أيــام الأيــام..إنجاز تاريخي للمشترك

> عبدالعزيز يحيى محمد:

>
عبدالعزيز يحيى محمد
عبدالعزيز يحيى محمد
اذا كان اتفاق أحزاب اللقاء المشترك خوض الانتخابات الرئاسية القادمة بمرشح واحد، وإجماعهم على أن يكون المناضل (فيصل بن شملان) هو ممثلهم في تلك الانتخابات، يعد وبكل المقاييس إنجازاً تاريخياً عظيماً لصالح الشعب اليمني، لا يقل شاناً وأهمية عن مستوى اتفاقهم على مشروع مشترك للإصلاح السياسي والوطني الشامل الذي وقعوا عليه وأعلنوه في 26/11/2005م.

فإن موافقة (فيصل بن شملان) على ذلك، دليل لا يقبل الشك على عظمة الرجل ونقاوة سريرته، وعلى شجاعته كونه قبل التحدى ليترشح باسم المعارضة، رغم معرفته وإدراكه التامين أن الطريق إلى كرسي الرئاسة ليس مفروشاً بالورود، وإنما مليء بكميات هائلة وضخمة من صخور الصعوبات والعراقيل التي هي بحاجة إلى دكاكات بضخامتها لتتمكن وبعد مدة من الزمن من تسويتها، فكم كان بن شملان محقاً حين قال في أول كلمة له عقب إعلان ترشيحه: إن الأوضاع في البلاد وترشيحي من قبل المشترك يجعلان من التضحية فريضة والنكوص عنها معصية.

لذلك سيسجل التاريخ اسم بن شملان في كتبه بأحرف من نور على أنه أول يمني يخوض المنافسة في انتخابات رئاسية جادة أمام مرشح السلطة الذي يمتلك كل إمكانات الدولة والمجتمع المادية من مال وثروة وإعلام ووظيفة... الخ.

فإذا كان مرشح أحزاب اللقاء المشترك لا يمتلك شيئاً من ذلك، إلا أنه يمتلك ما هو أهم وأجدى من كل ذلك وهو إرادة وعزيمة الشعب بقيادة كل قواه وأحزابه السياسية المعارضة وفي مقدمتها أحزاب اللقاء المشترك.

وقبل أن استعرض بعضاً من الدلالات والمعاني التاريخية لهذا الاتفاق والاختيار، أحب أن أشير إلى أنني كنت لا أتوقع أن تتوصل أحزاب المشترك إلى ذلك لأسباب وعوامل كثيرة- ليس هنا مجال بحثها بالتفصيل كونها بحاجة إلى مقال منفرد- لذلك سأكتفى بالإشارة إليها فقط، منها ما هو متعلق بالأوضاع الداخلية لكل حزب من الأحزاب الخمسة المنضوية في إطار اللقاء المشترك، ومنها ما هو متصل ومرتبط بالإمكانات والرؤى والتصورات الخاصة لكل حزب من الأحزاب الخمسة، إزاء القضايا والمسائل الهامة والجوهرية، ومنها ما هو متصل بطبيعة ونوعية الظروف والأوضاع العامة على الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية.

وبالعودة إلى ما يحمله ويتضمنه اتفاق واختيار المشترك، فلا شك أنه يدل على أن أحزاب المشترك قد شبت عن طوق السلطة، فلم تعد تخضع لإرادتها وتتحرك وفقاً لمشيئتها ورغباتها، وبأنها على استعداد للتنازل بمصالحها الخاصة والتضحية بها في سبيل انتصار مصالح الشعب، وهذا يمثل الشرط الأول والأساسي الذي من دونه لا يستطيع أي حزب أن يطلق على نفسه حزباً معارضاً.

ومما لا شك فيه أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى تقوية وتعزيز وتطوير الوحدة الداخلية في كل حزب من ناحية وفيما بين أحزاب المشترك بعضها ببعض من ناحية ثانية، وفيما بينها وبين الجزء الأكبر من فئات وشرائح وطبقات الشعب اليمني من ناحية ثالثة. كما سيكسب الحياة السياسية اليمنية زخماً وحيوية كبيرين، حيث سيخلق توازناً حقيقاً على الساحة اليمنية بين السلطة والمعارضة، الأمر الذي سيعمق ويؤصل الممارسة الديمقراطية في حياة المجتمع اليمني.

ومن أهم المسائل التي سيتمخض عنها هذا الاتفاق وسيجسدها هي تعزيز وتقوية وشائج الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب اليمني، كونه يؤكد أن أحزاب المشترك لا يهمها إلى أي منطقة ينتمى إليها من سيكون رئيساً لليمن، وإنما يهمها أن يكون مخلصاً ونزيهاً ومتفانياً وشريفاً يسعى ويناضل من أجل بناء وإقامة دولة النظام والقانون والمؤسسات.

كما أن هذا الاختيار سيجعل أبناء المحافظات الجنوبية يحسون ويشعرون أن ما لحق ويلحق بهم من مظالم إضافية بعد حرب 1994م إنما سببه الرئيس السلطة والنظام القائمان حالياً، وأنه لا يوجد حزب من أحزاب المشترك يعد ببقاء واستمرار تلك المظالم وأن هذه الأحزاب على استعداد لتصحيح ومعالجة الآخطاء والآثار التي ارتكبتها وشاركت فيها.

من ناحية أخرى فإن هذا الاختيار سيجعل أبناء المحافظات الشمالية يشعرون ويحسون أن الانتماء المناطقي لرئيس البلاد ليس له أية علاقة لا من قريب أو بعيد بحسن أو سوء أوضاعهم وأحوالهم، فالشيء الذي له علاقة بذلك هو طبيعة الدولة ونظام الحكم الذي يدير شؤون مؤسساتها وأجهزتها وتقوم السلطة ببنائه.

لذلك ليس مهماً أن يرأس اليمن حاكم من جنوبها أو شمالها أو شرقها أو غربها، ولنا فيما جرى في ألمانيا قبل عام عبرة، حيث رشح الحزب الديمقراطي المسيحي السيدة (ميركل) لتخوض الانتخابات على منصب المستشارية في حين أنها تنتمي إلى ألمانيا الشرقية سابقاً، وهو الأمر الذي تحقق بالفعل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى