متى نترك الأخ الرئيس للقضايا الأهم؟

> علي محمد يحيى:

>
علي محمد يحيى
علي محمد يحيى
بعد أن شهدنا في الآونة الأخيرة ازدياداً غير مسبوق في عدد الشكاوى والمناشدات لتظلمات المواطنين التي تكاد لا تخلو منها صحيفة يومية على امتداد الوطن موجهة إلى الأخ الرئيس - هو حق مشروع لكل مواطن عندما لا يجد الإنصاف - فذاك يشكو من سطو على أرضه، وآخر من حرمانه أحقيته في التوظيف، وأولياء دم لم يطل القانون غريمهم، وآخر يشكو من اغتصبوا مسكنه.. شكاوى لا حصر لها ولا آخر.. إلا أنني لست ممن يحبذ أن نتوجه -دائماً - بمناشداتنا عما لحق بنا من مظالم مختلفة صغر حجمها أو كبر إلى فخامة رئيس الجمهورية كي يدفع عنا تلك المظالم، رغم قناعتي الشخصية بأن الأخ الرئيس لن يتوانى عن الاستجابة لها أو يتخلى عن واحدة منها.. بل سنجده سباقاً للاطلاع عليها بعد نشرها لدراسة صحتها -وهي في الغالب تكون صحيحة - ثم يوجه بشأن حلها مع الأطراف والجهات المعنية لإحقاق الحق.. ولكني أقف حائراً ما بين هذه الرغبة الصادقة عند الأخ الرئيس الذي تأخذ هذه القضايا من وقته وجهده وعمله الشيء الكثير، ودور وواجبات القوانين والأنظمة والدستور وغيرها من التشريعات التي توجب على المتظلم عدم تجاوزها في ظل وجود أجهزة حمايتها كي يسترد حقه، من دون الحاجة إلى أوامر وقرارات فوقية تحل له مظلمته وتزيل الضيم والجور عنه.. وكذلك لتحد من بطش وعنجهية الظالم المتسلط أياً كان موقع عمله، وضرورة تقييده وإلزامه بالقوانين والأنظمة ولوائحها التي بموجبها - لو تحققت فاعليتها - لن يكون هناك ظالم أو مظلوم. والأدهى من ذلك أن نجد من يخترق هذه القوانين ويتجاوزها أو يتجاهلها، أو يدوس عليها وأحياناً هم ( بعض) من المسؤولين والموظفين الكبار وأتباعهم من الصغار ممن بلغ فيهم الجشع والفساد مبلغ الداء العضال.. فنراهم وقد سخروا كل البواطل والمفاسد وسبل الإفساد لخدمة أطماعهم وحبهم للذات بدءاً من منع الحق عن أصحابه، أو البسط على ما ليس لهم فيه حق، أو الابتزاز أو الارتشاء الذي فاق كل تصور.. أو انتهاك حقوق الإنسان وأكثر منها ضراوة هو تعطيل القوانين وتحييد أجهزة حماية القوانين أو أجهزة الرقابة عليها أو تسخيرها إما بالإغراءات أو بغيرها.. فلا يجد المواطن بعد ذلك من حيلة إلا اللجوء إلى مناشدة الأخ الرئيس.

كل من زار اليمن من الهيئات الدولية والمنظمات الحقوقية، الرسمية وغير الرسمية وتلك التي سبقتها من منظماتنا الحقوقية والإنسانية، كانت قد أغنت تقاريرها عن مآسي ما وصل إليه حجم الفساد والمفسدين في بلادنا، وآخر التقارير والتقييمات عن واقع الحياة الديمقراطية تشير إلى أن هناك من المسؤولين في الدولة من يمارسون الفساد والابتزاز بكل أنواعه تحت ساتر وحماية الوظيفة والسلطة والقوة. وبهذا الواقع المؤلم تكون اليمن قد وُصّفَتْ مكانتها في آخر القوائم أكان ما هو متعلق بحقوق الإنسان وانتهاكاته أو ما يستولى عليه من الأموال العامة والبسط على الأرض بالتحايل أو بالتزوير أو بالقوة من دون رادع (غياب القانون والمحاسبة).

ومع كل هذه الموجعات نجد أن الخطاب الإعلامي الرسمي لا ينقطع عن التغني- بخيلاء - بدولة النظام والقانون والدستور.. وفي التصريحات الكورالية التي ينشد بها كبار رجال السلطة عن المكاسب العظيمة في ظل الديمقراطية والحفاظ على المال العام والشفافية في المعلومات وحقوق الإنسان، إلى جانب ما تحقق من منجزات كبيرة في كل تفريعات التنمية، متناسين عن عمد ما آل إليه قيمة الريال، والكهرباء، والغلاء، والصحة، وانتكاسات الاستثمارات وتراجعها، وتذمر المواطن، والبطالة، والفقر المدقع وتدني الأجور - رغم استراتيجيتها- وما آل إليه المتقاعدون ومن هم مجبرون على البقاء في البيت وهم أصحاب كفاءات ومؤهلات علمية عالية و.. و.. إلى آخر الوجائع.

ومع كل ذلك فإن الامتنان للأخ الرئيس يظل محل تقدير وعرفان كبير لقلقه نحو المواطن.. ولو أنني كنت أتمنى لو أننا أخذنا عنه هذه الصغائر من مشاكلنا لتتولاها الأجهزة المعنية بحماية الوطن والمواطن بقوة القوانين والأنظمة والإجراءات الرادعة لحلها أولاً بأول ونتركه يتفرغ لقضايا الوطن الأهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى