عام الحزن الصحفي

> نصر بن مبارك باغريب:

> الأحباء محمد شرف، شكيب عوض سعد، معروف سعيد حداد، عصام سعيد سالم اليافعي، عبدالباسط السروري.. وغيرهم من الأسماء التي لمعت في عالم الصحافة وجالت وصالت في بلاطها وتركت بصماتها بارزة عليها، غابت منذ بداية هذا العام الحزين عن صاحبة الجلالة بطريقة دراماتيكية متلاحقة لم نشهد لها مثيلا من قبل.

لم يمت أحد منهم بحادث مروري مروع أو إثر طلق ناري طائش أو لبلوغه أرذل العمر، بل ماتوا جميعاً بسبب الأزمات القلبية المفاجئة وهو أمر يستحق الوقوف أمامه ملياً!!.

ورغم أني فكرت قبل الشروع في كتابة هذا الموضوع أن أكتب مقال نعي لزملائي وأساتذتي في مهنة المتاعب، إلا أني عدلت عن ذلك لأن كلمات العزاء بحق هؤلاء العمالقة في مبادئهم ونظافة أيديهم في زمن سيادة الفساد، لن تفيهم حقهم مهما حاولت أن أنزف من دموعي على محبرة قلمي وأخطها على نياط قلبي.

فالمصاب الجلل أشد وطأة من الأسطر المرصوصة على الورق والألم على فراق الأحبة أبلغ من كل المعاني والمراثي، وهو الأمر الذي دفعني إلى التفكير بواقع مسيرة حياة الصحافي ومماته في هذا الوطن الغالي، فهو الإنسان المرهف الإحساس المعبر عن نبض المجتمع والمدافع عنه والناقل لتطلعاته ومعاناته إلى الرأي العام وهو الحمال لهموم البلاد والعباد واللاهث دائماً وراء المعلومة والحقيقة في أقسى الظروف التي يواجه خلالها كل أنواع المخاطر والمصاعب بصدر مكشوف وعقل مفتوح دون أن يتكئ إلى أي سند أو عمد إلا الله، والأنكى من ذلك أن هذا الصحفي المنافح عن الحق والداعي للعدل لا يجد ما يسد رمقه من راتب شهري يحقق له العيش الآمن والكريم.

فالجهد العقلي والنفسي المبذول من قبل الصحافي في عمله النبيل قبل الكتابة وحتى ولادة الفكرة ثم بعد كتابتها وصولاً لتحقيقها لغايتها، تشكل حالة من المعاناة والقلق والأرق المزمن يصاحب الصحافي طوال حياته المهنية، ولا يجد مقابل ذلك إلا الـوعود الـعـرقـوبـيـة التي لم تتحقق ولا الـفـتات مـنها.. ليقتات به هو وأسرته.

تلكم الوضعية المزرية للصحافي اعتقد أنها قدمت لي إجابة أولية عن أسباب وفاة الصحافيين بالازمات القلبية المفاجئة دون أن يبلغوا متوسط عمر الوفيات المعتاد في هذه المنطقة على الأقل.

دعوة صادقة ممزوجة بالأمل واليأس أوجهها لكل المعنيين بشأن الرعاية في هذا الوطن لتحمل مسؤولياتهم الاخلاقية والادبية والانسانية تجاه الصحافيين وكفى وعوداً.. كفى وعوداً.. كفى وعوداً، اللهم أرحم عبادك الصحافيين وأسكنهم جناتك الفسيحة، وهب لهم ما حرموا منه في الدنيا وفي هذه البلاد، وألهم مستقبلهم الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى