شكيب عوض.. الذاكرة المغيبة

> كمال حسين منيعم:

> إن غياب الأستاذ شكيب عوض سعد رحمة الله عليه لهو خسارة كبيرة للثقافة والفن، غياب من عاصر نشوء وترعرع منظمات المجتمع المدني في عدن خلال النصف الثاني من القرن الماضي.. فاستهوته تلك التجمعات «الثقافية الفنية» فخبرها وعشقها متابعاً ومسجلاً بداياتها ومراحل نموها ولحظات توهج عطاءاتها وكذا عوامل ضعفها، فحاز مخزونا كبيرا من مسار الأغنية اليمنية في عدن ولحج - خصوصاً - فاستطاع به تقديم برامج تلفزيونية وإذاعية شكلت له علامة مميزة، فكان بحق حلقة ربط لجمهور المستمعين والمشاهدين بعالم الأغنية بالذات، وألوان ثقافية أخرى.

لقد كانت إطلالة الأستاذ شكيب عبر البرنامج التلفزيوني (الشاشة الكبيرة) الذي عني بتقديم الفيلم العربي، فكانت مقدمته «كالفرشة» التي تسبق عرض الفيلم معرفاً بأبطاله وممثليه وعلاقتهم بالمخرج، وعقب العرض يطل ثانية باستعراض بانورامي لسير أحداث الفيلم. ومن البرامج الإذاعية الرمضانية (عند منتصف الليل) الذي قدمه منذ ثلاث سنوات تقريباً، وقد نجح نجاحاً كبيراً بالرغم من زحمة الفضائيات، ووجباتها الرمضانية المميزة، ولسبب لم نعرفه فوجئنا والجمهور بمعد ومقدم آخر، في العام الذي تلاه.. فكان-حقاً - فاقداً لإمكانات وقدرات وسجايا الأستاذ شكيب عوض.

لقد سمحت لي الظروف بالاستماع بل والاستمتاع بحديث الأستاذ شكيب عوض في أماكن ومناسبات عديدة كانت بعيدة عن اللقاءات الاحتفائية والاحتفالية (معاً) خلالها ترسخ لدي - تدريجياً- أنني إزاء ذاكرة ارتبطت واطلعت على خفايا وتفاصيل هامة عاشها رجال الثقافة والفن.. فما أحوجنا إلى الوقوف أمامها لاستخلاص العبر والمعاني كي لا تتكرر، ويقيني الآن أنها إن كانت تمارس في عدن فقد مورست ولم تزل تمارس حتى الآن في صنعاء، وقد طلبت منه أكثر من مرة البوح بها كحديث ذكريات، وبالرغم من ضعف ذاكرتي في الاحتفاظ بالتفاصيل الدقيقة، فإنني أتذكر ما رواه يوماً لي عن محاولة هرب الفقيد الموسيقار يحيى مكي، عندما كان الفقيدان في زيارة رسمية لـ(ليبيا الشقيقة) وقال: «لقد حملني الأستاذ مكي- رحمه الله- رسالة خاصة لذويه يخبرهم بهربه .. لكنني فوجئت به في عدن قبل تبليغي رسالته». كذلك قصة مقطوعة السلام الجمهوري التي لا أتذكر تفاصيلها.

إن كل من سمحت له الظروف بمشاركة الفقيد شكيب عوض كضيف في أي من برامجه التلفزيونية أو الإذاعية فإنه سيلاحظ حرصه العالي على إنجاح البرنامج إلى درجة تبعث على الإعجاب والارتياح معاً.. إنه يحضر لكل حلقة من الحلقات تحضيراً خاصاً.. وقد شدني إلى ذلك في أكثر من لقاء كان آخرها الحلقة الخاصة بالشاعر الكبير صالح الفقيه، حينها كنت والأخ الفنان أحمد فضل ناصر إزاء مقدم أعد نفسه الإعداد الجيد.. من ترتيب الأسئلة وتوزيع الفقرات الغنائية خلال زمن الحلقة، فكان تصوير الحلقة بدون توقف وكأننا على الهواء في بث مباشر.

وأخيراً هل سنفاجأ بكتابات خطها قلم الفقيد كي تنشر عقب غيابه عن دنيانا الفانية.

تغمد المولى القدير روح الأستاذ شكيب عوض سعد بواسع رحمته وعظيم عفوه.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى