طمس وتخريب المعالم الأثرية بأياد بشرية عابثة

> «الأيام» قائد زيد ثابت:

>
مسجد المعزوب من الداخل
مسجد المعزوب من الداخل
ظاهرة هي من أخطر الظواهر التي بدأت تتنتشر بشكل واسع في الآونة الأخيرة، إنها ظاهرة نبش وتخريب وطمس المواقع الأثرية في مديرية رصد على مرأى ومسمع الجميع من قبل عابثين لا يقدرون قيمة التراث ولا هم لهم غير الحصول على المكاسب المالية على حساب مقدرات الأمة.

إن ما يحدث بين الحين والآخر من نبش المقابر ونهب المخطوطات والوثائق التاريخية المحفوظة في المساجد القديمة، وقصور السلاطين، إلى جانب تخريب المساجد القديمة وأضرحة الأولياء لغرض الحصول على ما تحويه من أحجار وكنوز -كما يعتقدون - يمثل خطراً لا يمكن السكوت عنه.

ما أكثر المواقع والمعالم الأثرية في رصد التي تتعرض لأعمال نهب وطمس وتخريب منها:

1- مسجد السبعة
يقع هذا المسجد في الاتجاه الشمالي من مركز المديرية رصد، على بعد حوالي كيلومترين، ويعتبر السعدي هو الحضن الدافئ لهذا المسجد الأثري، الذي لم يتسن لأحد معرفة تاريخ بنائه. المهم في ذلك أن هذا المسجد مبني بطريقة فنية رائعة وبأسلوب هندسي بديع، كما يذكر بعض أهل المنطقة أن سقفه كانت تزينه الكثير من الكتابات والنقوش، ونتيجة لعدم وجود الوعي بقيمة الآثار وعدم إدراك الناس لما ترمز إليه، فقد تم ترميمها بطريقة لا تمت للفن بصلة وبجهود ذاتية من بعض أهالي المنطقة، أدت إلى طمس كل المعالم التي كانت فيه، كما يوجد في الاتجاه الجنوبي الشرقي مبنى ملتصق بالمسجد يزين سقفه الخارجي عدد من القباب وبداخله سبعة أضرحة متساوية، وفي يمين الأضرحة من الاتجاه الشمالي الشرقي ضريح بحجم متوسط يسمى ضريح الكلب، كما يذكر بعض أهالي المنطقة أنه كان لهذا المسجد غار ولكنه سُدّ بالحجارة والاسمنت.

وتقول الروايات المتناقلة إن هذا المسجد يرتبط تاريخه بقصة أهل الكهف، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم.. رغم أن هذه المسألة في محل شك إذ لا يمكن أن تثبت قصة كهذه بالرواية، ولا بد من علماء آثار يقطعون الشك باليقين.

2- القارة
صاحبة الموقع الفريد والتاريخ البعيد، التي لا يمكن لأحد تحديد البداية الأولى لحضارتها التي يقول عنها بعض المؤرخين إنها تعود إلى ما قبل الإسلام وكانت معبداً من معابد آلهة حمير.

إن القارة تزخر بالعديد من المدافن المحفورة على الصخر، إلى جانب برك المياه الموجود بعضها بجوار الحصن من الخارج والمحفور أغلبها في الصخور وهي مبطنة بخرسانة النورة، إلى جانب القصور المعمارية التي تمثل الطابع اليافعي الأصيل على مر العصور.

إن ما يدعو للكتابة هو أن القارة التي صاغتها يد الخالق تعالى، اليوم تعبث بها يد البشر ويتمثل ذلك العبث في قطع أحجار قلعتها المشهورة باسم حجر الياجور، إلى جانب هدم المباني من أجل الحصول على أخشاب الأسقف ونوافذها وأبوابها من قبل بعضهم في كثير من الأحيان.

إن هذا العمل سيؤدي وبدون شك إلى طمس معالمها الأثرية وفقدان جمالها ورونقها، الذي يمثل أروع صور الإبداع الإلهي قبل أن تكون متحفاً أثرياً.

3- حصن جار
هذا الحصن كان يسمى في السابق «أشيب» ويقع بالقرب من مركز المديرية رصد ويطل على مدينة السعدي من جهة الجنوب، هو واحد من الحصون التاريخية ليافع القديمة ويمتاز بموقعه المحصن، الذي يصعب على أي غاز الوصول إليه.. هذا الحصن يحتضن في طياته الكثير من بقايا أساسات لمبان قديمة، إلى جانب عدد من السدود والبرك والمدافن، كما تنتشر في هذا الحصن بقايا مقابر قديمة تم التنقيب فيها من قبل أياد مجهولة تريد الكسب.

لا يتسنى لأحد معرفة تاريخه، ولكن يقال إن آل الأحمر قد سكنوا هذا الحصن وإنه كان يوجد في أعلى القمة مبنى بشكل التاج وتدل بقايا الأساسات على هذا المبنى الذي احتل مساحة قمة التلة.

كرفان جار أصبح مقلبا للقمامة وتبدو بداخله بقايا القمامة المحترقة
كرفان جار أصبح مقلبا للقمامة وتبدو بداخله بقايا القمامة المحترقة
كما يذكر أنه كان لهذا الحصن طريق واحد يتم الصعود من خلاله إلى المبنى من الاتجاه الشرقي كما كان للقارة، كما يذكر أنـه كان لهذا الحصن سـور ولكن لـم يبق منه شيء.

ولعل ما يدعو للاستغراب تجاه هذا الحصن أن المواقع الأثرية فيه تتعرض لأعمال عبث وتخريب، بما فيها نبش المقابر القديمة وقطع أحجار الجبل لبناء المنازل الحديثة، وأكثر ما يثير الدهشة والعجب هو تحويل أحد كرفانات الحصن الواقع في أسفل الأكمة إلى مقلب للقمامة، والمسؤولون في رصد على علم بذلك، فهل يصح أن تتحول إلى أماكن لرمي القمامة بدلاً من الاهتمام بها وترميمها؟!

4- مسجد المعزوب
يعتبر أحد المساجد القديمة ويقع إلى الجنوب من مركز المديرية على بعد حوالي خمسة كيلومترات فوق قمة جبلية عالية، بمحاذاة جبل غراب من الجهة الجنوبية الشرقية. يعود تاريخ بنائه إلى عصور قديمة، وهو مسجد للصلاة. كما يوجد بالجوار منه من الجهة الشرقية مبنى ملاصق للمسجد بداخله ضريح(الحاج سعيد) ويزين سقفه الخارجي عدد من القباب. وبجوار هذا المسجد من الخارج كرفان كبير ما يزال حتى يومنا هذا صالحا للاستعمال لخزن مياه الأمطار.

المهم في ذلك أن هذه المسجد تهدم سقفه، ولا ندري هل كان بفعل فاعل أم لا؟ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف وأين اختفى سقفه بعد سقوطه؟!!

إن تلك المعالم التاريخية تحتاج إلى تنقيبات أثرية جديرة بها، تكشف الخلفية التاريخية لهذه المديرية وتظهر خباياها وأسرارها، كما أنها بحاجة إلى توثيق تاريخها بدقة وترميمها بأسلوب علمي حديث.

ويجب علينا أن نعتز بها جميعاً ونحافظ عليها لأنها كنوز ثمينة وغالية لا تقارن بثمن، فهي التاريخ والحضارة التي صاغها ووضعها أجدادنا القدماء، الذين صاغوها بأياد امتلكت الإبداع والفن، كما يجب على الجهات المختصة في المحافظة والمديرية والهيئة العامة للآثار التدخل السريع، وتوفير الحماية اللازمة لها وملاحقة العابثين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى