تجارة المواشي .. ازدهار الماضي وتدهور الحاضر

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
جانب من المواشي
جانب من المواشي
رحلة تحمل الكثير من التساؤلات وترسم الدهشة على الوجوه بمجرد أن تحط رجلك خلف بوابة كبيرة متهالكة لترى أمامك مساحة ليست شاسعة وليس فيها غير غرفة صغيرة عبارة عن متر في مترين يجلس داخلها حارس هذا الموقع، كما يوجد بقربه قارب غارق لسنوات طويلة وآخر رسا على نصف المساحة وتسمع فيه خوار الأبقار المتراكمة فوق بعضها البعض .. هذا الموقع الذي ليس له ملامح واضحة يطلق عليه المحجر البيطري، الذي يعنى بفحص المواشي الواردة للوطن، وهو أقرب ما يكون لمزبلة تزكم رائحتها الأنوف، فهو بعيد كل البعد عن أن يكون حتى زريبة للمواشي وليس محجرا بيطريا يعني بفحص المواشي كما يقال .. ولمعرفة أسباب تدهور الوضع في هذا المحجر التقت «الأيام» بالجهات المعنية، فماذا قالوا ؟

< الأخ علي سلطان، مدير إدارة الثروة الحيوانية بعدن تحدث إلينا عن طبيعة عمل إدارة الثروة الحيوانية بالمحافظة قائلاً: «منذ صدور قانون الثروة الحيوانية رقم (17) لعام 2004م والذي حددت فيه عدد من المهمات من ضمنها مهام المحاجر البيطرية التي تشمل دخول المواشي الحية ومختلف اللحوم المجمدة والمركزة والأدوية البيطرية، وإدارة الثروة الحيوانية تشرف عليها بأقسامها المختلفة».

وعن المحجر البيطري يقول: «المحجر قائم منذ الأربعينيات وهو مهيأ لاستقبال الأغنام والماعز بما يتناسب مع عدد السكان في تلك الفترة وقلة الاحتياجات، وكان الموقع يفي بالغرض ولكن بعد التوسع العمراني وازدياد عدد السكان أصبح الموقع لا يصلح لاستقبال أعداد كبيرة من المواشي بما يلبي احتياجات المنطقة». ويضيف «من الضروري أن يتم إعادة تأهيل المحجر بما يتلاءم مع التطور العلمي فهو يحتاج إلى الكثيركالتنظيف الشامل لإبعاد الشوائب والأوساخ وكذا بناء حظائر ومظلات واقية للحيوانات، إلى جانب إدخال التيار الكهربائي، ونحن كإدارة للثروة الحيوانية قمنا بإيصال مياه الشرب للحيوانات داخل المحجر بجهود ذاتية».

وعن مهمة المحجر البيطري يقول الأخ علي سلطان: «مهمته الإشراف البيطري على المواشي وفحصها من أي مرض يظهر عليها أثناء بقائها في المحجر ليتم إنزالها إلى السوق بعد التأكد من سلامتها». وعن فترة بقائها في المحجر يقول: «قانون الثروة الحيوانية يحدد بقاء المواشي (الماعز والأغنام) من أسبوع إلى عشرة أيام والأبقار من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ويحدد هذه الفترة كمية المواشي وحالتها الصحية والجهة التي استوردت منها المواشي».

وأوضح: «إذا جاءت شحنة المواشي من بلاد غير موبوءة تبقى في المحجر أياماً قليلة فقط، والعكس إذا كانت موبوءة تبقى فترة طويلة لمعاينتها والتأكد من خلوها من المرض، حتى نحقق الهدف من وجود المحجر البيطري وهو منع دخول أي مرض إلى البلاد عن طريق المواشي وللحفاظ على الثروة الحيوانية».

ويواصل الأخ سلطان حديثه: «تواصلنا مع وزارة الصحة والزراعة بصنعاء والإدارة العامة للثروة الحيوانية ونزل وفد لمعاينة المحجر كما تم التواصل مع الدول المانحة ووصل وفد أمريكي على أساس القيام بإعادة تأهيل المحجر البيطري بشكل عام».

أما عن الصعوبات فقال: «هنالك الكثير من الصعوبات تواجه عمل المحجر البيطري، منها وجود قارب غارق منذ فترة طويلة ساعد على تضييق الموقع وعدم استطاعة (الزعائم) الدوران بشكل أكبر لترسو قرب الموقع المخصص لها، إضافة إلى انعدام النظافة وشحة الإمكانيات وعدم وجود وسيلة مواصلات منذ عام 1995 بعد الحرب التي نهبت فيها كافة وسائل المواصلات الخاصة بالإدارة، حيت نمارس عملنا بوسائلنا الشخصية». ويطالب الأخ مدير الثروة الحيوانية وزارة الزراعة وقيادة المحافظة وكل الجهات المعنية بضرورة توفير المتطلبات الضرورية للقيام بعمليات المتابعة اليومية للاستفادة بالشكل المطلوب من أطباء ومشرفي المحجر البيطري الذين يمتلكون الخبرات الطويلة والمهارات الجيدة ، وعلى إدارة المواني تحمل مسؤوليتها لإعادة تأهيل المحجر وإصلاحه باعتبارها الجهة المسؤولة بشكل رئيسي .

< د. مشتاق محمد عبدالستار، مشرف المحجر البيطري بعدن قال: «مهامنا كمشرفين بيطريين هي الإشراف على الحيوانات منذ نزولها إلى الموقع ومراقبتها فترة بقائها في المحجر وتتحدد فترة بقاء المواشي استناداً إلى حالتها الصحية، ولكن هناك أسباباً تجعلنا نستعجل خروج المواشي منها ضيق المحجر ووجود شحنات متتالية خاصة في أيام المواسم، وفي المقابل لدينا سياسة أخرى لحماية المنطقة حيت نعمل على حجز كافة المواشي الخارجة من المحجر في سوق السيلة للمواشي وهو سوق يشمل كافة المواشي وفيها عدد من الفنيين البيطريين يقومون باستكمال عملية المراقبة الصحية البيطرية لهذه الحيوانات أثناء فترة نزولها للبيع، وفي حالة ظهور أي أعراض مرضية تتخذ الإجراءات اللازمة منها الحرق أو الدفن ويعتمد عملية الإتلاف على حسب نوع الوباء». وأضاف د. مشتاق : «خبراتنا في هذا المجال طويلة رغم نقص الإمكانيات والقدرات لتنفيذ عملنا بصورة صحيحة، منها افتقادنا للبذلات الواقية . والمحجر مسؤولية مشتركة بين كل من مصلحة الموانئ وتشرف عليه إداريا ونحن نشرف على الجانب الصحي، وامن المواني جانب أمني لحماية الموقع والمواشي طول فترة بقائها في المحجر والحفاظ عليها وعدم تسرب المواشي».

وعن سعة المحجر يقول: «يتسع المحجر لما بين ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف رأس غنم التي تصدر من الصومال، ولكن في الفترة الأخيرة تم استيراد الأبقار وهو ما يعوق عملنا في المحجر لعدم سعة المحجر وعدم أهليته لاستقبال الأبقار».

ويؤكد د. مشتاق «أن العديد من الرسائل أرسلت لجميع الجهات المعنية بالمحجر تطالب بضرورة تأهيل المحجر، خاصة إدخال الإنارة لنتمكن من معاينة الشحنات التي تصل ليلاً إلى المحجر، إضافة إلى أن ازدياد عدد المواشي لا يساعد على اكتشاف أي وباء قد ينتشر بينها».

قبل أن أتوجه إلى إدارة الميناء وجمارك الميناء لمعرفة أسباب عدم إعادة تأهيل المحجر توجهت إلى فئة أخرى مستفيدة من المحجر وهم تجار ووكلاء المواشي الواصلة إلى المحجر لمعرفة الصعوبات التي تواجههم وكان أول المتحدثين إلينا الأخ علي عولقي، صاحب مكتب العولقي للتجارة الذي يشتكي بمرارة من ضيق المحجر ومن إدارة البيطري في المحجر التي تفتعل الصعوبات حسب تعبيره. وأضاف: «هذا أول محجر بيطري يبنى في عدن.. فلماذا يشكون من ضيق المحجر والموقع ليس موقع المحجر الذي بناه الانجليز، بل هو مساحة كانت تابعة للمحجر أما المحجر الحقيقي فتم التصرف فيه وبنيت مكانه العمارات السكنية الموجودة حاليا. ولماذا المواشي تبقى فترة طويلة فوق (الزعائم) دون أكل وشرب، وكل مرة تنزل الشحنة بعد طلوع أرواحنا وأرواح المواشي وبعد الكثير من المراسلات واستصدار الأوامر من قبل قيادة المحافظة، وهذا التصرفات تدفع التجار إلى البحث عن موانئ أخرى لإنزال الشحنات للهروب من تلك الإجراءات التعسفية في المحجر» .

ويطالب العولقي بضرورة تأهيل المحجر بشكل يتناسب مع التطورات الحاصلة في المنطقة وقال: «نحن عرضنا أن نقوم نحن بتأهيل المحجر وقدمنا خارطة قبل عامين إلى إدارة الميناء وإدارة البيطري وقيادة المحافظة لمناقشة العرض، وبعد فترة اخبرونا أن إدارة الميناء ستقوم بإعادة تأهيل المحجر بعد شهرين، ومر الآن عامان وأكثر ولا حياة لمن تنادي، والمحجر يتدهور أكثر وأكثر» .

وعن موت المواشي في المحجر قال: «هذا لوحده حكاية طويلة وإجراءات أطول، منها تصريح الطبيب البيطري وموافقة الجمارك وموافقة الأمن، وكل هذه الإجراءات تكلفنا ساعتين ونصف من عمر الزمن، رغم أنه إذا لم يتم إخراج العجل سريعاً سيتعفن ويتسبب بكارثة بيئية .. وتكلفنا هذه الإجراءات 15 ألف ريال منها أجور حمالين وإكراميات ولا يعفى العجل الميت من دفع الجمارك له، فنحن ندفع على الرأس الواحد كإجراءات جمركية 7500 ريال و 2500 ريال رسوم تحسين محافظة ورسوم موانئ إضافة إلى الإكراميات المفروضة علينا حتى الحمالة أصبحت تفرض علينا فرضاً رغم أنه رأس غنم ويمشي لوحدة وليس بحاجة إلى حمال، وهناك تعرفة لهذه الحمالة بري وبحري وتكلفنا 100 ريال ».

وعن كيفية تعرف كل تاجر على بضاعته يقول العولقي : «كل تاجر يعرف بضاعته وأين هي من خلال العلامات التي ترسم على المواشي صبغة أو أرقاماً أو وشماً، وعادةً يستخدم الوشم في الدول التي لا توجد فيها الصبغة». وأضاف: «نحن كمستوردين أو وكلاء نتمنى أن نتخلص من كافة الصعوبات حتى نتفرغ لاستيراد المواشي بما يخفف العناء على المواطن».

< الأخ طارق سعيد حسين، مدير مكتب العولقي يتساءل: «لماذا يختلف الوضع البيطري هنا عن المخا؟ أعتقد أن هناك أيادي خفية لا ترغب باستيراد المواشي إلى ميناء عدن، خاصة الأبقار، ونحن نواجه كل هذه المشاكل عند استيراد كل شحنة، رغم أن إدارة الميناء توافق وكذا الجمارك وقيادة المحافظة وإدارة البيطري.. إذن أين الجهة المانعة لاستيراد الأبقار وكل هذه الجهات تعطي الموافقة على إنزال الشحنات بعد عناء وإجراءات طويلة؟ أعتقد أن القانون غير واضح في هذه النقطة فإذا كان القانون يمنع كما يقال فلم يُسمح بإنزال الشحنات؟» وأضاف طارق سعيد: «المتضرر الأكبر في هذه المسألة التاجر الصومالي، فبعضهم لم يتسلموا قيمة الشحنات من قبل تجار الماشية اليمنيين رغم أن البيع يتم بصورة صحيحة وباتفاق مكتوب، ومعروف بأن كلمة التاجر في السوق شرف ولكن للأسف ضاعت بضاعتهم حوالي 274 رأساً من الأغنام والماعز بعد أن أخذها تاجر يقال إنه من تجار مشايخ الماشية، فالتاجر الصومالي يعاني الكثير من المصاعب منذ لحظة الوصول وحتى استلام ماله هذا إذا استلم، كما يشتكي من كلفة الجمارك فالرأس الغنم الصومالي يكلف التاجر 3000 ريال رغم أن التاجر الصومالي لم يرفع سعر الرأس ويباع بـ5000 ريال أو في المواسم يباع بـ 6000 ريال ويكون مكسبه 2000 أو 3000 ريال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى