قصة قصيرة بعنوان (مذكرات شخص ميت)

> «الأيام» صالح علي بامقيشم/ شبوة

> انبعثت من العمارة التي أسكن بها رائحة كريهة.. اضطر بعض السكان للاتصال بالمخفر، وسرعان ما توافد رجال الشرطة تحت سلم العمارة.. بحثوا عن كل ما يمكن أن يسبب تلك الرائحة الغريبة التي تفور في كل ذرة أكسجين.. ثم غادروا مجللين بفشل ذريع.. أغلقت باب غرفتي بإحكام ووضعت على أنفي قصاصة من إحدى الصحف، إلا أن ذلك لم يمنع من تسلل الرائحة فوارةً منتنة.

انشغلت بمتابعة برنامج تلفزيوني ممل.. وكانت تلك الرائحة تزداد ضراوة.. خرج سكان العمارة جميعهم الأطفال والنساء والرجال، أمسك أغلبهم أجهزتهم المحمولة يتصلون على الجهات المختصة.. اتصل بعضهم بالإسعاف، وآخرون بإدارة البلدية.. أغلقت النوافذ والفجوات التي يمكن أن تتسرب الرائحة من خلالها لتنغص معيشتي.. سمعت طرقاً قوياً على الباب فوجئت بسكان العمارة يدخلون واحداً تلو الآخر إلى غرفتي بعضهم كان على درجات السلم، غرس أحدهم أنفه في جسدي وصاح: - الرائحة تصدر منك.. أنت سبب كل هذا العفن.

تشمم ثلاثة أو أربعة أشخاص -لا أذكر- أصابعي وتمتموا بذهول ورعب: أنت شخص ميت!!

في المساء جاء مدير شرطة المنطقة مع عناصر أمنية وبدأ الاستجواب:

- منذ متى فارقت الحياة؟

هل تتهم أحد بالضلوع في عملية نقلك إلى الحياة البرزخية؟ أعجبتني طريقة السؤال فصرخت: كلا.. ولكن أليست كلمة «حياة برزخية» دليلاً كافياً على أني مازلت في سياق «الحياة» لا الموت!

- هل تنكر أنك شخص ميت منذ فترة طويلة؟

- هل ترغب بشيء معين قبل عملية الدفن؟

نعم منفضة السجائر وسجادة الصلاة وكتاب قصائد قديم أظنه لرسول حمزاتوف أو لأحمد مطر.. أريد أن ترافقني في مثواي.. الآخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى