كــركــر جـمل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
كان لا يشكو من أي شيء.. ولا يتحدث كثيرا.. وإذا تحدث فبصوت خفيض.. كنا نجتمع في (منتدى الأيام) في صنعاء للمقيل يوميا .. وكان علي سالم علي عبده يحضر معنا ثلاث مرات في الأسبوع فقط.. فقد كان لا يحب القات كثيرا.. وهذه هي طبيعته منذ أن كان له شرف تأسيس (ندوة الموسيقى العدنية) في نهاية الأربعينات من القرن الماضي.. إلى أن غادر عدن في منتصف الستينات تقريبا.

< وفي مقايلنا لم أسمعه يوما يشكو من مرض.. فقد كان صحيحا معافى.. سليم البنية.. وفي غاية الحيوية.. وفي هدوء صامت.. وصمت هادئ.. وكنا إذا تذاكرنا بعض (ذكرياتنا) السابقة.. كان يعتدل في جلسته.. ويروي لنا كثيرا من ذكرياته أيام زمان.. ويضحك أكثر.

< وكان علي سالم علي واحدا من أحب الأصدقاء إلى قلوبنا.. وكان رجلا لطيفا أنيقا ونظيفا في ظاهره وباطنه.. وكان يعرف كيف يتحكم في كل شيء في حياته.. وقف إلى جانب أبيه سالم علي عبده رجل الأعمال المعروف في عدن.. وأصبح المدير التنفيذي لأول شركة للباصات العدنية.. ثم تقلد وزارة البريد والإعلام في حكومة (حسن علي بيومي) رئيس وزراء عدن.. في بداية الستينات .. ثم وزيرا للعمل في حكومة (زين عبده باهارون) الذي خلف البيومي في رئاسة الوزارة.. إلى أن استقال من الوزارة بعد حادثة قنبلة المطار.. واعتقال خليفة عبدالله حسن خليفة.. وإعلان حالة الطوارئ في ديسمبر 1963م.

< وكان علي سالم رجلا كريما شهما سخيا .. وكان لا يفرق بين نفسه وغيره.. وقف إلى جانب أخيه (محمد سالم) عندما كان مهموما بالسياسة .. وتحرير صحيفة (البعث).. وكان ينفق عليها الكثير.. ولا يحصل على القليل.. وكان له مواقف إنسانية كثيرة.. فقد كان يساعد الطلبة المبعوثين للدراسة في مصر وبريطانيا لمواصلة دراستهم العليا.. بعد أن منعت عنهم بريطانيا مصاريفهم الدراسية لمواقفهم المبدئية في مساندة الكفاح الوطني ضد الإدارة البريطانية في عدن.

< وكان علي سالم صاحب قلب كبير..وكان رقيقا جدا.. وكنت أخاف على قلبه من شدة رقته.. فلم يكن في دائرة صداقتنا أحد مثله في طيبته وأخلاقه وحبه وإخلاصه.. كان شيئا آخر.. وعندما ألم به المرض ولزم البيت.. انشغلنا بالحزن عليه وأوجعنا مرضه كثيرا.. وكنا نتابع أخبار مرضه أولا بأول من صديقنا (محمد سعيد باشرين) فقط .. فلم يجرؤ أحد منا.. ولا كان أحد يستطيع أن يراه في حالة مرض.. ممددا على فراشه.. كان أقوى منا وهو مريض.. وكنا أضعف منه وهو صحيح.

< رحل علي سالم ومعه أحلامه وآماله.. وتركنا نبكي عليه.. غلبتنا دموعنا.. وغرقنا في جحيم من الدموع والألم.. كيف رحل (أبو محمد وبسام) عنا؟.. وترك الدنيا حولنا تتمايل وتتلاشى أمام عيوننا من هول الصدمة.. كيف رحل عنا بعد أن كان يعيش في عقولنا ووجداننا؟.. وكان خياله يتراءى لنا في يقظتنا ونومنا.. كنا نضمه إلى صدورنا.. وندفن صورته في قلوبنا.. وعندما كنا نسير في جنازته.. كانت خطواتنا ضعيفة وضيقة.. وكأننا نسير إلى نهايتنا.

< رحل علي سالم عنا.. وشعرنا بالألم يسحق قلوبنا.. والحزن يحبس أنفاسنا.. والفراق يضغط على عقولنا.. ولكن يكفي أن صفة واحدة من صفاته تفتح له أبواب الجنة مع الأبرار!!

11/5/2006

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى