رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- الشيخ علي عاطف الكلدي: عاد إلى الوطن وفشل في استعادة السكن .. يافع بني قاصد .. ورد في كتاب «هذا الجنوب أرضنا الطيبة» للطيب الذكر عبدالرحمن جرجرة (ص112): تقع سلطنة يافع بني قاصد في الشمال الغربي من عدن وتمتد على بعد أربعين ميلاً (حوالي 64 كيلومتراً) شمال عدن كما تمتد صوب الشمال حيث تنتهي بحدود يافع العليا المتاخمة للحدود اليمنية ويقع قسم من يافع بني قاصد في مستوى منخفض وهذا القسم معروف بيافع الساحل والقسم الأكبر من يافع هو ذلك القسم الجبلي الوعر».

أما عن قبائلها فقد ورد في الكتاب المشار إليه سلفا:«وتنقسم يافع بني قاصد إلى خمس مناطق وكل منطقة تعرف باسم (مكتب) وهي كما يلي: مكتب كلد ومكتب يهر ومكتب أهل يزيد ومكتب أهل سعد (السعدي) ومكتب أهل ذي ناخب وتكون منطقة الساحل جزءاً من مكتب كلد».

في اشارة إلى عاصمتها وسلطانها فقد أورد الكتاب (ص 114): «العاصمة الإدارية ليافع بني قاصد هي (جعار)، أما (الحصن) فهي مقر السلطان والنائب وكبار الرسميين في الحكومة وكانت (القارة) التي تقع في المنطقة القبلية قديماً هي المركز الرئيسي للسلطان وسلطان يافع الحالي هو السلطان محمود بن عيدروس بن محسن العفيفي وقد تربع على كرسي السلطنة في يوم 25 فبراير 1960م إثر وفاة والده المرحوم السلطان عيدروس».

الولادة والنشأة

الشيخ علي عاطف بن عطية الكلدي من مواليد «سرار» بيافع بني قاصد عام 1918م، وتلقى دروسه في القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في وادي سرار ونشأ وعاش في أرض يافع وارتبط بالأرض والسكان هناك وكان واجهة لمكتب كلد ضمن الأسرة القبلية في سلطنة يافع بني قاصد أو يافع الساحل أو يافع الحيد.

الكلدي في أول تجربة اتحادية

شهدت المناطق الجنوبية أول تجربة اتحادية في 11 فبراير 1959م واتحدت من خلال الإطار الفيدرالي سلطنة يافع بني قاصد (يافع السفلى) وإمارة بيحان وسلطنة العواذل وسلطنة الفضلي وإمارة الضالع ومشيخة العوالق العليا، واتسع ذلك الإطار وأصبح عدد الولايات التي انخرطت في الاتحاد 17 ولاية وأطلق على عاصمة الاتحاد (اتحاد الجنوب العربي) مدينة الاتحاد (مدينة الشعب حالياً).

أسندت للشيخ علي عاطف الكلدي حقيبة الصحة في الحكومة الاتحادية منذ أول تشكيل لها في العام 1959م حتى العام 1967م وهو عام عاصف في تاريخ المناطق الجنوبية بل والمنطقة العربية برمتها عندما منيت الأمة العربية بنكسة حزيران (يونيو) 1967م واشتداد المعارك والتوتر في المحافظات الجنوبية انتهى بسقوط المناطق واعتراف قيادة الجيش الاتحادي بالجبهة القومية، التي توج انتصارها بمفاوضات جنيف مع بريطانيا وإعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

كان الشيخ علي عاطف الكلدي على قناعة تامة بأن لا حاجة لمغادرة البلاد أسوة بالسلاطين والوزراء الاتحاديين الآخرين لأنه لم يسئ لأحد وعلاقته طيبة بكل الناس، بل وعلى العكس فعند محاكمته مع مسؤولين آخرين بعد الاستقلال توقع النظام أن الشهود الذين قدموا من يافع بني قاصد سيكونون شهود إثبات إلا أن هيئة المحكمة فوجئت بأن من جاؤوا تحولوا إلى شهود نفي لصالح الشيخ علي عاطف الكلدي، الذي حكم عليه بالسجن مدة عشر سنوات.

المحافظ محمد علي أحمد وموقف شجاع

أمضى الشيخ علي عاطف الكلدي فترة السجن القسري في السجن المركزي للنظام في المحافظات الجنوبية حتى شهر أبريل 1981م إلا أن عمراً جديداً كتب للشيخ الكلدي في أحداث السيلة البيضاء في بداية سبعينات القرن الماضي عندما اقتيد بعض السجناء السياسيين من سجن المنصورة إلى جعار لتصفيتهم في السيلة البيضاء وورد اسم الشيخ الكلدي ضمن القتلى الذين ادعى النظام أنهم حاولوا الهروب والحقيقة أن أحد الضباط اعترض على خروج الشيخ الكلدي بحجة أنه يقضي فترة العقوبة التي أصدرتها المحكمة الاستثنانية وكانت مدتها عشر سنوات.

أطلق سراح الشيخ الكلدي من السجن في شهر أبريل 1981م في عهد الرئيس (الأسبق) علي ناصر محمد وعندما طلب الإذن بالمغادرة إلى الشمال في يوليو 1982م رفض مسؤول قيادي في الداخلية طلبه، إلا أن محافظ أبين محمد علي أحمد مكنه من الهروب عبر محافظة أبين إلى المحافظات الشمالية ومنها إلى أراضي المملكة العربية السعودية.

الوحدة والوطن وضياع المسكن

تحققت وحدة الوطن وعاد معظم السلاطين والوزراء السابقين إلى أرض الوطن، ومن ضمنهم الشيخ علي عاطف الكلدي، الذي خلد إلى الراحة في قريته وقد أصبح في أرذل العمر (88 عاماً) الذي استهلك صحته ونظره وسمعه وأصبح يتواسى بذكريات الأيام الخاليات مع أصدقاء عمره من رجال العهد الأسبق أمثال السلطان صالح بن حسين العوذلي والشريف حسين بن أحمد الهبيلي والسيد أحمد عبداللاه الدرويش والشيخ محمد بن فريد العولقي.

من الذكريات التي يشقى بها الشيخ علي عاطف أنه جرد من كل ممتلكاته بعد الاستقلال، فعندما خضع بيته للتفتيش سلبوه كل ما يملك من مال وحلي وأثاث وأرض وسكن (في مدينة الشعب) وتمكن من استعادة بعض أراضيه في أبين، إلا أن مسكنه في مدينة الشعب لا يزال بيد شخص آخر تعرض لظروف الشيخ الكلدي نفسها بعد أحداث يناير 1986م وتم تعويضه بمسكن آخر.

أصدر فخامة الأخ رئيس الجمهورية توجيهه لدولة الأخ رئيس مجلس الوزراء في 20 أغسطس 2003م بالتوجيه بمعاملته كأمثاله وهناك مذكرة موجهة بالمضمون نفسه من دولة رئيس الوزراء إلى الأخ وزير الدولة أمين عام رئاسة الجمهورية بتاريخ 26 أبريل 2004م وهناك مذكرة ثالثة بالمضمون نفسه وجهها الأخ مدير مكتب رئاسة الجمهورية إلى الأخ نائب رئيس الوزراء بتاريخ 4 أبريل 2005م، وهناك مذكرة رابعة وجهها الأخ نائب رئيس الجمهورية إلى الأخوين محافظ عدن ومدير عام إدارة أراضي وعقارات الدولة بعدن بتاريخ 19 أغسطس 2005م تحمل المضمون نفسه وهناك... وهناك...

يظل الشيخ المسن يدور في حلقة مفرغة في أروقة المسؤولين ولا حياة لمن تنادي، والأمر ميسور بالنسبة لهم وأقلها منحه قطعتين ثمينتين من الأرض في عدن، يبيع واحدة منهما ليبني على الأخرى مسكناً له.

الشيخ علي عاطف الكلدي، متعه الله بالصحة وأطال عمره، متزوج وله (3) بنات وثمانية أبناء هم :1- زيد، 2- محمود، 3- ناصر، 4- محسن، 5- جعبل، 6- جمال، 7- عبدالسلام، 8- عادل.

2- الأستاذ عوض مبارك واكد: مشوار كفاحي طويل في خدمة الناشئة .. لواء الشحر .. ورد في كتاب «معالم تاريخ الجزيرة العربية» للراحل الكبير سعيد عوض باوزير (ص 235):«وينقسم الجزء الخاضع (من حضرموت) للقعيطي إلى خمس مقاطعات كبيرة أو خمسة ألوية إدارية، تمثل الجزء الأكبر من البلاد (أي حضرموت)».

«لواء الشحر: ويمتد على الساحل من نهاية حدود جبال دمغ حساي شرقاً إلى وادي المعينة غرباً، وتنضم تحت هذا اللواء مقاطعات المعيان وتبالة والحامي والديس وقصيعر وريدة وآل عبدالودود».

«وتسكن في هذا اللواء قبائل ثعين والحموم والقرزي والشعاملة والمسيليين والعصارنة وآل باحباب والمعارة والجوهيين».

الولادة والنشأة

الأستاذ عوض مبارك عوض واكد من مواليد لواء الشحر بالسلطنة القعيطية (حضرموت الساحل) عام 1933م. درس القرآن الكريم في كُتّاب (معلامة) الفقيه عوض سالم بن عروة. شد الرحال من أرض حضرموت صوب عدن عام 1944م للعيش مع والده في المعلا دكة.

في العام 1945م التحق عوض واكد بالمدرسة الابتدائية بالمعلا ومن زملائه في الدراسة الشخصية الوطنية والاجتماعية المعروفة أحمد يوسف النهاري، وانتقل في العام 1948م للدراسة في المدرسة المتوسطة بالريزميت (ثانوية لطفي أمان حالياً) ومن زملائه في تلك المدرسة: امذيب صالح أحمد وسلطان عبده ناجي وعلي الجريك وعبده حسين أحمد.

في العام 1951م تم افتتاح المعهد الفني بالمعلا بتمويل من المحسن الكبير رجل الاعمال الفرنسي المشهور انتوني بس A.BESS)) واستقبل المعهد العريق أول دفعة من الطلاب كان من ضمنهم الأستاذ عوض واكد والمرحومان سالم صالح حسين ومحمد عبده المعلاوي وارتبطت سمعة المعهد بالشخصية التربوية الصارمة المستر راون.

مصافي عدن محطة انتقال ليس إلا

في العام 1952م حمل الأستاذ عوض واكد شهادة تخرجه في المعهد الفني بالمعلا وطرق باب مصافي عدن وكانت في طور الإنشاء، إلا أن ظروف العمل كانت قاسية وكان السلك التعليمي خياره الثاني عام 1954م وهو العام الذي شهد زيارة جلالة الملكة اليزابيث الثانية (27 ابريل) التي افتتحت مصافي عدن ووضعت حجر الأساس لمستشفى الملكة اليزابيث (مستشفى الجمهورية حالياً) وافتتح عام 1958م.

الأستاذ واكد وذكريات في الحسوة والبريقة

بدأ الأستاذ عوض واكد مشواره التربوي في العام 1954م مدرساً في مدرسة الحسوة الابتدائية وقد أعجب الأستاذ واكد بقرية الحسوة وأهلها الطيبين وبدأ تجربته بانشراح صدره لريف المدينة وهي تسمية أطلقها على الحسوة الراحل الكبير د. محمد عبده غانم وفي رحاب الشعر عاش الأستاذ واكد مع أحد رجاله، راحل كبير آخر وهو الأستاذ أحمد حامد جوهوي، أحد رموز «مخيم أبي الطيب».

في العام 1960م، تم افتتاح مدرسة متوسطة في عدن الصغرى (البريقة) انتقل إليها مع افتتاحها الأستاذ عوض واكد ليعمل مدرسا فيها وأسندت إدارة المدرسة إلى الشخصية التربوية والاجتماعية الأستاذ عوض علي باجناح وكان من الزملاء في هيئة التدريس الأستاذ قيس غانم نعمان (الدكتور حاليا وأحد الخبراء الدوليين الذين عملوا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي) والمغفور له بإذن الله تعالى الأستاذ حسين سالم العطاس (أول مسجل عام لجامعة عدن عند تأسيسها).

الأستاذ واكد وتكليف خاص من الراحل الكبير إبراهيم روبله

في العام 1963م، يعود الأستاد واكد (والعود أحمد) إلى مدرسة الحسوة مديرا لها، وتوثقت علاقاته الشخصية بأفراد المجتمع هناك ولا تزال قائمة حتى اليوم ومن زملائه في هيئة التدريس: عبدالفتاح إسماعيل الجوفي (أول أمين عام للحزب الاشتراكي اليمني) والتربوي الفنان أنور صالح مريدي والأستاذ محمد أحمد القيسي (الشقيق الأكبر للأستاذ أبوبكر القيسي).

في ديسمبر 1965م استدعى الأستاذ إبراهيم روبله، مدير المعارف الإقليمي الأستاذ عوض واكد وطلب منه الانتقال إلى مدرسة بندر جديد بالتواهي وشرح له أوضاعها غير المستقرة وقال له: اعتبر هذا تكليفا شخصيا مني.

قام الأستاذ واكد بالمهمة على أكمل وجه وتمت ترقيته وابتعث في دورة تدريبية إلى بريطانيا ومن الزملاء الذين عملوا معه في تلك المدرسة: أ. عبدالرحمن إدريس وأ. قيس أحمد حسن، وأ. أبوبكر عوض بامطرف.

عاد الأستاذ واكد من بريطانيا عام 1967م وعين مساعد مدير المدرسة الإعدادية بالمعلا وكان مديرها الأستاذ أحمد عبده رمزو، رحمه الله وكان من زملائه في المدرسة: الأساتذة عبده فارع نعمان وفاروق الجفري وأمين عبدالواحد.

كانت فترة إدارة الأستاذ واكد في إعدادية المعلا (كنائب مدير) قصيرة وصدر قرار بتعيينه مديرا للمدرسة الغربية الابتدائية (الفقيد حاتم حاليا) بالشيخ عثمان، وتوافد عدد كبير من الطلاب على المدارس في فترة ما بعد الاستقلال وخفف الضغط على المدارس، سيما وأنه لم توجد آنذاك مدارس في منطقة المنصورة فافتتحت مدرستان بصورة مؤقتة في معسكر عبدالقوي بالشيخ عثمان وسميت الاولى «مدرسة الجمهورية» والثانية «مدرسة الثورة» وكان من زملائه في المدرسة الغربية الأساتذة: عمر الخلاقي وحامد العصار وعبدالله عثمان.

تصريح الأستاذ واكد الذي أثار حفيظة الرئيس سالمين

صدر قرار عام 1973م بتعين الأستاذ عوض واكد، مساعد مدير قسم التجهيزات في وزارة التربية والتعليم وكانت مسؤولة عن التجهيزات في كافة المحافظات باستثناء حضرموت التي كانت تتمتع باستقلالية إدارية ومالية وفي العام نفسه صدر قرار آخر بتعيينه نائب مدير عام التربية والتعليم بمحافظة عدن لشؤون الإحصاء والتخطيط وكانت العاصمة عدن تشهد زحفا من الريف إلى المدينة.

أجرى أحد مذيعي إذاعة عدن حوارا مع الأستاذ واكد حول زيادة الإقبال على التعليم فتطرق الأستاذ واكد إلى الأوضاع التعليمية في منطقة المعلا كنموذج للحالة العامة ومن ضمن ما قاله أن طلاب وطالبات المعلا سيدرسون فترة ثالثة، استغرب الرئيس الأسبق سالم ربيع علي مما قاله الأستاذ واكد واتصل بوزير التربية الأستاذ سعيد عبدالخير النوبان، رحمه الله واستوضح منه حقيقة الوضع وعقد سالمين اجتماعا موسعا لدارسة الحالة وتم الاتفاق على بناء مدرستين: أوسان وقتبان، وطلب سالمين من دولة الكويت الشقيقة بناء مزيد من المدارس في المعلا، أما زملاء العمل في تلك الفترة فقد كان منهم الأستاذ محمد أحمد بن نعم ومحمد شرف سيف وعبدالله محمد ناصر.

اختتام المشوار في ديوان الوزارة

في العام 1982، يعود الأستاذ عوض واكد إلى ديوان وزارة التربية والتعليم في دائرة التفتيش المالي والإداري وجاب كل إدارات عموم التربية والتعليم في المحافظات وتفقد قضاياها الإدارية والمالية وبذل قصارى جهوده من أجل حل مشاكلها مع ديوان الوزارة.

في الأول من أبريل، 1990م أحيل الأستاذ عوض واكد إلى التقاعد بعد مشوار حافل تخللته دورات داخلية كان أطولها لمدة عام في دار المعلمين TTC) ) بالطويلة (كريتر)، أما الدورات الخارجية فقد تنوعت مكانا وزمانا وموضوعا على النحو التالي:

1- دورة في الإدارة المدرسية في بريطانيا 66/1967.

2- دورة في التغذية الجماعية في القاهرة، 1971.

3- دورة في التخطيط التربوي في القاهرة ، 1973.

4- دورة في التخطيط التربوي في الشارقة، 1983.

الأستاذ عوض واكد متزوج وله (5) بنات وابنان هما: 1) عوض، 2) عبدلله.. ويقول الأستاذ واكد: فضلت الخلود إلى الراحة وتربية أحفادي إلى ما شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى