حينما يكون التظاهر في (حبان) جريمة

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
تجاوز دخولنا الألفية الثالثة ست سنوات تقريباً، ولكن مديرية في محافظة (منسية) كمحافظة شبوة وهي مديرية (حبان) ومثلها تماماً مديرية (الصعيد) لا تستطيع أن تعلم أن هناك كهرباء في اليمن إلا من خلال ست ساعات فقط يومياً، فعليها خلال الفترة الزمنية المذلة أن تتدبر حالها وشؤونها وأن تتقدم بجل آيات الشكر والتقدير والامتنان للمجلس المحلي في المحافظة الذي عليه أن يتباهى بدوره بمثل هذا الإنجاز العظيم أمام أولياء نعمته، الذين صنعوا وهيئوا له كل الظروف المناسبة، والقادر على (جرجرة) ضميره الإنساني الصاحي من عليائه في السماء إلى تراب وأوحال الفساد الكبير.

وعلى أهالي المديرية أيضاً أن يحتفلوا بأعياد الوحدة اليمنية بأي طريقة يرونها مناسبة بغض النظر عن انقطاع أو تفضل التيار الكهربائي بالتواصل المهين معهم في ساعات المنة والفضل، فيمكنهم - على سبيل المثال - أن يمارسوا طقوس الاحتفال تحت أضواء الشموع أو (الفوانيس)، ويمكنهم أن يعبروا عن مشاعر الفرح والسرور بكل حرية في مثل هذه الأجواء الرومانسية، ويبقى من الواجب والمحتم عليهم أن يعلموا يقيناً أن ممارسة أي خيار عاطفي أو حقوقي آخر - خلاف الامتنان والثناء - هو خيانة عظمى وإقلاق للسكينة والأمن العام الذي يبدو أنه يعيش أفضل حالاته على الإطلاق في كل تاريخ شبوة القديم والحديث.

ولكن مجموعة شجاعة من أهالي مديرية حبان، قررت أن تكسر قاعدة (المطلوب رسمياً) وأن تتجاوز خطوط (السكينة والاستكانة) وأن تمارس حقها الذي قالوا لها بأنه حق ديمقراطي ودستوري، فخرجت إلى الشارع لتعرب عن استنكارها لكل معاني (البهذلة) و(الإذلال) و(الاستخفاف) بأبسط حقوق المواطن، وهو الحصول على النور الذي يعتبر حتى في أفقر دول العالم مجرد تحصيل حاصل ومسألة لا تحتاج من أي مسؤول، أياً كان منصبه، أن يمن بها على شعبه... خرجت هذه المجموعة للتظاهر تعبيراً عن سخطها فجاءت ردة الفعل عنيفة وقاسية، ولكنها تتناسب مع مفاهيمنا اليمنية للحق الديمقراطي ولكل معاني المواطنة الزائفة، فتم قمعهم وإلقاء القبض عليهم ومعاملتهم معاملة اللصوص أو القتلة أو المهربين، وهم الذين يحظون في شبوة بأجواء ومناخات (خلاقة)!!

فقط نريد أن نسأل المعنيين بأمن المحافظة: هل كان سيلقى هؤلاء المواطنون المصير ذاته فيما لو هداهم الله وتظاهروا مطالبين فخامة رئيس الدولة - على سبيل المثال - التراجع عن قراره التاريخي عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة عوضاً عن التظاهر ضد أوضاع الكهرباء؟؟ لا أعتقد ذلك، بل إنني على يقين تام أن وسائل إعلامنا الرسمية كانت ستحتفي بهم وبتحركاتهم الديمقراطية المشروعة! وستضرب بهم المثل في ممارسة الحق القانوني في التعبير عن حرية الرأي والموقف.. هذا من زاوية.

ومن زاوية أخرى.. نود أيضاً أن نذكّر من قام باعتقالهم بهذه السرعة وتلك الحماسة.. أن هؤلاء الباحثين عن الحق لم يمارسوا جرماً يستحق العقاب أو (الحبس)، مقارنة بمن قاموا بإهانة وقتل الضعيف المسكين (محمد حمود الحامدي) في حراج 45 بصنعاء، بطريقة لم تخترعها حتى أفلام هوليود الأمريكية، على اعتبار أن من (تصيد) روح الحامدي مع سبق الإصرار والترصد، وأهان آدميته في وضح النهار أمام الله وخلقه، وفر إلى الحصون البعيدة التي لا يطالها العدل ولا القانون، ربما يمتلك هوية أخرى خلاف الهوية التي بحوزة من تظاهر من أهالي حبان! أو ربما أن قتل الأنفس البشرية في هذا الوطن - المحروس بقوانينه النافذة - لا يدخل في باب إقلاق الأمن العام والسكينة الاجتماعية، قياساً مع التظاهر المطالب فقط بحق الحصول على خدمة الكهرباء.. سبحان الله.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى