يا ولاة الأمر.. هؤلاء يصفون أنفسهم «ضحايا حرب 94»

> «الأيام» شكاوى المواطنين:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
اعترتني حالة صداع وغثيان عقب سلسلة من الزيارات التي قام بها عدد من العاملين المنتسبين للمرافق المتعثرة، الذين أحيلوا إلى ما سمي بـ «صندوق الخدمة المدنية» وهم كوادر جامعيون، فنيون وإداريون منهم من تخرج في جامعة عدن وجامعات عربية أو أجنبية (في غالبهم من جامعات دول أوربا الشرقية) ومنهم من تراكمت لديهم خبرات محترمة في مشوار حياتهم المثمر في مرافق اقتصادية منها المؤسسة العامة للبناء والإسكان والمؤسسة العامة للتجارة (شركتا التجارة الداخلية والخارجية) والمؤسسة العامة للسياحة والمؤسسة العامة لتسويق الخضار والفواكه ومصنع الثورة للمنتجات الحديدية ومصنع الألبان والمخبز الشعبي ومصنع الدباغة ومصنع المشروبات الغازية وتعاونية المرأة للخياطة ومصنع العطور وتعاونية الصناعات الجلدية ومصنع الأحذية الجلدية والمؤسسة العامة للنقل البري.

وأوضح المنكوبون شفاهة وكتابة: «أن المرافق المتعثرة تضررت كثيراً من حرب صيف 1994م، التي ألقت بظلالها الداكنة على وضعية تلك المصانع والمرافق الحيوية الأخرى خارج إطار وزارة الصناعة والتجارة، وكان من نتائج تلك الحرب الظالمة تصفية تلك المرافق وإلغاء منتسبيها، إما بالتقاعد المستحق أو الإجباري مع الإبقاء على الكوادر الجامعية من أصحاب الخدمات غير الطويلة، الذين قطعت لهم عهود ووعود عرقوبية باستيعابهم».

لقد تعارفت عامة الناس على تسمية أولئك بـ «حزب خليك في البيت» الذين عطلت طاقاتهم ولم يستفد من معارفهم وخبراتهم، ويمنحون رواتب مع فتات من المبالغ تحت مسميات شتى بعيدة عن استراتيجية الأجور والهيكل الوظيفي الجديد وأيقن المنكوبون بأنهم ضحايا حرب صيف 1994م، التي استهدفت الإنسان ووضعت تلك المرافق في فوهة مدفع الفيد وقد أقسم أحدهم بأن عدداً منهم مات كمداً ومنهم من أنهكه المرض ومنهم أصبحوا مجانين أو في حالة نفسية غير طبيعية وقال أحدهم: كيف أفسر أن مؤسسة النقل البري في صنعاء تم تحديث أسطولها وتكريم عامليها بكامل المستحقات التي تشمل مكافأة العيد في حين يهمش فرعها في عدن، الذي تعرضت وتتعرض أصوله للنهب ويشحذ العاملون رواتبهم، التي يتسلمونها بعد مضي عدة أشهر لمست أن المنتسبين لتلك المرافق يعيشون ويعانون أزمة مركبة أوقعتهم في دوامة يصعب الخروج منها، لأن تلك الأزمة مست بقوة مفهوم المواطنة لديهم ومست مشاعر حرصهم وحبهم لمرافقهم التي تعرضت للنهب ومزقت غريزتهم الاجتماعية كأرباب أسر تأثرت التزاماتهم تجاه من يعولون وجعلتهم ينعون القيم الإنسانية: الوفاء وحسن المعاملة والعمل بقاعدة «زواج بمعروف أو إمساك بإحسان».

يشكل المنكوبون دائرة اجتماعية واسعة تضم أفراد أسرهم وأصدقاءهم، وكل وطني شريف سيتعاطف حتماً مع قضاياهم وأوضاعهم البائسة التي فرضت عليهم بعد حرب صيف 1994م، التي أقصت معظم الكوادر التي يشار لها بالبنان وحرمتها من مستحقاتها بحجة أنها غير عاملة، لأن من يطلع على كشوفات الأجور لبعض المرافق المتعثرة يرى أموراً عجيبة وغريبة، فهذا كشف مرتبات مصنع الأحذية الجلدية (عدن) لشهر مارس 2006م يتصدره الأخ يوسف طاهر علي، نائب المدير بصافي راتب قدره (22) ألفاً و709 ريالات. هل يعقل أن يكون هذا راتب رجل تراكمت لديه خبرة عقود من السنين والذي تبوأ مناصب قيادية في مصانع محافظة عدن منها منصب مدير عام مصنع البطاريات بعدن؟ هذا كشف مرتبات مصنع الثورة للمنتجات الحديدية (عدن) للشهر نفسه يتصدره راوح عبدالرب سيف الريمي، مدير عام بصافي راتب قدره (18) ألفاً و(41) ريالاً، ألا يتفق معي ولاة الأمر أن من سخرية القدر تقييم قيادي من العيار الثقيل بحجم الأخ راوح عبدالرب بهذه الصورة المهترئة؟

من الكشوفات التي اطلعت عليها كشف مرتبات المؤسسة العامة للألبان (عدن) للشهر نفسه والذي بدأ بالأخ أحمد بن أحمد صالح، مدير إدارة وأعقبه الأخ عبداللطيف علي يوسف مشول، نائب مدير وتسلم كل منهما (21) ألف ريال وهناك المهندسان الشابان محمد أحمد يوسف ووليد صالح علي عفارة وتسلم كل منهما (18) ألف ريال.

أبلغني المنكوبون أن الشخص الوحيد القادر على الرد على استفساراتهم هو شكري عبدالمولى، مدير الصندوق في صنعاء الذي يضيق بهم ذرعاً كلما تواصلوا معه هاتفياً، رغم أن صديقاً لي أفادني بأنه ليس من طبيعة شكري التصرف على ذلك النحو وأن الأمر يصعب تفسيره: هل هو تغير الظروف أم هو التعرض للضغوط؟

يا ولاة الأمر هل هؤلاء الناس محقون بأنهم من ضحايا حرب 1994؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى