مع الأيــام..ملكة جمال العرب

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
في غضون ثلاثة أيام يكون للعرب ملكة لجمالهم، في مباراة للجمال تنظم في شرم الشيخ، وحتى ساعة كتابة هذه السطور لم يعلن عن إلغاء هذه المسابقة النوعية الأولى نظراًَ لظروف العدوان الإسرائيلي على لبنان الشقيق، وقد أتى هذا العدوان على بنية لبنان التحتية، ناهيك عن الضحايا الأبرياء من أبناء الشعب الشقيق، الذين تزهق أرواحهم بمنهاج من آلة التدمير الصهيونية، وسط تواطؤ عربي ودولي لم يسبق له مثيل.. ومن المعروف أن لبنان هو بلد الجمال العربي، لكن إجراء مسابقة كهذه، رغم أنها دخيلة على أوطان العرب من طنجة إلى المنامة، ومن دون مراعاة لمشاعر الملايين من أبناء الأمة العربية المحصورين بين عدوان بربري سافر يتعرض له أخوانهم في لبنان، وأنظمتهم الرسمية التي كانت إدانتها للعدوان -هذه المرة - تواطؤًا مع العدوان نفسه، أمر يبعث ليس على الدهشة فحسب، وإنما على الريبة أيضاً. فلا هذه الأنظمة رحمت لبنان ولا هي تريد رحمة ربنا أن تنزل على الشعب والبلد الشقيق!

ومن المعروف أن فنانتي لبنان المعروفتين نانسي عجرم وماجدة الرومي قد ألغتا العروض الفنية التي كان من المقرر إقامتها في غير مكان، والأمر نفسه يتكرر مع كثير من الفنانين الآخرين. ومع أن مهرجان جرش قد ألغي بأمر سام من الملك الأردني بسبب الهجمة الدموية الشرسة على لبنان من دولة إسرائيل العدوانية، إلا أن مهرجان الأغنية العربية الرابع في مدينة الإسكندرية كان له شأن مغاير بالاستمرار في برنامجه المعد على اعتبار أن ليس كل الغناء فرحاً وطرباً وإنما الغناء جزء من التعبير المكثف عن حال الإنسان العربي، وسلاح من أسلحة المقاومة المتاحة للعرب الذين ينوب عنهم المقاومون الأبطال في فلسطين ولبنان بعتاد حربي بسيط، بينما تتكدس أسلحة الأنظمة العربية في مخازنها وتحت وهج شمس الصحراء العربية لتتحول إلى أكداس وأكوام من الخردة إلا ما يكون من أمر استعمالها واستخدامها لقمع الشعوب في كل الوطن العربي من دون استثناء.

وعودة إلى أمر مهرجان الأغنية العربية الرابع في اسكندرية مصر العربية، فإن التكريم الذي حصلت عليه الفنانة العربية اللبنانية الكبيرة نجاح سلام، وبعد نصف قرن من الإبداع والعطاء الفني الراقي والرائع، قد خصت به شعب لبنان البطل والمقاومة اللبنانية الباسلة ورمزها السيد حسن نصر الله، وهي لفتة كريمة ونبيلة من فنانة قديرة أسهمت في إثراء الوجدان والذائقة الموسيقية العربية بعشرات الأغاني المعبرة والأناشيد الثورية التي واكبت مسيرة الأمة العربية وصراعها التاريخي الطويل مع العدو الصهيوني.

أما أمر اختيار ملكة جمال العرب فإن الأمر- اليوم -يغدو ترفاً زائداً واستهزاءً بأوجاع الأمة العربية وبالدماء التي تراق في ربوع لبنان الأبي، وبدموع وأوجاع أهله الذين يتعرضون لدمار ما بعده دمار، فاختيار ملكة للجمال العربي من الممكن أن يؤجل، وأن ينظر فيه في المستقبل، بعد أن تتمكن الشعوب العربية من اختيار حكامها بنفسها ممن يستطيعون أن يضعوا شعوبهم وبلدانهم في خانة الشعوب والبلدان المحترمة التي تحفظ كرامة المواطن وسيادة الأوطان من التدنيس والعدوان سواءً من الغير أو من الداخل.

ويبقى لبنان كما عبر عن ذلك الشاعر الكبير أحمد السقاف في قصيدة شارك بها في حفل تأبين أقيم للشاعر الكبير المرحوم بشارة الخوري في قاعة اليونسكو في بيروت سنة 1969م وهي بعنوان «الأخطل الصغير»:

لبنان علَّمَنا عروبتَنا

لم يخشَ ظلمةَ ليل غفوتنا

ليس الصمود وإن قسا خطراً

قلْ للذي شاعتْ دسائسُهُ

وشدت على آلامنا طرباً

العُرْب أقوى من حماقته

وَحِلتْ بسايغونٍ جحافلُهُ

وبها بكل ديارنا بشَّرْ

فعلامَ يخشى فجرُنا الأنورْ

إن التخاذلَ وحدَهُ أخطرْ

وزها بأسطول له يمخَرْ

أصنامُهُ ودماؤنا تُهدَرْ

وعلى هزيمته همو أقدرْ

فحذارِ وَحْلَتُهُ هنا أكبرْ

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى