يوم من الأيــام..لبنان التي تكبر ولا تشيخ

> عمر مكرم:

>
عمر مكرم
عمر مكرم
هي لبنان التي عصفت بها رياح الأزمات منذ العهد الاستعماري.. تقاذفتها أمواج الأهواء السياسية التي بعثرت أوراقها، كما بعثرت انتماءاتها.. وكما تعددت اعتقاداتها الدينية.

> هي لبنان التي ارتمت في آخر رحلة العذابات المتصلة على جراح التمزق، والحرب الأهلية الطاحنة.. والاختلافات التي ما أذابتها كل خلاصة السنين المؤلمات الماضيات.

> هي لبنان التي طحنها الاجتياح.. ومزق أشلاء أبنائها.. وأحرق أكباد الأمهات فيها.. وعلى أرضها جرت شلالات الدماء الفلسطينية واللبنانية والعربية كما يجري نهر الليطاني .. فتشوه الأطفال.. وازداد عدد الأيتام منهم وأعداد الأرامل .. وكبرت المأساة.

> هي لبنان الاحتلال.. وذلك الجنوب المغروس على خاصرته حذاء الصهيونية وسكين زبيبتها الكبرى وطوقته قرارات الشجب والإدانة المنتجة في القمم العربية.. ذلكم الجنوب الذي على أرضه نبتت بذرات المقاومة التي سقتها جرعات الاضطهاد والمهانة.. فنمت متجاوزة كل أشواك التراجع والخوف والإحساس بالدونية والعجز.. وهو ذلكم الجنوب الذي شب فيه الأطفال قبل الأوان.. وبزغت فيه شمس الإشراق رغم ظلمة الليل العربي.. فكان بصيص الأمل وكانت صفحات ناصعة من فعل جنوبي عظيم، أسقط ورقة التوت التي سترت العجز العربي وغطت عنه الاستكانة والخضوع.

> هي لبنان المؤامرات والدسائس والاغتيالات.. لبنان الجراح التي تتعمق ولا تندمل.. النزيف المتصل بالضغط على أماكن الألم بالأصابع الخارجية.. لبنان التي يرسم البنتاجون خط طولها وعرضها وسيرها بالأقلام الموسادية.. وبين دهاليز الأمم المنزعجة يتقرر يومها وغدها ومستقبلها كله.

> هي لبنان التي لا يحكمها من يحكمها.. ويحكمها من لا يحكمها.. فيشتت فيها الرؤى ويضيع عنها الصواب .. وتدخل في دوامة الطيش السياسي ويُعبث بواقعها .. يعبث بالأرز وبالثلج .. وبمجد فيروز.. وعظمة وديع الصافي وبتاريخ الصمود والمقاومة.

هي لبنان التي تستباح اليوم مجدداً.. وتقطع أوصالها.. ويقتل المئات فيها بكل وقاحة وصلف بني صهيون وأمام أنظار كل شعوب الأرض التي لم تحرك ساكناً.

> هي لبنان التي يبكي رجالها كمدا وتستغيث النساء فيها.. وامعتصماه.. واإسلاماه.. واعرباه.. فيرجع إليهن صدى صوتهن.. وعلى شفاه أطفالها يقف سؤال حائر.. هل يكون النزوح إلى الجنة؟!

> هي لبنان التي تتلقى اليوم درساً من أجندة الجبروت والطغيان والعنجهية في كيفية الخنوع والإذعان لكنها ترد وللعالم بأسره بدرس آخر.. درس يعلم كيف يكون الرد على الظلم قوياً حين تخرج من إسار روح الانهزام، وتسمو بإيمانك المطلق بحقك في الحياة بكرامة.

> حقاً هي لبنان التي تكبر ولا تشيخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى