وعاده...!!

> «الأيام» شكاوى المواطنين:

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
كانت تشكو الظلم الذي وقع عليها.. ولأنها أمرأة ومن نساء عدن.. فقد ترجمت احاسيس الغضب بكلمات اختزلت المعاناة التي تحرق قلوب كل كادر وموظف وعامل خدم الدولة اليمنية من ابناء جنوب الوطن.. وعندما نقول الدولة اليمنية فهي ليست شمالية.. ولا جنوبية.. فهي دولة اليمن.. وتحمل اسم اليمن.. أكانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أو (الجمهورية العربية اليمنية)!

قالت ابنة الأسرة العدنية العريقة والمعروفة بتاريخ أفرادها الذين أسهموا في الحياة السياسية والنقابية والاجتماعية والرياضية في معمعة ومعترك الحياة الخصبة في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي.. قالت (ن.ع): أنا لا أعرف أي نظام هذا.. فأنا خدمت البلاد لسنوات طويلة.. ولظروف تخص مرفق عملي (وليس لظرف يخصني) أحالوني الى رصيف اللا عمل واللا تقاعد.. رصيف خليك في البيت!.. والاستقطاعات من راتبي سارية المفعول.. وجور إلغاء فُتات الزيادات وتحسين الاحوال المعيشية.. وعندما اطالب بحقوقي يقولون لي أنت محالة للمعاش!.. طيب لماذا إذاً يخصمون من معاشي كبقية الموظفين وكأني موظفة معتمدة لديهم.. حتى الزلازل لم أسلم منها فقد سرى خصم من راتبي للزلازل.. الله يزلزهم.. ويجعلهم شذر مذر.

ثم أضافت بعبارة صغيرة تلخص المعاناة.. هل هناك مساواة بين بنات جنوب الوطن وشماله؟!.. كنت لا أريد أن اضيف هذه الزيادة في حديثها.. لكني وجدت أن معاناة نساء الجنوب ماثلة للعيان مثلما هي بالنسبة للرجال!.. وإذا أراد أحد أمثلة حية على ذلك فليسأل نفسه سؤالاً سهلاً جداً: كم فتاة يمنية جنوبية شعرت بأن الوحدة هي لها ولكل بنات اليمن قاطبة؟.. بينما أخواتهن من المحافظات المنتصرة تعيش في رحيق وعسل الوحدة المباركة.

هناك قصة سمعتها من أحد جنود الشرعية.. قال لي إنه تسلم (كعكة) وجد عليها هذه العبارة: «أنا بنت.. صنعت هذه الكعكة بأناملي البيضاء.. لا تأكلها إلا وانت في عدن».. واعتذاري لإحدى الصحف العدنية اليمنية التي اوردت هذه العبارة في إحدى مقالاتي لديها! أنهت بنت عدن حديثها بعبارة تعكس الألم والحسرة على ما هي ومثيلاتها عليه من ظلم وجور.. فقالت: أين سنجد العدالة إذا كان الكل ممن وضعهم القدر وحال الدنيا المقلوب على رأس المرافق التي تهتم بمثل هذه القضايا.. هؤلاء هم ممن يقطعون الخميرة ويسابقون ويلهثون خلف الاسياد الذين يحكمون بالعيش الهنيء لمن سار على ركبهم والجوع القاتل لمن طالب ويطالب ويلح في الطلب على حقوقه المنهوبة.

انتهيت من بنت عدن لأجد هناك في زاوية من زوايا التركين في مدينة المعلا التي يقطنها العمال والطبقة الرثة (على حد تعبير فلاسفة زمان).. هذه الزاوية يتجمع فيها ابرز الرجال وأخيرهم الذين خدموا الدولة اليمنية.. ومن جديد ليست دولة الواق واق.. فهي دولة معترف بها دولياً واسمها (اليمن الديمقراطي) هؤلاء الرموز يجلسون تحت مظلة (وعاده)!.. تسمعهم يتحدثون بمرارة.. هم كانوا صناع دولة بكل المقاييس.. فلماذا تهملهم دولتهم الحديثة؟! هل لانهم محالون للمعاش!.. طيب ما كلنا يعرف ان الكادر والموظف والعامل من المحافظات الشمالية في وطن الوحدة لا يعترف بحاجة اسمها (أجل أول.. وأجل ثان) .. هم لا يعرفون سوى الاجل الذي يقودهم إلى (خزيمة)! فأين المساواة في ظل دولة الوحدة؟.. اين المواطنة المتساوية إذا كان أبناء المحافظات الجنوبية ما زالت مرارة الهزيمة تجلد أجسادهم.. وأبناء المحافظات الشمالية لا يعرفون شيئاً عن الظلم وتجاهل الحقوق المشروعة؟!

آخر الكلام.. جاءني الامل.. بصيص الأمل الذي تسلل الى ظلمات حياتنا!.. كان ذلك قد تجسد من خلال المكالمة الهاتفية التي تلقيتها وأنا أضع اللمسات الأخيرة لهذه المقالة.. كان المتحدث الاخ والصديق الصدوق الاستاذ تمام باشراحيل الذي أسعدني بقوله إن الوالدة (يقصد بها أم الرجال هشام وتمام باشراحيل وأمنا جميعاً في هذه المدينة المفقودة عدن) قالت أمنا جميعاً (اطال الله في عمرها) لقد قرأت مقالاتك.. ربنا معك.. ولله درك!.. وخلال المكالمة كنت أسمع في الطرف الآخر (ابو باشا) يردد جملة طريفة يعرف مدى سعادتي عند سماعي لها. بعد أن أغلقت سماعة الهاتف سرحت بعيداً.. وراجعت شريط الكفاح والنضال لفتاة عدن.. بنات مدينة عدن الباسلة.. دورهن الرائد في مسيرة الكفاح المسلح وانتصار ثورة اكتوبر.. ودورهن الريادي بالمثل في مسيرة الثورة اليمنية السبتمبرية!

شريط كفاح بنات عدن ونسائها مليء بالبطولات الجسورة.. رغم المحاولات لتغييب وإلغاء هذا التاريخ الناصع!.. فما ذنب بنت عدن إذا كان لها دور عظيم يشهد له القاصي والداني؟.. وإذا كان هناك من لا تاريخ له.. فليعمل له تاريخاً ولا داعي لأن يلغي حقوق الآخرين!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى