«الأيام» تبحث مع شخصيات ومواطنين ومسؤولين ومكتوين بالثأر مشكلة الثأر في شبوة .. لماذا نلعن الثأر بأقلامنا ثم لا نلبث إلا قليلاً حتى نرى شرره ينبري من أعيننا وأفواهنا

> «الأيام» محمد عبدالعليم:

> قف! أمامك محافظة شبوة إحدى المحافظات اليمنية التي ما تزال مع كل عام ميلادي أو هجري جديد تسجل وقائع وتقدماً في حصد الأرواح البشرية نتيجة آفة الثأر، هذه الآفة الاجتماعية التي مزقت النسيج الاجتماعي الشبواني ورملت النساء ويتمت الأطفال .. الثأر آفة ومرض قبلي مزق النسيج الاجتماعي في عدد من مديريات المحافظة .. ويا لها من تحية صباح تلقي بظلالها كل مطلع عام أو شهر ميلادي وهجري على أبناء محافظة شبوة .. وأصبح الجميع يئن من الثأر وينادي الجهات المسئولة التي أصبحت عاجزة عن إيقافه .. وللمزيد أجرت «الأيام» تحقيقاً صحفياً حول الثأر وما هي المعالجات التي يمكن اتخاذها لإيقافه.

حل مشاكل الثأر ضرورة ملحة
< الأخ عبد الله محسن الحامد: أصبحت محافظة شبوة أكثر من غيرها من المحافظات تعاني مشكلة الثأر القبلي، وهذه المشكلة من أخطر المشاكل التي تعاني منها بلادنا وخاصة محافظة شبوة وأصبح تأثيرها على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوقيف عجلة النمو والتطور. وتوجيهات فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية - حفظة الله - بمعالجة وحل قضايا الثأر لها أهمية بالغة في نفوس الجماهير، لذا فإننا ندعو العقلاء من أبناء هذه المحافظة بأن يحكّموا العقل ويدعوا إلى التسامح الاجتماعي والإصلاح بين الناس ونبذ ظواهر العنف وعلى رأسها الثأر كما يتوجب على الحكماء حل هذه الازمة الخطيرة بالتسامح وعقد صلح عام، ويتطلب من الجهات الرسمية الحزم والضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه إثارة مثل هذه الفتن الخطيرة، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

الإرادة الحقيقة غائبة وروح الجدية مفقودة !!
< مبارك محمد السليماني، إداري منتديات شبوة نت، تقدم في البدء بجزيل الشكر لصحيفة «الأيام» لتلمسها قضايا وهموم الوطن والمواطن وقال: «ما بين غياب الدور الحقيقي للدولة وبين تخاذل المجتمع استشرى الثأر وألقى بظلاله وضرب بجذوره في أعماق ومفاصل الحياة الشبوانية، فاكتفى الناس باتهام الحكومة وجعلها شماعة يعلقون عليها عجزهم عن مواجهة أخطائهم بترديد عبارات من نوع: «الدولة تذكي الخلافات وتدعمها، الدولة تستخدم سياسة فرق تسد ... الخ» والدولة من ناحيتها بقيت تنظر لهذه القضية من زاوية المثل الشعبي: «الحجر من الجول والدم من رأسك» .. فإذا لم تساعد بنفسك فلا تنتظر من ينتشلك من واقعك المهترئ لأن أحداً لن يأتِي وأن شيئاً لن يحدث!! من هنا فالخطاب موجه إليك أنت أيها الثائر وكل مَن حولك، انظروا للمجتمعات الحية التي تسامت فوق جراحاتها وتجاوزت مآسيها بروح متحررة من ترسبات وتراكمات الماضي وخلافات الحاضر، فأصبحت شيئاً مذكورا، بينما بقينا نجتر الماضي وليس بالطبع لأخذ العبرة بل لإذكاء الخلافات وإشعال روح التفرقة، ونجتر .. ونجتر ولا نشبع ناسين أو متناسين متطلبات الحاضر والمستقبل .. ولا ننكر بالطبع الدور التنويري الذي تقوم به صحيفة «الأيام» من خلال استطلاعاتها من وقت لآخر حول هذه القضية وكذا مجلة «حبان» وهناك أيضاً منتدى «شبوة نت» الذي أعطى هذه القضية حيزاً كبيراً من النقاش، لنصحو على سؤال مدوٍّ يقظ لكاتب المنتدى ماجد بارويس: « لماذا نلعن الثأر بأقلامنا.. ولا نلبث إلا قليلاً ونرى شرره ينبري من أعيننا وأفواهنا..؟!!».

من ناحية أخرى لا ننكر أيضاً التقدم النسبي في المجال الأمني مؤخراً بالمحافظة وإن كان مركَّزاً أكثر على حماية أمن ومصالح الدولة أما بالنسبة لقضية الثأر وبرغم التحركات تبقى الإرادة الحقيقة غائبة وروح الجدية مفقودة! لذا فعملية حصر القضايا والبت فيها كخطوة مبدئية ربما تتحول إلى نصل حاد في ظل استمرار غياب الإرادة الحقيقة لقطع دابر هذه الآفة واجتثاثها من الجذور .

رسالة إلى جميع المشايخ والأعيان في شبوة
الطالب الحامد عوض الحامد باعلي (جباه - شبوة ): إنها حقاً لمأساة عظيمة ما تحمله هذه الكلمة من معنى، كيف للإنسان أن يتصور بأن يجد أبناء المجتمع الواحد أو القبيلة الواحدة يتقاتلون ويتناحرون ويتنازعون على أتفه الأسباب أو ما يسمى بـ(بالثأر) إن هذه العادات تذكرنا بالحالة التي كانت تعيش عليها العرب في زمن الجاهلية وقبل ظهور الإسلام الذي أكد على حرمة دم المسلم بشتى الوسائل التي تؤدي للقتل (العمد وشبه العمد والخطأ) فجعل لكل طريقة قتل عقاباً خاصاً، إن الإسلام جعل سقوط الكعبة المشرفة حجراً حجراً أهون من قتل نفس مؤمنة، وهذا ما يؤكد لنا أن قتل النفس ليس أمراً سهلاً بل إن الذي يقوم بهذا العمل الإجرامي البغيظ المشئوم ستكون عواقبه وخيمة وأليمة في الدنيا والآخرة. إن الإسلام قد وحد أفكارنا وقلوبنا وقوتنا وأخوّتنا.. قال تعالى: { إنما المؤمنون أخوة...}.

لا أحب الخروج عن مضمون الرسالة التي ابعث بها إلى كل المشايخ والأعيان في شبوة، إني والجميع نعلم أن هذه المحافظة المشتتة توجد بها أكثر من 300 قبيلة وليس هناك قبيلتان إلا وبينهما دم وثأر، وكأن لغة العقل والحوار والوساطة قد انتهت فعلاً في هذه المحافظة وجاءت عقول جديدة وهي عقول الدم والقوة التي لا تفكر إلا في الموت والقتال والحرب.

وفي النهاية أحب أن أتقدم أنا وكل أبناء المحافظة الوطنيين لشرف الذين يعملون دون كلل أو ملل من اجل أن ترفرف راية الأخوة والتسامح والتعاون في سماء شبوة وفي هوائها العليل، إننا نحب نتقدم بطلب إلى كل المشايخ والأعيان ونقول لهم بصوت واحد إننا نريد مجتمعاً هادئاً تسوده الرحمة وتخيم عليه الطمأنينة والمحبة والأمن، نريد مجتمعا موحدا متماسكا خاليا من الصراعات الدموية والأحقاد، نريد مجتمعا ديمقراطيا يقف على قاعدة صلبة من السلام والعدل.. هذا هو مطلبنا وحلمنا .. كما لا نريد أبد الآبدين أن يقف هذا المجتمع على قاعدة مهشمة، قاعدة الرعب والدمار والفوضى والهلع، ولا نريد أن يظل الإنسان في هذا المجتمع رهيناً للقلق والخوف والتوتر الزائد وعدم الاستقرار نفسياً.

وكما نريد التأكيد أن مطلبنا مطلب جاد وبالغ الأهمية. فما هو المطلب؟ المطلب هو خلق مجتمع متفتح متوازن ومتساوي الحقوق، لأن هذا المطلب لم يكن خاصا بجماعة أو بقبيلة بعينها بل هو مطلب الجميع في تلك المحافظة وأبنائها الذين لا يساومون على أرضهم وأهلهم ومستقبل أمتهم في الداخل والخارج بثمن بخس أو مقابل الرضى، إنهم لن يرضوا بأن تظل بلادهم تشهد الصراعات الدموية المشؤومة والاقتتال وهم ينظرون إليها بعينين مفتوحتين.

لم يبق إلا أن نقول هذا هو مطلب أبنائكم الأحرار فهل من مجيب لهذا المطلب النزيه والشفاف والذي يقتضي المصلحة العامة والحفاظ على الأنفس والأرواح واستقرار البلاد؟!

إمكانية إقامة صلح عام في شبوة
< المحامي فيصل الخليفي: الثأر ظاهرة اجتماعية تنشأ في ظل غياب الدولة بكافه أجهزتها، وهو انتقام بدائي وانتقال المسؤولية من الفاعل إلى ذوي قرابته الأدنين ثم الأبعدين، فالقاتل إذا لم يتم القصاص منه انتقل إلى أقربائه ويؤدي إلى توسع القتال في الغالب وتتعدد حلقات سلسلته، وتختلف بواعثه ودوافعه أهمها الغياب التام لأجهزة الدولة المختلفة وذهاب هيبة الدولة من خلال عدم أداء تلك الأجهزة لأعمالها بما يؤدي إلى خدمة المواطن، ولو قامت تلك الأجهزة بواجبها خير قيام لبدأت هذه الظاهرة بالتلاشي والانتهاء تدريجياً ومنها أجهزة السلطة المحلية المعنية والمتصلة بالمواطن مباشرة وأجهزة البحث الجنائي والنيابة العامة والمحاكم والقائمون عليها في شؤون العدالة والقانون والانظمة وجميع أدوات تطبيقها، فبوجود الدولة وحضورها التام تنتهي تلك الثأرية وذلك لإحساس المواطن أن تلك الاجهزه تؤدي دورا فاعلا في محاربة هذه الظاهرة وسوف تقوم بالاقتصاص منه، إضافة إلى عدد من الدوافع كضعف الوازع الديني ونبذه لها والثقافة والتعليم، لكن الباعث الرئيسي والأهم (غياب الدولة في هذه المحافظة أو تلك).

فإن ما يعتري هذه الأجهزة من فساد أو تقصير في أداء مهامها عامل هام في الانتشار المتسارع لهذه الظاهرة التي تهدد المجتمع وأمنه واستقراره . أما إمكانية إقامة صلح عام في شبوة وإن وجد لفترة قصيرة غير ذي جدوى وليس حلا جذريا لهذه الظاهرة إذا لم تقم أجهزة الدولة بواجبها المناط بها وحضورها الفاعل، كما أن هناك قرارات عليا من السلطة بتشكيل لجان لمعالجة قضايا الثأر بالمحافظات والرفع بها ووضع المعالجات، والبالغ إلينا أن فروع المحافظات رفعت للمركز الرئيسي الذي لم يعرها أي اهتمام، والذي يثير التساؤل لمصلحة من تنتشر هذه الظاهرة؟ ولماذا الغياب التام لأجهزة الدولة وعدم أداء مهامها بالوجه الأكمل؟

ولو وجدت النوايا الصادقة لدى القيادة السيـاسية لإنـهائها لحدث ذلك ولو تدريجياً.

الثأر مشكلة ألصقت بشبوة
< الشيخ علي أحمد هشلة: إن ظاهرة الثأر سيئة، وللأسف الشديد فقد ألصقت هذه الظاهرة بمحافظة شبوة، ولو عدنا بالذاكرة قليلا إلى الوراء لوجدنا أنه في عهد الاستعمار وبعد الاستقلال مباشرة كانت قد ألغيت هذه الظاهرة ولم يكن لها وجود، وفي حالة حصول جريمة كانت الدولة تعالجها في حينه حتى السبعينات من القرن الماضي حيث بدأت الإعدامات السياسية وتأميم الممتلكات والأراضي من قبل الحكم الشمولي في الجزء الجنوبي من الوطن والتي للأسف لم تعالج بعد الوحدة مباشرة مما سببت انتشار هذه الظاهرة وخاصة بقاء الأراضي والممتلكات مع من استولى عليها أثناء الحكم الشمولي، ولو تتبعنا كل ما حصل في محافظة شبوة لوجدنا أن ما سبق هو السبب في تفشي هذه الظاهرة.

ومن هذا المنطلق ولمعالجة هذه الظاهرة والحد منها فإننا نرى أن يعمل بتوجيه فخامة الأخ رئيس الجمهورية بعمل صلح في كل المحافظات، ولتنفيذ ذلك نقترح أن تشكل لجنة قيادة المحافظة مع مجموعة من الشخصيات الاجتماعية الخيرة لحصر هذه القضايا الموجودة بالمحافظة والبدء بعمل صلح ومن ثم معالجة القضايا، كما نقترح على الأخوة في الإعلام أن يدعموا لنجاح هذه اللجنة بالتوعية الهادفة والتفريق بين قضايا الثأر والقضايا الجنائية التي قد تحصل في أي منطقة وأي مجتمع، وكلي ثقة إذا ما تعاون الجميع في النجاح لهذه اللجنة شريطة أن تتصدى الدولة لأي طرف لا يتجاوب مع هذه الحلول .

مشاكل الثأر في شبوة نوعان
< الشيخ عوض بن محمد الوزير العولقي، عضو مجلس النواب رئيس الكتلة البرلمانية لمحافظة شبوة، في البداية قال لا بد من تسجيل كلمة شكر وتقدير لهيئة تحرير صحيفة «الأيام» على تلمسهم هذه القضايا الهامة المتصلة بحياة المواطن والمجتمع الشبواني.

إن هذه القضايا الخاصة بالمحافظة خاصة قضية وآفة الثأر التي تعود إلى عصور الجاهلية لا يعرف آثارها إلا من اكتوى بنارها.

وأكد أن قضايا الثأر بشبوة «مبنية على حالتين، الحالة الأولى التي نشأت حديثا على مشاكل الأرض أو مشاكل عابرة أو غيرها، ولا شك أن القضاء والعدل له الدور الكبير في القضاء على هذه الظاهرة التي نشأت حديثا.

وعلى سبيل المثال قبل حوالي شهرين عندنا في مديرية نصاب بشبوة وقعت حادثة قتل وتم الاتفاق مع أهل القاتل وأهل المقتول وأيضاً الجاني بنفسه لتنفيذ الحد فيه خلال مدة شهر وعلى أن يتم التنفيذ وطلب الجاني إلى المحكمة وزاد هذا الكلام وطلب تنفيذ؟..

إلا انه للأسف لم ينفذ ذلك، وهذا سوف ينشئ قضية ثأر جديدة ..لازم احتواء ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف وأقصد أن القضاء له دور في مثل هذه فما بالك بقضية جنائية تحدث.

وهذا مثال لقضايا الثأر المستحدثة في محافظة شبوة.

الجانب الآخر لا شك أن قضايا الثأر في محافظة شبوة منها ثأر الحكم الشمولي السابق، حيث استغل العديد من القيادات والعناصر ، ولعبوا تصفيات جسدية في وجهاء وأعيان البلاد من علماء ومشايخ ومثقفين وشخصيات اجتماعية لها دور في المجتمع

. ولم يكن له أدواره لا من سابق ولا من لاحق ولا حتى في حكومة الوحدة المباركة، وحصلوا على المكافأة من الأموال والأتعاب بدلاً عن محاكمتهم أو حتى مساواة الضحية بالجلاد.. وقد حكموا زعماء وقيادات عسكرية فما بالك بمن يرى قائد أبيه أو أخيه أو عمه أمامه دون محاكمة.. إن ظاهرة الثأر سوف تحل في شبوة عند محاكمة كل مجرم».

مضيفاً انه ملتزم بدعوة فخامة الرئيس من أجل محاربة الثأر وأنه يطالب بتفصيلها.

< علي بن علي جلعوم، عضو المجلس المحلي بمديرية الصعيد: السبب الرئيسي في انتشار الثأر في محافظة شبوة هو ضعف الوازع الديني وضعف الأجهزة الأمنية والتقصير من قبل المشايخ والأعيان داخل المحافظة، مما أدى تفشي هذه الظاهرة بشكل كبير داخل المحافظة.

والآن لن تتخلص المحافظة من هذه الآفة الخطيرة إلا بتوعية الناس بالجانب الديني وتبصيرهم بعظمة هذه النفس البشرية.

وعلى السلطة في المحافظة متابعة الأجهزة الأمنية بضبط الأمن والفصل السريع في قضايا الثأر بدون تأخير ومحاربة انتشار السلاح. وعلى المشايخ والأعيان والوجهاء الذي يقع عليهم الدور الكبير بين الناس بالفصل التام دون تعقيد في الأحكام أو المماطلة وحل القضايا في حينها بما يرضي الله سبحانه وتعالى بدون تأخير، وأن يدرسوا القضايا من جميع الأطراف المتنازعة، وندعو إلى تشكيل لجنة من جميع قبائل المحافظة لدراسة هذه الأوضاع المتعلقة بالثأر والخروج بالحلول المناسبة، وطمس مخلفات الماضي، وعمل الضمانات الكفيلة ووضع وثيقة يتم التوقيع عليها من جميع أعضاء اللجنة وتصديقها من السلطة المحلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى