رجال في ذاكرة التاريخ .. فيصل محمد عبدالكريم: قامة عمّدها شهود العصر

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
فيصل محمد عبدالكريم
فيصل محمد عبدالكريم
الولادة والنشأة .. فيصل محمد عبدالكريم من مواليد كريتر (عدن) في 25 اكتوبر 1937م وتلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في المدارس الحكومية والمعهد التجاري العدني وتلقى دراسته الجامعية في الجمهورية العربية المتحدة (جمهورية مصر العربية).

امتد مشواره في مجال الوظيفة خلال الفترة الممتدة من عام 1960م حتى عام 1981م قضاها في مرافق مختلفة فاتحتها العمل مدرساً في المدارس الحكومية ثم العمل مذيعاً في اذاعة وتلفزيون عدن وعمل لفترة وجيزة مديراً لاذاعة عدن بالوكالة ثم انتقل الى الدائرة الاكاديمية بجامعة عدن ثم انتقل الى شركة التجارة الخارجية بعدن مديراً لإحدى دوائرها.

شمّر فيصل محمد عبدالكريم عن ساعديه وغادر أرض الوطن الى دولة الامارات عام 1981م حيث عمل ضابطاً للصحافة في شركة البترول الوطنية(ADNOC) ثم عمل ضابطاً لشؤون الموظفين بالوكالةACTING PERSONNEL OFFICER في الشركة نفسها.

احتلت الرياضة حيزاً لا يستهان به في حياة فيصل في العقود الاولى من حياته ومارس خلالها الهوكي والتنس الارضي وكرة القدم ونشط في صفوف ناديه المتألق (نادي الاحرار الرياضي) وتدرج في صفاته حتى وصل آخر درجات السلم عندما شغل منصب الامين العام لذلك النادي.

للاستاذ فيصل محمد عبدالكريم باع وذراع في خدمة اللغة والثقافة وبرز كأحد الشعراء المرموقين والمحاورين القديرين وأهله ذلك ليكون واحداً ضمن 78 مندوباً الى المؤتمر العام الاول لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين خلال الفترة الخميس 21 فبراير - الاحد 24 فبراير 1974م.

من الظواهر البارزة في حياة وإبداع فيصل محمد عبدالكريم نزعته القومية القوية وكانت زعامة عبدالناصر وجدانه وهاجسه وانعكس ذلك على تسمية اولاده فأكبر انجاله عبدالناصر وفي ذلك الفلك دارت أسماء بقية اولاده. الظاهرة البارزة الاخرى في حياة فيصل محمد عبدالكريم هي ارتباطه الحميم بأسرته فبعد وفاة والده في سني الشباب تحمل جده الحاج عبدالكريم المسؤولية على كاهله، وعندما خرج فيصل محمد عبدالكريم الى ميدان العمل هب لتلبية نداء الواجب تجاه إخوته الصغار (فؤاد، عضو مجلس النواب حالياً وصادق ، الحكم الرياضي المعروف وثلاث أخوات)، وقد أعطى بعض القريبين منه انطباعاتهم عنه فأجمعوا على أنه يعطي جل وقته لواجباته في العمل ثم ينصرف الى بيته ليعيش مع افراد أسرته وقتاً ممتعاً ودافئاً.

شهود العصر يعمدون تلك القامة
كل زملاء وأصدقاء وتلاميذ ومستمعي ومشاهدي وقراء الاستاذ فيصل محمد عبدالكريم قد غمرهم الحزن والأسى لسماع أخبار كدرت عليهم صفوهم وراحتهم ذلك أن العزيز على قلوبهم فيصل طريح الفراش بعد أن داهمه المرض واللهم لا اعتراض على مشيئته تعالى، لأن الله يبتلي الصالحين من عباده وإياه نسأل أن يرفع عنه البلاء انه سميع مجيب.

انتهزت صحيفة «الفجر» الإماراتية هذا الظرف العصيب الذي يمر به الاستاذ فيصل فخصصت حلقتين من صفحتها الثقافية في العددين الصادرين بتاريخ 18و19 مارس 2006م لنشر حوار أجراه الزميل فوقي فؤاد محمد مع عدد من شهود العصر نورد موجزاً لتلك الشهادات.

ماذا قال الأستاذ عبدالله فاضل فارع؟
الاستاذ الفاضل عبدالله فاضل فارع أخلى ذمته امام التاريخ وقال إن معرفته بفيصل عبدالكريم تعود إلى ايام دراسته الثانوية بمصر ثم عرفه ضمن اذاعيين مبرزين منهم عبدالحميد سلام وعبدالله العزعزي وقال الاستاذ فاضل: عملنا سوياً ومعنا آخرون في برامج فصلية مثل (بريد الادب) وكان عبارة عن 13 حلقة في كل فصل برامجي و(من هنا وهناك) و(نافذة على التاريخ اليمني) بالاضافة الى برنامج (أحداث رمضان عبر الزمان) وكان فيصل في كل هذه البرامج عنصراً فعالاً في إعداد اجزاء خاصة به من هذه البرامج مثل: افتتاحية، قصيدة الاسبوع، مقال الاسبوع الصحفي، قصة قصيرة، وكان كثيراً ما يتصل بي وبالاستاذ محمد سعيد جرادة وعبده سعيد الصوفي والسيد محمد عبده غانم رحمهم الله جميعاً.

يمضي استاذنا الفاضل في شهادته ليتحدث عن الجهد الكمي والنوعي للأعمال التي كان فيصل يقدمها مستفيداَ من تدريبه في إذاعة القاهرة والـ BBC ويسلط الاستاذ الفاضل الاضاءة على جانب خفي من فيصل ليقول «إن فيصل كان وطنياً ناصرياً.. وكان أكثر عروبة من معظم العاملين في الاذاعة والتلفزيون في ذلك الوقت وقد ظلم كثيراً ولذلك ترك الوطن الذي يحبه وهاجر الى الإمارات ولكني سعدت كثيراً بعد أن قامت الحكومة اليمنية برد الاعتبار له وكرمته تقديراً لدوره الإعلامي الهام».

ماذا يقول الإعلامي الكبير عبدالحميد سلام؟
الاعلامي الكبير عبدالحميد سلام، متعه الله بالصحة وطول العمر أدلى بدلوه المبارك وقال في سياق حديث ذكرياته: «الأخ فيصل عرفته أول ما عرفته عبر لقاءاتنا المتكررة على الساحة الرياضية في فترة الستينات، حيث كنا نلتقي معا نتجاذب أطراف الحديث عن الرياضة، حيث كان يتدرج في الارتقاء على سلم قيادة فريق الاحرار الرياضي». ثم تحدث الرجل الكبير عن ذكرياته مع الأستاذ فيصل، فتطرق الى جانب الثقافة والادب، مجال اهتمام الشخصيتين وكان الأستاذ عبدالحميد حديث عهد بإذاعة عدن، وهنا يقول:

«وكنت أحاول جاهداً إقناعه بالانتقال الى الاذاعة.. وفعلاً استجاب لتلك المحاولات وأصبح في طليعة العاملين في رحابها، حيث التقت اهتماماتنا وأفكارنا وتطلعاتنا ، وكان مكسبا طيبا لإذاعتنا».

يواصل الاستاذ عبدالحميد في سياق حديثه الطويل تسليط الضوء على جوانب مشرقة في عمل فيصل الإذاعي وبصماته في تطوير المكتبة الإذاعية الشعرية وقصيدته(الشعب أقوى) التي لحنها وغناها الفنان أحمد بن أحمد قاسم، ثم تحدث عن التيار البربري الجارف الذي استهدف صفوة العاملين منهم فيصل محمد عبدالكريم وعبدالحميد سلام، وعاد فيصل أدراجه مدرسا في سلك التربية والتعليم وعمل عبدالحميد مديراً لمكتبة كلية التربية العليا (نواة جامعة عدن عام 1970م) وشاءت الصدفة الجميلة ان يلتقي الأستاذان عبدالحميد وفيصل، حيث عمل الأخير مساعدا لمدير عام المكتبات بجامعة عدن.

أبوبكر العطاس، أحد رجال الرعيل الأول يدلي بدلوه
الأستاذ أبوبكر محسن العطاس، أحد رجال الرعيل المؤسس لاذاعة عدن وصاحب مكتبة (المازني) بمنطقة القطيع بكريتر والمقيم في ابوظبي حاليا، يقول: «تأثر فيصل بعبدالناصر كثيرا مثل ملايين العرب الذين أحبوا عبدالناصر ورأوا فيه الأمل في مستقبل جديد يعم الأمة العربية. أما أسماء بناته (ناصرية وحرية وقناديل) فهي أسماء ناصرية تشع وطنية وحرية».

يواصل العطاس المؤسس حديثه ويقول: «عرفته في إذاعة عدن كان اللقاء بيننا في الستينات، وربما كان ذلك في عام 1960 أو 1961م وقامت بيننا علاقات طيبة وحتى بعد وصولنا للإمارات توطدت العلاقة بيننا أكثر وخاصة بعدما أصبحت علاقة (نسب) فأصبحت العلاقة بيننا أقوى».

هذا جميل مهدي، العازف على وتر الإعلام والعود يدلي بدلوه
أما جميل مهدي، الذي سكن قلوب الناس في عدن إعلاميا وعازفا ماهرا على آلة العود فقد أدلى بدلوه من موقعه الحالي رئيس قسم الاعلام بغرفة تجارة وصناعة ابوظبي فقد استهل حديثه بأن الأستاذ فيصل كان احد الرواد الذين عمقوا صلتهم بالواقع الثقافي لبلده وأنه عمل معه خلال الفترة الممتدة من عام 1965 حتى عام 1981م وكان الأستاذ فيصل خلال تلك الفترة لا يبخل على الفنان جميل بالنصيحة والمساعدة من أجل تطوير عمله.

وصف الاعلامي جميل مهدي علاقته بالاستاذ فيصل بأنها «كانت خليطا من علاقة الأستاذ بتلميذه والصديق بصديقه، فقد كان استاذي، وكان أستاذي عبدالحميد سلام صديقه ايضا ومقربا منه» ويضيف الجميل جميل الذي كان من الاعلاميين الشبان آنذاك، الذين تتراوح أعمارهم بين 17- 18 سنة: «وإحقاقا للحق فقط كان الأستاذ فيصل الصديق الصدوق للجميع، وكان لا يبخل حتى على الإعلاميين الشبان وخاصة المتمردين منهم في أيام الشباب بالنصح والإرشاد».

أسعد طاهر المحامي من شهود العصر أيضا
الأستاذ أسعد طاهر المحامي، أحد الذين لازموا الأستاذ فيصل عبدالكريم في محطات مختلفة من العمر، أدلى بشهادته للتاريخ وقال: «أعرف الأخ فيصل محمد عبدالكريم، منذ الطفولة وحتى ريعان الشباب، حيث درسنا المرحلة الإعدادية في المعهد التجاري العدني (المدراسي) وقد تولى رعايته وتربيته ومتابعة تدريسه جده لأبيه الحاج عبدالكريم، وكان فيصل متقدماً في دراسته وخاصة اللغة الانجليزية. كان يمارس رياضة كرة القدم ورياضة الملاكمة».

وأفاد الأستاذ أسعد بأنه انقطع عن التواصل مع فيصل بعد مغادرته إلى مصر للدارسة الجامعية والتقاه لأحقا هناك عند قدومه الى القاهرة للدراسة. وتحدث الأستاذ أسعد عن اهتمامات الأستاذ فيصل بالشعر وقال إنه كان يتعاطى الشعر الوطني والغنائي وأن الأستاذ فيصل كان قد طبع بعض دواوينه وأهداه نسخا منها.

اختتم الأستاذ أسعد طاهر المحامي شهادته: «التقيت فيصل عبدالكريم بعد سنوات في ابوظبي لكنه كان قد دخل مرحلة الصراع مع المرض (الشلل الرعاش) وهو نزيل المستشفى في ابوظبي منذ سنوات وندعو الله له بالشفاء العاجل. إنه سميع مجيب».

الألمعي فضل النقيب صاحب «فنجان شاي» في شهادته للتاريخ
الأستاذ فضل النقيب، الكاتب الصحفي والمستشار الإعلامي بالسفارة اليمنية في ابوظبي والذي سكن وجدان الناس في عدن ببرنامجه التلفزيوني الشائق «فنجان شاي»، استهل شهادته بالقول: «كان ذلك في أوائل السبعينات من القرن الماضي حين تعرفت على الاستاذ فيصل محمد عبدالكريم في إذاعة عدن وعايشته عن قرب زميلاً وصديقاً ومبدعاً في عمله، وكنت قبل ذلك اسمع عنه وأقرأ له أشعاراً وجدانية مرهفة لا شك أنها خير معبر عن عالمه الروحي المرهف».

عن الوسط والمناخ الذي انجذب إليه الأستاذ فيصل محمد عبدالكريم قال الأستاذ النقيب: «كانت سماء عدن مليئة بالنجوم من الشعراء والموسيقين والمغنين وكانت الاذاعة نفسها التي انطلقت في منتصف خمسينات القرن الماضي مهوى افئدة المستمعين وملتقى النجوم الذين تعشقهم الجماهير ....... ولذلك لم يكن فيصل غريبا في ذلك الوسط...».

عبدالقادر امهوب وأم عبدالناصر فيصل وعبدالناصر فيصل يقدمون شهاداتهم
هناك ثلاث شهادات أخرى زينت السياق العام للشهادات التي قدمها شهود العصر الأكارم عن الأستاذ فيصل محمد عبدالكريم، وقدم تلكم الشهادات الأستاذ عبدالقادر سعيد هادي (امهوب) الإعلامي اليمني المعروف، والسيدة الجليلة حرم الأستاذ فيصل محمد عبدالكريم، والأستاذ عبدالناصر فيصل عبدالكريم، الإعلامي السابق في جريدة «الاتحاد» الظبيانية والإعلامي في مجلة «العاصمة» حالياً، وهي شهادات تكميلية عن أدوار الأستاذ فيصل في مضامير شتى منها: العمل الإذاعي والتلفازي والإبداعي والرياضي والأسري والاجتماعي.

حصل أديبنا فيصل محمد عبدالكريم على العديد من الجوائز وشهادات التقدير من الدولة تقديراً لما قدمه للثقافة اليمنية وللأدب اليمني ونتطلع لإعادة طباعة اعمال استاذنا فيصل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى