كردستان مفعمة بالحياة فيما تحترق أجزاء من العراق

> العراق «الأيام» تيري فريل :

> إنه منتصف الليل والمطعم الواقع في الطابق الأخير من فندق السليمانية بالاس الذي يوفر رؤية بانورامية للمناظر الموجودة خارجه يغص بالرواد,تحت هذا المطعم بسبعة طوابق ما زالت شوارع المدينة الكردية مزدحمة فيما يمشي أزواج تحت ضوء البدر.

إنه العراق لكنه بعيد كل البعد عن انفجارات الحوائط الخرسانية المروعة وسفك الدماء في بغداد الواقعة الى أقصى الجنوب.

ويتفاخر الأكراد الآن بتجاوز الإيجارات في السليمانية الإيجارات في العاصمة البريطانية لندن. ولا يهم ما إذا كان هذا صحيحا لكن التفاخر في حد ذاته يرمز الى الحماس والتفاؤل اللذين يفصلان معظم كردستان عن بقية العراق الذي يمزقه الصراع.

شير محمد (55 عاما) نموذج للطبقة الراقية الجديدة في كردستان. مقاتل سابق بقوات البشمركة لاذ بالفرار الى أمان لندن عام 1990 وكون ثروة صغيرة من وراء فتحه مطعما للأكلات المنغولية.

وها هو بعد عودته يضع نصب عينيه إنشاء مصنع للنبيذ وإغراء السياح الأجانب بزيارة الجبال الصخرية الشاهقة الجميلة.

وقال في قصره الذي أطلق عليه اسم "قلعة الحرية" ويطل على تل صغير كان قد قضى فيه أشهر في كهف قذر وضيق يقاتل جيش الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين "قبل 20 عاما كان الناس يذهبون الى اوروبا والولايات المتحدة والى خارج البلاد... الآن وفي الأعوام الثلاثة منذ سقوط صدام حسين فإنهم يعودون جالبين معهم أموالهم."

ليس المغتربون الأكراد وحدهم هم الذين يعودون الى البلاد حيث تتولى شركة لبنانية إدارة فندق السليمانية بالاس وتنقب شركة نرويجية عن النفط فيما تبحث مؤسسات تركية وبريطانية وصينية وايرانية ومؤسسات أخرى متعددة الجنسيات عن قواعد لها هنا.

وتسوق كردستان نفسها على أنها قاعدة آمنة وسالمة للشركات التي تريد إقامة أنشطة في العراق وتخشى من انعدام الأمن وتكاليف إقامة الشركات في العاصمة بغداد.

وقال عمر فتاح نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق ورئيس وزراء منطقة السليمانية فيما كان يجلس في مطعم آخر يطل على أضواء المدينة مترامية الأطراف "لدينا الاستقرار ولدينا الأمن."

وأضاف "على الشركات أن تأتي هنا لإقامة مقارها. لدينا بنية تحتية جيدة وكردستان هي المكان المثالي للشركات التي تريد إقامة مقار وممارسة نشاطها في العراق."

وحظيت كردستان بخمسة عشر عاما من الهدوء والرخاء النسبيين فهي تستمتع بما يشبه الحكم الذاتي منذ ثورة فاشلة ضد صدام حسين عام 1991 قادت الولايات المتحدة وبريطانيا الى حظر تحليق الطائرات فوقها مما أبعد عنها الجيش العراقي.

وتقدم المنطقة تسهيلات ضريبية للشركات وتسمح كردستان بتحويل الأرباح الى خارجها وتستطيع الشركات الأجنبية تملك الأراضي.

وهناك نفط ايضا في كردستان حيث أعلنت شركة (دي.إن.أو) النرويجية هذا الشهر إنها ستبدأ إنتاج النفط العام القادم قرب الحدود مع تركيا.

ويصوت البرلمان الكردي قريبا على اقتراح لإنشاء وزارة للموارد الطبيعية الخاصة بكردستان للتعامل مع احتياطياتها من النفط والغاز وهي خطوة أخرى نحو مزيد من الاستقلال اقتصادي عن الجنوب الذي يهيمن عليه العرب.

وتغطي مواقع البناء الجديدة وأكوام الطوب الطريق السريع الرئيسي بين السليمانية ومدينة كركوك المنتجة للنفط المتنازع عليها الواقعة الى الجنوب من كردستان.

لكن الرخاء الذي تتمتع به مدن كردستان لا يصل الى قراها,ويهجر الشباب القرى بحثا عن عمل. وبعيدا عن الطريق السريع فإن القرى الأحسن حالا لا يوجد بها متجر واحد أو كشك على جانب الطريق.

وقال راشد كريم (80 عاما) وهو مقاتل سابق بقوات البشمركة في قرية سكنيان شيك باخ على بعد بضعة كيلومترات من قصر شير محمد ومزرعة الكروم الخاصة به "ليس لدينا طعام كاف... حياتنا تتحسن لكن ليس لدينا طعام كاف وليست لدينا مدرسة ايضا." رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى