رسالة أخوية صادقة إلى قبائل لقموش

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
يبدو واضحا إلى حد بعيد، أن الدماء التي تنزف دون انقطاع والأرواح التي تزهق بكل سهولة ويسر، منذ قرابة السنة الكاملة، من شرايين وأجساد أبناء قبيلة لقموش أرخص بكثير مما يتصور المتقاتلون أنفسهم لدى جهات الأمن في محافظة شبوة، التي اكتفت بدور (المتفرج الشامت) كما هي عادتها دائما في مثل هذه الحالة، والتي لا تنظر إلى مثل هذه الكارثة الإنسانية المطبقة على أنفاس وأرواح أبناء لقموش إلا بصفتها شأناً (يسيراً) ينبغي تدبر أمر نهايته عبر فوهات البنادق المتقاتلة بين الأشقاء.. البنادق التي لا ترسل إلا الموت المشترك لأبناء العمومة والعشيرة الواحدة، والمتكفلة بزراعة ونشر الخوف والرعب والدموع والحسرة واليتم في ربوع الخبر وبين أهلها وفي منازلها الكريمة.. فهل ظن أحد منكم أن أمورا أخرى يمكن ان تنشرها سلطات المحافظة بديلا لذلك ما بين المتقاتلين؟؟ وهل كانت الحروب وعلى مر التاريخ إلا مصدراً للشقاء ومنبعاً للخسائر وتدميراً للمقدرات.. أم ظن أحد منكم أن نهاية الحرب ستكون سعيدة أو عادلة أو منتجة للحب والمودة ومؤسسة للتسامح والتصالح فيما بينكم؟!

ترى.. هل يعلم إخواني الأعزاء من قبيلة لقموش ماذا يفعلون بأنفسهم؟ هل يدركون ببصيرة الحكيم العاقل أنهم بما يقومون به من اقتتال مجنون إنما يدمرون مقدراتهم وكيانهم الذاتي؟!.. وهل يريدون إقناعنا- نحن الحريصين عليهم وعلى سلامهم الاجتماعي- أنه لا يوجد مكان على الإطلاق لصوت العقل في طول الخبر وعرضها.. أم أن هناك من أخبركم أن الجنون والهستيريا والعبث بالأرواح البريئة الغالية هي وسيلة حضارية للوجود وصناعة المستقبل لكم ولأبنائكم؟ ترى هل أفلست شبوة من الرجال الذين يمكنهم أن ينتصبوا بشموخ وأنفة ونخوة ما بين رحى الشر الدائرة هناك من أجل إيقاف عجلتها القاتلة؟!!

تذكروا جيدا.. أن سعيد حامد الهيجان (20) عاما فقط.. كان آخر ضحايا العبث الأخوي، وآخر ضحايا الانفلات الأمني المتعمد في محافظة شبوة، وقبل هذا الإنسان البريء كان هناك أربعة آخرون قد لقوا حتفهم تحت رحى طاحونة الصراع الأهوج غير المبرر في الخبر.. ثم تذكروا أيضا، أن أحدا من المسؤولين على مستوى الدولة أو على مستوى المحافظة لم تهتز له شعرة واحدة في ضميره ذات يوم وقرر أن يمر بنفسه مرور الكرام باتجاه دياركم ليسأل عن نهاية هذا الجرم المشترك الدائر فيما بينكم هناك.. ترى هل لاحظ أحد منكم هذا؟؟

إن الانتخابات والاستعداد لها بالزيارات الرسمية وافتتاح المشاريع الوهمية ووضع الأحجار التأسيسية، تبدو أكثر أهمية بالحسابات الميكافيلية السياسية لدى رجالات الدولة من دماء أبناء لقموش أنفسهم.. بل يؤسفني أن أقول إن حجر الأساس و(خلطة) الأسمنت التي توضع فوقها تعني لهذا المسؤول أو ذاك من حيث القيمة السياسية الدعائية - حتى وإن كانت غبية- أكثر مما يعنيه لهم دم ابنكم (سعيد) هذا الشاب الذي تبكيه حاليا أسرته وأهله وعشيرته!! وإزاء هذه الحقيقة المرة التي نعلمها جميعا، نجد أنفسنا أمام السؤال الكبير الذي يقول لنا بمنطقية وواقعية: لماذا إذا لا نحقن دماءنا بأنفسنا طالما ونحن مدركون أن أحدا لن يضيره كل هذا النزيف الدموي الغزير؟.. لماذا لا نحتكم لما يفرضه علينا العقل والمنطق من خيار السلم والتصالح والتسامح وإلقاء السلاح القاتل جانبا، خاصة ونحن في وضعية تحاكي المثل الشعبي الذي يقول: الحجر من القاع والدم من رأسي!!

كنت أتمنى على الذين تداعوا ذات يوم (صنعاني) ماطر من أبناء شبوة من المسؤولين والوزراء وأعضاء مجلس النواب والشورى، الذين ساءهم إلى حد بعيد لقاء التسامح والتصالح الجنوبي الذي انعقد في العرم يوم 7/7 الماضي وخرجوا ببيان التنديد به وبرجاله الشرفاء.. أن يتداعوا اليوم لبحث التقاتل في الخبر والترتيب لعقد لقاء شامل يضم جميع أبناء شبوة لمناقشة آفة الثأر هذه التي أرهقتنا ومصت دماءنا وأضاعت مستقبل أبنائنا وخيرة شبابنا!! وإن كنت أشك في مقدرتهم الذاتية على الاقتراب من هكذا خطوط حمراء ارتضوا أن يأكلوا فوق جحيمها (سحت المتاع) وأن يستقبلوا بنفوس راضية كل (صنوف الهوان والخنوع).. حتى وإن كان كل ذلك يحدث فوق شلالات من الدماء الساخنة الملتهبة لأبناء شبوة.. إخوانهم وإخواننا جميعا.

إخواني الأعزاء.. اسمحوا لي أن أنتهز هذه الفرصة وعبر هذه الجريدة الوطنية الغراء لأرفع صوتي عاليا وصادقا ومعه أصوات مئات الآلاف من أبناء شبوة.. لتحمل كل معاني الرجاء والتوسل إلى جميع إخواني وأهلي وناسي من قبائل لقموش، داعين إياهم، إلى وقف هذا الاقتتال العبثي المجنون، متأملين منهم فرض صلح قبلي على أنفسهم وفوق جراحهم النازفة.. طال هذا الصلح أو قصر .. وذلك حتى يتقدم إلى ساحتهم ما بقي لدينا من الرجال الشرفاء من أجل وقف طاحونة الموت هذه وبشكل نهائي.. فهل من مجيب لدعوتي هذه يا رجال لقموش؟؟

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى