المتعاقدون والركض خلف سراب التوظيف (2)

> «الأيام» فردوس العلمي:

> أحلام الشباب عماد المستقبل من كلا الجنسين أصبحت أحلاماً صعبة التحقيق في ظل الوضع القائم وازدياد رقعة الفقر، أفواج من خريجي مختلف تخصصات جامعة عدن ينظمون في كل عام الى طابور البطالة والعاطلين عن العمل، حيث أصبح حلم التوظيف حلماً بعيد المنال وهو ما أكده لنا عدد من الشباب الذين أصبح حلم حياتهم بعد سنوات دراسية وتعب الحصول على الموافقة للعمل بالأجر اليومي مع مرفق حكومي وفي أحسن الأحوال الحصول على عقد عمل ليس خارجياً بل عقد محلي مع إحدى الدوائر والهيئات الحكومية .. موظفون شباب يعيشون مرارة وتعباً وحقوقهم ضائعة وإذا سألتهم ما الذي يجبركم؟ يقولون بحزن «أيش رماك على المر سوى الّي أمر منه» والهروب من شبح الفقر والبطالة ذلك الغول الذي يصطاد الشباب فلا يختلف وضع المتعاقدين عن إخوانهم المتعاونين فكل يمشون في طريق مليء بأشواك الفقر ومسامير البطالة .. وربما يكون وضع المتعاقد أفضل.

«الأيام» تنقّلت بين الدوائر الحكومية ورصدت معاناة الموظفين والموظفات بعقد أو بالأجر اليومي أو (بتعاون) ذلكم المصطلح الجديد في دنيا الوظيفة فماذا قالوا؟

بعد الاستماع الى هموم الموظفين كان لا بد من معرفة رأي القائمين على إدارة شؤون الموظفين في تلك الدوائر لمعرفة كيف يتم التعامل مع الموظفين المتعاقدين من حيث الحقوق المنصوص عليها في قانون العمل من جانب الاجازات المستحقة وإصابات العمل وساعات العمل الاضافي ومصير خدماتهم هل تضم لهم.

< يقول الأخ عبدالكريم فضل، مدير ادارة شؤون الموظفين بمكتب محافظ عدن: «بالنسبة لإصابات العمل للمتعاقدين نحن لا نشدد عليهم في دفع مستحقات الضمان الاجتماعي فهم لا يتقاضون راتباً، بل مبلغ رمزي عبارة عن 5000 ريال فقط، أما الإجازات فتحتسب لهم إجازات مستحقة كالموظفين الرسميين 30 يوماً. وهنالك متقاعدون تصل خدمات بعضهم الى عام 1996م وأقلهم له من الخدمة سنتان». وعن مسألة التوظيف في مكتب المحافظة يقول: «آخر توظيف تم في المحافظة كان في سبتمبر 2005م وهي عشر وظائف عبر وزارة المالية إضافة الى عشرين وظيفة في عام 2004م .. وبوضوح كل الوظائف كانت لذوي المؤهل الجامعي، فلم تشمل الوظائف مؤهل الثانوية العامة ولا المراسلين ولا المنظفين، وهذه الوظائف تكاد تكون معدومة».

سألته هل تضم سنوات خدمة المتعاقدين الى خدماتهم في حالة التوظيف الرسمي؟ فأجاب بالنفي.. وعن السبب يقول: «لا يصرف لهم راتب من الموازنة العامة بل مكافأة، لهذا لا تسدد لهم مستحقات الضمان الاجتماعي».

ربما يختلف وضع المتعاقدين مع إدارة الكهرباء بعدن، حيث تمنح لهم الكثير من الحقوق.

< يقول الأخ عارف اللبني، مدير الشؤون الادارية بالمؤسسة العامة للقوى الكهربائية: «تمنح للمتعاقدين إجازات مستحقة 30 يوماً في السنة، أما إصابات العمل فيعالج المصاب سواء أكان موظفاً رسمياً أو متعاقداً حتى يشفى من الإصابة على حساب المؤسسة، وهناك حالات كثيرة تم معالجتها سواء كان علاجه في الداخل أو في الخارج».

وعن عدد المتعاقدين يقول: «اجمالي الموظفين المتعاقدين يصل الى 496 موظفا متعاقدا موزعين على النحو التالي: 81 موظفاً في الإدارة العامة بعدن و101 في المنطقة الأولى و166 في المنطقة الثانية و148 موظفاًًَ في المنطقة الثالثة».

ويواصل حديثه قائلاً: «آخر توظيف رسمي تم في المؤسسة كان في ابريل 2006م حيث تم توظيف اثنين من الموظفين فقط، وكان التوظيف الذي قبله في عام 2001م».

ويؤكد مدير الشؤون الادارية في الكهرباء أن « فترة خدمات المتعاقدين تضم لهم في حالة التوظيف الرسمي، فالمؤسسة تتحمل 9% والموظف 6% من قيمة الضمان الاجتماعي وكل خدماته في حالة التوظيف الرسمي تضم له ومن الممكن إذا استمر متعاقداً ان يأخذ معاشاً حسب قانون الثمانينات .. وعمل الموظف المتقاعد كأي موظف رسمي، ففي حالة الغياب يخصم منه يوم. وأعلى راتب لمؤهل البكلاريوس يصل الى 19.750 ريالاً، وأغلب المتعاقدين يعملون في مجال المناوبة وأكثرهم قدامى لهم سنوات طويلة من عام 1999م».

وأوضح الاخ اللبني أن اي تعاقد يتم عبر توجيهات الادارة العامة بصنعاء حيث يتم ارسال التعزيز المالي لهم.

< ومن ميناء عدن قال لنا الاخ محمد سعيد عبدالرحمن، مدير القوى العاملة بمصلحة الموانئ اليمنية: «الموظفون الموسميون يتم التعامل معهم بشكل عادي حيث يتمتعون بميزات السلف والاعانات والعمل الإضافي وكذا الاغذية والالبان كما تصرف لهم إصابات العمل وتعمد لهم كافة الإجازات المرضية وتتحمل المصلحة كل تكاليف العلاج حتى يشفى، ولم تصادف حالة وفاة لا سمح الله بين المتعاقدين».

وعن شروط قبول الموسميين يقول: «من الشروط الاساسية ان تكون هناك حاجة للوظيفة والتخصص ويختار المتقدم للوظيفة في حالة تطابق الشروط المطلوبة ويقدم ملفاً ونسخاً من الشهادات ويتم قبوله».

ويضيف: «العمالة الموسمية جاءت الحاجة اليها في السابق كفترة مؤقتة لا تتجاوز اسبوعاً او عشرة أيام، وبعد انتهاء العمل المكلف به يسرح.

ولكن بعد توقف التوظيف استمر العمل بالعمال الموسميين وذلك بسبب عدم وجود وظائف شاغرة في الموازنة والحاجة للعمالة».

ويضيف: «كان التوظيف يتم سنوياً كإحلال وظيفي بإحالة البعض الى التقاعد لتوظيف عمالة جديدة، ولكن الفجوة كبيرة بين الاجيال، فمثلاً آخر جيل من جيل الستينات أحيل للمعاش التقاعدي كان في عام 1995م، وجيل السبعينات أحيل للتقاعد بعدد كبير، وعدم التوظيف كان دافعاً لقبول الموسميين واستمر التعامل معهم».

ويقول الاخ محمد سعيد عن نظام المفاصلة: هو مقياس جيد، فإذا انطبقت على المتقدم شروط الوظيفة وإذا استخدم بأمانة سيكون نظاماً فعالاً».

ويضيف: «أما عدد الموسميين في مصلحة الموانئ 162 تتفاوت تخصصاتهم ومستوياتهم الدراسية، وهم متوزعون على حسب مؤهلاتهم، فبعضهم يعملون في مجال الورش المختلفة والقطاع البحري ومجال النظافة، أما خريجو الكليات فيوزعون في الجانب الإداري والمحاسبة والمجالات الفنية والهندسية .. وتمتد خدمات بعض الموسميين في مصلحة الموانئ الى عام 1996م، وفي عام 2000م تم تثبيث 300 عامل موسمي بقرار وزاري .. ويتحصل العامل الموسمي في اليوم 250 ريالا إضافة الى بدل مواصلات والعمل الإضافي يحسب لهم بقيمة لا تقل عن 180 ساعة في الشهر».

ويختتم حديثه قائلاً: «حالياً هناك جهود تبذل من قبل الاخ وزير النقل بالتنسيق مع وزير الخدمة المدنية بغرض معالجة أوضاع العمالة الموسمية».

< ونختتم هذه اللقاءات برأي الاخ حمود خالد الصوفي، الذي التقينا به اثناء زيارته لمحافظة عدن والذي أجاب على سؤال حول الجهود التي تبذل للتخفيف من الفقر وامتصاص البطالة بين أوساط الشباب للعمل في اكثر من مرفق حكومي بنظام التعاقد، وقد اكتسب الكثير منهم اثناء عملهم مهارات وأصبحوا مثل العمالة الرسمية في هذه المرافق، وكان السؤال: لماذا لا يتم توظيفهم عند الإحلال الوظيفي في هذه المرافق وما هي الضمانات لهم اثناء عملهم متعاقدين؟

فأجاب الاخ حمود خالد الصوفي، وزير الخدمة المدنية والتأمينات قائلاً:

«لانعتقد ان القضاء على البطالة يأتي من خلال الاستمرار بأن تكون الحكومة هي رب العمل الوحيد، فامتصاص البطالة يستلزم تنفيذ منظومة من الاجراءات اهمها التزام الجميع بالانصياع للقانون. ولا بد من الإحالة الصارمة للبالغين أجل التقاعد الى جانب ضرورة معالجة اوضاع العمالة الفائضة وإيجاد بيئة حقيقية للاستثمار لخلق فرص العمل».

وأضاف: «لا بد ان تكون المؤسسات التعليمية الجامعية والفنية والثانوية والخاصة مهنية، لكي تلبي مخرجاتها حاجة سوق العمل، وقد آن الاوان أن تغلق بعض التخصصات التي لانحتاجها ولم تعد ضرورية لتلبية سوق العمل مثل التخصصات الانسانية والاجتماعية، فسوق العمل احتياجها كبير لتخصصات فنية وتقنية، سواء السوق الخاص أو العام.

فهناك بعض الاستثمارات التي تنفذ وتتطلب عمالة لا تستطيع الخدمة المدنية ولا وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تلبي احتياجاتها، لأن المعروض في سوق العمل تخصصات لا تحتاجها هذه الاعمال .. فإذا استمرتخريج العمالة في مواد العلوم الانسانية سواء في التعليم العام أو الخاص ويأتون الى الخدمة المدنية يطلبون وظائف، أعتقد حتى الدولة ليست ملزمة مطلقاً بأن تلبي هذه الاحتياجات اذا كانت لا تلبي احتياجات السوق نفسها».

وعن مسالة التعاقد مع المرافق الحكومية يقول: «مسألة التعاقد وقعت في معظم الاحيان للاحتيال على قواعد شغل الوظيفة وقواعد الاستحقاق .. ودستوراً لا يدخل الوظيفة إلا موظف، ولسنا ملزمين أن نستجيب لممارسات القصد منها الاحتيال على القانون وعلى قواعد المفاضلة في التوظيف الحكومي».

ويؤكد الأخ حمود الصوفي، وزير الخدمة المدنية بأن الحكومة في عام 1997م وقفت امام ظاهرة التعاقد واتخذت قرارا لمعالجة حالات التعاقد كاملة، وأوقفت عبر قرار من مجلس الوزراء التعاقد الجديد. وقال: «إذا كان هناك من يخالف هذه القوانين فهو يتحمل المسوؤلية وليست الخدمة المدنية ملزمة مطلقاً بأن تثبت المتعاقدين، خاصة وأننا لسنا بحاجة لهم».

ويواصل حديثه قائلاً: «صحيح أن القانون أتاح فرصة للوظائف المؤقتة، ولكنه وضع لها شروطاً كثيرة أهمها أنه لابد ان يكون التخصص نادراً والضرورة قائمة، أما ان يأتي من يتعاقد مع مؤهل ثانوية عامة أو إعدادية أو من لا يجيد القراءة والكتابة ثم يقطع الطريق أمام آخرين وبحجة التعاقد فنحن لسنا ملزمين بهذا».

ختاماً نقول انتهت اللقاءات التي حملت هموم المتعاقدين وآراء مدراء الشؤون الإدارية وشؤون الموظفين ورأي الأخ وزير الخدمة، ومازال التساؤل قائماً: متى ستيم فتح باب التوظيف للتخلص من ظاهرة التعاقد التي أصبحت شبحاً يلتهم سنوات من عمر المتعاقدين بلا فائدة .. وبلا أمل؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى