدر قريب من الرئاسة التشادية اخيرا لفرانس برس، فإن ديبي استبعد تماما حتى الآن اي فكرة فرار واقسم انه سيبقى في السلطة حتى النهاية.

ولا تعتبر الازمة التي يعيشها حاليا نظام الرئيس التشادي ادريس ديبي منفصلة في ابعادها واسبابها عن الحرب الاهلية التي تمزق اقليم دارفور السوداني المجاور لتشاد منذ العام 2003 . كان الرئيس ديبي لجأ الى دارفور عام 1990 بعد انشقاقه عن نظام حسين حبري حيث نظم فيه طلائع هجومه الناجح على نجامينا. وقد ادرك منذ اندلاع الحرب في دارفور مخاطرها المحتملة على نظامه.

وسارعت تشاد الى التدخل في وساطة اسفرت عن التوقيع في ابريل 2004 على اتفاق هدنة، لم يطبق، بين متمردي دارفور من القبائل الافريقية والسلطات السودانية المدعومة من ميليشيات الجنجويد العربية. وخضع ديبي لضغوط قسم كبير من عشيرة زاغاوا التي يتوزع افرادها بين تشاد والسودان لمساعدة "ابناء العمومة" من الزاغاوا في دارفور المنخرطين بكثافة في صفوف التمرد والذين يتعرضون لمضايقات ميليشيات الجنجويد الموالية لحكومة الخرطوم.

وتسبب رفض ديبي التورط في النزاع في شرخ داخل العشيرة وصل الى دائرة الرئيس العائلية المقربة.

وتمكن النظام من كشف محاولة انقلابية عام 2004 يقول مراقبون ان مقربين من ديبي تورطوا فيها. وتداولت الصحف اسماء التوأمين توم وتيمان ارديمي، وهما من اقارب الرئيس وسبق ان توليا ادارة مكتبه، كمشاركين في المحاولة.

ويقول خبير في شؤون المنطقة ان المحاولة الانقلابية في مايو كان هدفها "اجبار ديبي على تغيير موقفه من قضية دارفور". هذا علما ان الخلافات حول مسائل توزيع العائدات النفطية واصلاح الجيش ورغبة ادريس ديبي في الترشح لولاية ثالثة زادت التوتر داخل العشيرة.

ولم يحل رفض ديبي التدخل في دارفور، وهو قرار فقد الكثير من حدته على مر الوقت، دون قيام اعضاء نافذين وميسورين في عشيرة الزاغاوا من تقديم العون المالي واللوجستي الذي رفضه ديبي لمتمردي دارفور مما اثار غضب الخرطوم.

وينضم ضباط تشاديون احيانا الى الثوار في دارفور. وتعبر الخرطوم عن غضبها باطلاق نيران المدفعية او بغارات يشنها الجنجويد على الحدود مع تشاد، ما يعزز التوتر القائم اصلا بين البلدين.

وبلغ الاحتقان حده الاقصى في يناير الماضي عندما اعلنت تشاد نفسها "في حالة حرب" مع السودان الذي اتهمته بالوقوف وراء هجوم متمردي "التجمع من اجل الديمقراطية والحرية" ضد مدينة ادريه الحدودية.

والتجمع، المنبثق من حركة تمرد سابقة لقبائل تاما، يتخذ من السودان قاعدة له اذ تؤمن له فيه الاسلحة والاموال دون ان يتمكن الخبراء من تحديد ما اذا كان هذا الدعم يأتيه من النظام السوداني نفسه او من اجنحة معينة فيه لديها مصالح في دارفور.

ويشير المراقبون الى ان الخرطوم تنظر بعين الرضى الى احتمال وصول نظام اكثر تفهما لمصالحها في دارفور الى السلطة في نجامينا.

هذا وكانت الخلافات في عشيرة الزاغاوا قد خرجت الى العلن منذ انشقاق مسؤولين كبار محيطين بادريس ديبي عنه وتنظيم حركة تمرد تشادي من الزاغاوا هي "قاعدة التغيير والوحدة والديمقراطية".

وفي حين يبدو النظام مهتزا من الممكن ان يؤدي نجاح حركة تمرد الى ايصال حكام اكثر تعاطفا مع قضية المتمردين في دارفور الى السلطة في تشاد وهو احتمال تعتبره الخرطوم غير مقبول. وفي باريس قال محللون إن فرنسا تسعى فقط إلى امتلاك عضلات عسكرية ودبلوماسية تكفي لأن يكون لها كلمة في الصراع المتنامي في تشاد دون أن تتورط في حرب أخرى في فنائها الخلفي السابق في أفريقيا.

وهناك نحو أربعة آلاف جندي فرنسي بالفعل في مهام لحفظ السلام في ساحل العاج وآخر ما يمكن ان ترغب فيه باريس هو أن تتورط في حرب أخرى.

لكن فرنسا تريد أن تتأكد من أن السودان المجاور لا يساعد على الإطاحة بالرئيس التشادي ادريس ديبي وأن يكون له موطئ قدم لا يلقى ترحيبا في بلد كان لفترة طويلة بالنسبة لها محورا عسكريا واستراتيجيا في أفريقيا. وقال باتريك سميث رئيس تحرير نشرة أفريكا كونفدنشال التي تصدر في لندن "لا أرى أنها (فرنسا) تتحرك لإنقاذ ديبي." وأضاف "لكنني أرى حقا انها تعمل على أن يكون لها وجود واستراتيجية لأن تجرب وأن تكون وسيطا فيما سيحدث لاحقا وان توجه رسالة واضحة للخرطوم." ويتهم ديبي الذي تلقى تدريبا عسكريا فرنسيا السودان بدعم وتسليح متمردين شنوا في الأسبوع الماضي الهجوم الأشد جرأة إلى الآن على العاصمة نجامينا قبل أقل من ثلاثة أسابيع على انتخابات الرئاسة التي ستجرى في الثالث من مايو والمتوقع أن يفوز فيها ديبي. وقالت القوات الموالية لديبي في ساعة متأخرة يوم الخميس إنها نجحت في صد الهجوم لكن المخاوف الدولية من احتمال حدوث اضطرابات أخرى لا تزال كبيرة.

وأدانت فرنسا التي لديها الآن 1350 جنديا في تشاد بعد إرسال تعزيزات أي محاولات للإطاحة بديبي. وأطلقت طائرة حربية فرنسية يوم الأربعاء طلقات تحذيرية على طابور للمتمردين وحلق الطيران الفرنسي في طلعات استطلاعية على مواقع المتمردين. لكن باريس تصر على أنها لا تريد أي دور قتالي. ولم توقع فرنسا معاهدة دفاعية مع نجامينا إلا أن وزارة الدفاع الفرنسية قالت أمس الاول الجمعة إن تشاد وضعت اتفاقية للتعاون العسكري موضع التطبيق يوم الخميس الماضي لتأمين نقل 40 جنديا وأسلحة خفيفة إلى سهر في جنوب شرق البلاد. ومن الواضح بالتالي أن تشاد تحتفظ بأهميتها العسكرية بالنسبة لفرنسا. وحافظت على وجود عسكري هناك معظم الوقت على مدى 46 عاما منذ استقلال تشاد وأن تشاد تمثل "حاملة طائرات في الصحراء" يمكن أن تخدم من خلالها قواعدها الأخرى في أفريقيا. وقال سميث من أفريكا كونفندشال إن الدعم الفرنسي لديبي الذي خيمت على فوزه في الانتخابات السابقة تقارير عن تلاعب في الانتخابات مستمر إلى الآن. لكن باريس حريصة قبل أي شيء آخر على ضمان ألا يكون للقوات التي يدعمها السودان أي سلطة في تشاد.+

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى