القاضي جمال وصرخة قضائية غير مسبوقة

> نجيب محمد يابلي:

>
القاضي جمال
القاضي جمال
أن تقول لك مومس: أهلاً وسهلاً بك إلى نادي الأيدز أمر مفروغ منه ولا غرابة فيه ولا أسف على المرحب به، لكن أن يقول لك مستشفى عام، توصيفه «إقليمي»: (والبون شاسع بين «إقليمي» عدن و«إقليمي» صنعاء - مستشفى الثورة العام من حيث الموارد والسلطات والصلاحيات): «أهلاً وسهلاً بك إلى نادي الأيدز»، فهذا كلام مرفوض ومقاومته فرض عين واجبة على كل مؤسسات الدولة وشريكاتها الشرعيات: مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.

إنها كارثة أن يقع المواطن في شرك مؤسسة صحية مملوكة للدولة وقال أحد قضاة مصر وهو يقرأ حيثيات قراره على أحد المستشفيات العامة وجاء في سياقه لو أن المستشفى كان خاصاُ لقضى بإغلاقه ودفع تعويض عادل للضحية ولأنه مستشفى عام فاكتفى باتخاذ قرارات عادلة أعادت للضحية حقه وأعادت للعامة حقها في تجذير معداتها وأجهزتها وإعادة تأهيل الكادر العامل في المختبرات.

وجد القاضي جمال محمد عمر، رئيس المحكمة الابتدائية لمديرية صيرة نفسه أمام مهمة جسيمة فرضت عليه شعار: أن يكون او لا يكون، لأن المستهدفين هم عامة الشعب، مصدر السيادة والقرار وكامل الاعتبار والثروة العامة الكامنة في باطن الأرض أو البحر أو على الأرض هي ملك هذا الشعب، إلا أن الدوامة التي عاشها القاضي جمال مفادها: أن الشعب ما هو الا بقرة حلوب للجبايات وأن عليه أن يقبل دون قيد أو شرط بما يملى عليه وأنه قابل للسحق تحت عجلات أي مؤسسة مدنية أو عسكرية ولا حاجة لنشر الغسيل لأن مصلحة الدولة العليا تقتضي ذلك.

عاش القاضي جمال وقتاً عصيباً ساده الحوار مع النفس اللوامة وغمرته أدبيات القضاء وتعاطيات القضاء في دول عربية وغربية في قضايا مماثلة، ففي الوقت الذي خلا فيه مع نفسه أدار ظهره للمفاهيم السلبية المتفشية على السطح وأصدر قراره الذي كسر به الجدار الرابع ليخترق الخط الأحمر بعدم التعرض بقسوة لمؤسسة حكومية على حساب فرد من أفراد الشعب.

استوعب القاضي القيم الإنسانية المجسدة في كتاب الله وسنة رسوله محمد بن عبدالله واستوعب الظرف الاجتماعي البائس الذي يعيشه الضحية وأفراد أسرته وجاء قرار التعويض حجراً ألقاه على مياه راكدة، فأيقظ وزارة الصحة العامة والسكان من سباتها واكتشفت أن عورتها مكشوفة وآن الأوان لتستر نفسها وخير لها ان تضحي بمواطن واحد لتنقذ آلاف وآلاف من الوافدين ألى المستشفيات الحكومية وأن الحجر الذي ألقاه القاضي جمال سيلقي بظلاله على المستشفيات الخاصة، لأن الحجر الذي أدمى رأس المستشفى العام لا محالة من أنه سيدمي رأس المستشفى الخاص.

استئناف القضية من قبل وزارة الصحة في الدرجتين القضائيتين : الاستئنافية والعليا قد يمكن الوزارة من تحقيق خفض في التعويض وأيا كان ذلك التخفيضن فإن العيار الذي لا يصيب يدوش.

بارك الله بالقضاء وطوبى للقاضي الذي لا يستهين بأرواح المستضعفين وإن كان على حساب الحكومة التي غاب عنها أنها اكتسبت شرعية وجودها من التمثيل العام واكتسبت نعمة الموائد الخضراء والليالي الحمراء من المال العام ، مال الشعب.

دمت يا قاضينا جمال لهذا الشعب وسر على بركة الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى