هناك مؤامرة خارجية على اليمن تنفذها أياد داخلية لخلق فتنة وتفكيك للمجتمع

> صنعاء «الأيام» عبدالفتاح حيدرة:

>
الشيخ محفوظ سالم شماخ
الشيخ محفوظ سالم شماخ
تحدث لـ«الأيام» الشيخ محفوظ سالم شماخ، رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة حول الإشكالية التي دعت الغرفة لإصدار بيان شديد اللهجة ضد ما أسمي بالإيحاءات الشيطانية من قبل ممثلي صندوق النقد الدولي وبشأن وضع الاستثمار وكذا المماحكات السياسية الجارية على الساحة اليمنية والجهود التي تبذل من قبل دول مجلس التعاون الخليجي لتأهيل الاقتصاد اليمني.

فعلى صعيد علاقة اليمن بصندوق النقد الدولي أوضح الشيخ محفوظ شماخ بقوله: «صندوق النقد الدولي يفترض منه ان يتعاون مع الدول لإنعاش أوضاعها الاقتصادية بحيث يتلافى الخلل ومن مهامه الرئيسية هو ضبط الأداء الحكومي ويعاون ويساعد على انهاء الفساد ومن بعد ذلك يطرح اللبنات المعقولة والقابلة للتنفيذ ويخلق المناخ المطلوب للتنمية.

ولكن وعند اتصالاتنا ولقاءاتنا المتعددة سواء بالصندوق الدولي او البنك الدولي او بممثليهم وجدنا ان زياراتهم الينا مجرد استكمال للمبالغ واستنفادها ـ بدلا من اعطائنا إياها ـ في بعثات ووفود وفي أشياء لا طائل لها، وقليلا ما يأخذون بالاعتبار واقع البلد، فيأتون الينا بأشياء مبرمجة ومدروسة، وأجزم بأنها ترسم سياسيا وفي مناطق غير منطقتي الصندوق والبنك الدوليين، فمعظم القرارات تأتي بالظاهر لتصحيح الفساد ومن الناحية الأخرى يقومون بخرق كل ما بنوه بل يصل خرابهم الى خراب ما هو صالح عندنا.

وللأسف الشديد فإن صوت السيد على هاتين الجهتين أكبر بكثير من الحديث عنه او التحكم فيه، وحكومتنا تعاني الكثير من هذا ولكنها لا تستطيع التحدث لأنها تلهث وراء المساعدات والمنح وبدلا من التفكير في تنمية الوضع الداخلي وبناء مدخول من الداخل للتنمية الحقيقية تنظر الى البنك الدولي والمانحين، حتى ان الكيل فاض بالأخ رئيس الجمهورية بعد زيارته للصين، فقال بالمفتوح ان الصين تعطينا مساعدات غير مشروطة بينما الآخرون يشترطون علينا، وفي مجالات أخرى قال اننا يجب الا نخضع لكل الشروط علينا ان نرى ما هو الصالح لنا لننفذه وما هو الطالح لنرفضه، ولكن الصندوق والبنك الدوليين يهددون بوقف المعونات، وقد أوقفوا الكثير منها للضغط علينا كي ننفذ ما يريدونه، وعندما ننفذ بطريقتنا والنتائج أمام أعينهم يرفضون ويقولون لا نريد الا ما جئنا به مكتوبا من السيد والوحدات السياسية التي تتحكم بهما.

وأنا بصراحة أرى مؤامرة كبرى تجري في البلد لخلق فتنة وتفكيك المجتمع وهذه المؤامرة من الخارج وتجد لها للأسف ما بين الجاهل الذي لا يدرك ماذا يراد به وقد امتلأ جيبه منهم ولا يستطيع الحديث او المناقشة، وإما متعلم ومتحذلق فلسفيا والكل يهرب من سياسة الواقع، فهل من الواقع اننا دولة فقيرة ومحتاجة وتطلب المساعدات والمعونات ونشحت في الوقت الذي تملأ السيارات الفارهة من صوالين ومرسديسات كل مكان وأصغر مسئول عندنا في الدرجة العاشرة عنده سيارة فارهة ومبلغ للبترول في الشهر.. بينما ملكة هولندا تركب دراجة هوائية وهي تتبضع لنفسها في السوق، هل نعلم ان عندنا الآن أكثر من 18 ألف جندي مرافقين للمسئولين تصرف عليهم الدولة؟ هل يعقل هذا الكلام؟

وبدلا من خروج حكومتنا للواقع وتتجرع المر وتجرعنا المر ونصبر جميعا على المر حتى نأخذ المجد، لكن الذي يجري هو العكس نحن نتجرع المر وغيرنا يأكل الشهد من العسل، والبنك الدولي يتمنطق بان اليمن فاسدة. اذن كم للبنك الدولي من السنوات وهو يعمل في اليمن؟ ماذا قدم لإصلاح الفساد؟ الثابت أنه عندما يصلح الخراب والفساد فإنه يطرح لبنة ويكسر عشر لبن من الأساس، وهذا هو البنك الدولي يريد ان يطبق قوانين طبقت قبل 100 سنة ويريدنا تطبيقها اليوم».

أما ما يتعلق بالحلول اللازمة لتلك الإشكالات التي أوردها، فيقول الشيخ محفوظ شماخ بأن: «الحل يكمن إما في الجلوس مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ونطرح لهما أوراقنا ونقول لهم ان هذه الإجراءات هي الأمثل في بلادنا سواء ضرائبية او تجارية او مهما كانت، ونتبع معه الأمثل لواقعنا، مثلما كانت بريطانيا في عدن تصدر القانون وتعطي 6 أشهر لرؤية التنفيذ وبعد اما ان يثبت القانون او يعدل او يلغى، وهذا ما نريده، مثلا.. ضريبة المبيعات نحن لا نختلف مع الدولة حول الضريبة لأنها تريدها، ونقول للدولة اذا ما امتلأت أوعية الضرائب من حقها فتح وعاء آخر، فإذا كان عندي عشرة أولاد لم أستطع تربيتهم أروح أتزوج وأنجب أولاد من الثانية.

ان دولتنا للأسف فرضت علينا وعاء جديد بأمر الصندوق الدولي وليس بأمرها ولا رأيها، بآلية تنفيذ يسمى نظام الفوترة ونظام ان يكون مأمور الضرائب 24 ساعة فوق رأس المكلف، وباختصار شديد هذا معناه ابتزاز وفساد وافساد.

ولمنع هذا الاحتكاك والشبهة تكون جباية الضريبة في المنفذ ولدينا في اليمن حاجتين ومنفذين، منفذ جمركي او مصنع، وهذه ميزة للتجار، صحيح ان الدولة تريد فرض الضريبة على المواطن المسكين الذي من جاء دعسه، ولذلك قلنا لهم دعونا كتجار ندفع الضريبة في المنفذ وأضيفها على السلعة وأضعها في السوق سواء ربحت او خسرت لأنني تاجر وأسعى لبيع السلعة بأقل وبرواج.

ولدينا ايضا عدم عدالة.. فالضريبة مفروضة على قطاع معين من الناس والقطاع الآخر ليس عليه ضريبة، وهذه فتنة بين رؤوس المال، لأنه عندنا في اليمن من رأس ماله 20 ألف دولار ذهب الى دبي او الى جدة وأحضر بضاعة منافسة لي، اذن لماذا هذا ليس عليه ضريبة وأنا علي ضريبة؟ هل هذا معناه ان البنك الدولي يريد ان يظهر نفسه انه رؤوف بالفقراء والمساكين وصغار التجار، هذه الرحمة مثل رحمة الغرب بالكلاب والحيوانات وقتلهم مئات البشر.

لهذا نقول للكبير والصغير بان البنك الدولي، وهذا ما سمعته من الكثير منهم بلحظات صفاء ضمير، يقولون والله نحن مأمورين، يعني هم ينفذون سياسة معينة ولا أستبعد ان ممثليهم عبارة عن جنود والا ما هذا البغي في التنفيذ وارغامنا على شيء لا يناسبنا».

وفي رده على سؤال يتعلق فيما تشهده الساحة السياسية من سخونة مع اقتراب موعد الانتخابات وتأثير ذلك في المناخ الاستثماري والتجاري، قال الشيخ محفوظ شماخ: «أنا دائما أقول اننا في اليمن دخلنا الديمقراطية من الباب الخلفي، وقبل ولوجنا للديمقراطية كان يفترض وضع قنوات وأسس للحكم والتحكم بالديمقراطية، ومن أخطأ علينا الرجوع به الى القنوات التي أقرت في البداية، واذا رأينا أي اعوجاج لهذه القنوات أصلحناها برضانا جميعا، ولا يجب ان يخرج الخلاف من القنوات التي تأمر بها الديمقراطية، واحترام الرأي وعدم التهديد بالقوة وفرض الرأي، ولا تأتي بحكم انك حزب حاكم وتسيطر على كل شيء وتستخدم أموالي ـ لأني دافع ضرائب في النهاية ـ لمحاربتي في المعارضة، واذا ما تساوت الأمور كلها أصبحت الديمقراطية حقة، وهذا شورى وتشاور بالإسلام ليس الا.

والجو السياسي الذي يخلقه الجهلة بالجو السياسي والديمقراطي، كلهم عن بكرة أبيهم بمن فيهم أنا، لأننا نعتبرها لعبة نلتهي بها، والحاكم يريد يلهي الآخرين من أجل ان تمر الأيام وهو في الحكم، والمعارضة تريدها من بابها ولا يوجد ديمقراطية حقيقية داخل اليمن.. اللجنة العليا للانتخابات تصرح والمشترك يصرح والكل ينادي بالقانون، لماذا لا يحضرون الأخ (القانون) في الوسط ليرى المخالف بشرط وجود محاكم نزيهة، ليست تابعة للسلطة او تابعة للتلفونات، نريد محاكم لها علماء، واذا لم نحصل عليهم في اليمن نستوردهم من الخارج، وسوف يصلح حال كل شيء اذا ما وجد القاضي النزيه».

وحول تقييمه لوضع التجارة والاستثمار أوضح الشيخ محفوظ شماخ ان «وضع التجارة والاستثمار والاقتصاد في اليمن هو هو مازال في فوضى وكل واحد يتاجر في الذي يعجبه ولا يوجد تخصص واستيراد منظم، فالتهريب السلعي لازال (لأذنه) والغش التجاري زاد أكثر وأكثر والتقليد لمعظم الماركات والضحك على المستهلك لازال والاستثمار الحقيقي لا يأتي الينا أي مستثمر ومن استثمر يعمل بستان او حديقة ويأخذ مقابله أراضي بعشرات أضعاف القيمة ليبيعها .. هذا هو حال الوضع بكل صراحة وشفافية».

وعلى صعيد تقييمه لمحاولة دول مجلس الخليج العربي تأهيل الاقتصاد اليمني في ظل هذا الوضع الاقتصادي، قال: «نحن نريد ان تكون هناك شفافية على صعيد ماذا سيعطينا مجلس التعاون الخليجي؟ 40 مليار، 44 مليار؟ ماذا سيصنع بها؟ هل سيقام بها مصنع للشكولاتة ومصنع للأيسكريم او مصنع للأواني البلاستيكية؟ الله يفتح عليهم.. أنا أريد ان يعمل لي هذا المجلس على الأقل 2000، 3000 معهد تقني فني بمعناه المفهوم ثم يقبل خريجي هذه المعاهد، لا نريد منهم فلوس من الأفضل ان يعلمونا كيف نكسب الفلوس وكيف ننمي أنفسنا ولا نريد فلوس جاهزة ومشاريع جاهزة.

نحن نشكرهم كثيرا على مشاعرهم، لكن هل يريدون ان يبنوا يمن حقيقي أم يمن ديكور، وكما أرى ان توجه المجلس هو لبناء يمن ديكور من خلال بناء طريق او ما شابه ذلك وقد تكون حاجتهم هنا سياسية وليست اقتصادية.

ولكننا نقبل منهم النصف من الحاجتين نصف سياسي ونصف اقتصادي ليس هناك مشكلة بعشرين قناة ومئة صحيفة، ولكن بالمقابل نريد 2000 معهد فني تقني يعلم الناس، مصانع حقيقية مشتركة، يقبلون عمال بلادنا المتدربين الذين دربتهم هذه المعاهد ويعملوا في بلدانهم بدلا من العمالة الأجنبية التي تكتظ بها بلدانهم، حتى أنه لو في يوم من الأيام طرحت عليهم دولة من الدول التي عدد أولادها ومواطنيها أكثر من عدد مواطنيهم وهذا قريبا سيحدث ان تفرض عليهم اقامة المواطنة وسنرى غدا لمن سيكون الاستثمار ومن سيكون حاكم البلاد وستفرض عليهم الديمقراطية والتصويت وصناديق الاقتراع ومعظم مواطنيهم وسكانهم من دول أخـرى ويتكلمـون بعشـرين الف لغة.

ولهذا اذا كان المجلس صادقا في توجهه وأنا أعتقد ومؤمن بصدقهم، فليتفضلوا ليبنوا اليمن الحقيقي.. لا يمن ديكور.. نريد مصانع وزراعة حقيقية وليس زراعة قات، كيف أوفر ماليا وأحسن استخدامه، اما اذا كان الاستثمار ديكوريا فهذا ذنب عليهم وزره وليس ثوابه».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى