«الأيام» تبحث سر إقبال المواطن على القطاع الصحي الخاص للعلاج .. الدولة تنشئ المستشفيات والوحدات الصحية ولا توفر الإمكانات والكوادر المتخصصة لتشغيلها

> «الأيام» أحمد بو صالح :

>
منشآت طبية في عتق
منشآت طبية في عتق
خلال السنوات الأخيرة ازداد وبشكل كبير عدد المنشآت الصحية الخاصة، فلاتكاد مدينة أو قرية تخلو من مستوصف أو عيادة أو مختبر أو صيدلية تابعة للقطاع الخاص، ومحافظة شبوة كغيرها من المحافظات تشهد كل يوم تقريباً ميلاد منشأة صحية خاصة لكن يظل السؤال قائماً حول أسباب هذا التواجد الكثيف لتلك المنشآت الصحية وكذا عن مميزاتها وخدماتها التي تجعل الإقبال عليها كبيراً من قبل المواطنين .. وللإجابة على ذلك نقلت «الأيام» هذا السؤال إلى المواطن الذي يرتادها وكذا ملاك هذه المنشآت والمسؤولين عن القطاع الصحي الحكومي حيث حصلت على إيضاحات نضمنها التحقيق الصحفي التالي:

العدد كبير والله خبير
بحسب آخر إحصائيات متوفرة لدى مكتب الصحة والسكان بمحافظة شبوة للعام 2005 يوجد لدى المكتب 6 مستشفيات حكومية و9 مستشفيات ريفية و111 وحدة صحية و19 مركزا صحيا و8 مراكز أمومة وطفولة، فيما المنشآت الصحية التابعة للقطاع الخاص هي: مستشفى في عتق و9 مستوصفات و42 عيادة طبية و124 صيدلية ومخزناً للأدوية و19 مختبراً و7 مراكز أشعة.

ومن خلال تلك الإحصائية يلاحظ أن عدد المنشآت الصحية الحكومية أكثر من الخاصة في عموم مديريات المحافظة، كما أن هناك فوارق كبيرة في رسوم الخدمات الصحية وأسعار العمليات بين القطاعين الحكومي والخاص ومع ذلك نجد أن إقبال المواطنين على المرافق الصحية الخاصة كبير.. فلماذا؟ ذلك ما سنعرفه لاحقاً.

كله بـ(فلوس)
< أول شخص تحدث في هذا الموضوع الأخ أحمد عمر الباراسي، حيث التقيناه في مستوصف الشفاء بعتق الذي لا يبعد سوى امتار قليلة عن مستشفى عتق الحكومي وكان برفقة مريض من أقاربه فقال: «حقيقة الأمر أن الخدمة في المستشفيات الخاصة جيدة رغم أن الاسعار مرتفعة نوعاً ما، ولكن عند مقارنتها بالحكومية هي الاخرى تكلفك (فلوس) أيضاً فالدخول بـ(فلوس) والفحص والدواء والعمليات بـ (فلوس) ، فعهد المجان انتهى، وفي القطاع الخاص تجد النظافة جيدة والطبيب والممرض موجوداً وفي أي لحظة، الشيء الذي يميز المستشفى الحكومي وجود بعثات طبية أجنبية، ولهذه الاسباب يذهب المواطن القطاع الخاص».

مستشفيات خاوية
< أما المواطن سالم أحمد العشلة فقال: «بصراحة المستشفيات الحكومية باستثناء مستشفى عتق أصبحت مجرد مبان خاوية على عروشها، على سبيل المثال لدينا مستشفى في الصعيد لا يحمل إلا الاسم، فلا أطباء ولا ممرضين ولا يحزنون، وهناك مستشفى جديد في المسحاء وهو مستشفى تخصصي للأمومة والطفولة جاهز بكل شيء ولا ينقصه سوى الكادر وتم افتتاحه أكثر من ثلاث مرات كلما جاء وزير أو مسؤول كبير يفتتحه، والحكومة لم تشغله حتى الآن لأنها لم توفر له الكادر وتقول لي لماذا المواطن يذهب للقطاع الخاص؟».

وحدات صحية مغلقة
< كما تحدث الأخ عوض يسلم سالم بقوله: «للأسف الدولة تهتم بالمباني فقط فلا قرية إلا وبها مركز صحي أو وحدة صحية بملايين الريالات، ولكن إذا قمت بزيارتها ستجد معظمها إن لم تكن كلها مغلقة في وجه المواطن، لأنها دون موظفين يشغلونها، ولا تجدها مفتوحة إلا في أيام حملات التحصين أو في موسم الانتخابات، حيث تستخدمها لجان الانتخابات وتحولها إلى مراكز اقتراع».

الخاص (خدمات متميزة)
< ضمن من تحدث الينا الأخ أحمد عبدالله رويس الذي أوضح قائلاً: «السبب في ذهاب المواطنين إلى المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة هو وجود تميز في نوع الخدمات التي تقدمها، وكذلك النظافة، أما بالنسبة للكادر الطبي والتمريضي والفني فيكاد يكون هو نفسه الذي يعمل في القطاع الحكومي اللهم إلا فيما ندر، بالإضافة إلى سبب آخر وهو أن الوحدات الصحية في القرى الصغيرة لا تعمل. فمثلاً في قريتنا بمديرية عتق توجد وحدة صحية جديدة ومجهزة بكل شيء تقريباً، ففيها أثاث ومعدات وأجهزة طبية لكنها لم تشتغل لعدم وجود الكادر الصحي الذي يقوم بذلك. وبالنسبة للقطاع الصحي الحكومي فلا أحد ينكر الخدمات التي يقدمها مستشفى عتق، ولكن يبقى القاسم المشترك بين الطرفين هو الـ (فلوس)، فاينما ذهبت فعليك أن تفتح جيبك وتشتري كل شيء. وأقترح على إدارة المستشفى أن تخفض رسوم مساهمة المجتمع التي تبلغ الآن 150 ريالاً».

فوارق الرسوم الصحية
< ولمعرفة الفوارق في رسوم الخدمات الصحية بين المنشآت الصحية الحكومية ومثيلاتها في القطاع الخاص أجرينا عملية رصد بهذا الجانب في مدينة عتق فقط وتبين أن رسوم القطاع الصحي الحكومي أقل وتشمل: مساهمة المجتمع (150 ريالا) الفحوص المختبرية من (100-400 ريال) الأشعة العادية (300 ريال) الاشعة التلفزيونية (600 ريال) العمليات في المتوسط (6000 ريال) والترقيد مجاني.

أما في القطاع الخاص فقد اظهر الرصد ارتفاع الرسوم فيها وتشمل: المعاينة (400 ريال) الفحوص المختبري (من 300-600 ريال) العمليات في المتوسط (15000 ريال) الترقيد الجماعي (1500) ريال، الترقيد الخصوصي (2500 ريال) الاشعة العادية (800 ريال) الاشعة التلفزيونية (1200) ريال.

البعثة الصينية بمستشفى عتق
البعثة الصينية بمستشفى عتق
الرسوم مقابل الخدمات الجيدة
< ولمعرفة رأي المعنيين بالمرافق الصحية الخاصة، التقينا أولاً الأخ د.عبدالسلام الهيج صاحب عيادة خاصة حيث قال: «إقبال المواطنين على العيادات والمستشفيات الخاصة ناتج عن عدة أسباب منها: وجود الكادر الجيد والمؤهل تأهيلا عاليا وتوفر المواد والمستلزمات الخاصة بالعمل وفق أحدث ما أنتجته التكنولوجيا، وكذا توفير الخدمات الضرورية كالنظافة مما يعطي واجهة صحية حقيقية إلى جانب الالتزام بالمواعيد وترتيب العمل مما يشعر المريض بالراحة والاطمئنان».

وعن ارتفاع الرسوم بالمرافق الصحية الخاصة قال د. الهيج: «كما تعرفون أن بكل عيادة أو مستشفى أو مستوصف عمالاً ينتقيهم المدير بعناية فائقة ويصرف عليهم مرتبات كبيرة، بالإضافة إلى الالتزامات الأخرى كالايجار والضرائب والكهرباء والمياه وغيرها، وكذلك وجود أطباء أجانب وتصرف لهم رواتب بالعملة الاجنبية، وشراء أجهزة وتقنيات طبية حديثة».

التزامات بملايين الريالات
< وتحدث ايضاً الأخ علوي مجلبع العنبري، مدير مستوصف الشفاء بعتق حيث قال: «لا ينكر أحد مدى الخدمات المتميزة التي تقدمها مرافق القطاع الخاص الصحية للمواطنين، والرسوم المحتسبة مقارنة بما يلقاه المريض لا تساوي شيئاً، فنحن لدينا أحدث الوسائل والطرق التشخيصية والعلاجية والخدمات الفندقية، وكذا الطاقم الطبي المحلي والاجنبي المؤهل في تخصصات غير موجودة في القطاع الحكومي، وتتميز المنشآت الخاصة بوجود عمال ذوي كفاءة في كافة المجالات وذلك كله يشكل فريقا واحدا ينتج خدمة طبية جيدة يلمسها المريض، ولا تنسى أن هناك التزامات مالية كثيرة لجهات حكومية متعددة وتشمل رسوم تشغيل وصندوق النظافة والتحسين وهيئة الاستثمار والضرائب ومكتب العمل والجوازات والمجلس المحلي والمياه والكهرباء ورواتب وصيانة وغيرها، وصدقني تصل خسائرنا سنوياً خلاف الرواتب إلى أكثر من مليون ريال.

السبب شحة الإمكانيات
< وفي إطار هذا التحقيق الصحفي انتقلنا إلى إدارة مكتب الصحة والسكان بمديرية عتق والتقينا الأخ حسين عوض بسارة مدير المكتب الذي تحدث بقوله: «بداية أشكر صحيفة «الأيام» على هذه الزيارة ولمناقشة هذا الموضوع المهم، واسمح لي أولاً أن أعطيك إحصائية مقارنة بين عدد المنشآت الصحية في القطاع الصحي الحكومي والقطاع الخاص، فعدد الوحدات الصحية التابعة للمكتب في مديرية عتق يبلغ 9 وحدات صحية ومركزين طبيين وبالنسبة لمستشفى عتق فلا يتبع المديرية بل مكتب الصحة بالمحافظة، أما القطاع الخاص فعدد منشآته: مستشفى واحد فقط، 4 مستوصفات، مركزان صحيان، مجمعان طبيان، مركزا أشعة واحد منهما للاشعة المقطعية،27 مخزناً وصيدلية، 8 عيادات طبية، 4 مختبرات، بالإضافة إلى مركز بصريات واحد، ويبلغ سكان مديرية عتق حـسـب آخـر تعداد سكاني 147.38 نسمة».

وعن مستوى الخدمات الصحية التي تقدمها المنشآت الصحية الحكومية قال: «نعمل وفق الامكانيات المتاحة، فالموازنات التشغيلية شحيحة جداً وهناك نقص في الأجهزة والمعدات الطبية ولا يوجد دعم من السلطة المحلية لهذه المنشآت، وإذا أخذنا مستشفى عتق سنجد أنه يقوم بعمل جيد وملحوظ ويلمسه المواطن ولكن كل ذلك بفضل جهود إدارة المستشفى التي تعمل بجد واجتهاد وبطرقها الخاصة وعلاقتها، والضغط على المستشفى أفقده الميزة، لأنه يستقبل كل يوم مئات المرضى من كافة المديريات والمحافظات المجاورة، والفارق في الخدمات بين القطاع الحكومي والخاص ينحصر في الخدمات التمريضية فقط التي يقدمها القطاع الخاص وتلبية ما يطلبه المريض وليس ما يحتاجه». وعن دور المكتب في مراقبة أداء المنشآت الخاصة قال الأخ بسارة: «نعم نقوم بحملات نزول بين الحين والآخر عليها وهي تعمل بطريقة نظامية وتقدم خدمات جليلة للمواطنين».

وحول وجود وحدات صحية حكومية مغلقة في المديرية أجاب بقوله: «أعترف أن وحدة صحية أو اثنتين مغلقة وذلك بسبب عدم وجود كوادر من أبناء المديرية، لأن العامل المنقول إلينا من أي محافظة بحاجة لمواصلات وسكن ومصاريف ولكننا في معظم الحالات نتعاون مع المواطنين ونضع حلولاً لمثل هذه المشاكل».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى