كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
لا أحد يستطيع أن يلوم لبنان .. فقد عاش ظروفاً صعبة وقاسية وجائرة أكثر من ثلاثين عاماً.. كانت لبنان ميداناً للصراع العربي.. تحاربت الدول العربية فوق أرضه.. بعضها كان يحارب بعضاً .. وكان لكل دولة عربية في لبنان مليشيا مسلحة تقاتل مليشيا أو مليشيات أخرى.. وكان لها مجلة أو صحيفة تتحدث باسمها وتدعو لها وتكيل المديح لنظامها السياسي.. وتعدد مناقبها في الاقتصاد والصناعة والمال والتعليم والصحة وغير ذلك.. وكان لها في لبنان أنصار وأتباع من السياسيين والمثقفين والأدباء والشعراء ملأوا الدنيا بزعيقهم وجدالهم ونقاشهم ونظرياتهم ومفردات في السياسة جديدة وغريبة لم نألفها في اللغة العربية من قبل.. وكانت الدول العربية هي التي تنفق ملايين الدولارات على هذه المعارك القتالية والكلامية.

< ثم دخلت إسرائيل بقواتها الوحشية لبنان.. وقتلت الآلاف من اللبنانيين والفلسطينيين.. وعاثت في الأرض فساداً وانسحبت واحتلت مزارع (شبعا) في الجنوب.. ثم دخلت لبنان دولة عربية حطمته ومزقته باسم الدفاع عنه.. ثم كان نصيبها في الأخير أن تمزقت وانكسرت.. ولم يستفد من ذلك أحد.. فلا اللبنانيون استفادوا.. ولا الفلسطينيون كسبوا.. وانقسم العرب وتفرقوا وتشرذموا دون تدخل من الصهيونية والاستعمار والامبريالية.. ثم تحاربوا فيما بينهم .. دخل العراق الكويت.. وكأنه مكتوب على العرب أن يحاربوا العرب.. لكي ينصرفوا عن محاربة العدو الإسرائيلي الذي ازداد قوة وقدرة على تمزيقهم وهزيمتهم.

< واليوم نرى دولة إسرائيل تشن حرباً ضارية على لبنان.. وتجتاح الأراضي اللبنانية بطائراتها ودباباتها وبوارجها البحرية.. تهدم المدن والقرى وتقتل الشيوخ والنساء والأطفال.. وتغتال الأبرياء.. بالرغم من مؤتمرات القمة العربية التي انعقدت كثيراً.. وبالرغم من مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي فشل.. وبالرغم من الدعوات والنداءات بوقف إطلاق النار من مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي.. ودول العالم العربي.. والعالم الثالث بأسره.

< وكانت الشعوب العربية تنتظر بفارغ الصبر.. وتتمنى أن يجيء حاكم عربي مثل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. وجاء صدام حسين.. وهدد وتوعد إسرائيل بالخراب والدمار.. وكانت (الكويت) أول محطة في طريقه إلى إسرائيل.. اقتحمها بدباباته واحتلها وقتل أهلها وشردهم إلى خارج البلاد.. ثم جاءت أمريكا وقوات التحالف وحرروا (الكويت).. وخرج الجيش العراقي مهزوماً كسيراً.. ثم بحثت أمريكا عن ذريعة أخرى لضرب واحتلال العراق.. فلم تجد أفضل من مبرر حيازة العراق (سلاح الدمار الشامل) فكان لها ما أرادت.. ونفذت مخططاً رسمته قبل عشرات السنين لاحتلال العراق.

< ثم ظهر زعيم عربي جديد (حسن نصر الله) زعيم (حزب الله) في لبنان.. حارب إسرائيل ودحر قواتهم من الجنوب إلى مزارع (شبعا) في عام 2000م.. ولأن إسرائيل ظلت تحتفظ قسراً بالآلاف من الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين.. رأى (حسن نصر الله) أن الحديد لا يفله إلا الحديد.. وأن الأسرى العرب لن يحلهم إلا الأسرى من إسرائيل.. ولذلك اقتحمت جماعة من قواته (الخط الأزرق) وقتلت ثمانية من الجنود الإسرائيليين واختطفت اثنين منهم، وكانت هذه العملية ذريعة العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان.

< وبدأ العدوان الإسرائيلي على لبنان.. وبدأت أمريكا تدعو إلى مشروع سياسي جديد في طور المخاض والذي سوف يولد منه (شرق أوسط جديد) كما صرحت به (كوندليزا رايس).. ولا أحد يعرف معالم (الشرق الأوسط الجديد) الذي تريده أمريكا وإسرائيل .. حلمك ياعم سام!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى