دور المشاركة السياسية في ترقية حقوق الإنسان السياسية في اليمن

> «الأيام» غازي الماس:

> تعتبر المشاركة السياسية للمواطنين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية من خلال الانتخابات حقاً من حقوق الإنسان السياسية التي تكفلها دساتير وقوانين تلك الدول والنظم التي تنهج النهج الديمقراطي في أسلوب إدارتها للحكم وبهذا الصدد فقد صدرت مؤخراً دراسة تتحدث حول هذا الموضوع للباحث والناشط في مجال حقوق الإنسان الأستاذ شايف بن علي شايف جار الله.

الدراسة عبارة عن رسالة ماجستير موسومة بعنوان:« دور المشاركة السياسية في ترقية حقوق الإنسان السياسية في اليمن» تقدم بها الباحث لنيل درجة الماجستير من جامعة الجزائر (بن يوسف بن خذة) في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

وقد قام الباحث بالدفاع عن رسالته في أواخر شهر يونيو المنصرم 2006م.

ولأهمية موضوع الرسالة والذي يأتي متزامناً مع حدث سياسي هام تعيشه بلادنا هذه الأيام وهو الانتخابات الرئاسية، فإننا نستعرض هنا أهم ما جاء في ثنايا فصول هذه الدراسة الأربعة والنتائج التي توصل إليها الباحث في ختام رسالته.

يهدف الفصل الأول من الدراسة إلى معرفة طبيعة المشاركة السياسية في اليمن بشطريها قبل الوحدة من خلال المؤسسات النيابية والمحلية، وذلك بعد الوقوف عند مفهوم المشاركة السياسية وتحديده من خلال وضع مجموعة من التعريفات، والمستويات والخصائص والأدوات للمشاركة السياسية.

ويتناول الباحث الفصل الثاني تجربة اليمن (شمالاً وجنوباً) الحزبية في الإطار الدستوري والقانوني لها، في ظل نظام الحزب الواحد، وذلك من خلال معرفة التوجهات الفكرية للأحزاب وكيف تم نمو الأحادية وإقصاء التيارات السياسية الاخرى، وفقاً للدستور والقانون إضافة إلى المقولات التاريخية للزعماء في اليمن في تلك الحقبة.

ويتطرق الباحث في الفصل الثالث إلى المشاركة السياسية في عهد دولة الوحدة، وما جاءت به من إنفراج على مستوى النظام السياسي القائم على مبدأ التعددية السياسية والحزبية وما ترتب عليها من خروج من دائرة النشاط السري المحظور للاحزاب إلى الانفراج والعلنية، وما صاحبها من حالة التضخم الحزبي بسبب الانقسامات داخل الاحزاب العتيقة، إضافة إلى ظهور عدد آخر من الاحزاب الجديدة محاولة جميعها احتلال المكانة السياسية والاجتماعية التي تصبو اليها من خلال مساهمتها في جميع الانتخابات المختلفة، ويضيف الباحث في نهاية هذا الفصل الاشارة إلى أهم العراقيل التي تصاحب المشاركة السياسية من خلال الانتخابات المختلفة وفي جميع مراحلها.

ويخصص الباحث الفصل الرابع من الدراسة لمعرفة نتائج المشاركة السياسية وما أفرزته على مستوى تطور حق المواطنة المتساوية لجميع المواطنين وإتاحة الفرص المتكافئة لهم، ومن زاوية أخرى معرفة معوقات ذلك التطور، بالإضافة إلى معرفة تطور مشاركة المرأة في الحياة السياسية بصورة عامة والمشاركة السياسية بصورة خاصة، كما تطرق الباحث في هذا الفصل إلى دور المشاركة السياسية في تسيير المجتمع من خلال المؤسسات النيابية والمحلية ومساهمتها في تحقيق مصالح المجتمع كل في إطار تخصصه.

ضف إلى ذلك فقد تم التطرق في هذا الفصل إلى مفهوم الحكم الراشد ومعرفة ما إذا كانت اليمن تتجه نحو الرشادة في الحكم، ومنظمات المجتمع المدني وما تقدمه من نشاطات مختلفة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. الخ. كما يتناول الباحث في نهاية هذا الفصل محاولة لاستشراف مستقبل المشاركة السياسية مستعيناً في ذلك بوضع ثلاثة سيناريوهات وفقاً لمعايير السيناريو في علم الدراسات المستقبلية. السيناريو الأول متفائل بتطور المشاركة السياسية على المستويين الكمي والكيفي، والثاني جمع بين التفاؤل والتشاؤم حيث تنبأ بأن المشاركة السياسية ستتراجع كماً ولكنها ستتطور نوعاً، أما السيناريو الثالث فقد كان متشائماً وذلك لتنبؤه بتراجع المشاركة السياسية على المستويين الكمي والنوعي. ولكل سيناريو معطياته التي ارتكز عليها الباحث لتوضيح كيفية حدوثه في المستقبل المتوسط.

ويتوصل الباحث في ختام دراسته إلى ثلاث نتائج هامة:

النتيجة الأولى: هي أن هناك علاقة طردية أو عكسية بين طبيعة النظام السياسي والاجتماعي والمشاركة السياسية، حيث تبين أن النظام السياسي والاجتماعي لأي نسق سياسي قد يساهم في تقليص دائرة المشاركة السياسية ويحد في قنواتها، وقد يؤدي إلى توسيع دائرة المشاركة السياسية على اعتبار أنها ذات مستويات وقنوات متعددة تتسع وتضيق حسب طبيعة النظام السياسي والاجتماعي.

النتيجة الثانية: ثمة علاقة طردية بين المشاركة السياسية والأحادية الحزبية. إذا كان النظام القائم على مبدأ الحزب الواحد قد عرف المشاركة السياسية عبر قنوات متعددة مثل النظم الشيوعية، الفاشية والنازية التي تعتنق عقيدة مطلقة، وتحرم على الايدلوجية (الفكرية) الاخرى ممارسة العمل السياسي ومن ثم المشاركة السياسية، الحرة النزيهة والشفافة أمر لا يمكن تحقيقه في ظل النظم الشمولية أو التسلطية والاستبدادية بل إن هذه النظم قد عرفت أزمات سياسية مختلفة أدت إلى هشاشة المشاركة السياسية وعدم فاعليتها بسبب احتكار الحزب وتوجيهه لجميع السلطات.

النتيجة الثالث: ثمة علاقة طردية بين المشاركة السياسية والتدول السلمي للسلطة. إن المشاركة السياسية بمعناها الواسع تؤدي لا محالة إلى التخفيف من قبضة الحكومة على المجتمع وتقليص اللجوء إلى العنف والقمع والتعسف في استخدم السلطة، بل ويتنافس المسؤولون في تقديم أفضل ما لديهم لكي يحافظوا على مناصبهم أطول فترة ممكنة على اعتبار أن أغلب المؤسسات يتم اختيار أعضائها عن طريق الانتخابات الحرة والمباشرة والنزيهة في جو من المنافسة الشريفة وتقديم الافضل خدمة للوطن والمواطن، وبالتالي فإن مسألة التدول السلمي أكثر نضجاً وممارسة وهو ما يؤكد أن هناك علاقة طردية بين المشاركة السياسية والتدول السلمي للسلطة وهو أمر جوهري في هذا السياق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى