مخيم خرز .. معاناة الجوع والمرض

> «الأيام» عماد مهدي الديني:

>
صورة عامة للمخيم عن بعد
صورة عامة للمخيم عن بعد
التفاصيل الجزئية للمكان جزء لا يتجزأ من المفردات الكلية، لأن كل شيء يسير وفق نظام سردي يكمل بعضه بعضاً، عند وصولنا لمخيم خرز للاجئين الذي يقع بالقرب من باب المندب، التقيت بالأخ عثمان قاسم حسين، مسؤول في لجنة (بلوكات) المخيم الذي بدوره قام بتعريفنا على جميع المنظمات والمراكز والمسؤولين في المخيم والذي كان في رفقتنا اثناء تجولنا في المخيم.

< وأبرز شيء كان يحوز اهتمامي هو أحوال النساء والأطفال في المخيم، فالتقيت الأخت أبشر حسين جامع، رئيسة لجنة النساء والأطفال في المخيم، فسألتها عن أحوال النساء والأطفال وعن الرعاية التي تقدم لهم خصوصاً الحومل والمرضعات، فقالت: «تعال معي لترى بنفسك كل شيء.. الجوع والمرض والوضع الذي تعانيه النساء والأطفال في هذا المخيم».. فكانت تأخذني من بيت إلى آخر ومن مريض إلى آخر ومن آلام إلى آلام، حتى استوقفتنا طفلة في عمر الزهور تدعى منى حسن علي، تعاني الآلام في المخيم دون علاج يخفف وجعها أو أب يتكفل بسد جوعها، فالفرق الطبية في غياب مستمر وأما الأب فمصيره مجهول بسبب الحروب التي لا تكاد تنتهي حتى تشتعل حروب أخرى .. هذه الطفلة طريحة الفراش منذ تسعة أشهر.. فتوجهت للسيدة أبشر وقلت لها: أليس هناك فرق طبية تأتي بين الحين والآخر؟ فأجابتني : «يا أخي ليس هناك فرق طبية وليس هناك أي أحد ينفعنا، ليس لدينا إلا الجوع والمرض كما ترى». وتضيف أبشر: «هناك الكثير والكثير من الحالات المرضية سببها قلة الغذاء، لأن السلة الغذائية المقررة لكل فرد لا تكفي».

< أما د. فيزان عبدالحميد، اختصاصي طب أطفال فيقول: «هناك 30-40 حالة يومياً تأتي إلى المركز من مختلف الأمراض، والحالات التي لا يستطيع المركز التعامل معها نتيجة شحة الإمكانيات نقوم بإرسالها إلى مستشفيات عدن ولحج بسيارة الإسعاف الموجودة لدينا أو بالهيلوكس».

ويقول: «خرز من المناطق الموبوءة بالملاريا والإسهالات والحصبة والالتهابات الرئوية العليا والسفلى، وهو ناتج عن تزايد عدد الأطفال ووجودهم في مكان واحد بسبب طبيعة المسكن، وهناك أمراض جلدية عائدة إلى طبيعة المنطقة الحارة». أما عن المخبر الطبي الموجود في المركز فيقول أحد عمال المختبر: «هناك أجهزة مهمة غير موجودة في المختبر، وتوجد لدينا أجهزة ولكنها عاطلة».

في هذا المخيم يقطن أكثر من 9000 لاجئ وهم في تزايد مستمر، ومن هنا كانت الضرورة الملحة لوجود هيئات اجتماعية تقوم بالتوجيه والإرشاد والتوعية المستمرة، وهذا ما تقوم به منظمة «أدرى» بالمنطقة وعند مقابلتنا للأستاذ نزيه علوان مدير المنظمة، وصف لنا الحالات والمشاكل الاجتماعية الموجودة في المنطقة مثل الطلاق والكثير من حالات «الزنا» نظراً لغياب رب الأسرة، وأكد على ضرورة تعاون المؤسسات والجمعيات الخيرية للحد من هذه الظواهر.

< أما الأخ م. عبدالله أحمد عقبة، وهو مسؤول في المنظمة الإنشائية في المخيم فيقول: «لا بد من الدعم في مشاريع المياه، خصوصاً ونحن في فصل حار جداً واستخدام المياه يزداد بكثرة، وليس معنا إلا خزان واحد للمخيم بكامله، وهذه المنطقة أصبحت مدينة وليس قرية صغيرة».

أما عن المساكن التي بنتها المنظمة فيقول: «ما هي إلا جزء يسير بالنسبة لعدد اللاجئين الكبير».

الطفلة منى حسن علي
الطفلة منى حسن علي
المحطة الأخيرة في هذه المرحلة كانت عن التعليم في المنطقة، التعليم الذي هو أساس التنمية والتقدم عند أي شعب أو أمة أو فرد أو جماعة ..لم تكن المؤسسة التعليمية في المنطقة أحسن حالاً من المؤسسات الأخرى. يقول الاستاذ عمر جامع جيلي، مدير مدرسة السلام الاعدادية بالمنطقة: «لا يوجد مدرسون متخصصون في موادهم وأغلبهم يحمل الشهادة الثانوية إضافة إلى قلة الدورات التأهلية للمدرسين.

وبالنسبة للتحديات الأخرى التي تواجه المدرسة فهي الكثافة الطلابية التي تزداد سنوياً ومع ذلك لا توجد فصول كافية للطلاب».

ويضيف: «لا توجد لدينا مختبرات وخصوصاً للصفوف العليا، ونحن بحاجة ماسة للمختبرات».

وهكذا تستمر المأساة في ظل الجوع والمرض وغياب المؤسسات التي ترعى هؤلاء البشر الذين لجأوا من جوع إلى جوع آخر، ومن مرض إلى أمراض أخرى، فهل من سياسات تنموية تكفل لهؤلاء الناس العيش بعيداً عن شبح الجوع الذي يطاردهم في كل مكان واليأس الذي يكاد يطغى على الجوارح والأركان؟!!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى